عربي21:
2025-06-29@17:51:52 GMT

30 يونيو: صعوبة الهضم.. وفزاعة الإخوان الدائمة

تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT

12 عاما مرت على حشد 30 يونيو (حزيران) المناهض لأول تجربة ديمقراطية في مصر بعد 60 عاما من الحكم العسكري، والذي انتهى بالانقلاب على أول رئيس مدني.

12 عاما حاولت خلالها السلطة الجديدة تسويق وتسويغ هذا التمرد باعتباره ثورة شعبية لكن الفشل يلاحقها عاما بعد عام، مع انفضاض المزيد ممن شاركوا في ذاك الحشد، بل ولعنهم له ولكل ما ومن أقنعهم به.



في الذكرى الـ12 كانت هناك ترتيبات لاحتفالات ضخمة أفسدتها أو عطلتها الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ومنها حفل افتتاح المتحف المصري الجديد، ثم جاءت حادثة مقتل 19 فتاة من إحدى قرى المنوفية في حادث سيارة قبل يومين لتفرض حالة حزن وطني عام لا تصح معه أية احتفالات.

12 عاما من الوعود الكاذبة صعبة الهضم؛ بدأت من استمارة تمرد نفسها، والتي انطلقت من بعض القضايا المعيشية والاجتماعية والأمنية (مطالب ووعود أصبحت محل تندر خلال السنوات الماضية مع مقارنتها بما وصلت إليه الأحوال الآن)، ثم الوعود المتتالية من رأس النظام للمصريين بالصبر معه 6 أشهر، ثم سنة ثم سنتين ليروا مصر "قد الدنيا"، لينتهي كل ذلك بصرخات منه شخصيا أن مصر "شبه دولة"، وأنها "فقيرة قوي"، ثم الإعلان عن جمهورية جديدة تتفوق على جمهورية الضباط الأولى (1952-2011) في مظاهر العسكرة لكل نواحي الحياة، جمهورية أكثر اهتماما بالحجر على حساب البشر، ما أوقعها في شرك ديون خارجية ثقيلة تكبل أعناق الجيل الحالي والأجيال المقبلة.

الفزاعة الجاهزة دوما لتخويف حلف 30 يونيو هي فزاعة الإخوان التي يسهب النظام في استخدامها، رغم ادعاءاته المتكررة بالقضاء عليهم قضاء مبرما، بين قتل وحبس وتشريد وفصل ومطاردة في الداخل والخارج، فحين تعجز كل محاولات لملمة حلف 30 يونيو، يستدعي النظام فزاعة الإخوان لتذكير هذا الحلف بعداوته لهم، ويحذره من انتقام واسع ينتظره حال عودتهم
مع التآكل المتواصل لحلف 30 يونيو، وانفضاض قوى رئيسية منه، وانتقالها إلى مربع المعارضة، يبذل النظام جهودا كبيرة لوقف هذا النزيف قبل أن ينفض عنه الجميع، فتارة يدعو لحوار وطني بين شركاء 30 يونيو، وتارة يشكل لجنة للعفو الرئاسي من رموز هذا المعسكر وبهدف إطلاق سراح بعض النشطاء المعتقلين منه، وتارة يشكل تنسيقية لشباب أحزاب هذا المعسكر كبديل لشباب يناير، وتارة يشكل أحزابا للتعبير عن هذا المعسكر، وحينما تفشل يشكل غيرها، وتارة يجمع مرشحي الأحزاب في قائمة واحدة خشية حدوث منافسة بينها "تقلب بغم"، لكن كل تلك المحاولات لم تفلح لأنها ببساطة لم تكن جادة، ولم يكن النظام حريصا على مشاركة أي قوى مدنية معه في الحكم، هو يريدهم فقط مجرد داعمين له بلا مقابل سوى الرضاء ببقائهم في المشهد العام بلا فعالية، يريدهم مجموعة من "الهتيفة" يستحضرهم عند اللزوم ويصرفهم متى شاء، وهو ما انتبه إليه بعضهم فعلا فلم تعد تنطلي عليه تلك الحيل.

الفزاعة الجاهزة دوما لتخويف حلف 30 يونيو هي فزاعة الإخوان التي يسهب النظام في استخدامها، رغم ادعاءاته المتكررة بالقضاء عليهم قضاء مبرما، بين قتل وحبس وتشريد وفصل ومطاردة في الداخل والخارج، فحين تعجز كل محاولات لملمة حلف 30 يونيو، يستدعي النظام فزاعة الإخوان لتذكير هذا الحلف بعداوته لهم، ويحذره من انتقام واسع ينتظره حال عودتهم، وفي الوقت نفسه يذكر هذا الحلف بفضله عليه، إذ أنقذه من هذا التهديد الذي صنعه بنفسه، وأقنعه به.

حملة إعلامية كبرى تنشغل بها حاليا وبتوجيهات عليا المؤسسات الإعلامية الكبرى والصغرى؛ موضوعها الأساسي الإخوان، وخطورتهم على مصر، وتذكير بسنة حكمهم اليتيمة، واستدعاء الأكاذيب التي تم تشويههم بها، والتي كشفت الأيام كيف تم اختلاقها وإلصاقها بهم، مثل بيع قناة السويس والأهرامات وبرج القاهرة، والقبول بتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، والتسبب في رفع أسعار الدولار والسلع الأساسية مثل الخبز وأنابيب الغاز والبنزين، حملة تنشر الفزع بين المصريين من احتمالات عودة الإخوان، وكأن الإخوان يقفون على أبواب الاتحادية!!

نحن إذن أمام تصورات متضاربة للسلطة تجاه الإخوان، فهي تدعي انتهاءهم بفضل ضرباتها الأمنية الحازمة، وهي تبرز مجددا قوتهم وخطورتهم، والحال كذلك فإما أن تقر السلطة ومن شايعها مقولة انتهاء الإخوان وبالتالي تتوقف عن استحضار فزاعتهم لتخويف البعض منهم، وإما أن تقر فعلا ببقائهم وفاعليتهم، وبالتالي تبحث عن تسوية معهم تنهي حالة الخوف، وعدم الاستقرار، وتسهم في إنهاء الانقسام المجتمعي، كما تسهم في تحقيق التنمية والازدهار للوطن والشعب.

انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 ورغم مرور 12 عاما على وقوعه فإنه لم يقدم مشروعا مفيدا للشعب، ولا يزال يواجه مقاومة تخفت حينا وترتفع حينا، وتكسب أنصارا جددا، في الوقت الذي يخسر النظام تدريجيا أجزاء من داعميه، ولن تنتهي هذه الحالة إلا بحوار وطني حقيقي، يستهدف التوافق على خارطة طريق لاستعادة الحكم المدني، وتحديد دور الجيش في الحياة العامة
أما قوى المعارضة الوطنية في الداخل والخارج فعليها أيضا أن تحسم تقييمها لجماعة الإخوان وحلفائها من بقية التيار الإسلامي، وهل هذه المعارضة الوطنية مقتنعة بروايات النظام، أم لديها تقديراتها الخاصة؟ وهل هي بعد هذه التقديرات ترى نفسها أقرب للنظام الحاكم، فتقبل ما يمليه عليها ثمنا لحمايتها كما يدعي؟ أم أن من مصلحتها ومصلحة الوطن وضع نهاية لتلك العشرية السوداء، والعمل الجاد لاستعادة الحكم المدني الديمقراطي الذي يستوعب الجميع تحت مظلة دستور يكتبه المصريون بكل حرية واستقلال؟

أما الإخوان فإن عليهم كجماعة الارتفاع إلى مستوى التحدي، وذلك عبر تجاوز خلافاتهم التنظيمية غير ذات المعنى، واستعادة لحمتهم، وتقديم مبادرات من ناحيتهم لتغيير المشهد السياسي المتكلس، كما أن على الجمهور الواسع المحسوب عليهم أن يعي تحديات المرحلة، وأن يمد الجسور مع غيره من القوى الوطنية، وأن يتجاوز خطوط الثلاثين من حزيران/ يونيو 2013، فكثير ممن شاركوا وحشدوا لتلك الفتنة تبرأوا منها، وندموا على مشاركتهم فيها، وهو ما ينبغي أن يقابل بتقدير واحترام وليس بالتبكيت والسخرية والشماتة، لأن الأخطاء لم تكن قاصرة على طرف دون طرف، فالجميع أخطأ وإن بدرجات متفاوتة، وعلى الجميع تصحيح أخطائه قبل أن يطالب غيره بذلك.

