المشاط: الاقتصاد المصري أظهر قدرة على الصمود في مواجهة الصدمات
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بورجي براندي، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بمشاركة المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وذلك في مستهل انعقاد اجتماعات المنتدى المنعقد بمدينة «تيانجين» الصينية، حيث تُعد الدكتورة رانيا المشاط، رئيسًا مشاركًا للاجتماعات التي تناقش الاجتماعات السياسات الاقتصادية المرنة لمواكبة التغيرات العالمية.
وناقش الاجتماع تأثير التطورات العالمية والإقليمية المضطربة على الوضع الاقتصادي، كما تطرقا إلى بحث ردود أفعال الأسواق العالمية التي أبدت صمودًا أكبر مما كان متوقعًا في ظل الاضطرابات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى أهمية الاجتماعات التي تنعقد في وقت استثنائي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحديات متشابكة ومتعددة، مؤكدة على أهمية التعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي من أجل تعزيز جهود وضع الحلول المبتكرة لمجابهة تلك التحديات، والتغلب عليها حفاظًا على مسيرة التنمية، خاصة أن المنتدى الاقتصادي العالمي يعد أكبر تجمع دولي لشركات القطاع الخاص والمستثمرين وتسعى مصر إلى تعظيم الاستفادة من التعاون المشترك لدعم الأولويات الوطنية.
وأضافت «المشاط»، أن الشراكة بين جمهورية مصر العربية والمنتدى الاقتصادي العالمي تشهد تطورًا كبيرًا على مدار السنوات الماضية، وتسعى الحكومة للاستفادة من تلك الشراكة في ظل ما تنفذه من إصلاحات اقتصادية وهيكلية تستهدف تحقيق تحول في الاقتصاد المصري نحو القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مشيرة إلى الزيارة التي قام بها رئيس المنتدى لمصر خلال شهر نوفمبر الماضي، والتي عكست أهمية ومحورية الشراكة بين الجانبين، حيث تم عقد لقاء مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تناول أبرز محاور الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.
وشددت على أن الاقتصاد المصري أظهر مرونة في التعامل مع المتغيرات وقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية والإقليمية المتتالية، وتشير الحكومة بخطوات متسقة نحو تحول اقتصادي ونمو يقوده القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، خلال اللقاء، الإجراءات التي تنفذها الحكومة من خلال برنامجها للسنوات الثلاثة المقبلة، على تعزيز صمود واستقرار الاقتصاد المصري، وبناء اقتصادي تنافسي جاذب للاستثمارات، والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، بما يخلق نموذجًا للنمو المستدام بقيادة القطاع الخاص، لافتة إلى عزم مصر الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات لتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود في مجابهة التحويلات الإقليمية والدولية والتوترات الجيوسياسية.
وتطرقت «المشاط»، إلى إعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تعمل على تعزيز السياسات الداعمة للنمو والتشغيل، ووضع أولويات المرحلة المُقبلة بالتعاون مع الجهات الوطنية المعنية، وتُدعم التحول في نموذج نمو الاقتصاد المصري، انطلاقًا من التكامل بين رؤية مصر 2030 وبرنامج الحكومة (2024/2025-2026/2027)، والبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، والاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية، ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وقانوني التخطيط العام والمالية الموحد، وذلك استنادًا إلى 4 محاور رئيسية هي استقرار الاقتصاد الكلي والمالي، وحشد الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز التنمية الصناعية والتجارة، والاستثمار في رأس المال البشري وسوق العمل».
وقدّمت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لرئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، نسخة من تقرير «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»، الذي يعكس الدور المحوري للشراكات الدولية في تمكين القطاع الخاص في مصر، من خلال إتاحة تمويلات بأكثر من 15.6 مليار دولار منذ 2020 وحتى مايو 2025، موضحة أن الجهود مستمرة مع شركاء التنمية لإتاحة المزيد من الآليات التمويلية التي تُعزز تمكين القطاع الخاص وتدفع مشاركته في قيادة التنمية.
من جانبه، أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، عن تقديره للعلاقة الوثيقة مع جمهورية مصر العربية، مشيدًا بما تقوم به الحكومة المصرية من جهود في مجال الإصلاح الاقتصادي، من أجل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، ومواجهة التحديات التنموية الدولية والإقليمية.
جدير بالذكر أن الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي شهدت تحولًا كبيرًا منذ عام 2020، في العديد من المجالات، وفي عام 2021 انعقد الحوار الاستراتيجي لمصر بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، نيابةً عن السيد رئيس الجمهورية، وبمشاركة رفيعة المستوى من قادة الأعمال الدوليين المؤثرين بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الواعدة انطلاقًا مما تمتلكه مصر من مقومات، وترأس الدكتورة رانيا المشاط، بشكل مشترك شبكة تحفيز الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة في الاقتصادات الناشئة والتي أطلقها المنتدى في الاجتماعات السنوية المنعقدة بدافوس في 2024.
كما تشغل الدكتورة رانيا المشاط، عضوية عدد من المراكز والتحالفات بالمنتدى منها "مركز الاقتصاد الجديد والمجتمع" و"تحالف المرونة" و"مبادرة مستقبل النمو" وغيرها، تم التباحث حول آليات وسبل التعاون مع المنتدى في هذه المجالات لتعزيز المرونة البيئية والاقتصادية والاجتماعية في ظل الصدمات المتكررة، لضمان نمو شامل ومستدام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رانيا رانيا المشاط التخطيط التعاون الدولى المنتدى الاقتصادی العالمی الدکتورة رانیا المشاط الاقتصاد المصری رئیس المنتدى القطاع الخاص مع المنتدى رئیس ا
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد المصري رهينة للغاز الإسرائيلي باتفاق جديد
منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2024 وعقب عملية الوعد الصادق 2، والتي تضمنت هجوما صاروخيا إيرانيا على إسرائيل، تعطل إمداد إسرائيل للغاز لمصر عدة مرات حتى شهر حزيران/ يونيو الماضي، مما أثر على انتظام عمل الشركات المصرية كثيفة استخدام الطاقة، وكان آخرها في الثلث الأخير من أيار/ مايو الماضي، حين تم خفض كمية الغاز الإسرائيلي المورد لمصر بسبب صيانة دورية، مما ترتب عليه عمل مصانع الأسمدة والميثانول المصرية بنصف طاقتها.
وزاد الأمر حدة في حزيران/ يونيو الماضي، مع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حيث توقف تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، مما دفع السلطات المصرية لتحويل 900 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، كانت تذهب إلى الصناعات كثيفة الطاقة كالأسمدة والحديد، إلى محطات إنتاج الكهرباء حتى لا يتوقف عملها، وكذلك تعليق السلطات المصرية إمداد الصناعات الغذائية والأسمنت بالمازوت والسولار لمدة أسبوعين، وتوجيه تلك الكميات من المازوت والسولار إلى شركات إنتاج الكهرباء لتعويض النقص في إمدادات الغاز الطبيعي لها.
وهكذا كان تعطل شركات الأسمدة عدة مرات منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كفيلا بتنبيه السلطات المصرية لخطورة ارتهان صناعاتها إلى الغاز الإسرائيلي، وأهمية البحث عن جهات بديلة منتظمة الإمداد، خاصة مع تأثر حصيلة الصادرات الكيماوية وغيرها، والأثر السلبي لتعطل انتظام صرف الأسمدة لقطاع الزراعة وزيادة سعرها في السوق الموازية. لكن السلطات المصرية أخذت اتجاها معاكسا تماما بالاتفاق مع إسرائيل على زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي منها، والتي يحكمها اتفاق عام 2019 باستيراد 60 مليار متر مكعب بقيمة 15 مليار دولار، باتفاق جديد مؤخرا يضيف استيراد 130 مليار متر مكعب أخرى خلال 15 عاما وحتى عام 2040، بقيمة 35 مليار دولار.
