شراكة الأمن البحري.. أداة فعالة لمواجهة التهديدات الحوثية والإيرانية
تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT
في تحول استراتيجي يعكس إدراك المجتمع الدولي لأهمية تمكين القوى اليمنية المحلية في حفظ الأمن البحري، اعتبر تحليل نشرته صحيفة العرب اللندنية أن إطلاق "شراكة الأمن البحري اليمنية" يمثل أداة منخفضة التكلفة وفعالة لمواجهة التهديدات الحوثية والإيرانية في البحر الأحمر وخليج عدن، من خلال دعم وتدريب خفر السواحل اليمني وتعزيز قدراته العملياتية.
وأشارت الصحيفة في تحليل موسّع إلى أن هذه المبادرة الجديدة، التي أُعلن عنها منتصف سبتمبر الماضي بمشاركة المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدولي تهدف إلى تمكين خفر السواحل اليمني من حماية الممرات البحرية الحيوية ومكافحة التهريب والقرصنة، بما يضمن استقرار أحد أهم الممرات التجارية في العالم.
ترى الصحيفة أن المبادرة تمثل نقطة تحول في مقاربة المجتمع الدولي لأمن البحر الأحمر، إذ لم تعد الجهود تقتصر على الوجود العسكري المباشر أو الدوريات الدولية، بل تتجه نحو بناء قدرات يمنية محلية قادرة على التصدي للتهديدات الحوثية، ما يجعل هذه المقاربة أكثر استدامة وأقل كلفة سياسيًا واقتصاديًا.
وجاء الإعلان عن الشراكة بعد أسابيع من دعوة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة الميليشيات الحوثية، وهي الدعوة التي لاقت صدى في أوساط غربية وخليجية، تمخض عنها هذا المشروع المشترك.
وشهد المؤتمر التأسيسي للشراكة، الذي عُقد بحضور ممثلين عن ثلاثين دولة وخمس منظمات دولية، تعهدات مالية أولية بملايين الدولارات، حيث أعلنت المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية عن تقديم أربعة ملايين دولار لكل منهما، إضافة إلى مليوني يورو من الاتحاد الأوروبي، لدعم تدريب وتجهيز وحدات خفر السواحل اليمني.
وأكد التحليل أن هذه المبادرة تأتي استكمالًا لجهود سابقة قادتها دول التحالف والأمم المتحدة لتعزيز أمن الملاحة، غير أن التحدي الرئيسي ما يزال قائمًا في نقص الموارد والمعدات الحديثة لدى القوات اليمنية، وهو ما أشار إليه اللواء خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمني، داعيًا إلى تعزيز القدرات اللوجستية والتقنية لتمكين القوة من أداء مهامها بكفاءة.
وتطرّق التحليل إلى تقرير مشترك للباحثين الأميركيين بريدجيت تومي وإريك نافارو نُشر في مجلة ناشونال إنتريست، يؤكد فيه الكاتبان أن الولايات المتحدة يمكنها تعزيز الشراكة بقيادة السعودية وبريطانيا عبر دعم مالي ومادي وعسكري محدود التكلفة، مقارنة بميزانيتها الدفاعية الضخمة، وبما يعزز قدرات خفر السواحل اليمني في مراقبة الساحل الطويل ومكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.
ويرى التقرير أن برامج التعاون الأمني الإقليمي وتبادل المعلومات الاستخباراتية ستكون أكثر فاعلية من التدخل العسكري المباشر، لأنها تتيح للولايات المتحدة وحلفائها الاستثمار في قوى محلية دون تحمل كلفة بشرية أو مالية مرتفعة.
وأبرزت العرب اللندنية أن نجاح "شراكة الأمن البحري اليمنية" يعتمد على توسيع نطاق المستفيدين من برامج الدعم والتدريب لتشمل إلى جانب خفر السواحل، قوات المقاومة الوطنية على الساحل الغربي التي أثبتت كفاءتها في اعتراض شحنات الأسلحة القادمة من إيران، حيث تمكنت هذا العام من ضبط أكثر من 750 طنًا من الأسلحة والمواد المهربة.
كما أشار التحليل إلى الدور المتنامي لـ قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في ميناء عدن، التي شاركت مؤخرًا في اعتراض شحنات طائرات مسيرة وقطع غيار أسلحة كانت في طريقها للحوثيين، وهو ما يبرز أهمية التنسيق بين مختلف القوى المحلية ضمن إطار الشراكة الجديدة.
وشددت الصحيفة على ضرورة أن تكون "شراكة الأمن البحري اليمنية" المنصة الأساسية لتنسيق الجهود الدولية والرقابة على الإنفاق، بما يضمن توجيه التمويل وفق أولويات محددة وشفافة، ويسهم في رفع مكانة الحكومة اليمنية أمام المجتمع الدولي كطرف فاعل ومسؤول عن إدارة الأمن البحري.
وأكد التحليل أن نجاح هذه الشراكة سيعود بفوائد مضاعفة، من بينها تعزيز الثقة في المؤسسات اليمنية، وتشجيع الاستثمارات المستقبلية في المناطق الساحلية، وخلق بيئة أكثر استقرارًا للتنمية والتجارة الدولية.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالتأكيد على أن "شراكة الأمن البحري اليمنية" تمثل خطوة استراتيجية نحو تمكين اليمنيين من استعادة السيطرة على سواحلهم وحماية ممراتهم البحرية من النفوذ الحوثي والإيراني، معتبرة أن اليمن المستقر والقادر على ضبط حدوده البحرية سيكون ركيزة أساسية للأمن الإقليمي والدولي.
وأكدت أن الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية أمام فرصة حقيقية لترجمة التزاماتها إلى دعم عملي ومستدام يعزز قدرات خفر السواحل اليمني ويحول دون استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بما ينعكس إيجابًا على حرية الملاحة الدولية واستقرار البحر الأحمر بأكمله.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: خفر السواحل الیمنی
إقرأ أيضاً:
الإمارات تؤكد الالتزام بمواصلة العمل لمواجهة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة
نيويورك (الاتحاد)
أكدت دولة الإمارات ضرورة محاسبة المسؤولين عن الاعتداءات ضد العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة، لما يشكّله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، مشددةً على مواصلة العمل جنباً إلى جنب مع شركائها لمواجهة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، إيماناً منها بأن حماية الإنسان وصون كرامته هي مسؤولية مشتركة لا تقبل التأجيل.
وقالت الإمارات في بيان خلال الجلسة الـ 60 للجمعية العامة بشأن تعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية الطارئة، ألقته عائشة المنهالي، سكرتير أول في البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، إن العالم يشهد تصاعداً مقلقاً في الأزمات الإنسانية، حيث يواجه أكثر من 280 مليون شخص خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وتتفاقم آثار النزاعات على حياة المدنيين والبنى التحتية الأساسية.
وأشار البيان إلى أن هذا الواقع يفرض مسؤولية مضاعفة، ليس فقط في تقديم الإغاثة العاجلة، بل في ضمان وصولها إلى مستحقيها دون عوائق، وفي حماية من يضطلعون بإيصالها.
وقال البيان: «انطلاقاً من هذا الإدراك، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أعلنت دولة الإمارات عن تعهد جديد بقيمة 550 مليون دولار أميركي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة التي أطلقتها الأمم المتحدة لعام 2026، والتي تسعى لتقديم الإغاثة لما يقارب 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية حول العالم. في هذا السياق، أعلنت بلادي عن مساهمة بقيمة 5 ملايين دولار خلال فعالية التعهدات رفيعة المستوى للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، لتكون جزءاً من هذا التعهّد الأوسع البالغ 550 مليون دولار».
وأشار البيان إلى أن هذا الدعم يأتي تأكيداً على النهج الثابت لدولة الإمارات في دعم الجهود الدولية لإنقاذ الأرواح والاستجابة للأزمات التي تواجه الشعوب الأكثر ضعفاً، كما يعكس الدور الحيوي الذي تضطلع به الإمارات في تعزيز العمل الإنساني متعدد الأطراف، وتعاونها الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة لضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجاً في الوقت المناسب.
وأردف البيان: «لا تزال تمر العديد من دول العالم بأزمات إنسانية تتطلب من المجتمع الدولي مواصلة تقديم الدعم والمؤازرة. ففي غزة، ومن اليوم الأول لهذه الأزمة، سخّرت دولة الإمارات كافة إمكاناتها لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، من خلال جسور الإغاثة الجوية والبحرية والبرية، وإنشاء المستشفيات الميدانية، وتنسيق عمليات الإجلاء الطبي».
وتواصل دولة الإمارات التزامها الراسخ بدعم الشعب السوداني الشقيق في مواجهة الأزمة الإنسانية الحادة، مؤكدةً على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها دون عوائق.
وقال البيان: «بينما نتحدث عن إيصال المساعدات، فإننا نعرب عن بالغ القلق إزاء تصاعد الاعتداءات على العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة، لما يشكّله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وتؤكد دولة الإمارات على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات».
وأشار إلى أن التحديات الإنسانية التي نواجهها تتطلب استجابة جماعية تتناسب مع حجمها، مؤكداً أن الإمارات ستواصل العمل جنباً إلى جنب مع شركائها لمواجهة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، إيماناً منها بأن حماية الإنسان وصون كرامته هي مسؤولية مشتركة لا تقبل التأجيل.