التماس 10 سنوات حبسا للطيب لوح
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة القطب الإقتصادي و المالي بسيدي امحمد تسليط عقوبة 10 سنوات حبس نافذ ومليون دج غرامة مالية نافذة لوزير العدل الأسبق الطيب لوح
بعد متابعته في قضية فساد جديدة تتعلق بالاثراء غير المشروع وإخفاء عائدات إجرامية.
وبعد مثول الطيب لوح عشية يوم امس الإثنين امام قاضي الجلسة وجهت له تهم تضمنها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه تتعلق بالتصريح الكاذب بالممتلكات والإثراء غير المشروع ،فيما انكرها الطيب لوح تلك التهم المنسوبة اليه،وقبل إستجوابه من قبل القاضي بدأ لوح بتقديم نبذة عن مساره المهني ، حيث صرح انه بدا في سنة 1980 عندما كانت المحكمة بها قاضي فقط ووكيل جمهورية وكان هو رئيس محكمة ، وبعدها تم تدعيم المحكمة بقاضي آخر وأصبح العدد ثلاثة قضاة ، واضاف لوح انه في سنة 1983 وجد حكما باسمه في مجلة المحكمة العليا ، واصبح في المحكمة العليا اجتهادا قضائيا لحد لان موجود، قائلا ” تدرجت في مساري المهني من قاض الى رئيس محكمة، مستشار، رئيس غرفة، قاضي تحقيق وتداولت على جميع الاقسام بدون استثناء وفي سنة 2002 تقلد منصب رئيس نقابة القضاة ،وسبق وان انتخب كنائب عن ولاية تلمسان وبعد مرور شهر تم تعيينه كوزير للعمل والضمان الاجتماعي الى غاية 31 مارس 2019 ،وصرح طيب لوح في معرض تصريحاته انه كانت هناك مبادئ استقلالية القضاء والقضاة ،مشيرا بذلك انه كانت له مقولة مشهورة وهي حرية الصحافة واستقلالية القضاء وجهان لعملة واحدة وهما ركيزتان هامتين لبناء دولة الحق والقانون.
وبنبرة وصوت حزين قال لوح بانه تعرض للظلم منذ سنة 2019 بعد ايداعه رهن الحبس ،كما اضاف بانه سبق وان تقدم بطلب دمج العقوبات وقوبل بالرفض ،و اجريت له عمليتين جراحيتين الثانية دامت 7ساعات و كانت على مستوى القلب ونسبة النجاح كانت لا تتجاوز 11 بالمائة ، قائلا بذلك ” وشاء الله وقدر ان يمد في عمري ” متسائلا بذلك هل هناك شعور بالانسانية أم لا؟ هل هناك شعور بما نفعله ضد بعض الاشخاص أم لا؟
واكد المتهم الطيب لوح لهيئة المحكمة انه بتاريخ 21 اوت 2024 خضع لعملية جراحية وانتهت مدة عقوبته وكان بصدد مغادرة المؤسسة العقابية جاءه قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة واخبره انه أمر بإيداعه الحبس مضيفا بذلك انه اغمي عليه في نفس اليوم ،وفي اليوم الموالي جاءه كاتب الضبط ليخبره انه تم إيداعه الحبس ،وتسائل لوح قائلا : ” هل هذا معقول من يتحمل المسؤولية لو اني توفيت من يدفع الثمن..؟ ..قاضي التحقيق وحده من يتحمل المسؤولية هو خطأ جسيم، كان بإمكانه استدعائي بعد مغادرتي السجن وان يأمر بإيداعي الحبس من يمنعه من ذلك؟، هذا كل ما حدث في ذلك التاريخ الذي يبقى محفورا في ذاكرتي، أتمنى ان لا يتكرر هذا مع غيري ”
وعن سؤاله من قبل القاضي بخصوص التصريح الكاذب بالممتلكات ،اجاب لوح قائلا :” اقسم بالله اني لم احرص على شيء بقدر حرصي على التصريح بالممتلكات، انا معروف بنزاهتي وواصل قائلا :” في سنة 2019 كل اموري كانت قانونية وتم ارسال انابات قضائية في الداخل والخارج ولم يتوصلوا لأي شيء .
في حين واجهه القاضي بعقار عبارة عن فيلا في منطقة المذابح بمنطقة اسطاوالي مساحته 248 م مربع ،حيث اكد لوح انه صرح به ،وصرح ايضا بجميع ممتلكاته في سنة 2017 عندما كان وزيرا ،و انه صرح مرتين بممتلكاته ولم يخفيها، الاولى كانت بتاريخ 4 جويلية والثانية في 14 جويلية، وفي الاولى كانت من تلقاء نفسه وفي المرة الثانية بعد ورود مراسلة من الوزارة الاولى والتي طلب من الوزراء المغادرين لمناصبهم التصريح بالممتلكات وكانت مصحوبة باستمارات ، مشيرا انه في كل الحالات التصريح بالممتلكات موجود، ولا يوجد اي جريمة تتعلق بعدم التصريح وكل البيانات والأدلة تؤكد على ذلك
وعن سؤاله من قبل قاضي الجلسة عن ممتلكاته رفقة أفراد عائلته في داخل وخارج الوطن
اجاب لوح انه بالنسبة للإثراء غير المشروع لم يتوقع اطلاقا انه يتابع بهذه التهمة ،وسبق وان صرح في سنة 2002 بسكن في مرسى بن مهيدي وهي بلدية صغيرة في تلمسان مسقط رأسه، كان يقيم بها رفقة والديه ، وكانت مؤجرة في سنة 1986 عندما كان قاضي ،حيث تم التنازل عليها في الثمانينات في اطار قانون التنازل عن املاك الدولة وكان بمبلغ 10 ملايين سنتيم وان العديد من المواطنين استفادوا من القانون، متسائلا بذلك ” هل هذا اثراء غير مشروع؟ لست الوحيد الذي استفاد من التنازل.
كما ساله القاضي عن عقارين يتعلقان بفيلا بمنطقة اسطاوالي وفيلا في دالي ابراهيم،اجاب لوح ان عقار مرسى بن مهيدي مساحته 96 متر مربع تم التنازل عليه وسبق وان صرح به ، وهذا كان قبل صدور القانون، ولا يمكن تطبيق القانون بأثر رجعي، مضيفا بذلك انه كان هناك مستوصف في مرسى بن مهيدي في حالة نشاط وتم التنازل عليه وبناء مكانه ، واشترى قطعة ارض وتم بناء مسكن من مدخراته ومدخرات زوجته وفي سنة 1995 استغل ذلك المسكن ، وفي سنة 2015 قرر بيعه بمبلغ 3 ملايير سنتيم واشتر عقار آخر في تلمسان بمبلغ 4 ملايير سنتيم ودفع من حسابه بموجب صك .
وعن الفيلا المتواجدة بمنطقة سطاوالي ،اجاب لوح انه تقدم بقرض سنة 2013 مثله مثل اي زبون واشترى العقار الذي يعد سكن ترقوي غير مدعم قام بدفعه بالتقسيط ،وفي الاخير قام ببيعه بمبلغ 8 ملايير سنتيم،واشترى بذلك المبلغ عقار بدالي ابراهيم بمبلغ 10 ملايير سنتيم، مؤكدا انه عندما كان اطار ليس لديه حتى سيارة ،و العقارات التي امتلكتها تتماشى مع مداخيله و مدخرات وزوجته .
وعن سؤاله من قبل القاضي عن ممتلكات ابنته التي تملك عقار في عين البنيان ،اجاب لوح ان العقار مسجل باسمها إشترته من اموالها الخاصة و من مدخراتها ،وعن الشقة المتواجدة في المنصورة بولاية تلمسان ،اجاب لوح بانه غير صحيح الرسالة المجهولة كانت مضللة للحقيقة،ملتمسا في الاخير من هيئة المحكمة بتبرئته من كافة التهم المنسوبة اليه ،وليس لديه اي اثراء غير مشروع قائلا بذلك :” عمري 74 سنة قضيت 40 سنة منها في خدمة البلاد، كل هذه المحطات التي عشتها على غرار مواجهة الارهاب… انا هنا موجود في السجن منذ 6 سنوات، هل اذيت شعوبا، هل أذيت أطفالا هل ذبحت نساء، هل ثبت ضدي فضيحة اخلاقية زعزعت المجتمع، ليتم ايداعي الحبس لإرضاء الرأي العام، وواصل لوح قائلا بنبرة صوت حزينة “لوح معروف بالنزاهة وتطبيق القانون بصرامة .
ومن جهة اخرى طالب محامي الخزينة العمومية بتعويض قدره 200 مليار دج عن الضرر الذي اصاب الدولة .
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: محاكم ملاییر سنتیم عندما کان من قبل فی سنة
إقرأ أيضاً:
الجزية الحديثة.. حين كانت مصر تُدار من الخارج وتدفع ثمن غياب الدولة
يحدث في دهاليز التاريخ ما يتجاوز الخيال، حين تُجبَر أمةٌ بحجم مصر على دفع ضريبةٍ لإمبراطورية فقدت سلطانها، بينما تحتلّها قوة أخرى تنهب مواردها علنًا. يحدث أن يتحول الوطن إلى بند مالي في ميزانية من لا يملك عليه سيادة، وأن يتحوّل التاريخ نفسه إلى مظلّة لابتزاز سياسي واقتصادي متوارث، يتقاسم ثماره المستعمر والوريث معًا.
قبل ثورة يوليو 1952، كانت مصر - بثقلها الحضاري وثرواتها وأهلها - تدفع ما وصفه المؤرخون بـ "الجزية الحديثة" لتركيا، أربعة ملايين جنيه إسترليني سنويًا، رغم وقوعها تحت الاحتلال البريطاني. مشهدٌ عبثي يعكس كيف كانت القوى الكبرى تتناوب على استنزاف بلدٍ لم يتوقف يومًا عن دفع الثمن.
ومهمة الباحث اليوم ليست إعادة سرد التاريخ كما كُتب في كتب المدارس، بل إظهار ما غاب عمدًا، وما تم إخفاؤه، وما لم يُقَل بصراحة عن اقتصاد دولة كانت تُدار من وراء الستار.
الجذور.. من محمد علي إلى الباب العاليبدأت القصة حين حصل محمد علي على حكم مصر وراثيًا وفق فرمانات عثمانية تلزمه بدفع مبلغ سنوي ثابت للباب العالي.
لم يكن الأمر "جزية" بالمفهوم التقليدي، بل كان أشبه بـ ضريبة سيادة: ثمن اعتراف إسطنبول بشرعية حكم الأسرة العلوية.
ومع مرور الزمن، تحولت تلك العلاقة إلى التزام مالي ثابت، بقي حتى بعد أن تضخمت قوة مصر عسكريًا واقتصاديًا إلى حدٍّ فاق الدولة العثمانية نفسها.
ومع ذلك ظلّت القاهرة ترسل الأموال، لا طاعةً، بل حفاظًا على شكلٍ سياسي هشّ صُمِّم أصلًا ليرضي السلطنة أكثر مما يخدم المصريين.
مصر تدفع.. والإنجليز يحكمونحين وقع الاحتلال البريطاني عام 1882، حدث ما لم يعرفه العالم من قبل:
دولة تحتل مصر، ودولة أخرى تقبض منها "الخراج"!
لندن أخذت الأرض، وإسطنبول احتفظت بالورق، والمصريون وحدهم دفعوا الفاتورة.
لم يوقف البريطانيون هذا الدفع، لأنهم لم يكونوا يريدون استفزاز السلطنة العثمانية التي كانت تتحكم بطريق مهم نحو الهند.
فتحولت مصر إلى ساحة تتقاطع فيها مصالح قوتين، بينما أهلها يتحملون العبء الاقتصادي وحدهم.
قناة السويس.. دولة داخل الدولةلم يكن هذا وحده. فقبل يوليو 1952، كانت قناة السويس نفسها دولة داخل دولة:
كيان اقتصادي مستقل تمامًا، محكوم باتفاقات دولية تعطي الامتياز لشركة فرنسية- بريطانية، تتعامل مع البنوك مباشرةً، وتُصدّر الأرباح إلى أوروبا، وتقبض الرسوم بعيدًا عن الخزانة المصرية، فيما تحصل مصر على الفتات.
