العد التنازلي للزوال.. أمريكا وإسرائيل.. نهاية عصر الطغيان والفساد في الأرض
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
تتراءى لنا أعمار الحضارات كشاهد صامت على مرور الزمن، فبينما تمتد بعض الحضارات القديمة كالحضارة اليمنية وحضارة بابل وحضارة فارس والتي تمتد لآلاف السنين قبل الميلاد، حاملةً في طياتها إرثاً ثقافياً وفنياً عميقاً، تبرز في المقابل دول وكيانات حديثة النشأة كـالولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني الإسرائيلي.
وحشية الاستعمار.. أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة
إن تاريخ تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية يحمل في طياته فصولاً مؤلمة من احتلال الأراضي الأصلية وإبادة سكانها الأصليين، وهو ما يجد صداه بشكل لافت في الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وتشريد شعبها. تتشابه سلوكيات «راعي البقر الأمريكي» في التعدي على حقوق الشعوب الأصيلة مع ممارسات الاحتلال الصهيوني، فكلاهما بنى وجوده على أنقاض حقوق الآخرين.
لقد شهد العالم على مر العقود ارتفاعاً غير مسبوق في طغيان الهيمنة الأمريكية، وتجلت هذه الهيمنة في تدخلات عسكرية واقتصادية أدت إلى كوارث إنسانية في مناطق عدة. فمن حرب فيتنام التي راح ضحيتها الملايين، إلى غزو العراق وأفغانستان وما نتج عنهما من دمار وفوضى، مروراً بالتدخلات في الصومال وليبيا والسودان، تتكشف فصول من «الإجرام الأمريكي» الذي لا يختلف جوهره عن «الإجرام الصهيوني الإسرائيلي»، كلاهما يعتمد على القوة الغاشمة، وكلاهما يتجاوز القوانين والأعراف الدولية، مدعومين غالباً بنفس الأجندات والمصالح.
مملكة الشر.. بريطانيا ودورها في صناعة الكارثة
لا يمكن الحديث عن هذا الإجرام دون الإشارة إلى المملكة المتحدة، بريطانيا العظمى، التي يرى البعض أنها «مملكة الشر» بامتياز، فلقد كانت بريطانيا، إبان عصرها الاستعماري، المصدر الأساسي للمنفيين والمجرمين من سجونها إلى القارة الأمريكية، لتشكل نواة للمستوطنين الذين قاموا باحتلالها. والأدهى من ذلك، أن بريطانيا هي من أصدرت «وعد بلفور» سيئ الصيت عام 1917، الذي «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق»، ممهدة الطريق أمام تمكين «أقذر العصابات الصهيونية» من احتلال الأراضي الفلسطينية وتشريد أبناء الشعب الفلسطيني من ديارهم، هذا الوعد كان بمثابة الشرارة التي أشعلت صراعاً ممتداً لعقود، ولا يزال يؤجج المنطقة حتى يومنا هذا.
غزة والعدوان المستمر.. الكيان المدلل يتجاوز الخطوط
إن الكيان الإسرائيلي، «الكائن المدلل» الذي ربته أمريكا وبريطانيا والغرب الصهيوني الماسوني، قد «شب عن الطوق وعربد في المنطقة» دون رادع. فمنذ السابع من أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدواناً وحشياً على قطاع غزة، تسبب في استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني، الغالبية العظمى منهم من الأطفال والنساء. هذه الأرقام المخيفة، التي تتزايد يوماً بعد يوم، تعكس حجم الإجرام والتجرد من الإنسانية. الاعتداءات لم تقتصر على غزة فحسب، بل امتدت لتشمل هجمات على اليمن ولبنان وسوريا والعراق، ومؤخراً إيران. إنها محاولة لفرض هيمنة إقليمية عبر القوة، دون اكتراث بالمواثيق الدولية أو القوانين الإنسانية.
مؤشرات النهاية.. زوال الطغيان ووعد النصر
إن «مؤامرة التهجير القسري» للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني لن تمر، و«العدوان الأمريكي الصهيوني الإجرامي» على شعوب المنطقة لن يكتب له النجاح. إن «سنة الله أن هذا الطغيان الذي ارتفع عالياً سيتحطم وتتكسر أضلاعه وينتهي». لقد «دقت ساعة الفصل وقرب موعد زوال هذين الكيانين الأكثر إجراماً على وجه الأرض»، اللذين قتلا الأطفال والنساء بدم بارد.
