كشفت جلسة إحاطة سرية قدمتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأعضاء مجلس الشيوخ بشأن الضربات الأميركية الأخيرة على منشآت إيران النووية عن انقسام حاد داخل الكونغرس، وسط تباين في التقييمات حول مدى فاعلية الضربات وتأثيرها الاستراتيجي على برنامج طهران النووي

وشارك في الإحاطة كلا من وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ورئيس هيئة الأركان دان كاين، جاءت استجابة لمطالب ديمقراطية بالحصول على معلومات حول نتائج الضربات، والتي وصفت بأنها الأوسع منذ اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل قبل أسابيع.

وخرج الجمهوريون من الجلسة مؤكدين أن الضربات كانت ناجحة، ووصف بعضهم ما جرى بأنه “إبادة” للقدرات النووية الإيرانية. في المقابل، أبدى عدد من الديمقراطيين شكوكاً حول حقيقة الأضرار، متهمين الإدارة بتضليل الرأي العام.

بدوره، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، قال إن الإحاطة “أثارت أسئلة أكثر مما أجابت”، مضيفاً: “لا توجد استراتيجية متماسكة أو هدف نهائي واضح. ماذا نفعل؟”.

فيما أكد السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، عضو لجنة العلاقات الخارجية، أن البرنامج النووي الإيراني “تراجع لأشهر قليلة فقط”، متوافقاً مع تقييم استخباراتي مسرّب من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA)، والذي أشار إلى أن الضربات لم تدمر البنية التحتية النووية بالكامل.

أما السيناتور ريتشارد بلومنثال، فدعا إلى الحذر في الحكم على نتائج الضربات، وقال: “التقييم النهائي ما زال بيد الأجهزة الاستخباراتية”.

على الجانب الآخر، تبنى عدد من أعضاء الحزب الجمهوري مواقف أكثر حدة، حيث قال السيناتور ليندسي جراهام إن “الإبادة” هي التعبير الأنسب لوصف نتائج الضربات، بينما أكد السيناتور توم كوتون أن العمليات استهدفت بشكل واسع علماء إيرانيين ومواقع حيوية لتصنيع أجهزة الطرد المركزي وتحويل المواد النووية.

السيناتور جون كورنين قال إن “أهداف المهمة قد تحققت”، رغم إقراره بعدم توفر معلومات دقيقة حول مدى تدمير المنشآت تحت الأرض.

ورفضت إدارة ترامب بشدة ما ورد في التقارير المسرّبة. وزير الدفاع هيجسيث وصفها بأنها “ضعيفة الثقة”، مشيراً إلى أن تقييم هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية يُرجح أن إعادة بناء البرنامج النووي الإيراني قد تستغرق سنوات.

كما لمح البيت الأبيض إلى نيته تقليص نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الكونغرس بعد تسريبات الإحاطة، وهي خطوة أثارت غضب الديمقراطيين، حيث دعا شومر الإدارة إلى “التراجع فوراً”.

وسط هذا الجدل، يُنتظر أن يصوّت مجلس الشيوخ على قرار قدمه السيناتور تيم كين لمنع ترامب من استخدام القوة ضد إيران دون تفويض من الكونغرس، لكن فرص تمريره تبدو غير مؤكدة، خصوصاً في ظل تهدئة مؤقتة تم التوصل إليها بوساطة أميركية لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

في السياق ذاته، قدم النائب الديمقراطي آل جرين مشروع قرار لعزل ترامب بسبب “تجاوز سلطاته” وتوجيه ضربات من دون استشارة الكونغرس. إلا أن المحاولة لم تحظَ بالدعم الكافي، رغم تصويت 79 نائباً ديمقراطياً لصالح المضي فيها.

فيما تُواصل أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية تحليل الأضرار، تظهر الهوة الواسعة بين تصريحات ترامب حول “تدمير كامل” للبرنامج النووي الإيراني، وتقديرات استخباراتية تتحدث عن تعطيل مؤقت فقط.

