طهران- وسط تكهنات متصاعدة بقرب مشاركة واشنطن في الحرب الإسرائيلية على إيران، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي، وطالب طهران بالاستسلام غير المشروط، مما أثار تساؤلات عن تداعيات الحراك الأميركي المحتمل على مسار الأزمة وصانع القرار بطهران.

وعلى النقيض من التقارير التي سبق أن تحدثت عن رفضه خطة إسرائيلية سابقة لاغتيال خامنئي خشية التورط في حرب إقليمية، وصف ترامب المرشد الإيراني بأنه "هدف سهل"، مشيرا -في منشور على منصته تروث سوشيال أمس الثلاثاء- إلى أن واشنطن "تعرف مكان اختبائه بدقة، لكنها لا تنوي استهدافه في الوقت الراهن".

وعلى وقع نقل الجيش الأميركي تسليحات إستراتيجية إضافية إلى الشرق الأوسط، يحذّر ترامب -في منشوره- بأن "صبر أميركا بدأ ينفد"، قبل أن يدعو إيران إلى "استسلام غير مشروط"، وذلك في منشور ثانٍ نشره بعد 3 دقائق فقط من تهديده "بتصفية" خامنئي، وهو ما يعكس تصعيدا في الخطاب الأميركي.

غزوة خيبر

ويأتي هذا التهديد الضمني بعد سلسلة اغتيالات نفذتها إسرائيل منذ فجر يوم الجمعة الماضي بحق عديد من القيادات العسكرية العليا والعلماء النوويين في إيران، على غرار إستراتيجيتها المعهودة التي سبق أن طبقتها ضد قيادات عسكرية وسياسية لدى كل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني.

وإذ يخيّر ترامب المرشد بين "الاستسلام غير المشروط" أو الانزلاق إلى المعركة دعما لإسرائيل، يأتيه الرد مباشرة من خامنئي الذي أكد: "لن نساوم الصهاينة أبدا، ويجب التعامل بقوة في مواجهة الكيان الصهيوني الإرهابي".

وفي منشور آخر، يؤكد خامنئي أن ما يجري ليس سوى "بداية للمعركة"، إذ كتب فجر اليوم الأربعاء على منصة إكس: "علي يعود إلى خيبر شاهرا سيفه ذا الفقار"، في إشارة إلى غزوة خيبر في السنة السابعة بعد الهجرة التي انتصر فيها المسلمون وأبرز فيها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بطولته بفتح أحد الحصون.

تصاعد الدخان في تل أبيب بعد ضربة صاروخية إيرانية (رويترز)

من ناحيته، قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية الجنرال عبد الرحيم موسوي إن بلاده "لم ولن تستسلم أبدا، وإن العمليات السابقة ضد العدو كانت ردعية"، وأضاف أن طهران ستنفذ عملياتها العقابية ضده قريبا، داعيا سكان الأراضي المحتلة -خاصة في تل أبيب وحيفا– إلى مغادرتها للحفاظ على أرواحهم.

إعلان

وأدى التهديد الأميركي ضد رأس هرم السلطة إلى تجمع مئات الإيرانيين -الليلة الماضية- في ساحة فلسطين وسط العاصمة للتنديد به، واعتبر مجيد سجادي المساعد السابق لوزير العدل الإيراني أن تهديدات ترامب تمثل عملا غير مسبوق في انتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي، لا سيما ميثاق الأمم المتحدة، لأن المادة الثانية منه تحظر أي تهديد بالاغتيال أو استخداما للقوة ضد الاستقلال السياسي لأي دولة.

ونقل موقع "بولتن نيوز" الإخباري التحليلي عن سجادي قوله إنه يُشكل كذلك انتهاكا صارخا لمبدأ الحصانة الدولية لكبار مسؤولي الدول المستقلة، مضيفا أن هذا التهديد الصادر عن أعلى مسؤول في الحكومة الأميركية يجعله عملا منسوبا إلى الدولة، مما يترتب عليه مسؤوليتها الدولية.

إجراءات احترازية

وعليه، يتعين على الجمهورية الإسلامية سلوك المسارات القانونية والدبلوماسية اللازمة لمتابعة هذا الفعل، بما يشمل تقديم شكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية، وطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث تداعيات التهديد ومحاسبة مرتكبيه في إطار القانون الدولي، وفق سجادي.

وحذر من أن الصمت إزاء هذا التهديد لن يكون بمنزلة إشارة خضراء "للإرهاب" المدعوم دوليا فحسب، بل سيكون ناقوس موت للنظام القانوني العالمي.

ولمنع خلق الفراغات المحتملة جراء الاغتيالات الإسرائيلية أو الأميركية في إيران، أعلنت طهران خطة "البدلاء العشرة" لضمان استمرارية القيادة في حال اغتيال أي من كبار المسؤولين أو القادة العسكريين، في إشارة إلى وجود بدائل جاهزة للتعامل مع أي طارئ.