منطق اقتصادي صرف، تظل مخاطر توقف صادرات إسرائيل للغاز إلى مصر قائمة، خاصة مع استمرار التوتر بينها وبين إيران وعزمها على التخلص من البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الإيرانية، مما يزيد من فرص تعرض منشآت استخراج ونقل الغاز الإسرائيلي للقصف الإيراني في حالة تجدد النزاع عسكريا
وجاءت الصفقة في توقيت تزعم فيه السلطات المصرية مساندتها لشعب غزة، وإدانتها لعمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة، كما تجيء الصفقة في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية داخل مصر وخارجها بمقاطعة سلع الشركات الدولية الداعمة لإسرائيل، فما بالنا بالسلع الإسرائيلية نفسها؟ حيث تتسبب الصفقة في تخفيف حدة العجز التجاري الإسرائيلي المزمن، والذي بلغت قيمته 31 مليار دولار في العام الماضي و17 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي.
عجز تجاري مستمر لمصر مع إسرائيل
وبينما تتراجع قيمة الصادرات الإسرائيلية بنسبة خمسة في المائة بالنصف الأول من العام الحالي بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، تجيء الصفقة لتزيد من وتيرة الصادرات الإسرائيلية وحتى عام 2040، رغم العجز التجاري المصري المزمن مع دول العالم والذي بلغ في العام الماضي 50 مليار دولار، كما بلغ في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي 17 مليار دولار، إلى جانب تسبب استيراد مصر للغاز الإسرائيلي في عجز تجاري مستمر لمصر في تجارتها مع إسرائيل، وهو العجز الذي بلغ 1.75 مليار دولار عام 2022 ثم زاد إلى 2.35 مليار بالعام التالي، ثم إلى 2.64 مليار دولار في العام الماضي.
كما استمر العجز خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي ليصل إلى 993 مليون دولار، كفرق بين الصادرات المصرية لإسرائيل البالغة قيمتها 122.5 مليون دولار، والواردات منها والبالغة قيمتها 1.116 مليار دولار، وهكذا ساهمت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في تحسين صورة العجز التجاري الإسرائيلي المزمن، حيث بلغت قيمتها حسب جهاز الإحصاء المصري الحكومي، 1.9 مليار دولار عام 2022؛ زادت إلى 2.4 مليار دولار في العام التالي ثم إلى 2.8 مليار دولار في العام الماضي، رغم المطالب الشعبية بوقف التجارة مع إسرائيل، وتوقف الحكومة المصرية عن إمداد غزة المحاصرة بأية معونات منذ شهور عديدة، ورغم منع الغذاء عنها وحرب التجويع منذ آذار/ مارس الماضي وحتى الآن، ليتم إدخال بعض المساعدات مؤخرا والتي تقوم عصابات تابعة للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على معظمها.
مخاطر تعطل لصادرات الغاز الإسرائيلي
وبمنطق اقتصادي صرف، تظل مخاطر توقف صادرات إسرائيل للغاز إلى مصر قائمة، خاصة مع استمرار التوتر بينها وبين إيران وعزمها على التخلص من البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الإيرانية، مما يزيد من فرص تعرض منشآت استخراج ونقل الغاز الإسرائيلي للقصف الإيراني في حالة تجدد النزاع عسكريا، ونفس الخطر قائم في ظل الحصار الذي تمارسه السلطات الأمريكية على حزب الله لتسليم سلاحه، ودفعها للسلطات اللبنانية لتبني ذلك المطلب، مما يزيد من فرص ضرب صواريخ حرب الله لمنشآت الغاز الإسرائيلية مع اشتداد الحصار عليه.
تجيء الصفقة الإضافية للغاز الإسرائيلي لمصر لتثير التساؤل حول مدى صحة ما وعد به المسؤولون المصريون، من عودة مصر إلى تصدير الغاز الطبيعي عام 2027 بعد دخول إنتاج حقلين جديدين
كما تعطي السلطات الإسرائيلية الأولوية للسوق المحلية في إنتاجها للغاز الطبيعي، على حساب الكميات المخصصة للتصدير، في ظل زيادة استهلاكها للغاز الطبيعي والذي زاد من 2.6 مليار متر مكعب عام 2012، إلى 10.4 مليار متر مكعب فيي العام الماضي حسب بيانات معهد الطاقة، وتوجهها لزيادة حصة الغاز في موارد الطاقة الإسرائيلية، على حساب الفحم الملوث للبيئة وعلى حساب البترول التي تستورد كميات كبيرة منه.