المفارقة أن قناة السويس- التي حُفرت بدماء المصريين- لم تكن تدار من القاهرة، بل من مكاتب باريس ولندن.
كانت شركة القناة تمارس دورًا أشبه بـ مستعمرة اقتصادية:
منفصلة عن الدولة، فوق القانون، ولها نظام مالي مستقل، بل وشبه "حصانة" دولية.
هكذا كان يُدار اقتصاد مصر:
- مدفوعات سنوية لتركيا.
- احتلال بريطاني يسيطر على خيرات البلاد.
- قناة السويس خارج سلطة الحكومة.
- بنوك أجنبية تتحكم في المال العام.
- وطبقة قصر تعتمد على اتفاقات دولية تُقيّد إرادة البلاد.
إن ذكر هذه التفاصيل ليس سردًا تاريخيًا فقط، بل كشفٌ لآلية تفكيك سيادة الدولة قبل أن تولد الدولة الوطنية نفسها.
انهيار الخلافة.. وصعود الجمهورية التركيةمع الحرب العالمية الأولى توقفت المدفوعات اضطرارًا، ثم سقطت الخلافة عام 1924 وجاء كمال أتاتورك بجمهورية علمانية جديدة. ورغم التحول، لم تُلغِ تركيا القديمة التزامات مصر المالية رسميًا، فاستمرت بعض أشكال الدفع في صورة تفاوضية، بحجة إرث الاتفاقات العثمانية.
لم تكن مصر مستقلة تمامًا كي تمزق هذه الأوراق. الاحتلال البريطاني كان ما زال يمسك برقبتها، والملك فؤاد لم يكن يملك قوة سياسية تخوّله الإلغاء الكامل. فاستمر العبء السياسي والمالي بصورة أو بأخرى، حتى زمن الملك فاروق.
ثورة يوليو.. ولحظة القطعحين جاءت ثورة يوليو، كان أول ما فعلته الدولة الجديدة هو تحطيم البنية التي سمحت بتحويل مصر إلى خزينة لآخرين.
انتهت كل الالتزامات القديمة، وتم تأميم قناة السويس، وبدأ مشروع بناء دولة ذات سيادة مالية، لا تدفع أحدًا ولا تنتظر اعترافًا من أحد.
-- كانت تلك اللحظة إعلانًا بأن الزمن الذي كانت مصر فيه تُدار من الخارج قد انتهى، وأن الدولة الوطنية الحديثة لا تدفع فواتير العصور الماضية.
قراءة فلسفية للمشهد من وجهة نظري كباحث:
إن قصة الجزية الحديثة ليست قصة مال، بل قصة غياب مشروع الدولة.
حين تغيب الدولة القوية، تصبح السيادة سلعة، والدستور ورقة، والاقتصاد طريقًا مفتوحًا لكل قوة أجنبية.
وحين تولد الدولة، تُغلق الفجوات، وينتهي زمن الدفع.
إن مهمة الباحث ليست تكرار ما كتبته المناهج، بل كشف ما خُبّئ منها:
كيف دارت أموال البلاد خارج يد أهلها، وكيف كانت القوى تتقاسم مصر كما لو كانت أرضًا بلا صاحب، وكيف استطاع المصريون لاحقًا - بمشروع وطني حقيقي - أن يقطعوا هذه الفواتير كلها دفعة واحدة.
لم تكن الأربعة ملايين جنيه إسترليني مجرد عبء مالي، بل كانت رمزًا لحقبة ضاعت فيها السيادة بين سلطان تلاشى ومستعمر تمدد.
وقناة السويس لم تكن مجرد ممر مائي، بل كانت عنوانًا لاقتصاد تُدار مفاتيحه خارج حدود الدولة.
ولأن التاريخ ليس أرقامًا فقط، بل وعيٌ وحكايةُ أمة، تبقى هذه اللحظات درسًا لا بد أن يُقال كما هو:
أن غياب المشروع الوطني يجعل من الوطن نفسه ضريبة يدفعها، وأن حضور المشروع يجعله سيدًا على ماضيه ومستقبله!!