هذه المؤشرات، تتضافر لتنذر باقتراب «الوعد الصادق» لانتصار الأمة على عدو تجرد من كافة القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، ولم يلتزم بمواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولي. ففي تحدٍ سافر، يعتدي هذا الكيان بدون مبرر، وبكل وقاحة وصلف وغطرسة، يشن هجمات على المدن الإيرانية، ويقتل علماء وقادة ومواطنين، متذرعاً بـ«مخاوفه وهواجسه من احتمال أو خوفاً من امتلاك القنبلة النووية»، بينما لا يبالي بمن يقتلهم في دول المنطقة.
المستقبل: تكسر الأطماع وانتصار الشعوب
إن الأطماع الصهيونية في المنطقة ستتكسر وتتلاشى وإلى الأبد، وسيزول الكيانان اللقيطان، الأمريكي والإسرائيلي. إن «الدول الإسلامية، وفي مقدمتها باكستان»، يجب أن تتحرك لمواجهة الخطر الصهيوني القادم الذي لن يستثني أحداً، وذلك لقطع الطريق على استمرار التهاون والخذلان العربي. وفقاً لهذه المقدمات والحيثيات، يمكن التنبؤ بأن الصراع في المنطقة سيتجه نحو تصعيد أكبر، ولكن هذا التصعيد سيُسفر في النهاية عن تحولات جذرية في موازين القوى. لن تتمكن القوى الغاشمة من فرض هيمنتها إلى الأبد. إن مقاومة الشعوب ووعيها المتزايد بحقوقها، بالإضافة إلى التآزر المتوقع بين قوى المحور المناهض للظلم، ستؤدي إلى تكسير شوكة العدوان وتغير خريطة المنطقة. التاريخ يثبت أن الطغيان لا يدوم، وأن العدالة هي الغالبة في نهاية المطاف. إننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة، ستشهد فيها المنطقة انتصار الإرادة الحرة للشعوب على قوى الاستبداد والعدوان.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عامان على هجوم 7 أكتوبر.. اليوم الذي غيّر وجه المنطقة
على وقع مفاوضاتٍ توصف بـ"الحاسمة" في شرم الشيخ بمصر، يسترجع الفلسطينيون والإسرائيليون على حدٍّ سواء ذكرى السابع من أكتوبر، كيومٍ غيّر مجرى حياتهم، فيما لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت الأيام القليلة المقبلة ستكتب نهاية لحربٍ ضروسٍ لا تزال تزداد اشتعالًا منذ عامين. اعلان
تنظّم عائلات الضحايا والأسرى في إسرائيل، اليوم الثلاثاء، حفلًا تذكاريًا تكريمًا لأرواح من قضَوا في مثل هذا اليوم، وللمطالبة بإعادة بقية الأسرى لدى حماس، في وقتٍ تتعمّق فيه الخلافات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يُحمّله كثيرون مسؤولية الفشل في التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يُعيد أبناءهم و"يوقف شلال الدم"، كما يقولون.
هجوم حماسقبل عامين، اقتحم آلاف المسلحين الفلسطينيين، على نحوٍ مباغت، قواعد عسكرية وبلدات إسرائيلية وفعالياتٍ ترفيهية، في هجومٍ أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وأسر 251 آخرين، أُفرج عن معظمهم لاحقًا في هدنٍ مؤقتة، فيما لا يزال 48 رهينة داخل غزة، يُعتقد أن نحو 20 منهم على قيد الحياة.
غضب شعبي على نتنياهو وعزلة دوليةتبعات هذا اليوم كانت عميقة بالنسبة للإسرائيليين، إذ هزّت المؤسسة العسكرية التي فتحت أكثر من تحقيقٍ في فشلها الاستخباراتي بتوقّع الهجوم، ما أدّى إلى سلسلة من الإقالات والاستقالات في صفوف كبار القادة، من بينهم وزير الدفاع الأسبق يوآف غالانت، ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، وغيرهم بعد إقرارهم بالمسؤولية.
ومع تمسّك حماس برفض تسليم الأسرى إلا وفق شروطها، ورفع نتنياهو سقف مطالبه بالتوازي، تصاعدت النقمة الشعبية والمعارضة السياسية ضد حكومته، التي اتُّهمت بإطالة أمد الحرب لدوافع سياسية.
كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فيما تراجع التأييد الدولي لتل أبيب على خلفية ما وُصف بانتهاكاتٍ إنسانية في غزة، واستخدام المجاعة كسلاح ضد المدنيين، ما أدخل إسرائيل في عزلةٍ دولية، وأدّى إلى تدهور علاقاتها مع دولٍ عدة، بينها كندا، وفرنسا، وبريطانيا، وأستراليا وغيرها.
المجتمع الإسرائيلييوم الإثنين، كشفت وزارة الجيش الإسرائيلية أن عدد قتلى الجيش والأجهزة الأمنية منذ السابع من أكتوبر بلغ 1150، من بينهم 1035 جنديًا، وتشمل هذه الأرقام قتلى الهجوم الأول والحروب في غزة ولبنان والضفة الغربية.
كما نقلت القناة 12 العبرية عن مؤسسة التأمين أن نحو 80 ألف إسرائيلي صُنِّفوا كمصابين في "أعمال عدائية" منذ ذلك اليوم، فيما يعاني نحو 30 ألفًا منهم من اضطراباتٍ نفسية.
ومع فتح أكثر من جبهة، تحمّل الاقتصاد الإسرائيلي أعباءً ثقيلة، إذ تراجع قطاع السياحة وارتفع معدّل الهجرة بنسبة 14%.
Related الناجون يجتمعون في تل أبيب لتكريم ضحايا هجوم حماس على مهرجان نوفاقبل أشهر من هجوم حماس في السابع من أكتوبر.. الشاباك حذر نتنياهو من "حرب وشيكة"الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقه حول أحداث 7 أكتوبر في موشاف ياخيني: قواتنا تأخرت بعد هجوم حماس ماذا عن غزة؟أما بالنسبة للفلسطينيين، فكان السابع من أكتوبر نقطة انطلاقٍ لحملةٍ عسكرية غير مسبوقة، لا من حيث الوتيرة ولا من حيث المدى الزمني، إذ سُوّيت مدنٌ وبلداتٌ بأكملها بالأرض، ودخل السكان في دوامةٍ مرعبة من النزوح، وسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي مع خروج 21 مستشفى عن الخدمة، وإغلاقٍ للمعابر، ومنعٍ لإدخال المساعدات الإنسانية.
وقد وصلت أعداد القتلى الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر إلى 67,160 قتيلًا و 169,679، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
وأعلنت الأمم المتحدة، للمرة الأولى في الشرق الأوسط، رصد مجاعة في القطاع في أغسطس/ آب الماضي، في وقتٍ بدأت تبرز فيه مخططاتٌ يعتبرها الفلسطينيون تهديدًا وجوديًا، مثل التهجير الكامل لسكان غزة وتحويلها إلى منطقةٍ سياحية، كما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اقترح، أو حتى ضمّ القطاع إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ما يقوّض أي إمكانية لبناء دولةٍ فلسطينية مستقبلًا.
رغم أن المنطقة دخلت في مثل هذا اليوم قبل عامين مرحلة "الطوفان" — كما أطلقت حماس على عمليتها — فإن مراقبين يرون أن المرحلة لم تتبلور بعد، لما حملته العملية من تداعياتٍ جذرية على دول الجوار والتوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، إذ أدّى الهجوم إلى انخراط جماعاتٍ عدّة في المواجهة، منها حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والجمهورية الإسلامية الإيرانية لاحقًا.
وقد تمكنت إسرائيل، بدعمٍ أمريكي، من تحييد أبرز قيادات "محور المقاومة" الذين اعتبرتهم تهديدًا مباشرًا، من بينهم قادة في حماس مثل محمد الضيف، وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار — الذي قُتل في عمليةٍ بخان يونس — إضافةً إلى الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين، فضلًا عن قادةٍ في الحرس الثوري الإيراني، وعددٍ من العلماء النوويين، خلال مواجهةٍ مع طهران استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي.
أما ميدانيًا، فقد أدّت الحرب المباشرة مع لبنان في أيلول/ سبتمبر الماضي إلى تراجع القدرات العسكرية لحزب الله، بينما شنّ معارضون هجومًا مباغتًا على سوريا أسفر عن سقوط نظام بشار الأسد، الحليف الاستراتيجي والمورد الأساسي للسلاح، كما سيطرت إسرائيل على خمس نقاطٍ على الأقل في جنوب لبنان، وبدأت عمليةً عسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وفرضت سيطرتها على أكثر من 75% من قطاع غزة، واستهدفت، بالتعاون مع واشنطن، المنشآت النووية الإيرانية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة