الإصلاح: هل يبدأ بالراعي أم بالرعية
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
#الإصلاح: هل يبدأ بالراعي أم بالرعية
مقال الإثنين: 30 /6/2025
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
عند الحديث عن #الإصلاح، لا يختلف اثنان على أن له ضرورة قصوى، لكن عند الحديث عن ترتيب أولوياته يحتدم الجدل، فالسلطة تنزع الى #الاستبداد، والإصلاح دائما ما يكون باستعادة #المحكوم شيئا مما استلبه إياه #الحاكم، لذا يصبح الأمر تصارعا على المكتسبات والمنافع، فيميل محامو السلطة الى محاولة تأجيل إجراءات الإصلاح، برمي الكرة في ملعب الرعية، بحجة أنه يجب البدء بأن يصلح كل فرد ذاته، فإن صلحت الرعية فلا بد أن يكون الراعي صالحا، فهو فرد من هذا المجتمع، ويحتجون بالقول: “كما تكونوا يولَّ عليكم”.
هذا الكلام صحيح نظريا، لكنه كلام حق يراد به باطل، وليس دافعه الرغبة الصادقة بالإصلاح، بل هو للتسويف، فكل حاكم يعتقد أنه رمز الصلاح، وأنه لا يزلُّ ولا يطغى، قوله حكمة وفعله عدل.
قد لا يكون الحاكم في داخله مقتنعا بذلك، لكنه يبدأ بتصديق أنه كذلك، لكثرة المتزلفين والمنافقين من حوله، فهؤلاء يزينون أفعاله، ويبررون زلاته، ويتسترون على أخطائه.
عندها يبدأ الفساد، إذ مقابل خدماتهم هذه ينالون منه العطايا، وتوسد إليهم المناصب التي لا يصلحون لها، ويستبعد المخلصون والأكفاء، فتتردى الأحوال العامة، وتتفاقم الأمور عندما يستغل هؤلاء المقربون الفاسدون مراكزهم ونفوذهم لمصالحهم الفردية، فتسوء الأحوال الإقتصادية، وتصبح الأحوال المعيشية عصيبة.
لقد سأل أبو جعفر المنصور الفيلسوف “ابن المقفع” عن سبب تغير الزمان وفساد النفوس عما كانت عليه الأحوال في بداية الدولة الإسلامية، فأجابه برسالة تعتبر مرجعاً في الإصلاح السياسي بدأها بقوله: “أما سؤالكم عن الزمان فإن الزمان هو الناس”.
وقد حدد مسار الدولة الإسلامية، في أنها تمر بأربعة أزمنة حضارية: أفضلها الزمن الأول وهو “ما اجتمع فيه صلاح الراعي والرعية”، ويليه في الأفضلية الزمن الثاني وهو “أن يصلح الإمام نفسه ويفسد الناس”، وبعدهما الزمان الثالث الذي يتميز بـ”صلاح الناس وفساد الوالي”، أما الزمان الرابع فإنه ” ما اجتمع فيه فساد الوالي والرعية” وهو شرُّ الزمان.
أما ابن تيمية فيحدد الصلاح بمدى الترابط بين السلطة والدين: “إن انفرد السلطان عن الدين (أي خالفه)، أو الدين عن السلطة (كفصل الدين) فسدت أحوال الناس”
هنا نفهم لماذا أنزل الله الدين للناس، فهو يمثل الآلية الأنجح الضابطة لصلاح النفوس، كما يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
قد يبرز هنا سؤال: لماذا نجد الصلاح في الأقطار الكافرة أكثر من الأقطار المؤمنة؟.
الإجابة ترتكز على التعريف أولا: فليس أداء العبادات دليلا على الإيمان بل هي علامة ظاهرية، درجة الإيمان تتحدد بالتقوى، فمن كان يخشى الله وحسابه، وهمُّه إرضاء ربه، سواء كان المرء حاكما أم محكوما، فهو المؤمن، وهذا بالضبط ما يعنيه صلاح النفس، وذلك هو مراد الدين ومناط العبادات.
لكن كيف صلحت نفس الكافر وهو لا يتقي الله؟.
لقد أودع الله الفطرة السليمة في كل النفوس، وهي المرجعية المعيارية التي تحبب النفس بعمل الخير والبعد عن الشر، تقوى فاعليتها او تضعف بثلاثة عوامل:
1 – التوجيه التربوي، ويمثل المرحلة التأسيسية.
2 – الظروف المعيشية، وهي التي تؤثر في توجيه النفس بتعزيز قيم الصلاح أو تبعدها عنها.
3 – وأما الثالث فهو الأهم والأبلغ تأثيرا، فهو وجود الحافز والردع ويمثله الدين.
عند غير المؤمنين يتمثل الردع بالخوف من سطوة القانون لدى المحكوم، أو من التشهير أي سيف الإعلام والرقابة ان كان حاكماً لأنه يضعف فرصة بقائه في الحكم.
ولما كان هذان السلاحان فتاكين، فعقوبات القانون في الدول (غير المسلمة) رادعة وتطبق بحزم، لذا يلتزم الجميع فلا تجد أحدا يجرؤ على مخالفة قوانين الصلاح (السلامة العامة والصحة والبيئة والسير..الخ)، وليس ذلك عن صلاح ذاتي بل خوفا من العقوبة، فهو إن أمِنَها فسد، وهذا هو الفارق عن المؤمن، والذي رادعه الخوف من عقوبة الله التي لا يمكن تجنبها ولا التحايل عليها، وإذا أضفنا عليه خوفه من القانون إن طبق بواسطة حاكم صالح عادل، فعندها يصبح صلاح النفس مؤكدا.
لها وجدنا الزمن الأول عند ابن المقفع يمثل الحالة المثالية، ولذلك أيضا اشترط ابن تيمية صلاح الأمة ببقاء الارتباط بين الدين والسلطان قائما، وافتراقهما مفسدة. مقالات ذات صلة حياتنا مرةٌ صعبةٌ وعيشنا كئيبٌ حزينٌ 2025/06/30
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم غرايبه الإصلاح الاستبداد المحكوم الحاكم
إقرأ أيضاً:
حبيبة قديح من أوائل الثانوية: علم النفس شغفي.. والتفوق هدفي الدائم
دينا جوني (دبي)
لم تكن الطالبة حبيبة ياسر قديح، من مدرسة الشروق الخاصة في المسار العام، تتوقع أن يتجاوز طموحها حدود التفوق إلى تصدّر قائمة أوائل الثانوية العامة على مستوى الدولة في التعليم الخاص. تقول: «تواصلت معي وزارة التربية والتعليم لإبلاغي بالنتيجة... كنت أطمح للتفوق، لكن لم أتخيل أن أحصل على معدل بهذا الارتفاع أو أن أكون من الأوائل». حبيبة، المعروفة بين زميلاتها بحبها للقراءة والتحليل، تميل لدراسة علم النفس في إحدى الجامعات داخل الدولة، لكنها لم تحسم أمرها بعد.
وتوضح: «أرغب أن أتخصص في مجال أحبه وأتفوّق فيه، سواء كان علم النفس أو خياراً آخر قريباً من اهتماماتي». وترى حبيبة أن ما حققته جاء نتيجة سعي متواصل وجهد منتظم طوال العام الدراسي، مؤكدة أن دعم الأسرة والمعلمات كان له أثر كبير في تحقيق هذا النجاح.