في معظم تجارب الانقلابات عالميا لا تستمر المقاومة للانقلاب فترات طويلة، حيث يتمكن النظام الجديد من تحقيق إنجازات تدفع الناس للتعامل مع النظام الجديد، حتى لو ظل البعض محتفظا بمعارضته له، وهو ما حدث من قبل مع انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952 الذي تبنى مشروعا اجتماعيا واقتصاديا لصالح أغلبية الشعب (التأميم- الإصلاح الزراعي- مجانية التعليم- التوظيف) لكن انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013 ورغم مرور 12 عاما على وقوعه فإنه لم يقدم مشروعا مفيدا للشعب، ولا يزال يواجه مقاومة تخفت حينا وترتفع حينا، وتكسب أنصارا جددا، في الوقت الذي يخسر النظام تدريجيا أجزاء من داعميه، ولن تنتهي هذه الحالة إلا بحوار وطني حقيقي، يستهدف التوافق على خارطة طريق لاستعادة الحكم المدني، وتحديد دور الجيش في الحياة العامة.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء 30 يونيو مصر الانقلابات مصر انقلاب اخوان 30 يونيو قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: يونيو والثورة المليونية

يبقى المشهد الجماهيري في 30يونيو هو الملهم، فلم يتوقع أحد أن تقوم قائمة للمصريين بعد إنهاك دام سنتين أعقاب ثورة يناير2011، فآلية تغيير النظم في أدبيات التاريخ تستغرق عقودا طويلة بحساب الزمن، لكن بعد عام من تولي جماعة الإخوان حكم مصر بالالتفاف والخديعة أدرك المصريون خطورة المرحلة، فمصر صاحبة الحضارة المتأصلة بجذورها عبر آلاف السنين صانعة التاريخ تنسحب خارج نطاق التاريخ والجغرافيا، مما ولد شعور لدى عموم الشعب بالاِغتراب الحضاري والثقافي في وطنهم نتيجة ممارسات إخوانية بمفردات كانت غربية على مكونهم الحضاري والإنساني.
فقد جاء الأداء المفجع المتدني لحكم الجماعة في السنة القاتمة السواد، وما تبعه من إرهاب وتضيق للحريات وإقصاء كافة مكونات المشهد السياسي، لتفرزحالة ضبابية  أدت لمعارضة شديدة القوة سريعة الاِنتشار من كافة أطياف المجتمع المصري.
وجاء القرار الشعبي بتصحيح المسار، لاسترداد ما اِختطفته جماعة الإخوان الإرهابية الذين شكل وصولهم للحكم وضعا كارثيا ليس للمصر فحسب ولكن للمنطقة العربية، وتحمل المصريون بصبر وجلد تحديات وتضحيات فاتورة درء الخطر عن الوطن والإقليم بأكمله، فقد شكل 30 يونيو بداية العد التنازلي لإنهاء وجود الجماعات الأصولية والإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط قاطبة.
ورغم تعرض مصر لأشكال من الاحتلال والأزمات والحروب عبر تاريخها الطويل، إلا أن ما بين يناير 2011 ويونيو 2013 كانت الحقبة الأخطر في تاريخها، فوصول الإخوان كان من أكبر المخاطر التي مر بها الوطن، ويكفي بالنظر لواقعنا الحالي الذي يموج بتغيرات شديدة القوة والسرعة أن نفهم الوضع الكارثي الذي كان سيؤول إليه حال وطننا لو استمر حكم هذه الجماعة.
وساد شعورعام بالخوف على الوطن الذي تحكمه جماعة متأخونة ، قفزت على هويته الثقافية والتاريخية بالغة الثراء والتنوع ،مستهدفة تفكيك مفاصل الدولة وإسقاط مؤسساته الوطنية ونشر الفوضى وإثارة الفتن وكان لا بدَّ من الخروج من النفق المظلم. 
