بين التأييد والرفض.. الذكاء الاصطناعي يدخل قطاع التعليم في الولايات المتحدة
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
في محاولة لجعل الطلاب يحبون مادة الهندسة، لجأت المعلمة آنا سيبولفيدا إلى وسيلة غير تقليدية، "الذكاء الاصطناعي"، وطلبت من روبوت المحادثة "تشات جي بي تي" مساعدتها في ربط المفاهيم الرياضية بلعبة يعشقها طلابها، وهي كرة القدم. اعلان
لم تمضِ ثوانٍ حتى قدّم التطبيق خطة درس متكاملة من خمس صفحات تحت عنوان: "الهندسة في كل مكان في كرة القدم – في الملعب، في الكرة، وحتى في تصميم الملاعب".
تقول سيبولفيدا، وهي معلمة في مدرسة ثنائية اللغة في دالاس: "استخدام الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة بالنسبة لي. يساعدني في إعداد الدروس، والتواصل مع أولياء الأمور، وزيادة تفاعل الطلاب."
هذه التجربة ليست حالة فردية، بل تمثّل تحولاً واسعاً في كيفية استخدام المعلمين الأميركيين للتكنولوجيا. فقد أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة "غالوب" بالتعاون مع "مؤسسة عائلة والتون" أن 60% من معلمي المدارس العامة الأميركية استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي خلال العام الدراسي الماضي، لا سيما بين معلمي المرحلة الثانوية والمعلمين في بدايات مسيرتهم.
Related"فيسبوك" "يوتيوب" و"تويتر" يخوضون معركة ضد شركة ذكاء اصطناعي تعمل مع الشرطة اليابان تدعو الاتحاد الأوروبي للتعاون في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي"تشات جي بي تي" في مأزق: دعوى ضد OpenAI بعد أن اتّهم روبوت الدردشة رجلاً بقتل أطفالهوبحسب الاستطلاع، الذي شمل أكثر من 2000 معلم في أبريل الماضي، فإن أولئك الذين يستخدمون هذه الأدوات أسبوعيًا يقدّرون أنها توفّر لهم نحو ست ساعات عمل في الأسبوع. وتقول الباحثة في مؤسسة "غالوب"، أندريا مالك آش، إن هذه النتيجة تسلط الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعي على تخفيف ضغوط العمل والمساهمة في تقليل ظاهرة "احتراق المعلمين".
بين التسهيل والتحدي: متى يُصبح الذكاء الاصطناعي عبئًا؟رغم الإقبال المتزايد، تتعامل الولايات الأميركية بحذر مع إدخال الذكاء الاصطناعي إلى قاعات الدراسة. فقد أصدرت نحو 24 ولاية توجيهات تنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس، إلا أن تطبيقها يظل متفاوتًا بين المناطق والمدارس.
وتقول مايا إسرائيل، أستاذة تكنولوجيا التعليم بجامعة فلوريدا: "علينا أن نتأكد من أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل تقدير المعلم. لا بأس باستخدامه في تصحيح الأسئلة الموضوعية، لكن التقييم الحقيقي يتطلب فهماً إنسانياً لا تستطيع الأداة توفيره دائماً."
تحذيرات المعلمة تنبع من مخاوف حقيقية يتشاركها الكثير من المعلمين، أبرزها أن الإفراط في استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي قد يضعف مهارات التفكير النقدي لديهم، ويقلل من قدرتهم على الصبر في مواجهة التحديات المعرفية.
من أداة تعليمية إلى وسيلة لتعزيز المهاراتمع ذلك، لا يغيب الجانب الإيجابي عن تجربة المعلمين مع الذكاء الاصطناعي. تقول ماري مكارثي، معلمة الدراسات الاجتماعية في إحدى مدارس منطقة هيوستن، إن التكنولوجيا لم تغيّر فقط طريقة تدريسها، بل منحتها توازناً أفضل بين العمل والحياة. وتضيف: "بفضل التدريب الذي حصلت عليه من مديريتي التعليمية، تمكنت من تعليم طلابي كيفية استخدام الأدوات الذكية بذكاء ومسؤولية."
وترى مكارثي أن دور المعلم لم يعد مجرد ناقل للمعرفة، بل مرشد يعلّم طلابه كيف يبحرون في بيئة رقمية معقدة: "إذا لم نعلّم الطلاب كيف يستخدمون الأدوات الجديدة، فلا نلومهم إن أفسدتها عليهم."
في مدرسة متوسطة بضواحي شيكاغو، توازن معلمة الفنون ليندسي جونسون بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي. ففي مشروعها النهائي، طلبت من طلابها رسم بورتريه لشخص مؤثر في حياتهم، ثم استخدمت أدوات توليد الصور داخل منصة "كانفا" لمساعدة الراغبين في تصميم الخلفيات.
توضح جونسون: "هدفي كمعلمة هو تعريف الطلاب بالأدوات المتاحة وتعليمهم كيف تعمل. بعضهم رحّب بالمساعدة، بينما اختار آخرون الاعتماد على رؤيتهم الشخصية."
أما دارين باركيت، معلم اللغة الإنجليزية في كولورادو، فيرى في الذكاء الاصطناعي حليفاً له، إذ يستخدمه في إعداد الدروس وتصحيح الاختبارات، وفي المقابل أصبح أكثر قدرة على تمييز النصوص التي تعتمد عليه. "غياب الأخطاء الإملائية، والتركيب المعقد للجمل من أبرز العلامات"، كما يقول.
المستقبل بيد من يعلّمهرغم الجدل الدائر، تتقاطع شهادات المعلمين عند نقطة واحدة: الذكاء الاصطناعي لن يُلغي دورهم، لكنه سيُعيد تشكيله. وبينما يسعى بعض المعلمين لاحتواء هذه التكنولوجيا وتطويعها، يخشى آخرون من أن تتحول إلى اختصار يُضعف العملية التعليمية بدل أن يعززها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران غزة البرنامج الايراني النووي إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران غزة البرنامج الايراني النووي طلبة طلاب تشات جي بي تي مدارس مدرسة الولايات المتحدة الأمريكية الذكاء الاصطناعي إسرائيل دونالد ترامب النزاع الإيراني الإسرائيلي إيران غزة البرنامج الايراني النووي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حلف شمال الأطلسي الناتو حركة حماس حرائق لاهاي عمدة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
بضغطة زر.. كيف سخرت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لقتل المدنيين بغزة؟
أكد خبراء أن أدوات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي بذخيرته العسكرية، لا تستطيع التمييز بين المدنيين والعسكرين، كما أنها صّممت لاتخاذ قرارات قتل بالجملة دون الرجوع للبشر.
فقد أوضح الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي على جميع المستويات السياسية والإستراتيجية والعملية والتكتيكية بما يغيّر شكل اتخاذ القرار في ساحات القتال.
وقال إن دور الذكاء الاصطناعي يتمثل في تجميع وتحليل بيانات كبيرة، ثم العمل على اقترح أهداف بسيطة لتسريع اتخاذ القرار،"وعندما ينضب بنك الأهداف الأساسي تبدأ المنظومة التقنية بتوليد أهداف جديدة من خلال ما تملكه من معلومات".
وأوضح حنا أن تلك المنظومة تتدرب على البيانات الضخمة وتربطها بالمصادر المفتوحة من معلومات لتحديثها واقتراح المزيد من الأهداف.
ووصف حنا الإستراتيجية التي تستخدمها قوات الاحتلال بأنها "حرب وكيلية" رقمية وكأنها تمنح توكيلا لمنظومة رقمية تجمع المعلومات وتدققها وتحللها ثم تتخذ القرار دون العودة إلى العنصر البشري.
وتحدث الخبير العسكري عن "انحياز" هذه النماذج في إصدار الأهداف التي تخدم مصلحة تل أبيب، مشيرا إلى عدد من البرمجيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الجيش في عملياته في قطاع غزة:
فاير فاكتور: لجدولة الأهداف وتقدير كمية المتفجرات اللازمة للقضاء على هدف محدد. ديبث أوف ويسدام: لربط وتتبع معلومات الأنفاق في قطاع غزة، ووضع إستراتيجيات للقضاء عليها. كيميست: يعمل كجهاز إنذار يبيّن وجود مخاطر للقوات المقاتلة أثناء المهمات التكتيكية. لافاندر: نموذج ذكاء اصطناعي طوره الجيش لتحليل بيانات الهواتف والصور ووسائل التواصل الاجتماعي. ويؤكد حنا أن نظام "لافاندر" منحاز بشكل كامل للمصالح الإسرائيلية، لأن مصدر البيانات والخرائط التي يُدرّب عليها تميل لصالح تل أبيب. إعلانكما لفت حنا إلى استخدام روبوتات متفجرة تحمل أطنانا من المتفجرات، وأشار إلى نظام "أربل" الذي يُحسّن من دقة الإطلاق عبر آليات قتالية مثل البنادق والمناظير الليلية.
وقال إن قنبلة مثل "جي بي يو 32" تلقى على مجمع سكني حتى وإن كان خاليا فهي بالتأكيد تتسبب في إسقاط مدنيين، بالإضافة إلى ما يتيحه نموذج "لافاندر" من إمكانية للمستعمل لاستهداف مدنيين بأعداد محددة وفق رتبته العسكرية.
إشراف بشري ضئيل
ومن زاوية المسؤولية القانونية والأخلاقية، قالت الخبيرة في الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي جيسيكا دورسي إن الكارثة الحقيقية تكمن في توليد قوائم مستهدفين تضم مدنيين مع إشراف بشري ضئيل أو غير كاف على القرارات الآلية، مما يرقى إلى خروقات لقواعد الاستهداف الدولية.
ووجهت الخبيرة أصابع الاتهام للحكومة الإسرائيلية بشأن سقوط مدنيين رغم استعانتها بأدوات الذكاء الاصطناعي التي من المفترض أن تحمي المدنيين نظرا لدقتها في تحديد الأهداف.
وحذّر حنا من مخاطر هذا الاعتماد الكلي على منظومة الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أنه لا يميّز بموثوقية كافية بين هدف عسكري وآخر مدني، خصوصا في بيئة ذات كثافة سكانية عالية مثل قطاع غزة، الأمر الذي يرفع احتمالات سقوط ضحايا من المدنيين.
وأعطى حنا مثالا صريحا بخصوص سياسات استهداف قد تسمح لقيادي من رتبة معينة بارتكاب "خسائر مدنية" تصل إلى أعداد محددة.
وبحسب حنا، إنْ كان قياديا عسكريا من الدرجة الثانية فيسمح له باتخاذ قرار بقتل 20 مدنيا، أما إن كان قياديا من الدرجة الأولى فيسمح له بإسقاط 100 قتيل مدني.
وشددت دورسي على أهمية توظيف الإدراك البشري خلف الآلة لرصد تحركاتها وتعديل قرارتها قبل أن تتخذ أي قرار وتستهدف أهدافا غير مرجوة.
وأشارت الخبيرة بالذكاء الاصطناعي إلى دور شركات تقنية دولية مثل "مايكروسوفت" في تزويد الجيش الإسرائيلي بمنتجات تقنية تُستخدم في هذا السياق.
كيف تفوقت حماس؟رغم التفوق التقني الهائل، أوضح حنا أن فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه الإستراتيجية خلال العامين الماضيين يعود إلى إخفاقات في إدارة الحرب داخل القطاع، وإستراتيجية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المعقّدة والمرنة.
إذ إن المقاتلين من المقاومة "حضّروا أرضية المعركة بشكل لا تماثلي واستخدموا تكتيكات وبيئة قتالية تجعل من استخدام القوة التكنولوجية الأعظم -مثل الدبابات والذخائر المتطورة- أقل فاعلية داخل التجمعات الحضرية والأنفاق".
واعتبر حنا أن الأسلحة والبرمجيات المتطورة لا تضمن النصر وحده؛ فغياب الضابط البشري الأخلاقي والإستراتيجيات الميدانية المناسبة، بالإضافة إلى خصائص ساحة المعركة في قطاع غزة، قلصت فاعلية هذه التقنيات وأدت إلى نتائج عكسية من وجهة نظر إسرائيلية.