تشهد مدينة المخا الساحلية، الواقعة على البحر الأحمر غربي اليمن، انتعاشًا لافتًا في الحركة التجارية والعمرانية، وسط تحولات تنموية متسارعة، جعلت منها اليوم واحدة من أبرز البوابات الاقتصادية للبلاد، عقب سنوات من الجمود والحصار الذي فرضته ميليشيا الحوثي قبل تحرير المدينة.

ومنذ خروجها من قبضة الجماعة الانقلابية، انطلقت المخا في مسار جديد قوامه الأمن والاستقرار والتنمية، ما حوّلها إلى مركز جذب متنامٍ للاستثمارات المحلية والتجارية، لاسيما من قبل رجال الأعمال اليمنيين الذين فضلوا نقل أنشطتهم من مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يعانون من القمع والابتزاز والتهديدات التي تطال أموالهم وأرواحهم.

وقد أسهمت الجهود المتواصلة التي يقودها عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية، العميد طارق صالح، في إعادة تأهيل البنية التحتية للمدينة وتطوير مؤسساتها الخدمية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين، وأعاد إلى المخا مكانتها كميناء تاريخي واستراتيجي مهم.

وفي ظل الأمن والاستقرار الذي تنعم به المدينة، انتقل العشرات من رجال الأعمال اليمنيين من صنعاء وذمار وإب والمحويت، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى المخا، لإعادة تشغيل استثماراتهم وإنشاء مشاريع جديدة، بعيدًا عن الابتزازات التي يتعرضون لها في مناطق الجماعة. وتحدث مستثمرون عن فارق بيّن بين واقعهم في مناطق الحوثيين، وما وجدوه في المخا من بيئة آمنة، وحرية في التنقل، ومناخ اقتصادي محفز، ومؤسسات متعاونة تفتح المجال للشراكة وتذليل الصعوبات.



عودة الأمل..

في العام 2018، كان رجل الأعمال الحاج أحمد حسن عطيبة على وشك فقدان كل شيء. كانت تجارته في مجال مواد البناء والكهرباء والطاقة الشمسية وقطع غيار السيارات، في منطقة البرح غربي تعز، حيث تخضع المنطقة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، على حافة الانهيار.

كان القلق والخوف يزداد يومًا بعد آخر، وهو يشاهد تجارته في لحظات انهيار متتالية، ويقف عاجزًا عن إيجاد أي حلول، لاسيما عندما ازداد توحش الميليشيا في فرض الضرائب والجبايات القسرية، وغياب الأمان، إضافة إلى ضعف الإقبال من قبل الناس على الشراء نتيجة فقدان القدرة الشرائية.

غير أن الأحوال شاءت أن تنهي حالة القلق والمخاوف التي ظلّت تساوره، بعد تلقيه معلومات موثقة منحته قليلًا من الأمل، عن توفر الأمن والاستقرار في مدينة المخا عقب تحريرها من بقايا الإمامة الحوثية، بفعل جهود المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح، التي أولت ترسيخ الأمن أهمية بالغة.

قرر حينها رجل الأعمال عطيبة، كما يروي لـ"نيوزيمن"، نقل تجارته إلى المخا، لعله ينجو بها من بطش الميليشيا وينقذها من الانهيار. يقول: "كانت المخا هي الخيار الوحيد أمامي لإنقاذ تجارتي من الانهيار، وتمت عملية النقل في عام 2018، ووجدت المدينة كما كنت أسمع عنها؛ من توفر أمن واستقرار، ما زاد الأمل في نفسي أكثر".

يضيف: "وبدأت جهودي في إعادة تنظيم تجارتي بشكل جيد، وحظيت باهتمام بالغ من قبل الجهات الأمنية والسلطة المحلية، والمصادفة أن هذه المدينة كانت تشهد تطورًا ملحوظًا".

يحكي عطيبة عن مشاهدته تفاصيل مشهد التنمية ونمو المدينة، وهي تخطو تدريجيًّا وبشكل متواصل نحو النمو، حيث كانت تجارته تشهد ذات النمو.

تنمية ونمو

يشير في حديثه إلى أن عام 2020 كان بمثابة تحول فارق في نمو رأسماله، وهو العام ذاته الذي بدأت فيه المخا تدخل فصلًا جديدًا، حيث التنمية المتسارعة في المدينة وتزايد أعداد السكان، وهي عوامل رئيسية أسهمت في زيادة تجارته بنسبة 60%. وغدت محلاته التجارية وجهة للكثير من الزبائن، وتضاعف رأسماله، وتوسعت محلاته، وزاد طموحه أكثر.

كان يشاهد المدينة تنمو أكثر، فيما تنال تجارته نصيبها الوافر من هذا النمو. حتى بلغت المدينة ذروتها، وباتت الفرص الاستثمارية متوفرة. بدأ طموحه يتوسع، فقرر في بداية عام 2024م تبنّي مشروع تجاري جديد، وذلك بتشييد فندق كبير يتوسط المدينة، ويتكون من خمسة طوابق، في بداية جديدة محفوفة بالنجاح كما يصفها.

طموح في توسيع الاستثمار

يقول إن تبنّيه مشروع تشييد الفندق جاء عقب مشاهدته الإقبال الكبير من قبل الزوار على فنادق المدينة، خصوصًا بعد استكمال مشروع كسر الحصار عن تعز (طريق الكدحة – البيرين)، ومشروع طريق موزع – الكدحة الذي يشارف على الانتهاء من تنفيذه، الأمر الذي أتاح للناس سهولة الانتقال إلى المخا لزيارات سياحية في شواطئ المدينة.

هذا الفندق، الذي يدخل خط المنافسة مع عدد من الفنادق التي شُيّدت في المدينة خلال السنوات الماضية، سيوفر العديد من الخدمات للزوار والسكان المحليين. ويأمل رجل الأعمال عطيبة أن يسهم هذا المشروع في تعزيز التنمية الاقتصادية التي تشهدها المدينة.

وتُعدّ قصة رجل الأعمال هذا دليلًا شاهدًا على التحول الكبير الذي شهدته المخا، وانعكاسًا واضحًا على تأثير الأمن والاستقرار والتنمية على نمو التجارة والاستثمار، كما تقدم شهادة حقيقية لتطور مدينة قدمت الفرصة الثمينة لرجل أعمال أن يحول تجارته من مرحلة الانهيار إلى مرحلة النمو والازدهار.

ويصف رجل الأعمال مدينة المخا بأنها "النقطة المضيئة في اليمن"، ويدعو رجال الأعمال والتجار لاغتنام الفرصة للاستثمار في المدينة.

وباتت المخا اليوم نموذجًا ملهمًا للتعافي الاقتصادي، وإثباتًا لإمكانية النهوض من ركام الحرب، بالاعتماد على الإرادة السياسية والتخطيط الشامل. ويعوّل اليمنيون كثيرًا على هذه التجربة لتكرارها في مناطق أخرى محررة، بما يسهم في تقليص الفجوة الاقتصادية، ويضع البلاد على طريق التنمية الشاملة والاستقرار الدائم.

ومن المتوقع أن تشهد المدينة في الأشهر المقبلة توسعًا إضافيًّا في مشاريع القطاع الخاص، وإنشاء مناطق صناعية وخدماتية جديدة، ما سيعزز من دور المخا كمركز اقتصادي رائد في اليمن، وبوابة بحرية مهمة تربط بين الداخل اليمني والموانئ العالمية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الأمن والاستقرار رجل الأعمال إلى المخا من قبل

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. أحمد توفيق مبدع “لن أعيش في جلباب أبي” الذي هزم أدوار الشر بالإبداع والاحترام


 

يُعد الفنان الراحل أحمد توفيق واحدًا من أبرز النجوم الذين جمعوا بين الموهبة الأكاديمية والفنية، إذ برع في التمثيل والإخراج، وترك بصمة لا تُنسى في الدراما المصرية. 

وُلد في مثل هذا اليوم 2 يونيو، ليبدأ مسيرة حافلة بالنجاح امتدت لعقود، تميزت بالعمق، والصدق، والالتزام المهني، لم يكن مجرد ممثل يظهر على الشاشة، بل كان مثقفًا ملتزمًا يملك رؤية فنية عميقة، انعكست على كل أدواره وأعماله الإخراجية.

نشأة علمية وفنية متكاملة

وُلد أحمد توفيق في محافظة القاهرة (وتشير بعض المصادر إلى الغربية)، وحصل على بكالوريوس من معهد الفنون المسرحية، كما درس في كليتي الحقوق والآداب، ما منحه خلفية ثقافية متميزة أهلته للتعامل بوعي كبير مع طبيعة الشخصيات التي قدّمها. هذه النشأة المزدوجة بين القانون والفن، أثرت شخصيته وأضافت إلى أدائه المسرحي والدرامي أبعادًا فكرية وإنسانية واضحة.

انطلاقته الفنية مع صلاح أبو سيف

بدأ مشواره الفني حين اكتشفه المخرج الكبير صلاح أبو سيف، وشارك في عدد من الأفلام التي عكست موهبته اللافتة، من بينها "لا وقت للحب"، و"القاهرة 30"، و"شيء من الخوف"، و"ثرثرة فوق النيل". 

وبرغم أنه قدّم أدوار الشر في كثير من الأحيان، إلا أن ملامحه الهادئة وصوته الوقور منحا شخصياته بعدًا إنسانيًا لا يُنسى.

تألق درامي من نوع خاص

عُرف أحمد توفيق أيضًا بإبداعه في عالم الإخراج، خاصة في الدراما التلفزيونية، حيث أخرج مسلسلات حققت نجاحًا مدويًا، من أبرزها "لن أعيش في جلباب أبي" الذي أصبح من كلاسيكيات الدراما المصرية، إلى جانب أعمال مثل "عمر بن عبد العزيز"، و"الحسن البصري"، و"الشاهد الوحيد"، و"محمد رسول الله"، و"هارون الرشيد". تميزت هذه الأعمال بالدقة التاريخية والرسالة الأخلاقية، ما عكس اهتمامه بنشر الوعي والقيم النبيلة.

شخصية متواضعة خلف الكاميرا

عرف عنه تواضعه الشديد واحترامه للفن ولزملائه ومن المواقف النبيلة في حياته، رفضه أن يُكتب اسمه كمخرج على تتر مسلسل "السقوط في بئر سبع"، احترامًا لاسم المخرج الراحل نور الدمرداش. 

كما تحدثت زوجته المخرجة رباب حسين عن دعمه الدائم لها، ومساعدته في إثراء العمل الفني بعيدًا عن الأضواء.

تقدير فني وجوائز مستحقة

حصل أحمد توفيق على جائزة الدولة التشجيعية في الفنون، إلى جانب عدة جوائز أخرى تقديرًا لعطائه المتميز في التمثيل والإخراج، وظلت أعماله تدرّس كنماذج فنية راقية، تعكس التزامًا بالهوية المصرية والرسالة الأخلاقية للفن.

رحيله وخلود إرثه

رحل أحمد توفيق عن عالمنا في 1 أغسطس 2005 بعد رحلة طويلة مع الإبداع، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا نقيًا يُدرّس ويُحتفى به حتى اليوم وبرغم وفاته، فإن أعماله ما زالت تعرض على الشاشات وتحظى بإعجاب أجيال متعاقبة.

مقالات مشابهة

  • عاجل | الأمن العام يوضّح تفاصيل الفيديو الذي جرى تداوله للمشاجرة في منطقة الصويفية
  • ياسين سعيد نعمان: الحوثي كـ "الضبع" بقوته الغاشمة التي تعكس البطش المحمول على سيقان مرتعشة
  • بعد نجاح "ماتقلقش" و"يابخته" و"يالا".. الجمهور يشيد بالخلطة الذهبية بين عمرو دياب والشافعي: "مزيج لا يُهزم"
  • نجاح مهني وتحديات شخصية.. توقعات برج الأسد لشهر يوليو 2025| خاص
  • حكومة اليمن تدين قتل الحوثي معلم قرآن سبعيني والجماعة تتهمه بالتمرد
  • فيلم "أحمد وأحمد" يحقق نجاحًا كبيرًا بشباك التذاكر في أول أيام عرضه
  • أحمد فهمي: العمل مع السقا نقلة في مشواري.. عنده هيبرة في أحمد وأحمد
  • رامي جمال يهيمن على تريند يوتيوب بثلاثية نجاح من ألبوم “محسبتهاش”
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد توفيق مبدع “لن أعيش في جلباب أبي” الذي هزم أدوار الشر بالإبداع والاحترام