وجاءت ثورة 30يونيو بوعى جمعي، تحت شعار أرحل لتدوي في كل ميادين مصربأعدادا غفيرة، والجميع على قلب رجل واحد دون تنسيق أو ترتيب تحت حرارة الشمس الحارقة، كاسرين كل القيود، مخالفين جميع التوقعات متخطين كافة الحدود.
وكان للمشهد الثوري وجه آخر محفوف بالمخاطر، أهمه التخوف من حدوث أعمال عنف، وهو ماتصدت له المؤسسات العسكرية والأمنية بكل شجاعة وجسارة، وثانيها الموقف الدولي والإقليمي وتعقيداته، وثالثها موقف الاتحاد الأوروبي والدول الكبري خاصة الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لحكم الإخوان  في ذلك الوقت وتحديات كبيرة، تصدي لها الاندفاع الشعبي الذي تخطى كل التقديرات والتَأْيِيد العربي من الأشقاء .
وشكل الحشد المليونى مفاجأة غيرمتوقعة وكانت الصدمة مدوية لجماعة الإرهاب الأسود فهم لم يعيروا أي اهتمام للرفض الشعبي وحدث الإنكار العام. 
المشهد جلل والملحمة عظيمة دعمتها مؤسسات الدولة المختلفة على رأسها المؤسسة العسكرية، وهوانحياز ليس بالجديد على المؤسسة الوطنية وقادتها العظام ،ولا ننسى الدورالوطني للفريق عبد الفتاح السيسي آنذاك الذي تحمل مسؤلية الوصول بسفينة الوطن لبر الأمان ، وكان لوزراة الداخلية دورا بطوليا آخر في هذه الملحمة التاريخية وكان الثمن دماء خيرة الرجال.
وقدمت المحكمة الدستورية العليا ممثلة في المستشارالجليل عدلي منصور دورا كبيرا لن ينساه المصريون، وكانت المؤسسات الدينية حاضرة بقوة ممثلة في فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر دكتورأحمد الطيب، والكنسية ممثلة في قداسة البابا توضرواس بابا الإسكندرية وأدوار سجلها التاريخ في أنصع صفحاته.
وأمام مكونات المشهد المصري الفريد في الشوارع والميادين، وتحت راية الوطن ووحدة المصير، لم تستطع قوي الشر في الداخل والخارج أن تلتف حول الإرداة الشعبية والطوفان الكاسح، الذي كان بمثابة المخلص من سيناريو محفوف بالمخاطر ،وكانت نقطة مضيئة وسط الظلام الدامس المسمي بالربيع العربي في نسخته العربية ومشروع الشرق الأوسط الكبير في نسخته الإستعمارية.
وتظل 30يونيو ثورة الانتصار للهوية المصرية والدولة الوطنية المدنية.

طباعة شارك 30يونيو جماعة الإخوان المشهد السياسي

مقالات مشابهة

  • باحث: الشعب الحائط الصلب الذي وقف أمام المخطط وأسقطه في 30 يونيو
  • منى أحمد تكتب: يونيو والثورة المليونية
  • 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
  • 30 يونيو بعد 12 عاما: انقلاب على الثورة وتكريس لحكم الفرد
  • الجيل: 30 يونيو أسقطت مخططات جماعة الإخوان الإرهابية واستعادت قوة الدولة
  • 30 يونيو.. مسمار في نعش مشروع الإخوان بالمنطقة
  • 12 عاما على ثورة الشعب| مصر تنتصر على مشروع الجماعة.. وباحث: نهجهم كان قائما على التناقض
  • 28 يونيو 1865.. اليوم الذي تم فيه حل الجيش الأميركي
  • ثورة 30 يونيو.. يوم استعاد فيه المصريون الوطن والهوية