هل تؤسس مجزرة كفر مالك لمرحلة أعنف من جرائم المستوطنين؟
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
رام الله- رغم إصابته البالغة، فإن الشاب جهاد حمايل أصرَّ على وداع شقيقه الشهيد "محمد" الذي قُتل أمام عينيه بعد هجوم للمستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي على قريتهم كفر مالك شرقي مدينة رام الله بالضفة الغربية مساء أمس الأربعاء.
الشقيقان محمد وجهاد كانا ضمن عشرات الشبان والمواطنين من كفر مالك الذين هبوا للذود عن قريتهم والتصدي لاعتداءات المستوطنين، قبل أن تقتحم قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي البلدة وتطلق الرصاص الحي باتجاه الأهالي لحماية المستوطنين، وتقتل محمد واثنين آخرين وتصيب 6 شبان بينهم جهاد.
كان الشاب مرشد حمايل، الشهيد الثاني المستهدف، واستشهد مباشرة بعد إصابته برصاصة في رأسه، كما يقول شقيقه منجد للجزيرة نت، التي رصدت انتهاكات المستوطنين الآخذة بالتصاعد في القرية خاصة وعموم الضفة الغربية.
منعوا مجزرةيقول منجد حمايل إنه وحينما بدأ هجوم المستوطنين على منزله، الواقع في مدخل القرية من الجهة الجنوبية المحاذية للطريق الالتفافي (طريق للمستوطنين)، سارع لتأمين نساء وأطفال العائلة ونقلهم من البيت لمكان آمن، بينما تأخر شقيقه مرشد في المنزل، وأضاف "الجنود أطلقوا النار بشكل عشوائي على كل من تواجد، كان همهم تأمين خروج المستوطنين".
ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين ضد كفر مالك -حسب رئيس مجلسها المحلي ناجح رستم- منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واشتدت مع حصار القرية قبل 6 أشهر وخاصة بعد إعلان التهدئة بقطاع غزة في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أغلقت قوات الاحتلال مداخل القرية وأبقت على واحد فرعي يستخدمه أكثر من 4 آلاف فلسطيني يقطنون بالقرية.
ويضيف أن المستوطنين يتجمعون من المستوطنات المحيطة بالقرية والجاثمة على أراضيها ويحشدون باستمرار لشن اعتداءاتهم.
ويقول نبيل غرة -أحد سكان كفر مالك- للجزيرة نت "لولا تصدي هؤلاء الشبان للمستوطنين لحدثت مجزرة في القرية، وأكملوا حرق المنازل بعد المركبات..".
من جهته، يقول مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار أمير داود، إن من يمارس هذه الاعتداءات هم المستوطنون سكان البؤر الاستيطانية (مواقع استولى عليها المستوطنون عشوائيا) التي بنيت في الفترة الأخيرة حول مستوطنة "كوخاف هشاحر"، وتحديدا البؤر المقامة على أراضي الفلسطينيين بين قرى كفر مالك ودير جرير وسلواد شرقي محافظة رام الله والبيرة.
إعلانوأضاف "منذ بداية العام الجاري شن المستوطنون 1400 اعتداء على المواطنين في الضفة الغربية، وقتل خلالها 4 فلسطينيين وجرح العشرات، إضافة لتدمير الممتلكات والمنازل في هذه المناطق".
وفي ظل هذه الاعتداءات، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع المستوطنين الذين أطلقت أيديهم بالسلاح والعتاد منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويطرح تزايد اعتداءات المستوطنين، وتحديدا من سكان البؤر الاستيطانية الرعوية التي أنشئت بعد الحرب وعددها أكثر من 170 بؤرة، وما تبعها من خسائر في الأرواح والممتلكات تساؤلا مهما حول الحماية، وما الذي يملكه الفلسطينيون العُزَّل لحماية أنفسهم من هجمات المستوطنين التي ينفذونها عادة بحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي؟ ومن المسؤول عن حمايتهم؟، وما مصير اللجان الشعبية التي أعلن تشكيلها أكثر من مرة؟
ويرد منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله عصام بكر، قائلا إن هناك أكثر من 100 لجنة شعبية مشكلة في مختلف المناطق، ولكنها ليست مفعلة بالكامل، وبحاجة لتعزيز وجودها عبر إجراءات تتحمل فيها الحكومة والسلطة الفلسطينيتان المسؤولية الكاملة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والأهلية.
وأضاف للجزيرة نت "خلال حرب إسرائيل وإيران اتفق على تشكيل المزيد من هذه اللجان، وأن تكون في كل تجمعات الفلسطينية، من خلال تقديم مقترحات ومطالب، وأن تتولى المجالس البلدية بدعم من وزارة الحكم المحلي تزويد هذه اللجان المحلية بكل الإمكانيات".
وبحسب بكر، فإن ما يجري الآن يستدعي إعلان النفير العام في كل القرى والبلدات التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين، وتكاتف كل الجهود الرسمية والشعبية.
وتابع "نرى أن المستوطنين خلفهم دولة تمدهم بكل المقومات، فلماذا لا يتم تسخير جزء كبير من موارد السلطة لتكثيف صمود الناس على أرضهم"، مشيرا إلى أن ما جرى في كفر مالك "بروفة مصغّرة" لمرحلة مقبلة تؤسس لاتساع الاعتداءات، مؤكدا أن لهم الحق في دعم أبناء شعبهم لاستخدام كل الأشكال المتاحة بحسب القانون الدولي للتصدي لهذه الاعتداءات.
ويوافق الناشط في مقاومة الاستيطان جمال جمعة، على ما ذهب إليه بكر من أن هجوم المستوطنين على قرية كفر مالك يؤسس لمرحلة اعتداءات أعنف من المستوطنين، وأن الرد عليها يجب أن يكون على مستوى خطورتها.
وهذه الخطورة -يقول جمعة للجزيرة نت- تحتاج إلى إستراتيجية جديدة في التصدي أيضا، من خلال تنظيم المواطنين وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، محملا المسؤولية في ذلك للقوى والأحزاب الوطنية والمؤسسات، ولكن بالدرجة الأكبر على السلطة الفلسطينية التي نصّبت نفسها حامية للشعب الفلسطيني.
ويضيف "اللجان الشعبية بصورتها القديمة لم تعد وسيلة ناجعة، ونحتاج لإعادة تشكيلها بما يضمن عدم ملاحقة المستوطنين وجيش الاحتلال لها".
وتساءل جمعة "لماذا لا تقوم السلطة الفلسطينية بتوزيع القوى الأمنية على التجمعات الفلسطينية الأكثر عرضة للاستيطان بلباسهم المدني ليشكلوا لجان الحراسة ويدعموا أهالي القرى في صد هذه الاعتداءات؟".
إعلانولكن، يواصل جمعة، أن التحرك الأكبر يجب أن يكون سياسيا، عبر اتخاذ موقف سياسي بقطع كل التنسيق مع الاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى مطالبة الدول العربية والدولية بالعمل على الضغط على إسرائيل لوقف هذه الاعتداءات، إضافة للعمل مع المجموعات والمؤسسات الدولية لمحاكمة إسرائيل وملاحقتها لقيامها بجرائم حرب، ومطالبة العالم بمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها.
وختم قائلا: "هناك إمكانيات كثيرة لمواجهة هذه الاعتداءات ولكن لا توجد إرادة سياسية واضحة للخوض في أي منها من قِبَل السلطة الفلسطينية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اعتداءات المستوطنین هذه الاعتداءات للجزیرة نت رام الله کفر مالک أکثر من
إقرأ أيضاً:
بن غفير يطالب بإسقاط السلطة الفلسطينية ويصفها بـالإرهابية
طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بإسقاط السلطة الفلسطينية "فورا"، ووصفها بـ"الإرهابية".
ونشر بن غفير تدوينة عبر حسابه بمنصة إكس اليوم الأحد، بعد تداول وسائل إعلام عربية أنباء تفيد بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعتزم الإعلان عن تحويل السلطة الفلسطينية إلى دولة خلال اجتماعات الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.
وقال بن غفير "سوف أناشد رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) أن يقدم خطوات عملية فورية إلى اجتماع مجلس الكابنيت لإسقاط السلطة الفلسطينية".
وأضاف "لا بد أن يكون هذا هو الرد على أوهام أبو مازن (عباس) حول الدولة الفلسطينية، يجب سحق السلطة الإرهابية التي يترأسها"، وفق تعبيره.
ومرارا، حرض وزراء إسرائيليون في حكومة نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، ضد السلطة الفلسطينية، ودعوا لإسقاطها، أبرزهم وزير الخارجية جدعون ساعر الذي دعا نهاية يوليو/تموز الماضي لفرض عقوبات على السلطة، بزعم تحريضها ضد إسرائيل.
وكرر المسؤولون الإسرائيليون، وعلى رأسهم نتنياهو رفضهم لإقامة دولة فلسطينية بزعم أنها ستكون منصة لتدمير إسرائيل.
ونهاية يوليو/تموز الماضي، دعا البيان الختامي لمؤتمر حل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، والذي قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بدلا من وضع "دولة مراقب غير عضو" القائم منذ عام 2012.
وتعترف 148 من أصل 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، التي أعلنتها القيادة الفلسطينية في الجزائر عام 1988.
وفي الفترة الأخيرة أعلنت عدة دول، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين، كما لوحت أستراليا بخطوة مماثلة، وأطلقت 15 دولة غربية، بينها فرنسا وإسبانيا، نداء جماعيا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إعلانيأتي ذلك على وقع إبادة إسرائيلية متواصلة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت 61 ألفا و369 شهيدا و152 ألفا و862 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين وكارثة إنسانية غير مسبوقة.