ترامب في وضع “اهتزاز تلقائي”.. من قصف إيران إلى قصف نفسه بالتغريدات
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
في السياسة كما في السيرك، هناك من يقفز عبر الحلقات النارية، وهناك من يُشعلها تحت قدميه… ثم يتساءل: من المسؤول؟
دونالد ترامب، الرئيس الأميركي و”المنجم الرسمي لمنصات التواصل”، قرر أن يتقمص دور البطل العالمي المدافع عن إسرائيل، في لحظة حماسة نادرة ظن فيها أن إيران ستبتلع العدوان الإسرائيلي كما تبتلع أمريكا تقارير حقوق الإنسان: بلا مضغ، وبلا ردة فعل.
لكن إيران – على غير ما توقّعه ترامب وصقور البيت الأبيض – لم تبكِ في مجلس الأمن، ولم ترفع دعوى أمام محكمة الجنايات، بل رفعت سقف الردود وصواريخ الواقع. وما إن بدأت الصافرات في تل أبيب، حتى بدأت صافرات أخرى داخل دماغ ترامب، فدخل في موجة من التصريحات المتناقضة التي لو قُرئت متتالية، لأعطتنا خلاصة كتاب في علم النفس المختل… أو دليل تقلبات المزاج الحاد.
فمن تغريدة إلى أخرى، تحوّل ترامب من “صقر نووي” إلى “حمامة مربوطة بخيط تغريدة”، فبدأ بـ: “غادروا طهران فوراً”، ثم لحّنها بلطف بـ: “قلت ذلك لحماية الأبرياء”. بعدها، بدأ التشنج يظهر في “صبرنا ينفذ”، ثم تذكّر فجأة أن الجنود ليسوا بيادق في لعبته، فقال: “لا نريد خسارة جنودنا”.
وما هي إلا ساعات حتى تحوّل إلى رجل المخابرات الشجاع وهو يصرّح: “نعرف مخبأ المرشد”، لكن هذه الشجاعة لم تدم، فقد أتبعها بجملة: “لن نقتله الآن”… يا للكرم الأخلاقي!
ثم جاءت مرحلة المفاوض الحنون، فقال: “تعالوا نتفاوض”، لكنه لم ينسَ أن يضيف عليها نكهته المعتادة: “نريد استسلاماً بلا شروط”، وكأنه يطلب من إيران أن تحضر إلى طاولة الحوار مكبّلة اليدين وبنصف سيادة.
أما قمة المسرحية، فكانت في عروض التشويق المجاني: “ترقّبوا نهار الخميس”، “انتظروا الأسبوع القادم”، “سنضرب إيران”… قبل أن يختم العرض السياسي البائس بجملته الذهبية: “لن نضرب إيران ولن ندخل الحرب”. تماماً كمن يهدد ثم يتراجع، ثم يتمنى أن أحداً لم يسمعه أصلاً! أو يقرأ تغريداته قبل حذفها.
ما حصل في الحقيقة هو أن ترامب – ومعه اللوبي الداعم للكيان الإسرائيلي – لم يتوقعوا أن رد الجمهورية الإسلامية في إيران سيكون بهذا الحجم والوضوح، فدخلوا في متاهة “إدارة التبعات”، وأخرجوا ترامب من حالة الزهو إلى حالة “الاهتزاز التلقائي المزمن”. وهو اضطراب سياسي معروف، يُصيب القادة الذين يطلقون النار أولاً… ثم يتساءلون عن وجود أهداف مدنية لاحقاً.
لا شك أن الدعم الأميركي لإسرائيل أمر تقليدي بقدر تقليدية القهوة في مكاتب الـ CIA، لكن الجديد هو حجم الارتباك العلني الذي أصاب رأس الإدارة حين قررت الجمهورية الإسلامية الرد بقواعد مختلفة.
ترامب، الذي طالما تفاخر بأنه رجل “الصفقات الحاسمة”، وجد نفسه في مواجهة مع دولة لا تتسوق من “أمازون السياسة”، ولا تطلب رضا واشنطن على كل صاروخ.
إن أخطر ما في هذا المشهد ليس التهديد بالحرب ولا لغة التصعيد، بل هذا النوع من الزعامات المرتبكة التي تُقحم العالم في كوارث بناءً على توقعات خاطئة، ثم تحاول الخروج منها عبر منصّات التواصل الاجتماعي… بتغريدة هنا، ومؤتمر صحفي هناك، وتهديد مؤجل إلى الخميس القادم.
ما يحدث يُذكّرنا بأن السياسة الأميركية – خاصة في عهد ترامب – تشبه إدارة فرن ميكروويف… ضغطة واحدة زائدة، وينفجر الطبق ويحترق المطبخ بكل من فيه؟!.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد بنشر الحرس الوطني في واشنطن..ما السبب؟
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، إنه يدرس الاستعانة بالحرس الوطني لإعادة الأمن إلى شوارع العاصمة واشنطن، مشيراً إلى أنه قد يتخذ خطوات لتولي السيطرة الفعلية على إدارة المدينة، التي وصفها بأنها "يجب أن تكون أفضل مكان يُدار في البلاد".
وأوضح ترامب للصحفيين في البيت الأبيض أن "العاصمة غير آمنة تماماً"، مضيفاً: "علينا أن ندير العاصمة... سنقوم بتجميل المدينة ونجعلها آمنة". وألمح إلى أن إجراءات النشر قد تتم "بسرعة كبيرة"، بما يشمل تدخل الحرس الوطني.
وجاء هذا التصعيد بعد حادث اعتداء تعرض له موظف شاب كان يعمل في "إدارة الكفاءة الحكومية" خلال مطلع الأسبوع، حيث أفاد الملياردير إيلون ماسك – الذي كان يشرف سابقاً على هذه الإدارة – أن الضحية أصيب بارتجاج في الدماغ. وقال ماسك في منشور على منصات التواصل: "حان الوقت لجعل العاصمة اتحادية".
في المقابل، أشار مسؤول في البيت الأبيض إلى أن هناك ترتيبات جارية لتعزيز الوجود الأمني الاتحادي في المدينة خلال الأيام المقبلة، لافتاً إلى أن التفاصيل التنفيذية لم تُحسم بعد. وذكرت شبكة "سي إن إن" أن عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، والحرس الوطني، وإدارة الهجرة والجمارك، إضافة إلى وزارة الأمن الداخلي، سيبدؤون تنفيذ الخطة اعتباراً من اليوم الخميس.
وفي بيان لها، قالت كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن واشنطن "ابتليت بالجرائم الصغيرة والعنيفة لفترة طويلة"، مضيفة أن الرئيس ترامب "ملتزم بجعلها آمنة مجدداً".
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان ينوي سحب صلاحيات شرطة العاصمة وتولي الأمور مباشرة، أجاب ترامب بالإيجاب، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً بشأن حدود السلطة الفدرالية في مدينة تتمتع بحكم ذاتي جزئي.
وتأتي هذه التصريحات رغم بيانات رسمية صادرة عن إدارة شرطة العاصمة تُظهر انخفاضاً ملحوظاً في معدلات الجريمة. فوفقاً للأرقام المنشورة، انخفضت الجرائم العنيفة بنسبة 26% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين تراجعت معدلات الجريمة بشكل عام بنحو 7%. وكان عام 2024 قد شهد أيضاً تراجعاً في معدل الجريمة بنسبة 15% مقارنة بـ2023.
ورغم هذا التراجع، تبدو إدارة ترامب غير راضية عن الوضع الأمني في العاصمة، وتلوّح باستخدام صلاحيات فدرالية لإعادة فرض "النظام" على المدينة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن