أثارت الهدنة المفاجئة التي أعلنت بين إيران وإسرائيل، بتنسيق غير مسبوق من الرئيس ترامب، موجة من التساؤلات حول مستقبل الدور الأميركي في الشرق الأوسط، في ظل تهميش الرئيس لمؤسسات الأمن القومي التقليدية واعتماده على دائرة ضيقة من المستشارين داخل البيت الأبيض. اعلان

ورغم الشكوك التي تحيط بمدى صمود وقف إطلاق النار، يرى مراقبون أن ما جرى يفتح نافذة محتملة لاستئناف المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، وربما تحريك ملفات نزاعية أخرى كانت مجمدة بفعل التصعيد العسكري.

 وقال المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، في تصريح لقناة "فوكس نيوز": "حان الوقت لنجلس مع الإيرانيين ونتوصل إلى اتفاق سلام شامل".

 بعيدًا عن القنوات الدبلوماسية المعتادة، وجد المسؤولون والمحللون – وحتى أعضاء الكونغرس – أنفسهم مضطرين لمتابعة منشورات ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أي مؤشرات حول توجهاته. إذ لم يتلقّ كبار أعضاء الكونغرس سوى إشعارات موجزة بشأن قرار الرئيس باستهداف ثلاث منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع، في حين أُلغيت جلسات الإحاطة الأمنية حول العملية دون تفسير.

 وحتى وزارة الخارجية الأميركية، التي اضطلعت لعقود بدور محوري في رسم السياسة تجاه إيران، أحالت الأسئلة إلى البيت الأبيض، مؤكدة أن الوزير كان جزءًا من "ديناميكية مغلقة" مع الرئيس تتعلق بكيفية إنهاء الحرب.

 وفي منشور مفاجئ آخر، أعلن ترامب أن الصين باتت حرة في استيراد النفط الإيراني، في خطوة اعتبرها مراقبون انقلابًا على سياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها منذ انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.

تقييم الضربات: ضرر كبير ولكن غير حاسم

 وبينما لم تتضح بعد النتائج الكاملة للهجمات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، تشير تقديرات أولية لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر لبضعة أشهر فقط، دون أن يُدمر بالكامل كما صرح ترامب.

 غير أن بعض الخبراء، ومنهم ويتكوف، رأوا أن الضربات وجّهت "ضربة استراتيجية" لقدرة طهران على تخصيب اليورانيوم بدرجات عسكرية، مؤكدين أن إعادة تأهيل المنشآت قد يستغرق شهورًا أو أكثر.

 وفي شهادة أمام الكونغرس، أكد نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أن إيران لا تزال تحتفظ بـ"قدرات تكتيكية كبيرة"، مشيرًا إلى هجوم صاروخي إيراني استهدف قاعدة أميركية في قطر بعد الضربات الأخيرة.

ملف النووي.. هل تعود طهران إلى الطاولة؟

 ورغم التصعيد، تؤكد الإدارة الأميركية أن خيار الدبلوماسية لا يزال مطروحًا. وقال ويتكوف إن محادثات أولية، مباشرة وعبر وسطاء، بدأت بالفعل بين واشنطن وطهران.

 إلا أن معضلة القيادة في إيران تطرح تحديًا كبيرًا. ويشير الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، راي تاكيه، إلى أن النظام الإيراني يعيش حالة من التشتت تحول دون قدرته على الدخول في مفاوضات جدية، خصوصًا أن المطلب الأميركي الأساسي هو "تصفير التخصيب".

 من جهته، تساءل كريم سجادبور، الباحث في مؤسسة كارنيغي، عن الجهة التي تملك صلاحية اتخاذ القرار في طهران، معتبرًا أن هوية النظام القائمة على العداء للولايات المتحدة تعيق أي تقدم محتمل.

 وفي الأمم المتحدة، قال المندوب الإيراني أمير سعيد إيرواني أمام مجلس الأمن: "الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة المفتعلة حول برنامج إيران السلمي".

 أما نائب الرئيس الأميركي، جي. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، فقد شددا على أن ترامب لا يزال يفضّل المسار الدبلوماسي لإنهاء الصراع. وقال فانس: "لم نفشل في الدبلوماسية.. بل لم تُمنح فرصة حقيقية من الطرف الإيراني".

تداعيات أوسع على ملفات إقليمية

 ويمكن لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل – في حال استمر – أن يفتح آفاقًا جديدة أمام إدارة ترامب لإعادة تحريك ملفات إقليمية مجمدة، لا سيما الصراع بين إسرائيل وحماس، حيث قد تسهم جهود وساطة من مصر وقطر في دفع العملية السياسية.

 كما أن تراجع النفوذ الإيراني في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قد يفسح المجال أمام تعاون أميركي-سوري غير مسبوق. وكان ترامب قد التقى بالفعل برئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع وبدأ في تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

 وبالمثل، قد تنعكس أي تقليص للدور الإيراني في لبنان على قوة حزب الله، الذي طالما تفوق عسكريًا على الجيش اللبناني، ما قد يُمهّد لتحسين العلاقات بين واشنطن وبيروت.

 أبعد من ذلك، ترى الإدارة الأميركية أن انفراجًا على الجبهة الإيرانية قد يوفر لها الوقت والجهد للعودة إلى مسار التهدئة بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما في ظل التعاون العسكري الوثيق بين طهران وموسكو، بما في ذلك تزويد روسيا بطائرات مسيرة تستخدم بكثافة في الحرب على كييف.

ويرجح مراقبون أن تصعيد روسيا لهجماتها في أوكرانيا تزامنًا مع الضربات الإسرائيلية على إيران قد يكون محاولة لاستغلال انشغال العالم لصالحها، وسط غموض متجدد يلف المشهد الدولي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي غزة إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي غزة دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي البيت الأبيض وقف إطلاق النار إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران البرنامج الايراني النووي غزة حلف شمال الأطلسي الناتو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لاهاي حركة حماس عمدة الصحة

إقرأ أيضاً:

تحركات دبلوماسية مصرية نشطة.. نواب: زيارة وزير خارجية تركيا تحول استراتيجي.. وموقفنا من غزة يعبر عن صوت كل العرب

شهد المشهد السياسي المصري والإقليمي تفاعلات دبلوماسية بارزة خلال الساعات الماضية، تمثلت في زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى مدينة العلمين ولقائه بالرئيس السيسي وبنظيره المصري الدكتور بدر عبد العاطي، بالتوازي مع مواقف سياسية داعمة بقوة لبيان وزارة الخارجية المصرية الرافض لقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة.

تحول استراتيجي في العلاقات المصرية – التركية

الدكتورة سماء سليمان، وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والأفريقية بمجلس الشيوخ وأمينة الشؤون السياسية بحزب حماة الوطن، أكدت أن الزيارة التركية تأتي في توقيت بالغ الأهمية، وتعكس تحولًا استراتيجيًا في مسار العلاقات الثنائية. وأوضحت أن هذه الخطوة تمثل تتويجًا لمرحلة من إعادة بناء الثقة بين القاهرة وأنقرة، وتهيئ لانطلاقة جديدة في التعاون الإقليمي والدولي، خاصة في ظل تحديات غزة وليبيا وشرق المتوسط.

وأشارت سليمان إلى أن الزيارة ستسهم في تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري وتنشيط الاستثمارات المتبادلة، مشددة على أن السياسة الخارجية المصرية المتوازنة، القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، أسهمت في تعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا.

فلسطين: القرار الإسرائيلي باحتلال غزة يعكس النوايا الحقيقية لدولة الاحتلالالخارجية الفلسطينية: تعنت نتنياهو وحكومته المتطرفة يعطل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزةبيان الخارجية المصرية.. رسالة حاسمة ضد الاحتلال

في سياق متصل، أشاد حزب شعب مصر، برئاسة أشرف المقدم، بالبيان القوي الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، والذي أدان بشكل واضح قرار إسرائيل احتلال غزة بالكامل. المقدم وصف القرار الإسرائيلي بأنه تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، معتبراً أن بيان القاهرة يعبر عن صوت كل المصريين والعرب في دعم الحق الفلسطيني.

وطالب رئيس حزب شعب مصر القوى السياسية العربية بالاصطفاف خلف الموقف المصري، والعمل على فضح جرائم الاحتلال في المحافل الدولية، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية للتحرك الفوري لوقف العدوان ومحاسبة المسؤولين عنه.

حماة الوطن يرفض الاحتلال ويدعم جهود السلام

من جانبه، أعلن حزب حماة الوطن رفضه القاطع لمحاولات إسرائيل احتلال قطاع غزة ضمن خطط تهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن هذه الممارسات تمثل خرقًا صارخًا للقوانين الدولية وتهدد استقرار المنطقة بالكامل.

وأكد الحزب دعمه للتحركات المصرية الهادفة إلى وقف التوسع الاستيطاني، وتهيئة الأجواء لإحياء عملية السلام، مع التشديد على ضرورة وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع. كما جدد دعوته للمجتمع الدولي إلى تحرك عاجل وفاعل لوقف التجاوزات الإسرائيلية ومنع انزلاق المنطقة نحو صراعات أوسع.

طباعة شارك غزة فلسطين البرلمان مجلس الشيوخ اخبار البرلمان

مقالات مشابهة

  • ما سبب التناقض الإيراني حيال ممر ترامب؟ خبراء يجيبون
  • الصادق: الورقة الأميركية مرآة حرفية لاتفاق وقف إطلاق النار
  • قتلى في إطلاق نار بولاية تكساس الأميركية
  • سياسات إيران الإقليمية.. ماذا في رسائل طهران لبغداد وبيروت؟
  • مع انتهاء هدنة الحرب التجارية.. ترامب يشكر الرئيس الصيني!
  • الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا
  • إعلام بريطاني يتحدث عن تحول استراتيجي في حصار صنعاء للكيان
  • FT: إيران وإسرائيل تواصلان تبادل الهجمات السيبرانية بعد وقف إطلاق النار
  • ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟
  • تحركات دبلوماسية مصرية نشطة.. نواب: زيارة وزير خارجية تركيا تحول استراتيجي.. وموقفنا من غزة يعبر عن صوت كل العرب