بدأت شاومي رسميًا في طرح تحديث HyperOS 2.2 لعدد من هواتفها الذكية حول العالم، بعد فترة من الاختبارات الداخلية والتجريبية. 

التحديث الجديد يأتي استنادًا إلى نظام أندرويد 15، ويقدم تحسينات كبيرة في واجهة المستخدم، استقرار النظام، تخصيصات جديدة، تحسينات في الرسوميات، وميزات ذكاء اصطناعي متقدمة مثل أدوات تحرير الصور الذكية وإدارة البطارية الذكية والتعرف الصوتي المحسن، بالإضافة إلى نظام أمان أكثر تطورًا.

الأجهزة التي تستقبل التحديث في الدفعة الأولى

بحسب تقارير متطابقة من مصادر تقنية موثوقة، فقد بدأت الدفعة الأولى من التحديث تصل للأجهزة الرائدة والأحدث من شاومي، وتشمل القائمة الأولية ما يلي:

Xiaomi 15

Xiaomi 15 Pro

Xiaomi 15 Ultra

Xiaomi 14

Xiaomi 14 Pro

Xiaomi 14 Ultra

Redmi K80

Redmi K80 Pro

Redmi K70

Redmi K70 Pro

Redmi K70 Ultra

Redmi Note 14 (نسختا LTE و5G)

Redmi Note 14 Pro (نسختا LTE و5G)

Redmi Note 14 Pro+ 5G

Redmi Turbo 4

POCO F7 / Redmi Turbo 4 Pro

POCO M7 Pro 5G / Redmi Note 14

POCO X7 / Redmi Note 14 Pro

Redmi K70E / POCO X6 Pro

Xiaomi Pad 6S Pro 12.4

POCO F6 Pro

POCO F7 Ultra

Xiaomi 14T

Xiaomi 14T Pro / Redmi K70 Ultra

Xiaomi Civi 4 Pro / Xiaomi 14 CIVI

POCO Pad / Redmi Pad Pro

Redmi 13R / Redmi 13C 5G

Redmi Note 13 4G NFC

Xiaomi 13T

Xiaomi 13T Pro

وتشير المصادر إلى أن الأجهزة المذكورة أعلاه بدأت بالفعل باستقبال التحديث في الصين، على أن يصل إلى الأسواق العالمية تباعًا خلال الأسابيع القادمة، بما في ذلك أوروبا، الهند، روسيا، تركيا، إندونيسيا، وتايوان.

بمواصفات قوية وتصميم نحيف .. شاومي تستعد لإطلاق Redmi K Padتسريب ضخم يكشف شاومي 16 Pro Max بشاشة خلفية مستوحاة من Mi 11 Ultraبمميزات مشابهة لأبل واتش.. شاومي تطلق سواراً ذكياً جديداً إليك أبرز مواصفاتهبمواصفات احترافية.. شاومي تطلق هاتف 15S Proتويوتا تطلق سيارة كهربائية تعتمد على تقنيات شاومي وهاواوي الصينيةبمضخم صوت لاسلكي وقنوات صوتية .. شاومي تطلق Soundbar Pro 2.1بمعالج 9400 ومعدل تحديث 165 هرتز.. شاومي تطلق جهاز Redmi K Padالجدول الزمني للدفعات التالية

وفقًا لخطة التحديث المسربة، ستصل الدفعة الثانية من HyperOS 2.2 إلى أجهزة شاومي الأقدم ابتداءً من منتصف يونيو وحتى نهاية يوليو 2025، وتشمل سلسلة Xiaomi 13 وXiaomi 12 وأجهزة MIX Fold 3 وCivi 4 Pro وسلسلة Redmi K60 وسلسلة Redmi Note 13 وغيرها من الهواتف المتوسطة والرائدة السابقة.

أبرز ميزات HyperOS 2.2

يركز HyperOS 2.2 على تقديم تجربة استخدام أكثر سلاسة وسرعة، مع تكامل أعمق للذكاء الاصطناعي في النظام، تحسينات في استهلاك البطارية، واجهة كاميرا جديدة كليًا، نظام إشعارات محسن، أدوات أمان متقدمة، وتخصيصات واسعة للمستخدمين.

تحديث HyperOS 2.2 يمثل نقلة نوعية لهواتف شاومي، حيث يجمع بين أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحسينات الأداء والواجهة، ويصل تدريجيًا إلى قائمة واسعة من الأجهزة الرائدة والمتوسطة حول العالم خلال الفترة المقبلة.

طباعة شارك شاومي تحديث HyperOS 22 ذكاء اصطناعي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شاومي ذكاء اصطناعي شاومی تطلق Redmi Note 14 HyperOS 2 2

إقرأ أيضاً:

عسر التحديث الثقافي في الوطن العربي.. إخفاق النخب وضيق أفق النظريات المستوردة

في هذا المقال الخاص لـ"عربي21"، يسلط الكاتب والباحث المغربي الدكتور بلال التليدي الضوء على سؤال فشل التحديث الثقافي في الوطن العربي، وهو السؤال الذي باتت كثير من النخب التي بشّرت به بالأمس تتجنب طرحه اليوم، خشية المساس بمسلماتها أو كشف عجز أطروحاتها أمام الواقع. وبين من يحمّل الدين والجمهور المسؤولية، ومن يهادن السلطوية في سبيل مشروع تحديثي قسري، ومن يختزل الأزمة في الاستبداد السياسي، تتكشف أزمة أعمق: عزلة النخب الحداثية، وغياب النقد الذاتي، وانفصالها عن المجتمع الذي تزعم تغييره، في ظل بيئة اقتصادية وسياسية دولية لا تسمح بتكوين طبقة وسطى فاعلة قادرة على حمل مشروع التحديث.

سؤال شغل المثقفين

ثمة سؤال مهم انشغل به المثقفون كثيرا لحظة التأصيل للنهضة، لكنهم اليوم أضحوا غير قادرين على طرحه، بسبب ما يترتب عن الجواب عنه من مشكلات تمس أطاريحهم النهضوية، بل وحتى مسلماتهم الفكرية. لماذا فشل التحديث الثقافي في الوطن العربي؟

بعض المثقفين، وبخلفية الخوف من تعريض أنساقهم الفكرية للمساءلة، تبنوا الطريق السهل، ورموا باللائمة على الجمهور، واتهموا الدين والقوى الإسلامية، بالهيمنة على المشهد الثقافي، ووضعوا معادلات فكرية تجعل من استمرار المشهد بنفس الشروط التي يلعب فيها الدين دورا محوريا، بمثابة إعادة إنتاج الوضع، ومن ثمة الدوران في نفس الدائرة. والبعض الآخر، اجتهد في أن يرسم خارطة الطريق، ويبين أهمية المسار الذي قطعته الدول الغربية في التقدم، وأنه من أجل النسج على منواله، لا بد أن يتم الفطام عن لغة الأم، والقيام بعملية تحديث ثقافي قسري، ولو اقتضى ذلك التحالف مع السلطوية بحد أدنى من الأهداف المشتركة (هزم الإسلاميين)، ومن ثمة تصفية المجتمع من المضامين الدينية. وأكثر المثقفين الحداثيين شجاعة، من التمس الحجة في الاستبداد السياسي، واعتبر أن السلطوية في العالم العربي هي التي ترعى الثقافة المحافظة وتلتمس منها شرعيتها، وأنه من المستحيل تحقيق تحديث ثقافي دون هزيمة الاستبداد السياسي ولو اقتضى الأمر إقامة تحالف مؤقت مع فصائل من الإسلاميين لمناجزة السلطوية، ثم التفرغ بعد ذلك لمهمة التحديث الثقافي.