في السياق، منعت إيران مسؤوليها من استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الاتصالات، بعد إطلاق إسرائيل "حربا إلكترونية واسعة النطاق" على بنيتها التحتية الرقمية، في حين شن الإعلام الناطق بالفارسية حملة توعوية واسعة ضد ما يعتبرها حربا نفسية يقودها "المحور الصهيوأميركي" ضد الجمهورية الإسلامية.

كما حولت طهران التهديدات الصادرة عن القيادات الأميركية والإسرائيلية إلى أداة لتعبئة الشارع، حيث يصف السياسيون الإيرانيون "الوحدة الوطنية ضرورة وجودية". ولقيت هذه الدعوات آذانا صاغية حتى لدى المعارضة السياسية في الداخل وجزءا منها بالخارج، وفق الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا.

رفع العزيمة

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول تقوي نيا إن بلاده -بعد مباغتتها بالاغتيالات الإسرائيلية، فجر الجمعة الماضي- لن تتفاجأ بأي تطور، إذ أخذت جميع السيناريوهات بعين الاعتبار، ووضعت حلولا مسبقة لأي طارئ، مؤكدا أن التهديد باغتيال مسؤولين إيرانيين يهدف للضغط عليهم لتقديم تنازلات وتقويض معنوياتهم.

ورأى الباحث السياسي أن تهديدات ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- باغتيال المرشد الإيراني ستجلب تداعيات معاكسة لما أرادا لها.

وتساءل "لماذا يظن البعض أن طهران لا تأخذ هذه التهديدات بعين الاعتبار؟"، معتبرا أن التهديد بانخراط أميركا في المعركة أو اغتيال المرشد مؤشر على فشل تل أبيب في تحقيق ما أرادته من خلال شن الحرب على إيران حتى الآن، مستدركا أنه يتوقع انخراط واشنطن فيها قريبا.

إعلان

وتابع أن طهران وضعت خططا فعلية لاستهداف قواعد أميركية في المنطقة وفي أعالي البحار، وأنها أطلقت مؤخرا صواريخ إستراتيجية على الأراضي المحتلة لترسل بها رسالة ردع للجانب الأميركي، مؤكدا أن التهديد باغتيال خامنئي سيزيد عزيمة الإيرانيين للمواجهة وأن ما خفي من الأسلحة الإيرانية أعظم بكثير مما شهده العالم حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أول رد من خامنئي على دعوة ترامب بالاستسلام

المرشد الإيراني على خامنئي (وكالات)

في تصريح حاد اللهجة، ردّ المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، علي خامنئي، على دعوة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لإيران بالاستسلام، مؤكدًا أن هذا الطرح مرفوض تمامًا من قبل الشعب الإيراني.

وقال خامنئي في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي: "أن يُقال للشعب الإيراني تعالوا واستسلموا، فليس هذا بكلام عاقل. لأيّ شيء يستسلم؟! نحن لن نستسلم أبدًا لاعتداء أيّ شخص. هذا هو منطق الشعب الإيراني، وهذه هي روحية الشعب الإيراني."

اقرأ أيضاً الريال اليمني ينهار: الدولار يتخطى هذا السعر في عدن لأول مرة في التاريخ 18 يونيو، 2025 إيران تُسلّم القيادة لعشرة أشباح: خطة سرية لمواجهة سيناريو الاغتيالات 17 يونيو، 2025

وجاء هذا التصريح في أعقاب تصريحات لترامب دعا فيها إيران إلى التخلي عن ما وصفه بـ"نهجها العدواني" والانصياع للضغوط الدولية، معتبرًا أن الاستسلام هو الطريق لإنهاء العقوبات والعزلة.

ويرى مراقبون أن خطاب خامنئي يأتي في إطار تأكيد طهران على مواصلة نهجها السياسي دون خضوع للضغوط الأميركية، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الحديث عن إمكانية استئناف المفاوضات النووية بشروط مختلفة.

مقالات مشابهة

  • خامنئي يردّ على ترامب ويتوعّد إسرائيل: إيران لن تستسلم للغة التهديد
  • أول رد من خامنئي على دعوة ترامب بالاستسلام
  • خامنئي يرد على تهديدات ترامب: إيران لن تستسلم.. وإسرائيل ستدفع ثمن خطئها
  • إيران تستهدف جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وترامب يحذر: لن نقتل خامنئي لكن عليه الاستسلام غير المشروط
  • اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي بشأن إيران.. هل تتدخل عسكريًا؟
  • السفارة الإيرانية في لبنان ترد على تهديدات ترامب للمرشد الأعلى خامنئي
  • ترامب: لن نقضي على خامنئي
  • خامنئي في خطر.. إسرائيل تلوّح باغتيال المرشد الإيراني
  • بعد حديثه مع ترامب.. بوتين ينقل "تحذيرا صريحا" إلى خامنئي