ويبدو أن السجال حول صلاحيات الرئيس ومصداقية تقييم الأضرار سيتواصل في أروقة الكونغرس، في وقت تتخذ فيه إدارة ترامب موقفاً أكثر تشدداً تجاه طهران، مع محاولة لتقليص انكشافها السياسي أمام تسريبات قد تقوّض روايتها.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمريكا إيران إيران وأمريكا إيران وأمريكا وأسرائيل إيران وإسرائيل تخصيب اليورانيوم دونالد ترامب النووی الإیرانی

إقرأ أيضاً:

ما سبب التناقض الإيراني حيال ممر ترامب؟ خبراء يجيبون

طهران- عقب تأكيد مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن بلاده ستمنع إنشاء الممر الأميركي في القوقاز "سواء بالتعاون مع روسيا أو بدونها"، أثارت تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حول "مراعاة جميع مطالب إيران بشأن الممر" علامة استفهام عن سبب التناقض في المواقف الإيرانية.

وبعد مرور نحو شهرين على اعتراف ولايتي بأن طهران "أفشلت مشروع إقامة ممر زنغزور لربط أذربيجان بنخجوان عبر الأراضي الأرمينية"، جدد موقف بلاده من الممر الذي اعتبره "تهديدا لأمن المنطقة ويغير خريطتها الجيوسياسية".

مؤكدا -في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية- أن هذا الممر لن يتحول إلى طريق يملكه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل سيكون "مقبرة لمرتزقته" علی حد تعبيره.

وبعد يوم من تصريحات ولايتي، قال الرئيس الإيراني بزشكيان إنه تمت مراعاة جميع مطالب إيران بشأن ممر زنغزور بما في ذلك وحدة الأراضي وعدم إغلاق الطريق نحو أوروبا، مضيفا في حديث للصحفيين أن موضوع ممر زنغزور "ليس كما تم تضخيمه في الأخبار، فجميع الأطراف راعت مطالب إيران بشأنه، وقلقنا الوحيد هو أن شركة أميركية تريد إنشاء هذا الممر".

ممر زنغزور التابع لأرمينيا يفصل بين أراضي أذربيجان ومقاطعة نخجوان الأذرية المتمتعة بالحكم الذاتي (الجزيرة)تزامن مشبوه

وفور الإعلان عن توقيع أذربيجان وأرمينيا اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، توقفت الأوساط الإيرانية أمام تزامن انعقاد القمة الأذربيجانية والأرمينية والأميركية وإقرار الحكومة الإسرائيلية احتلال كامل قطاع غزة وكذلك مصادقة الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله، وتداعيات تلك الإجراءات على أمن الشرق الأوسط القوقاز والمصالح الإيرانية فيهما.

في غضون ذلك، كتبت صحيفة "جمهوري إسلامي" المعتدلة أنه "ليس من الصدفة أن تتزامن 3 إجراءات في منطقتي الشرق الأوسط والقوقاز -في يوم واحد- تصب كلها في صالح الولايات المتحدة وكيان الاحتلال، وأن هذه الأحداث الثلاثة من تدبير المخططين الأميركيين والصهاينة، وجميعها تمثل ضررا لشعوب المنطقة وخيانة للمسلمين".

إعلان

من ناحيته، يعتقد الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه أنه تم تهميش مطالب إيران وملاحظاتها بشأن ممر زنغزور في اتفاق السلام بين باكو ويريفان.

أرمينيا وأذربيجان توقعان في واشنطن اتفاقية سلام بوساطة أمريكية، تنهي ٣٥ عاما من القتال بين البلدين | تقرير: ناصر الحسيني#الأخبار pic.twitter.com/Jyyf2mDHOj

— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 9, 2025

تحد استعماري

وفي حديث للجزيرة نت، يضيف فلاحت بيشه أن ممر زنغزور الذي تحول اسمه إلى طريق ترامب من شأنه أن يكون تحديا استعماريا مستمرا في حال عدم معالجة اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا مخاوف وقضايا مهمة منها موضوع الحدود البرية بين إيران وأرمينيا، والجغرافيا السياسية للمنطقة، وكذلك الحضور الأميركي في القوقاز الجنوبي.

وفي ظل التوتر المتواصل بين واشنطن وطهران، فإن الحضور الأميركي بالقرب من الحدود الإيرانية من شأنه أن يتحول إلى تحد حقيقي واستعماري، وفق النائب السابق بالبرلمان الإيراني الذي يعتبر دور روسيا في هذه القضية موضع تساؤل، مما يرجح أن تضحي موسكو بالمصالح الإيرانية لصالح أولوياتها الإستراتيجية مثل حرب أوكرانيا.