وإذا كان القاسم المشترك بين هذه الأطروحات الثلاث هو خوض معركة مع الثقافة المحافظة بشتى تسمياتها (الدين، التقليد، الرجعية)، فإن الاختلاف بينها لا يقتصر فقط على مستوى التعامل الاستراتيجي والتكتيكي مع الدين والسلطوية، وإنما يتعدى ذلك إلى ثلاث قضايا أساسية، الأولى تتعلق بالتجديد النظري، والثانية تتعلق بسؤال ما العمل، والثالثة تتعلق بحدود ممارسة النقد الذاتي.

وبينما تبدو الأطروحة الأولى الهاربة إلى الأمام غير معنية بتحمل أي مسؤولية أخلاقية اتجاه أطروحتها السابقة التي كانت تنظر بحماسة لإمكان التحديث، وهي تحمل رؤية عن المجتمع الذي تعرض عليه مشروعها التحديثي، فقررت في نهاية المطاف أن تنسى تحليلاتها السابقة، وضعف تقديرها، وعجزها عن القيام بأي دور لتأهيل المجتمع ثقافيا لمواجهة استحقاقات التحديث، تبدو الأطروحة الثانية متسامحة مع السلطوية، مستعدة لتقديم خدماتها لها، دون أي  ضمانات بإمكان أن تخرج في نهاية المطاف بنتيجة مرضية، إلا تعزيز السطوة السلطوية في مقابل مزيد من هيمنة التقليد ليس فقط في بعده الديني، وإنما أيضا بحمولته السياسية.

أما الأطروحة الثالثة، فقد ظنت أن هم مجابهة السلطوية وإلقاء اللائمة عليها، سيجنبها مؤقتا الجواب عن سؤال هزم الثقافة المحافظة في المجتمع، كما ظنت أن قضية الدين، بمستوياته الوجدانية والعقدية والتربوية والثقافية، هي مجرد انعكاس لبنية السلطة، وأن السبيل لتغيير واقع هيمنة الدين في المجتمع، يختصر في هزم السلطوية، وأن هذه المهمة، تقتضي أحيانا التحالف مع بعض التقليد (الإسلاميين) لهزم جوهر التقليد (السلطة).

هذه الاختلافات في مضمون هذه الأطروحات يخفي حقيقة تباين مستوى التجديد النظري الذي يواكب به هؤلاء المثقفون أطاريحهم، كما يكشف استواءهم جميعا في تغييب النقد الذاتي، الذي كان يفترض أن يمارس على الأطروحة، ومستنداتها النظرية، ورؤيتها للمجتمع، وجوابها العملي، فلا نكاد نجد إلا نادرا مثقفين يعلنون بكل وضوح، وموقف أخلاقي، عن أخطاء قاتلة في الطرح النظري، وسوء فهم طبيعة المجتمع، والعوامل المؤثرة في تشكيل مزاجه الثقافي، وعن حاجة لمباشرة التجديد النظري وإعادة طرح سؤال عسر التحديث الثقافي  في الوطن العربي.

في هذه المقالة، سنحاول أن نقدم مساهمة تفسيرية لمقاربة عسر التحديث الثقافي في الوطن العربي، منطلقين ابتداء من تقرير حقيقة عزلة وأقلية وهامشية النخب التي تحمل مشروع التحديث الثقافي، ومبينين المشكلة البنيوية التي سقطت فيها هذه الأطروحات، ومستعينين في نهاية المطاف بنقد النموذج التفسيري الذي قدمه فوكو ياما لحتمية التحديث الثقافي في الوطن العربي، على أن تأتي الفقرة الأخيرة من هذه المساهمة على تقديم النموذج التفسيري الذي نتبناه لعسر التحديث الثقافي في الوطن العربي.

في هامشية نخب التحديث الثقافي

قدم الدكتور عمرو حمزاوي ومارينا أوتاوا بوصفهما وقتها كبيري باحثي معهد كارنيجي للسلام الدولي ورقة مهمة حول الأحزاب العلمانية في الوطن العربي نشرت بتاريخ أبريل 2007، قدمت تشخيصا دقيقا لواقع الأحزاب العلمانية في الوطن العربي، ورصدت أزمتها في مستويات عدة: في عدم قدرتها على تعريف هويتها، وفي عدم إثبات جدارتها بحمل الصفة الديمقراطية (الإسلاميون أكثر انتصارا لفكرة تفعيل الديمقراطية الداخلية من العلمانيين)، وفي ترددها في حمل الفكرة الليبرالية، وفي غموض موقفها إزاء الدين (المعاداة أم الاستيعاب)، وفي ضبابية توجهاتها (اشتراكية، قومية، ليبرالية) وفي ضعفها عن صياغة برامج متماسكة قادرة على استقطاب الناخبين،  وأيضا في الاستنزاف التي تتعرض له من جراء النضال على جبهتين (مواجهة السلطة الحاكمة والإسلاميين في آن واحد)، وأيضا في عجزها عن منافسة الإسلاميين في استمالة الشرائح الأكبر من المجتمع العربي، وفي عجزها عن تقديم رؤية مستقبلية حول المجتمع،  وفي افتقادها لأي رسالة توجهها للناخبين.

كان تركيزها الأول في تفسير هامشية وعزلة النخب العلمانية في الوطن العربي، هو فكرة نضالها على واجهتين، أي أنها تواجه السلطة، وفي الآن ذاته تواجه الإسلاميين، وأنه حين يفرض عليها أن تواجه خصما تعرفه (السلطة) وخصما تجهله (الإسلاميون)، تختار مواجهة من لا تعرفه، وذلك بسبب أنها لا تريد أن تضيف إلى القيود السياسية التي تفرضها السلطة السياسية، قيودا أخرى ثقافية واجتماعية يفرضها الإسلاميون حين يصلون إلى السلطة.قدمت هذه الورقة هذا التشخيص وهي تتحرك بخلفية حاجة الدول الغربية إلى إعادة تنشيط دور العلمانيين في المشهد السياسي العربي، وأنه لا بد من تجاوز لعبة المواجهة بين السلطة والإسلاميين، وإنهاء هيمنة الإسلاميين على المشهد السياسي وتشكيلهم القوة السياسية الأولى في مختلف الأقطار العربية. وكان تركيزها الأول في تفسير هامشية وعزلة النخب العلمانية في الوطن العربي، هو فكرة نضالها على واجهتين، أي أنها تواجه السلطة، وفي الآن ذاته تواجه الإسلاميين، وأنه حين يفرض عليها أن تواجه خصما تعرفه (السلطة) وخصما تجهله (الإسلاميون)، تختار مواجهة من لا تعرفه، وذلك بسبب أنها لا تريد أن تضيف إلى القيود السياسية التي تفرضها السلطة السياسية، قيودا أخرى ثقافية واجتماعية يفرضها الإسلاميون حين يصلون إلى السلطة.

وإذا كان النضال على واجهتين لا يخلق أي مشكلة من وجهة نظر استراتيجية، أي في اللحظة التي لا يكون فيها الصراع مع الإسلاميين مؤديا بالضرورة إلى دعم وإسناد السلطوية، فإنه يتحول من جهة التكتيك، أو من زاوية المرحلة وأولوياتها، إلى مشكلة جوهرية، ويطرح سؤال أي نضال ترجحه هذه النخب في اللحظة التي يحتدم فيها الصراع بين الحركات الإسلامية وبين السلطوية، وهل تختار إسناد السلطوية للتخلص من الإسلاميين، ثم بعدها ترتيب المعركة مع الاستبداد، أم تختار ترتيب جبهة نضال ديمقراطي مع الإسلاميين من أجل مقاومة السلطوية وتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية؟

استقراء واقع أغلب التيارات العلمانية، يبين أن هذا الإشكال الفكري لم يجد تسويته في البناء النظري، وأن حقل السياسية غالبا ما كان يقود ممارستها إلى التقارب مع نظم الحكم عملا بقاعدة تحمل الضرر الأخف، ولا تكاد تجد غير هذا المسلك إلا في تجارب محدودة تعاني فيها الحركة العلمانية من ضعف شديد، أو تتعرض هي الأخرى لقمع السلطوية، أو تجد نفسها مجبرة على الاصطفاف في جبهة المعارضين للنظم الذي لا تتورع عن استهداف كل الخصوم السياسيين مهما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية كما هو الحال في النموذج السلطوي المصري.

