لجريدة عمان:
2025-12-13@11:53:48 GMT

توسع البريكس خطوة كبيرة في لعبة بعيدة المدى

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

اتفقت مجموعة بريكس التي تتألف من الاقتصادات الناشئة الكبرى للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا على دعوة ست دول أعضاء جديدة إلى ناديها متزايد القوة. أصدر رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا هذا الإعلان البارز خلال الأسبوع الحالي في ختام القمة السنوية لزعماء مجموعة بريكس المنعقدة في جوهانسبرج.

في حين يستهين النقاد الغربيون على نطاق واسع بمجموعة بريكس باعتبار أنها لم تزل في مهدها، فإن ضم الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران ـ بالإضافة إلى منتجي الطاقة الرئيسيين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ـ يمثل تحولا كبيرا لا يمكن الاستهانة به بسهولة.

منذ البداية، كانت مجموعة بريكس منظمة تتسم بتفاؤل يبدو غير واقعي. ولقد تم سك مصطلح (بريكس) على يد الاقتصادي جيم أونيل في عام 2001 لتسليط الضوء على معدلات النمو القوية في البرازيل وروسيا والهند والصين غداة هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة.

طوال العقد الأول من القرن الحالي، أصبحت اقتصادات الأسواق الناشئة موضع افتتان من الاستثمار، ويجادل كثيرون الآن، بأنها أصبحت موضع وفرة غير منطقية.

كانت تركيا هي الطفل المدلل لهذه الإثارة. فعلى سبيل المثال، تزايد صعود الاقتصاد التركي في أواخر العقد الأول من القرن الحالي بسبب نهج القوة الناعمة الخيري الذي اتبعته تركيا وتمثل في "عدم وجود مشاكل مع الجيران".

وقد أسهمت هذه الاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية في دفع الاقتصاد التركي وتحفيز الاستثمار، لكنها تعرضت لضغط هائل في السنوات الأخيرة. كان التفاؤل الجامح بشأن صعود الطبقة المتوسطة العالمية في الأسواق الناشئة هو الذي أسهم في خلق المزاج المزدهر عندما عقدت مجموعة بريكس قمتها الأولى في عام 2009.

واليوم، تهيمن الصين على مجموعة البريكس، بوصفها أقوى أعضائها. وتندر الكتابات التي تتملق صعود طبقة متوسطة جديدة. وتواجه الأسواق الناشئة صعوبات مع الاقتصاد الصيني.

ومع ذلك، فقد تم وضع الأساس لتكامل أعمق بين الدول خارج الغرب. وتعمل الصين على وضع هذا الأساس والاستفادة من هذه الروابط مع ضمان أن تظل أهدافها الاقتصادية وسياستها الخارجية هي التي تقود هذه التحولات.

وتعد الدعوة الموجهة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مثالا حيا على هذه الاستراتيجية. فمن المصالح الجيوسياسية والاقتصادية الأساسية للصين أن تكسر هيمنة الدولار على تجارة النفط والغاز.

وعندما طرحت شركة أرامكو السعودية فكرة الاكتتاب العام IPO، أعربت كيانات في الدولة الصينية عن اهتمامها بالاستحواذ على حصة أقلية. ولم يحدث ذلك قط، لكن الصين استثمرت بسخاء في الاقتصاد السعودي وقطاع النفط.

وبرز الصينيون أيضا بوصفهم وسيطا مهما بين السعودية وإيران. ففي مارس، توسط دبلوماسيون صينيون في اتفاق مصالحة بين البلدين في خطوة فاجأت واشنطن وأحرجتها. ويأتي ضم إيران والمملكة العربية السعودية إلى مجموعة (بريكس +) ليزيد من نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

لم تسارع جميع البلاد إلى فتح عضوية بريكس على هذا النحو. فقد كانت البرازيل حذرة بشكل ملحوظ من ضم أعضاء جدد، ولكنها بلا شك سعدت بضم الأرجنتين. فقد أصبح البلدان الأمريكيان الجنوبيان متقاربين بشكل متزايد في السنوات الأخيرة إلى حد العمل على عملة مشتركة.

