في سبتمبر 2014، انضم السودان إلى اتفاقيّة الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد، وبعد ذلك بعامين أجاز البرلمان قانون المفوضية القومية للشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد لسنة 2016. ثم جاء أبريل 2021 ليشهد إلغاء قانون 2016 وإجازة قانون المفوضية القومية لمكافحة الفساد لسنة 2021، التي كانت من ضمن المؤسسات التي نصّت عليها الوثيقة الدستورية لسنة 2019.

كل هذه المحطات تؤكد أن موضوع مكافحة الفساد لم يغب أبدًا عن المشهد السوداني، سواء قبل الثورة أو بعدها، وحتى في خضم ظروف الحرب التي نعيشها اليوم.
من حيث النصوص والقوانين، هناك بالفعل إرثٌ متراكم من التشريعات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان هناك فعلًا إرادة حقيقية لتطبيق هذه القوانين؟ وأين الأثر على الأرض؟
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن معظم هذه القوانين بقيت حبرًا على ورق. فلا ملاحقات واسعة النطاق، ولا قضايا كبيرة أفضت إلى استرداد أموال منهوبة، ولا حتى مؤشرات ملموسة على تقليص الفساد. وهذا يدفعنا إلى إعادة النظر بجدّية في كيفية التعامل مع المسألة.
أما ما أعلنه السيد الدكتور كامل إدريس – رئيس الوزراء مؤخرًا عن عزمه إنشاء «هيئة النزاهة والشفافية» بصلاحيات واسعة، فهو خبرٌ من شأنه أن يُفرِح البعض للوهلة الأولى. لكننا إذا تمعّنا قليلًا، نجد أن قانون المفوضية القومية لمكافحة الفساد لسنة 2021 قائم أصلًا. فلماذا نعيد تأسيس هيئة جديدة من الصفر ونطلق عليها اسمًا آخر بينما لدينا بالفعل الأساس القانوني؟ أليس من الأفضل أن نعيد تفعيل المفوضية القائمة، ونراجع القانون إن لزم الأمر، ثم نختار رئيسًا وأعضاء من ذوي الخبرة والكفاءة وعدم الانتماء السياسي، وندعمهم بميزانية تساعدهم على القيام بدورهم على الوجه الأمثل؟

مكافحة الفساد تحتاج إلى إرادة سياسية قوية، ومؤسسات مستقلة وفاعلة، وتمكين القائمين عليها من العمل من دون عراقيل أو تدخلات. ولن يحدث ذلك بتغيير المسميات، بل بجعل القوانين الموجودة أكثر قوة وفاعلية. في النهاية، المعركة ضد الفساد لن تُكسب بالمظاهر الإعلامية أو بالتصريحات الرنّانة، وإنما بالعمل الحقيقي والمتواصل على الأرض. وإذا أردنا أن نحدث فرقًا، فالحل ليس في تأسيس هيئات جديدة، بل في تفعيل الموجود وتوفير ما يلزم له من دعم وحماية وإرادة صادقة.

✍️ عمر محمد عثمان

20 يونيو 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الهيئة الوطنية: الانتخابات حق أصيل للمواطن يعبر من خلالها عن الإرادة الحرة

وجه المستشار أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، رسالة للشعب المصري.

إجازة لطلاب مدارس جولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بأسوانانسحاب 10 مرشحين قبل ساعات على انطلاق انتخابات النواب 2025 بالوادي الجديدالمصريون بالخارج يشاركون بانتخابات الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولىالمصريون بالعاصمة الأردنية عمّان يصوتون في انتخابات النواب

وقال احمد بنداري في كلمته في مؤتمر صحفي للهيئة الوطنية للانتخابات، :: نتطلع أن تكملوا ما بدأتموه بالنزول والمشاركة في الانتخابات.. والانتخابات في جوهرها أساس الممارسة الديمقراطية السليمة".

وتابع احمد بنداري:" الانتخابات هي حق أصيل للمواطن يعبر من خلالها عن الإرادة الحرة لاختيار ممثلي الأمة".

وأكمل أحمد بنداري:" أتقدم بالشكر لأبناء مصر الاوفياء في الخارج الذي لم تمنعهم الظروف المناخية السيئة في العديد من الدول والنزول والإدلاء باصواتهم في الانتخابات ".

ولفت أحمد بنداري:" نعيد ونكرر عدد الدوائر الملغاة التي تجرى فيها الانتخابات 30 دائرة انتخابية  بإجمالي 58 مقعد في 2372 لجنة فرعية".

طباعة شارك الوطنية للانتخابات مصر اخبار التوك شو انتخابات انتخابات النواب

مقالات مشابهة

  • إليكم هوية الجثة التي عثر عليها في عمشيت
  • الهيئة الوطنية: الانتخابات حق أصيل للمواطن يعبر من خلالها عن الإرادة الحرة
  • زيلينسكي: لن نتنازل عن أي أرض ولا نملك حقاً قانونياً أو أخلاقياً لفعل ذلك
  • هناء العرفي: اعتماد قائمة رئيس المفوضية خطوة لتعزيز المؤسسات وتهيئة الطريق للانتخابات
  • محافظ أسيوط: حملات التفتيش مستمرة لضمان بيئة عمل آمنة وتطبيق قانون العمل الجديد
  • الإعدام لاحد قادة التمرد والسجن (5) سنوات لمتعاونة بحلفا القديمة
  • طرابلسي عن وزيرة التربية: أين الاستراتيجية والخطة التي قالت إنها تعمل عليها منذ أشهر؟
  • بعد بدء تحصيل الزيادة في قانون الإيجار القديم.. ما هي الفئات المستثناة؟ (عاجل)
  • «محاربة الصحراء».. فيلم سعودي عالمي
  • هيئة مكافحة الفساد تطلق خطاً مجانياً لتلقي بلاغات المواطنين