في الواقع، مع تأكيد هذه الورقة لهامشية نخب التحديث الثقافي وعزلتها وأقليتها وفقدانها القدرة على تحريك الناخب العربي، فإنها لم تقدم تفسيرا لعسر التحديث الثقافي، ولماذا فشلت هذه الحركات في أن تؤهل المجتمع العربي لاستقبال أطروحتها والنضال دونها، فالمقترحات المقدمة لتنشيط هذه النخب، هي مجرد أفكار أنتجت من واقع الملاحظة المقارنة (ملاحظة شعبية الإسلاميين ومرتكزاتها)، ومرجع عجز هذه الورقة عن التفسير، أنها اهتمت بدراسة خصائص الفاعل الذي يرسل الخطاب، ولم تهتم بدراسة طبيعة المتلقي الذي يستقبل الخطاب (المجتمع)، بل لم  تهتم بدراسة الأسباب الثقافية وراء حصول التجاوب بين الإسلاميين والجمهور،  مما جعلها قاصرة عن تقديم أي رؤية في تفسير عسر التحديث الثقافي.

أطروحة فوكوياما في حتمية التحديث الثقافي

في كتابه "نهاية التاريخ"، قدم فوكو ياما أفكارا مهمة بين يدي تأصيله لفكرة أن الليبرالية الأمريكية تمثل نهاية التاريخ، وأن المجتمعات كلها ستمضي بشكل حتمي في طريق التحديث الثقافي، بما في ذلك المجتمعات العربية الإسلامية.

ملخص فكرته أن التحديث الثقافي سيكون نتيجة حتمية لتطور التحديث الاقتصادي، وأن المجتمعات كلها، بما في ذلك العربية والإسلامية، ستكون بفعل انخراطها في مشاريع التحديث الاقتصادي، مضطرة إلى التكيف مع تحولات عميقة تمس بنياتها الثقافية وأنماط العلاقات القائمة بين مكوناتها، وأن هذا التحديث سيؤثر على أنماط كثيرة سائدة داخل الأسرة، بل ستؤثر على العلاقة بين الزوجين، وستعيد رسم دور المرأة في المجتمع، ونتيجة لذلك، سينقاد المجتمع بشكل حتمي إلى التحديث الثقافي وأن الدين سيتراجع تأثيره بشكل تدريجي في المجتمع إلى أن يصبح شأنا خاصا غير مؤثر في الفضاء العام.

الفكرة بالتمثيل، أن حركية التصنيع في المجتمعات العربية، ستخلق طبقة وسطى واسعة بدخل أمبر، وأن طموحها سيكبر تدريجيا لحماية وتوسيع مصالحها، وأن ذلك سيقودها إلى المشاركة السياسية، وسيضمن لها التأثير في القرار السياسي.

من زاوية التأثير الثقافي، تقول أفكار فوكوياما، أن هذه الطبقة الوسطى الواسعة، بفعل من طلب التصنيع عليها، سيكون أغلب أفرادها مضطرين لمغادرة أسرهم والعيش لوحدهم، بما في ذلك النساء، وأن ذلك سيخلق أنماط جديدة من العلاقات، بما يكسر القيم الثقافية، وستعرف الكثير من التقاليد تغييرا كبيرا، إذ ستحل الوجبات السريعة محل الأكل الجماعي داخل الأسرة، وستتغير كثير من الأذواق (اللباس، الإقبال على الموسيقى والمسرح والسينما والفنون)، وستعزز النزعة الفردية في مقابل تراجع النزعة الجماعية، وستتراجع هيمنة الدين على المجتمع وأثره في صياغة الحياة الاجتماعية.

في كتابه "نهاية التاريخ"، قدم فوكو ياما أفكارا مهمة بين يدي تأصيله لفكرة أن الليبرالية الأمريكية تمثل نهاية التاريخ، وأن المجتمعات كلها ستمضي بشكل حتمي في طريق التحديث الثقافي، بما في ذلك المجتمعات العربية الإسلامية.تفسير فوكوياما الذي يقوم على معامل توسع الطبقة الوسطى وارتفاع الدخل، يمتلك كثير من الوجاهة، فلا يشك أحد أن ظواهر كثيرة قد تغيرت في المجتمع بفعل التحديث الاقتصادي، وأن معظم التوقعات التي ألمح إليها مما يتعلق بتنامي النزعة الفردية وحدوث تحولات ثقافية عميقة في المجتمع، حصلت أقدار مهمة منها لاسيما في الحواضر أو المدن الصناعية، لكن ذلك بقي محدودا ولم يستطع أن يصل إلى الدرجة التي توقعها فوكوياما حين كان يتحدث عن حتمية التحديث الثقافي، وسبب ذلك أن نسبة الحواضر، أو للدقة، المدن الصناعية التي  يفترض أن تكون ساحة لتنامي الطبقات الوسطى، لا تشكل إلا نسبة ضئيلة بالقياس إلى مجموع المدن والبوادي داخل الأقطار العربية.

لقد كان من الممكن لنظرية فوكوياما في التحديث الثقافي أن تكون بديلا عن فعل نخب التحديث الثقافي، فيكون مبرر عجزها وفشلها في الاحتكاك بالمجتمع وتأهيله ثقافيا لاستحقاقات التحديث، هو انتظار نتائج التحديث الاقتصادي وتوسع الطبقة الوسطى، لكن حتمية التحديث الثقافي التي بشر بها فوكوياما المجتمعات العربية الإسلامية، لم تسقط بسبب من عدم تماسكها النظري، فمن جهة البناء النسقي، تبقى النظرية صحيحة وقوية، لكن مشكلتها أنها لم تفهم أن التحديث الاقتصادي في الوطن العربي، لا يمكن أن يسير في نفس الاتجاه الذي يسير به التحديث الاقتصادي في الغرب، لسبب بسيط، هو أن العلاقة بين الغرب  والعالم العربي هي علاقة هيمنة، لا تسمح أبدا  بتوسع الطبقات الوسطى، ولا بتنامي الدخل.

في تفسير عسر التحديث الثقافي

بيان عطب نظرية فوكوياما في حتمية التحديث الثقافي عربيا وإسلاميا، أن الطبقات الوسطى لا يمكن لها أن تتوسع، وأن الدخل هو الآخر، لا يمكن أن يرتفع، بل على العكس من ذلك، لقد قدم الاقتصاديون في مختلف البلاد العربية تحليلا مأساويا لتطور الطبقات الوسطى في الوطن العربي، وتحدث أغلبهم عما سموه تهاوي الطبقة الوسطى والتحاقها بالطبقات الكادحة، وتباعد الهوة بين الذين يملكون والذين لا يملكون، وسجلت في أغلب التجارب العربية، ارتفاع نسب البطالة بشكل ملفت حتى تجاوز في بعض البلدان العربية نسبة 13 في المائة.

الكثيرون يقرأون هذه الحالة الاقتصادية على أساس أنها نتاج سياسات اقتصادية، أو ظرفية اقتصادية ترتهن لأحوال الطبيعة (الجفاف) أو نقصان الموارد الطاقية أو الارتهان لبتلقبات أسعار الطاقة الدولية، لكنهم أبدا لا يلتفتون إلى العلاقة الهيمنية التي تربط الغرب بالعالم العربي، والتي لا تسمح أبدا بحدوث الطفرة الاقتصادية التي تؤدي إلى التحديث الثقافي.

لقد كان اليسار في العالم العربي هو أكثر النخب العربية رهانا على التحديث الثقافي، وكان يحمل إيديولوجية تقوم أساسا على فكرة تثوير المجتمع ضد السلطة، وضد الأبنية الإيديولوجية التي تقوم عليها، وفي مقدمتها الدين، لكن تجارب اليسار المختلفة، أبانت عن فشل ذريع في القيام بهذه المهمة،تدرك الدول الغربية أن استمرار علاقة الهيمنة تحتاج إلى نظم سياسية غير ديمقراطية، تسمح لها بتوسيع قاعدتها الاقتصادية، وخلق نخب ريع على هوامشها تسيطر على كل الفرص الاقتصادية، فينتج عن ذلك نشوء طبقة وسطى محدودة، لكنها لا تتمتع بمواصفات الطبقة الوسطى في الدول الغربية، لسبب بسيط لأنها في الوطن العربي، تفهم أن ارتقاءها أو تزحلقها من أعلى السلم الاجتماعي مرتبط بمزاج نخب الريع الاقتصادي، ولذلك، تتعزز نزعتها الفردية خارج النسق التحديثي، سواء في بعده السياسي أو الاقتصادي أو حتى الثقافي، ويبدو طموحها الأكبر هو القرب من النخب العليا، لا تشكيل طبقة برهانات سياسية واقتصادية وثقافية، كما هو الشأن في الدول الغربية.

ولعل هذا بالتحديد ما يفسر عزلتها ونخبويتها وأحيانا تعاليها على المجتمع ودخولها في حالة خصومة معه، تبرر عدم قدرتها على عدم القيام بأي دور طلائعي لتغييره ثقافيا.
:
لقد كان اليسار في العالم العربي هو أكثر النخب العربية رهانا على التحديث الثقافي، وكان يحمل إيديولوجية تقوم أساسا على فكرة تثوير المجتمع ضد السلطة، وضد الأبنية الإيديولوجية التي تقوم عليها، وفي مقدمتها الدين، لكن تجارب اليسار المختلفة، أبانت عن فشل ذريع في القيام بهذه المهمة، فلم يستطع أن تواجه قمع السلطة وهو يدعو للثورة، ولم يستطع في الآن ذاته أن يؤصل وجوده في مجتمع يحميه من قمعها واضطهادها، فسقط في سيناريوهين كئيبين: مواجهة محنة السلطة بدون إسناد مجتمعي، ثم السقوط في خدمة السلطة ضد المجتمع. أما تيارات التحديث الثقافي الأخرى، فلم تعد معنية أساسا بفكرة القيام بتأهيل المجتمع، بل لم تعد معنية بأهمية الإيديولوجية، ودور النظرية في قيادة العمل، فأضحت أكثر نخبوية من السابق، تخوض معاركها مع الإسلاميين، وتخوض أحيانا معارك تفكيكية للدين وعلومه الشرعية من مواقع مختلفة، وتقدم خدماتها ليس فقط للسلطوية، بل وحتى لبعض المشاريع الإقليمية التي تجعل من مهمتها الرئيسة خوض المعركة ضد التيارات الدينية.

مقالات مشابهة

  • بقدرة شحن جبارة ومعالج أقوى.. ريدمي تغزو الأسواق بسلسلة هواتف جديدة إليك أهم مواصفاتها
  • فاو تطلق مرحلة جديدة لدعم الزراعة في سوريا
  • دولة جديدة ستنضم إلى القائمة.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر
  • عجائب الأستاذ جابر وغرائب الدكتور ربيع في مجموعة قصصية جديدة للقاص العمراني
  • منصة إنستغرام تطلق خاصية جديدة تتيح مشاركة المكان
  • بمعالج قوى وقدرة شحن جبارة.. شاومي تغزو الأسواق بسلسلة هواتف جديدة
  • كاميرا 200 ميجابكسل وبطارية عملاقة.. مواصفات وسعر هاتف ريدمي نوت 14 برو
  • سامسونج تطلق ميزة جديدة تحمي مستخدمي Galaxy من الاحتيال الصوتي
  • الأكاديمية السلطانية للإدارة تطلق برنامج القيادة للشركات الناشئة
  • عسر التحديث الثقافي في الوطن العربي.. إخفاق النخب وضيق أفق النظريات المستوردة