إن ترسيخ مثل هذه التحالفات في جميع أنحاء الجنوب العالمي هو واحد من أهم الدروس المستفادة من نفوذ مجموعة بريكس المتزايد. وقد زعم نقاد غربيون أن الكتلة محض أقوال بلا أفعال، ولكن خطوات صغيرة ترسي الآن الأساس لنسخة جديدة من الاقتصاد العالمي.

لقد ارتفعت التجارة بين دول بريكس بنسبة 56% بين عامي 2017 و2022، لتصل إلى 422 مليار دولار، وهو اتجاه تصاعدي يبدو من المؤكد أنه سوف يستمر.

وبطبيعة الحال، يطل للولايات المتحدة شبح ضخم وراء هذه التطورات. فقد سارت جنوب أفريقيا ، على سبيل المثال، على حبل رفيع للغاية طوال قمة مجموعة بريكس لئلا تثير غضب الولايات المتحدة. إذ قال الرئيس رامافوزا ـ في خطاب متلفز إلى الأمة عشية القمة ـ إن جنوب إفريقيا لن تنجر إلى منافسة بين القوى العالمية. ثم أعاد تأكيد موقف جنوب أفريقيا بعدم الانحياز بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولقد نشأ خلاف بين البلدين منذ أن اتهم السفير الأمريكي في بريتوريا، روبين بريجيتي، جنوب أفريقيا ببيع الأسلحة بشكل غير قانوني لروسيا في العام الماضي. وأثار مشرعون أمريكيون إمكانية إزالة جنوب أفريقيا من اتفاقية أجوا AGOA للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والعديد من الدول الأفريقية المهمة بالنسبة لاقتصاد جنوب أفريقيا.

وبرغم الخطابات والتهديدات، فإن شركات أميركية، من قبيل شركة فورد، تستفيد استفادة هائلة من العلاقة التجارية الحالية مع جنوب أفريقيا. ومن غير المرجح أن يحدث أي تغيير حقيقي في هذا الترتيب لأنه سوف ينطوي على ضرر بالاقتصاد الأمريكي.

تسلط هذه الملحمة الضوء على الوضع المعقد الذي تجد الولايات المتحدة نفسها فيه مع صعود مجموعة بريكس. وببساطة، فإن العديد من البلاد التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الاقتصاد الأمريكي في التجارة والدعم العسكري، تتعاون الآن بشكل عميق مع روسيا والصين من خلال الكتلة، ولن تفعل واشنطن ولا تملك أن تفعل الكثير حيال ذلك.

هل بوسعنا أن نتخيل أن تنتقد الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة علانية بسبب عضويتهما الجديدة في مجموعة بريكس؟ مطلقا. لقد عجزت أمريكا عن تحميل جنوب أفريقيا، وهي البلد الأقل قوة بكثير، مسؤولية علاقاتها المشتبهة مع روسيا. ولقد استنفدت الولايات المتحدة جزراتها مع قيام مجموعة بريكس بتوسيع التعاون عبر الجنوب العالمي وتعميقه.

ومن المنظور الصيني بعيد المدى، فإن أفضل مسار للعمل هو الاستمرار ببطء في إقامة البنية الأساسية لاقتصاد عالمي غير منحاز من خلال مجموعات مثل مجموعة بريكس.

وفي نهاية المطاف، سوف تبلغ الشراكات التجارية والتعاون بين هذه البلاد من الرسوخ ما يجعل تجاهلها أمرا غير ممكن، وسوف يصبح من الممكن إجراء تغييرات أكثر أهمية على النظام العالمي، من قبيل إزاحة الدولار الأميركي من مكانته كعملة احتياطية عالمية. والصين تعرف ذلك، ولهذا السبب حضر الرئيس شي جين بينج اجتماعات القمة شخصيا.

ومع أن هذا لن يحدث في أي وقت قريب، فإنه يجري تجميع الأساس لمثل هذا المستقبل.

• جوزيف دانا كاتب مقيم في جنوب أفريقيا. سبق له أن عمل من القدس ورام الله والقاهرة واسطنبول وأبو ظبي. ورأس تحرير مشروع "Emerge85" الإعلامي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العربیة السعودیة الولایات المتحدة مجموعة بریکس جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

مهرجان أبوظبي يُعلن البرنامج الرئيسي لدورته الثالثة والعشرين

أبوظبي (وام)

تحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، الراعي الفخري المؤسّس لمهرجان أبوظبي، وسمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، راعي مهرجان أبوظبي، حرم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، أعلنت مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، عن البرنامج الرئيسي لفعاليات الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان أبوظبي المرتقب انطلاقه يوم 12 أبريل 2026، بمشاركة أكثر من 1000 فنان من 19 دولة، لعرض إبداعاتهم الفنية في أبوظبي وحول العالم.

أخبار ذات صلة إطلاق مبادرة «سفراء تريندز العالميين» %76 نسبة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية

وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إن مهرجان أبوظبي لعام 2026، يتّخذ من «حكمة الثقافة» شعاراً له، وذلك تعبيراً عن الثقافة الثرية لمدينة أبوظبي، وحرصاً على أن تكون هذه الثقافة المفعمة بالحيوية، جسراً ممتداً لتلاقي الحضارات والتواصل بين الشعوب، نهتدي في ذلك بالتوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة التي تؤكد أن التنمية الثقافية بالدولة والارتقاء بها إلى المستويات العالمية الرفيعة، وهي مسؤولية وطنية لها أولوية قصوى، على خريطة العمل الوطني، بكلِّ ما يتطلبه ذلك من مبادرة والتزام على كافة المستويات في المجتمع. وأضاف معاليه: «يسعدني أن أرحّب بضيف شرف مهرجان أبوظبي 2026، الولايات المتحدة الأميركية، وأقدِّر كثيراً ما يمثله ذلك، من احتفالٍ مرموقٍ بعراقة وتفرُّد الفنون والفنانين من هذه الدولة الصديقة، وتعبيرٍ عن دور الثقافة والفنون في تعميق أواصر التفاهم والتعايش والسلام بين الشعوب».
ويحتفي المهرجان السنوي هذا العام بالثقافة تحت شعار «حكمة الثقافة»، إيماناً بأنها منارة تضيء دروب الإبداعات الفنية وتجمع أبوظبي بالعالم، في تعبير جليّ عن عمق الإبداع والقيم الإنسانية المشتركة.
وستكرّم دورة عام 2026 من المهرجان الولايات المتحدة الأميركية بوصفها «الدولة ضيفة الشرف»، احتفالاً بمرور أكثر من 50 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والصداقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تأتي هذه الدورة أيضاً تزامناً مع مناسبة مرور ثلاثة عقود على تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون.

صوت الإنسانية
من جهتها، قالت هدى إبراهيم الخميس، مؤسّس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسّس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي: «تحت شعار «حكمة الثقافة» يحتفل مهرجان أبوظبي بدورته الثالثة والعشرين، بالحكمة التي تقرّبُ الشعوب بفرصٍ جديدة وإمكانات لا محدودة، وتجمعنا مع العالم، تلهمنا أن نُنْصِتَ إليه، وتُمكّنُنا من تجسيدِ هويّتنا. حكمة الثقافة التي تجعلُ الإبداع تطوُّراً وتقدّماً، بنبضها الحي إيقاعاً للمستقبل، وندائها الحكيم إلى التضامن، تجسيداً لصوت الإنسانية المشتركة».
وتابعت: «تشكِّلُ هذه الدورةُ علامةً فارقةً، بمرور ثلاثين عاماً على تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسسة الأم للمهرجان. ثلاثون عاماً من الإسهام في إثراء رؤية أبوظبي الثقافية، من ريادة الثقافة كقوةٍ حيّةٍ، نابضةٍ بالإلهام، الرؤية، والأمل، في خدمة دولة الإمارات العربية المتحدة، والاستثمار في مستقبل الإنسانية». 
وأضافت: «كما نحتفل بأكثر من نصف قرن من العلاقات الدبلوماسية، والصداقة مع الولايات المتحدة  الأميركية، يتشاركُ الشعبان طموح وحيوية شبابهما، والشغفَ بالأفكار النيّرة التي تسهم في تقدّم العالم».
ومع برنامج متميّز يضم 10 من أبرز فرق الأوركسترا العالمية، إضافة إلى عروض الباليه والأوبرا والعروض الموسيقية للعزف المنفرد والحفلات الموسيقية، التي يحييها فنانون حائزون على جوائز عالمية مرموقة، ستُلهم الدورة الثالثة والعشرون من المهرجان الجمهور من مختلف الأعمار، وتصحبهم في تجربة غامرة من التألق الموسيقي.  

رؤية راسخة
وقال إريك جاوديوسي، القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في أبوظبي: «تتشرف الولايات المتحدة الأميركية بأن تكون ضيف الشرف في الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان أبوظبي لعام 2026. فهذا الحدث البارز، الذي تقوده مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون برؤية راسخة، يجسّد قيم الحوار والإبداع والسلام التي تجمع بين بلدينا. ويؤكد شعار دورة هذا العام «حكمة الثقافة» أن الإبداع والابتكار عنصران متلازمان يدعم كل منهما الآخر».
وتابع: «عندما تحظى هذه الطاقات برعاية مؤسسات قوية، وتضافر جهود القطاعات المختلفة، ومشاركة مجتمعية واسعة، فإنها تولد قدراً أكبر من الحيوية والانفتاح، وتدعم تطوّر المجتمعات، وتُسهم في نمو اقتصادي مستدام، وتفتح آفاقاً أرحب للفرص».
وأضاف: «نتقدم بجزيل الشكر لمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون على تقديرها لهذه المساهمة الأميركية، وعلى توفيرها منصة تعزّز من نمو وتطوّر التبادل الفني. ونتطلع إلى إبراز العمق والغنى اللذين تتميّز بهما الفنون والثقافة الأميركية، وتعزيز روابط الصداقة بين بلدينا من خلال هذه الاحتفالية الرفيعة بتاريخنا المشترك ومستقبلنا الواعد والمزدهر».  

رعاية الإبداع
من ناحيته أوضح حميد عبدالله الشمري، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة، والرئيس التنفيذي للشؤون المؤسسية والموارد البشرية في مبادلة للاستثمار، إن مبادلة تواصل شراكتها مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومهرجان أبوظبي، في إطار الرؤية المشتركة التي تهدف إلى رعاية الإبداع والابتكار ودعم تطور المشهد الثقافي المتنامي في أبوظبي.
وأشار الشمري إلى أن هذا التعاون يجسد الحرص على تعزيز حضور مدينة أبوظبي مركزا عالميا للفنون والثقافة والتفاعل الإنساني، بما يرسّخ مكانتها على خريطة الفعاليات الثقافية الدولية.

مقالات مشابهة

  • الجبهة الشعبية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة خطوة رمزية تفتقر إلى آلية تنفيذية
  • توسع استيطاني قياسي بالضفة وفق تقرير أممي
  • «عزيزي» توقّع مع «موانئ أبوظبي» اتفاقية مساطحة لاستئجار 440 ألف متر مربع
  • الأمم المتحدة: 2025 شهد أكبر توسع للاستيطان في الضفة الغربية
  • النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا
  • بطاريق جنوب أفريقيا تواجه خطر الانقراض.. والسردين يلعب دوراً حاسماً في مصيرها
  • مهرجان أبوظبي يُعلن البرنامج الرئيسي لدورته الثالثة والعشرين
  • المجلس النرويجي للاجئين: انعدام الأمن الغذائي يهدد جنوب مالي مع توسع النزاع وتراجع المساعدات
  • أميركا تستضيف اجتماعا لمجموعة الـ20 بدون جنوب أفريقيا
  • علماء فلك يرصدون هبات رياح غير مسبوقة من ثقب أسود في مجرة بعيدة