في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في وجه التحديث
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
في أعماق قلعة أربيل التاريخية، التي تعد صرحا شامخا ومدرجا على قائمة التراث العالمي لليونسكو، تتوارى كنوز ليست مرئية بالعين، بل مسموعة بالأذن.
إنها أقدم التسجيلات الصوتية في المحافظة وإقليم كردستان، محفوظة بعناية فائقة داخل محل تسجيلات ناز (سابقا) أرشيف الموسيقى الكردستانية (حاليا)، والذي يحتفل هذا العام بمرور 73 عاما على تأسيسه، ليقف شاهدا حيا على تطور صناعة الموسيقى في العراق.
يعد أرشيف الموسيقى الكردستانية أكثر من مجرد متجر، إنه مؤسسة ثقافية عريقة تسرد حكاية شغف وتفان في الحفاظ على التراث الفني.
يقول أمجد قصاب، صاحب المحل وابن شقيقة مؤسسه عبد اللطيف شخمخشي، للجزيرة نت إن البدايات تعود إلى عام 1952. ومنذ ذلك الحين، واكب المحل جميع التطورات في عالم التسجيلات الصوتية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بريزرين.. جوهرة البلقان وسحر التاريخ والطبيعة الخلابةlist 2 of 2براكين بالي.. تجربة سياحية فريدة في قلب حزام النارend of list"لقد شهدنا كل مرحلة من مراحل تطور التسجيلات، بدءا من الأسطوانات القديمة التي تعود إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، مرورا بالبكرات التي ظهرت في الخمسينيات، ثم الكاسيت في عام 1969، وصولا إلى الأقراص المدمجة (CD) في عام 2000″، يقول قصاب، الذي تسلم إدارة المحل في عام 1976.
وعلى الرغم من مواكبة التكنولوجيا، يشدد قصاب على أن جوهر المحل الأصيل ظل كما هو: "أكبر تحد واجهته على مر السنين هو المحافظة على هذا التراث".
ورغم عدم امتلاكه لصور وثائقية قديمة، فقد حرص على حفظ الأرشيف الغني للمحل، والذي يضم أعمال فنانين عرب وأكراد بارزين مثل يوسف عمر، والقبنجي، وشهاب حسن خود.
يأتي زبائن المحل من جميع المحافظات العراقية، سيما المحافظات الجنوبية والمناطق الكردية، مما يؤكد على مكانته كمركز ثقافي جامع.
ويؤكد قصاب أن المحل أسهم على مدار عقود في "تعريف سكان أربيل بكل ثقافات الشعوب من الفن والغناء"، كما كان محط جذب لمحبي الموسيقى وأسهم في اكتشاف ومساعدة فنانين على الوصول إلى الشهرة، مثل الفنانين ريبر حيدر ورشوان شيخاني وغيرهم.
مع التطور التكنولوجي المتسارع، يطرح مدير معهد الفنون الجميلة في أربيل، زيرك أمين، رؤيته حول العلاقة بين الشباب والتراث الفني القديم.
إعلانوأشار أمين خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن التكنولوجيا الحديثة تحمل في طياتها جوانب إيجابية وسلبية فيما يتعلق بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي.
وأضاف أن عددا كبيرا من الشباب يستمعون إلى الأغاني الفولكلورية والتراثية عبر التقنيات الحديثة، لكنه يحذر بشدة من ممارسات "الريميكس" التي تغير من جوهر الأغنية الأصلية. "السلبية تكمن في تغيير نكهة وحس الأغنية عن طريق إدخال آلات جديدة وتأثيرات أو إيقاعات حديثة، مما يؤثر سلبا على الطعم الأصيل للتسجيل القديم وصوت المغني الأصلي، فهذا يدمر الأغنية ويغير أسلوبها".
وفي نصيحة للشباب المتحمس لاستخدام التكنولوجيا في التراث، يؤكد أمين: "إذا أردت إحياء التراث بشكل جميل أو بطريقة جديدة، يجب أن تأخذ الأغنية وتعيد توزيعها وتأليفها من جديد بشكل كامل".
وعلى الرغم من مخاوفه، يعرب أمين عن سعادته برؤية الشباب في أماكن الموسيقى الحية يطلبون الأغاني القديمة، مما يعكس اهتماما بالتراث، داعيا إلى ضرورة أن تتحمل المؤسسات الحكومية مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث.
وشدد على الحاجة الملحة لإنشاء مكتبات وطنية متخصصة لحفظ التراث العراقي والكردي. يعبر عن أسفه لعدم وجود مثل هذه المؤسسات في العراق أو إقليم كردستان، مما يفتح الباب أمام سرقة الألحان الكردية والعراقية من قبل دول أخرى ونسبتها لنفسها، مشيرا إلى غياب قوانين حقوق الملكية الفكرية في البرلمان العراقي لحماية هذا التراث.
يعكس المواطن مصعب غازي، أحد محبي الموسيقى القديمة، الأسباب الجوهرية لتفضيله للأغاني القديمة، أبرزها اللحن الأصيل والكلمات المعبرة التي كانت سمة بارزة لتلك الحقبة.
يقول غازي للجزيرة نت إن "الأغاني الصاخبة في الوقت الحاضر لا ترقى إلى مستوى الطرب الأصيل القديم"، مشيرا إلى الفارق الكبير في المحتوى الفني والعمق العاطفي بينهما.
ويشدد على ضرورة تحقيق التوازن بين الفن القديم والحديث، مؤكدا أنه "إذا أردنا الموازنة بين القديم والحديث، فيجب علينا أن نحافظ على القديم ونطور الجديد".
بدوره، يؤكد المواطن الكردي سيدار شنكالي أن الشباب الكردي يولي اهتماما كبيرا للتراث والفن القديم، لما يحملانه من قيمة جمالية عميقة.