وتجيء الصفقة الإضافية للغاز الإسرائيلي لمصر لتثير التساؤل حول مدى صحة ما وعد به المسؤولون المصريون، من عودة مصر إلى تصدير الغاز الطبيعي عام 2027 بعد دخول إنتاج حقلين جديدين، والاتفاق مع قبرص على استيراد الغاز الطبيعي من عام 2028 لتسييله في المحطات المصرية، ثم إعادة تصديره أو استخدامه محليا في حالة الحاجة إليه، خاصة وأن الجمهور المصري لم ينس بعد وعود رفع حجم صادرات الغاز الطبيعي بعد إنتاج حقل ظُهر عام 2018، والحديث عن تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، وإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، والحديث عن زيادة كميات تصدير الغاز المصري إلى أوروبا لتعويضها جزئيا عن خفضها لاستيراد الغاز الروسي.
كما توجد عدة بدائل أمام مصر لاستيراد الغاز المسال من عدة مناطق، منها السعودية وقطر والجزائر وأذربيجان وغيرها، كما يمكن التشاور مع السلطات الليبية التي تصدر الغاز إلى إيطاليا عبر خط أنابيب عبر البحر المتوسط، كما كان يمكنها منذ سنوات تكرار أزمة نقص الغاز؛ السعي لتشغيل حقول الغاز الطبيعي أمام شواطئ غزة، وهي الأقرب إليها جغرافيا، والتي كان يمكن أن تساهم في إيجاد مورد منتظم لحكومة غزة ستستورد به سلعا مصرية، ويساهم في استغناء كل من الأردن والسلطة الفلسطينية عن استيرادهما للغاز الإسرائيلي.
رفع سعر التوريد بالاتفاق الجديد
وهنا سيظل مبرر السلطات المصرية بأن الغاز الإسرائيلي أرخص من استيراد الغاز المسال، حيث إن الغاز الإسرائيلي يرد لمصر عبر خط أنابيب، وعادة ما يكون غاز الأنابيب في العالم أرخص من الغاز المُسال، لأن الغاز المُسال يحتاج إلى عمليات تبريد وإسالة ونقل بالسفن ثم إعادة تغويز، أي تحويله من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية في ميناء الوصول، ولكن الكثيرين ينسون أن إسرائيل لا تحصل فقط على ثمن الغاز بل إنها شريكة في خط نقله إلى مصر، كما أن الشركات الأجنبية تملك غالب الحصص في محطتي الإسالة المصرية في إدكو ودمياط، إلى جانب أن إسرائيل لم يكن لديها بديل لتصدير إنتاجها من الغاز سوى مصر، لوجود خط الأنابيب الذي كان ينقل الغاز المصري إليها منذ عام 2008، كما أنها لا تملك محطات لتسييل الغاز، وبالتالي فهي لا تستطيع تصدير غازها إلى الدول الأخرى مُسالا، وتحتاج لسنوات لإنشاء خط لنقل غازها إلى أوروبا عبر قبرص واليونان، ولهذا فقد سهّل عليها القرب الجغرافي لمصر والأردن والسلطة الفلسطينية تصدير غازها إلى الدول الثلاث.
ورغم ذلك، فقد رفعت سعر توريد غازها بالاتفاق الجديد إلى 7.6 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، رغم أن الاتفاق الجديد مع مصر يضمن لها زبونا مستداما، تساهم مدفوعاته في تكلفة تطوير حقل ليفاثيان وزيادة إنتاجه، وفي تكلفة إنشاء خط أنابيب ثالث مع مصر عبر منفذ نيتسانا- العوجة، كما تضمن الاتفاق الجديد إلغاء حق مصر في تقليل كمية الغاز المستورد، في السنة التي ينخفض فيها سعر خام برنت عن الخمسين دولار للبرميل.
x.com/mamdouh_alwaly