مركز اقتصادي يحذّر: خفض المنح الخارجية يعمق الكارثة الإنسانية في اليمن
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من تداعيات كارثية محتملة نتيجة التراجع الحاد في حجم المنح والمساعدات الدولية المقدمة لليمن، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة خلال العام الجاري.
وأوضح المركز، في تقرير حديث، أن اليمن يواجه فجوة تمويلية خطيرة تهدد استمرارية برامج الإغاثة والمساعدات، داعياً إلى ضرورة التحرك العاجل لتوفير دعم طارئ وتبنّي نهج تدريجي للتحول نحو العمل التنموي المستدام، بما يضمن التخفيف من المعاناة المتزايدة للفئات الضعيفة، لا سيما النازحين والمجتمعات الأكثر هشاشة.
وأشار التقرير إلى أن النصف الأول من عام 2025 شهد أدنى مستوى تمويل لخطة الاستجابة الإنسانية منذ اندلاع الحرب، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات، في وقت تجاوز فيه عدد المحتاجين للمساعدة 19.5 مليون شخص، ما يكشف مدى خطورة الوضع الإنساني القائم.
وسلّط التقرير الضوء على التأثير العميق لقرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية لليمن مطلع العام الجاري، حيث تراجعت مساهماتها إلى 16 مليون دولار فقط في النصف الأول من 2025، مقارنةً بـ 768 مليون دولار خلال عام 2024.
وأشار المركز إلى أن هذا التراجع ترك أثراً بالغاً على عمل المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، خصوصاً في محافظة مأرب التي تستضيف أكبر تجمع للنازحين داخلياً، حيث أُجبرت العديد من المشاريع على التوقف، ما أدى إلى حرمان مئات الآلاف من الخدمات الأساسية في مجالات الغذاء والصحة والمياه والتعليم.
وتناول التقرير التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الإنساني لليمن، مؤكداً أن تقلّص المنح قد أدى إلى شلل جزئي في البرامج الحيوية كالأمن الغذائي، والرعاية الصحية، وخدمات الحماية، وسط تحذيرات من انهيار كامل للبنية الإنسانية في حال استمر هذا الاتجاه التراجعي.
وطالب المركز المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لسد فجوة التمويل عبر خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لعام 2025، إضافة إلى دعم البرامج التنموية ذات الأولوية، مشددًا على أهمية عدم التخلي عن اليمن في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.
وذكر التقرير أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، منها أكثر من 6.4 مليار قدمتها الولايات المتحدة، لدعم قطاعات حيوية كالغذاء والصحة والتعليم، في وقت تعاني فيه مؤسسات الدولة من انهيار وظيفي وخدماتي شامل.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
تطوير ميناء المخا.. رهان اقتصادي يعيد إحياء بوابة تجارة هامة في اليمن
في ظل التحديات الاقتصادية الخانقة التي يواجهها اليمن، تبرز مشاريع البنية التحتية الكبرى كأحد أهم مفاتيح التعافي الاقتصادي وإعادة الاندماج في منظومة التجارة الإقليمية والدولية. ويأتي مشروع تأهيل وتطوير ميناء المخا التاريخي كأحد أبرز هذه المشاريع، ليس فقط لما يحمله من قيمة اقتصادية مباشرة، بل لما يمثله من رهان استراتيجي على موقع جغرافي فريد لطالما شكّل نقطة وصل حيوية بين الشرق والغرب.
الميناء، الذي يبعد نحو 3.2 ميل بحري فقط عن أحد أهم خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، يستعيد اليوم دوره التاريخي كبوابة تجارية محورية، في وقت تتزايد فيه أهمية الموانئ القادرة على تقديم خدمات لوجستية متكاملة، وتخفيف الضغط عن الممرات والموانئ الإقليمية المزدحمة.
وأكد نائب رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر للشؤون الإدارية، مدير ميناء المخا عبدالملك الشرعبي، أن مشروع تأهيل وتطوير الميناء، الذي يُنفذ بموجب مذكرة تفاهم بلغت قيمتها نحو 138.9 مليون دولار، سيُحدث نقلة نوعية شاملة في أداء الميناء، ويؤهله للعمل وفق المواصفات العالمية والدراسات الفنية المتخصصة.
وأوضح الشرعبي، في تصريح لوكالة 2 ديسمبر، أن المشروع يتضمن رفع عمق الميناء إلى 12 مترًا، ما يمكّنه للمرة الأولى من استقبال سفن كبيرة تصل حمولتها إلى نحو 50 ألف طن، بما في ذلك سفن الحاويات، وهو تحول جوهري سيضع الميناء على خارطة الموانئ القادرة على خدمة التجارة الحديثة وسلاسل الإمداد الدولية.
وبحسب الشرعبي، فإن برنامج التطوير سيُنفذ على ثلاث مراحل رئيسية، تبدأ بمرحلة التعميق باعتبارها المرحلة الأكثر أهمية وحساسية، تليها مرحلتان للتوسعة وتطوير البنية التحتية والمنشآت المينائية. هذا التسلسل يعكس مقاربة فنية واقتصادية مدروسة، تهدف إلى ضمان جاهزية الميناء لاستقبال السفن الكبيرة قبل التوسع في الخدمات اللوجستية المساندة.
ويمثل المشروع، وفق إدارة الميناء، المرحلة الأهم في تاريخ ميناء المخا، إذ من المتوقع أن ترتفع طاقته الاستيعابية إلى نحو 195 سفينة سنويًا، مع طاقة مناولة تصل إلى 2.275 مليون طن سنويًا قابلة للزيادة مستقبلًا، ما يعني مضاعفة دوره في حركة الاستيراد والتصدير، وخفض الاعتماد على موانئ بعيدة ذات تكاليف أعلى.
كما يشمل المشروع حزمة من المنشآت الحيوية، من بينها ساحات لوجستية، ومستودعات حديثة، وصوامع للغلال والإسمنت، إلى جانب منشآت إدارية وخدمية، بما يحوّل الميناء إلى منصة تجارية متكاملة قادرة على خدمة مختلف القطاعات الاقتصادية.
اقتصاديًا، يشكل تطوير ميناء المخا عاملًا حاسمًا في خفض تكاليف النقل والشحن، خاصة للمحافظات المرتبطة به جغرافيًا، وعلى رأسها تعز، إب، لحج، وأجزاء من الحديدة. ويرى مختصون أن قرب الميناء من هذه المحافظات سيسهم في تقليص زمن وصول البضائع، والحد من تكاليف النقل البري، ما سينعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية.
إلى جانب ذلك، يُتوقع أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنشيط القطاعات المرتبطة بالخدمات اللوجستية، والنقل، والتخزين، والتجارة، وهو ما يمنح دفعة تنموية مهمة لمدينة المخا والمناطق المحيطة بها.
وأشار الشرعبي إلى أن إعادة إحياء الدور الحيوي لميناء المخا تحظى بدعم عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، الفريق أول ركن طارق صالح، الذي ساند إعادة تشغيل الميناء منذ انطلاق عمليات التطوير، في إطار رؤية أوسع لتعزيز الموانئ الوطنية وتشجيع الاستثمار.
وكانت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية قد وقّعت في وقت سابق اتفاقية مع شركة بريما الاستثمارية لإنشاء رصيف جديد بطول 280 مترًا وبغاطس 12 مترًا، إضافة إلى رصيف مخصص للسفن الصغيرة، وساحة حاويات، وثلاثة مستودعات، وصوامع، ومنشآت خدمية وإدارية حديثة.
ويكتسب المشروع أهمية إضافية نظرًا لموقع الميناء الذي يربط بين أوروبا وشرق أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، ما يجعله مؤهلًا ليكون بوابة لوجستية محورية في البحر الأحمر. كما ينسجم المشروع مع تطبيق القوانين المنظمة للموانئ البحرية وتشجيع الاستثمار، بما يعزز حضور اليمن في خريطة النقل البحري الدولية.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن تطوير ميناء المخا لا يمثل مجرد مشروع بنية تحتية، بل استثمارًا استراتيجيًا في الجغرافيا الاقتصادية لليمن، وخطوة عملية نحو استعادة دور تاريخي طال انتظاره، في وقت بات فيه البحر الأحمر أحد أهم مسارح التجارة العالمية.