يقول شنكالي للجزيرة نت إن الفن القديم "يعبر عن تاريخنا وماضينا الجميل"، مشيرا إلى أن الماضي كان أجمل مقارنة بالحاضر. ويعزو ذلك إلى قلة الأجهزة وعدم وجود التكنولوجيا في السابق، مما أضفى على تلك الفترة طابعا هادئا وجميلا.
ويضيف: "كانت الموسيقى هادئة والأغاني رقيقة، تعبر عن فن وتراث الأكراد بأجمل ما يكون".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أمكنة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
شواطئ باليكسير وتشاناق قلعة ويالوا.. وجهات صيفية تركية تجمع بين النظافة والجمال
وسط تحضيرات مكثفة تهدف للحفاظ على معايير الجودة البيئية والسياحية، تستعد الشواطئ التركية الحاصلة على "العلم الأزرق" في ولايات تشاناق قلعة وباليكسير وبورصا ويالوا، شمال غربي البلاد، لاستقبال زوارها خلال موسم الصيف.
ورفع العلم الأزرق على الشاطئ يعني أنه يطابق المعايير البيئية الصارمة التي تطبقها "مؤسسة التعليم البيئي" الدولية (مقرها في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن).
وتُمنح هذه الرخصة وفقا لـ32 معيارا خاصّا مثل جودة المياه البحرية ونظافتها، والفعاليات الهادفة للتوعية البيئية، والعناية بإدارة البيئة، وجودة الخدمات المقدمة، إضافة إلى الأمن الموفر في المناطق السياحية.
وفي هذا السياق، تضم باليكسير 49 شاطئا معتمدا تحمل العلم الأزرق، تليها تشاناق قلعة بـ12 شاطئا، في حين توجد 3 شواطئ في كل من بورصا ويالوا.
سهولة الوصولفي ولاية باليكسير، يبرز قضاء آيوالق بامتلاكه 19 من أصل 49 شاطئا يحمل العلم الأزرق.
رئيس بلدية آيوالق مسعود أركين قال إن موقع القضاء الإستراتيجي، وسهولة الوصول إليه عبر جسر "تشاناق قلعة 1915″، وجسر "عثمان غازي"، والطرق السريعة، ومطار باليكسير، جعلت منه وجهة مفضلة لزوار المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة.
وأضاف "آيوالق مدينة غنية بمطبخها المحلي، وقريبة من المراكز الحضرية الكبرى، وذلك ما يجعل الإقبال عليها ممتدا طوال العام".
وأردف "نأمل أن يكون موسم هذا الصيف جيدا. لدينا 19 شاطئا يحمل العلم الأزرق، 5 منها بإدارة البلدية، ونعمل على زيادة هذا العدد من خلال تدابير وتجهيزات متواصلة".
من جهته، أوضح الأمين العام لاتحاد تطوير البنية التحتية السياحية في آيوالق، أوميد أوزغولتكين، أن نسبة الإشغال في الفنادق بلغت 80%.
تنوع سياحيوفي ولاية تشاناق قلعة، قال مستشار رئيس اتحاد وكالات السفر التركية، أحمد جليك، إن الولاية تتميز بجودة مياهها وسواحلها النظيفة بفضل التيارات المستمرة في مضيق الدردنيل.
إعلانوأوضح جليك "لدينا 12 شاطئا معتمدا بالعلم الأزرق، وذلك يعزز التنوع السياحي. ينبغي تحويل مركز المدينة إلى وجهة سياحية يستفيد منها الزوار المحليون والأجانب القادمون لزيارة مدينة طروادة الأثرية ومتحفها والجزر القريبة".
وأضاف "ندعو الجميع لزيارة تشاناق قلعة والاستمتاع بالشواطئ الرملية والمياه الدافئة، خاصة في العطلة الصيفية التي نتوقع أن تشهد ارتفاعا في أعداد الزوار".
خدمات وتسهيلاتأما ولاية بورصا، فتضم بدورها 3 شواطئ عامة تحمل العلم الأزرق، اثنان منها في قضاء "قره جه بك"، والثالث في بحيرة إزنيق.
وقال رئيس قسم المتنزهات والحدائق في بلدية بورصا الكبرى، خاقان تنري أور، إن طول السواحل في الولاية يصل إلى 277 كيلومترا، مشددا على أن العلم الأزرق يمثل معيارا عالميا لجودة الحياة.
وأضاف "نلتزم بتقديم خدمات مجانية مثل كراسي الاستلقاء والمنقذين، مع تسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، واستكملنا تجهيزات الشواطئ والمرافق الاجتماعية".
"ونواصل العمل لتأهيل شواطئ جديدة للحصول على العلم الأزرق"، كما أكد تنري أور.
تطور سريعوشهدت ولاية يالوا تطورا سريعا في اعتماد شواطئها، فقد حصلت خلال العامين الأخيرين على 3 علامات للعلم الأزرق.
وقال قائم مقام قضاء جينارجق، أوغوزخان أردي آتاق، إن عدد سكان القضاء يتضاعف في الصيف ليصل إلى 750 ألف نسمة مع الزوار.
وتُستكمل حاليا التحضيرات في شاطئ "سارالكنت"، في حين تجري مساعٍ لاعتماد شاطئ "سرايجق" المجاور والحصول على العلم الأزرق.
أما رئيس بلدية قايتازدره، دوغان جتيل، فأوضح أنهم حازوا العام الماضي جائزة أفضل أنشطة للتوعية البيئية.
وأشار جتيل إلى أن طول الشواطئ الحاصلة على العلم الأزرق ارتفع من 200 متر إلى 1100 متر بعد دمج شاطئ "سرايجق".