وخلص فلاحت بيشه إلى أن الحدود المشتركة بين إيران وأرمينيا تمثل طريقا فريدا للجمهورية الإسلامية نحو أوروبا، مما يجعل من قطع هذه الحدود جراء مد طريق ترامب انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وقد يثير ذلك ردود فعل قوية من جانب إيران كونه سيفسر بطهران انتهاكا لوحدة الأراضي الوطنية.

تفادي التصعيد

من ناحيته، يلمس الباحث السياسي حميد آصفي -في حديثه للجزيرة نت- تناقضا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين حيال ما يمسى طريق ترامب. إذ تهدد شريحة بإفشاله بينما ترى الأوساط الحكومية أن الاتفاق بين باكو ويريفان يراعي جميع مطالب طهران، واصفا الحديث الرسمي عن استمرار المحادثات في منطقة القوقاز "مؤشرا على عدم حسم القضايا العالقة بالنسبة لطهران".

ورأى آصفي أن الرعاية الأميركية لممر زنغزور تأتي في سياق المخطط الرامي إلى تهميش إيران من شبكة الممرات الدولية، مضيفا أن طهران فشلت في استثمار هذا الممر الإستراتيجي والذي كان يمكن أن يربطها بأسواق أوروبا والقوقاز وشرق آسيا.

وختم بالقول إن تصريحات الحكومة حول مراعاة اتفاق القوقاز جميع المطالب الإيرانية "دبلوماسية ترمي لتفادي المزيد من التوتر لا سيما مع الجانب الأميركي"، مؤكدا أن التقديرات الإيرانية الرسمية ترجح اندلاع حرب خلال المرحلة المقبلة مع إسرائيل وأنها لا تريد تشتيت طاقاتها على حدودها الشمالية الغربية.

بزشكيان قال إنه تمت مراعاة جميع مطالب إيران بشأن الممر (رويترز)تناقض المواقف

من جانبه، يرجع الباحث السياسي صلاح الدين خديو التناقض في المواقف الإيرانية حيال طريق ترامب جنوبي القوقاز إلى التحوّل الطارئ في سياستها الخارجية، موضحا أن تصريحات ولايتي نابعة من موقف طهران الثابت إزاء أي حضور غربي على تخوم حدودها بما يهدد مصالحها وأمنها القومي، في حين أن موقف الحكومة ينم عن تنسيق دبلوماسي بين طهران ويريفان.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الباحث الإيراني أن اتفاق السلام في القوقاز يعارض الطموحات التركية المطالبة بالأساس بسيطرة كاملة للجانب الأذربيجاني على ممر زنغزور، معتبرا السياسة الأرمينية بإشراك الجانب الأميركي -اقتصاديا- في الممر الجديد تأتي لاحتواء تلك الطموح، وأنه يرجح أن يكون التنسيق الأمني بين يريفان وطهران يمضي على قدم وساق.

ورأى خديو أن أوراق الحكومة الإيرانية لمنع إنشاء طريق ترامب "محدودة" في التوقيت الراهن، مما يحثها على التركيز على النصف الممتلئ من الكأس وغض البصر عن الجوانب الغامضة في الملف، مع تفعيل دبلوماسيتها للمساهمة الاقتصادية في المشروع من خلال المشاركة في الشركة متعددة الأطراف التي ستقوم بعمليات إنشاء طريق ترامب، مستبعدا أن تقوم طهران بعملية عسكرية لمنع إنشاء الممر.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: معركتنا لا تقتصر على حماس… بل تشمل إيران ووكلاءها
  • مُستقبل التفاوض النووي بين إيران والغرب بعد حرب الـ12 يوماً
  • واشنطن ترفض الاتفاقية بين بغداد وطهران.. ستحول العراق لدولة تابعة إلى إيران
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني وجروسي العودة إلى مفاوضات البرنامج النووي
  • عاجل. الترويكا الأوروبية تهدد بفرض عقوبات على إيران إذا لم تعد للمفاوضات النووية قبل نهاية أغسطس
  • إيران مستعدة للتفاوض على برنامجها النووي مقابل شرط
  • تصاعد دخان من محطة زاباروجيا النووية وسط تصعيد عسكري شرق أوكرانيا
  • نائب الرئيس الإيراني: حديث أمريكا عن تصفير التخصيب في إيران نكتة سياسية كبيرة
  • ما سبب التناقض الإيراني حيال ممر ترامب؟ خبراء يجيبون
  • غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات