عبدالحافظ معجب
في ليلةٍ لم يهدأ فيها الموج، أبحرت سفينةٌ مغرورةٌ فوق ظهر البحر الأحمر. كانت تحمل على متنها شحناتٍ وخططاً وأوهاماً ثقيلة، تمخر عباب الماء وكأنها وريثة البحر ومالكةُ مفاتيحه. لم تكن تخشى الريح ولا التيارات، فمن خلفها أساطيلٌ ترسم على الخرائط خطوط الأمان.
قال رُبّانها في غرفة القيادة:
«لن يعترضنا شيء.
ضحك الطاقم، وردّدوا أسماء البوارج والحاملات التي تحرس أحلام المستكبرين.
لكن الموج في تلك الليلة كان له حُرّاسٌ آخرون. فتيةٌ أشداء، من أرضٍ لم يركع أهلها يومًا، فتيةٌ رسموا خطوط الحظر في عرض البحر لا على الورق. خرجوا من ظلال الموج كالأمواج نفسها: صافيةٌ وعنيفةٌ في آنٍ معاً. أرسلوا إنذاراً واضحاً: «لا ممرّ لمن يحمل خبزاً لحصار غزة أو وقوداً لنيران المعتدين. من يتجاوز يُضرَب، ومن يستنجد بهوليود لن يجد النجدة إلا على شاشتها.»
لكن السفينة لم تصغِ. مضت تشق التيارات وتبث إشاراتٍ إلى سماءٍ لن تُسعفها. وحين صعد الفتية إليها، لم يجد الطاقم تلك البوارج. لم تهبط مروحيات الإنقاذ، ولم يسمع البحر سوى هديرٍ جديد: لكمةٌ تلو لكمةٍ تُسقط غطرستها من علوّها الكاذب.
ثم كان الغرق. تحوّلت السفينة إلى فقاعاتٍ ملونةٍ تطفو لحظةً ثم يبتلعها اليمّ، لتُذكّر كل قبطانٍ بعدها أن البحر الأحمر لن يكون ممراً آمناً قبل أن يعود الأمان إلى غزة.
وظلّت بقاياها المبعثرة في عمق الموج ترسم لوحةً أخيرةً عنوانها: «لا أمان هنا… حتى تنعم غزة بالسلام».
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
وفاة آخر رئيس وزراء في عهد البشير
توفي صباح اليوم الاثنين بالعاصمة المصرية القاهرة، محمد طاهر إيلا آخر رئيس وزراء في عهد حكومة الإنقاذ البائدة، وذلك بعد معاناة مع المرض.
الخرطوم: التغيير
ونعى والي ولاية البحر الأحمر مصطفى محمد نور محمود وأعضاء حكومته ايلا والي البحر الأحمر الأسبق، وقال إنه يعتبر قيادي من طراز فريد؛ ورمز من الرموز الوطنية، أفنى حياته في خدمة المجتمع عامة، وخدمة شرق السودان بصورة خاصة.
كما نعى الطاهر إبراهيم الخير والي ولاية الجزيرة وأعضاء حكومته ولجنة الأمن الراحل ايلا- الذي كان والياً على الجزيرة لعدة سنوات-، مشيرين إلى أنه كان من القيادات المتميزة في الإدارة ووضع بصمات واضحة وستظل خالدة في كل المواقع التي عمل بها.
وقالوا إنه كان رمزاً للنهضة والتطور وتلبية احتياجات المواطنين خاصة في ولايات البحر الأحمر والجزيرة وهيئة الموانئ البحرية.
وأصدر ناظر عموم قبائل الرشايدة بالسودان أحمد حميد بركي، بياناً نعى فيه ايلا، مشيراً إلى أنه كانت له مجهودات متعاظمة في مجال التنمية بشرق السودان وتعزيز السلام المجتمعي وإرساء قيم العدالة السمحاء وملف توطين العلاج بشرق السودان.
ونعى عدد من السياسيين والناشطين، خاصة المحسوبين على الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المحلول، الراحل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، منوهين إلى مسيرته السياسية والإدارية في المواقع المختلفة.
ويعتبر محمد طاهر ايلا المولود العام 1951م في مدينة جبيت بولاية البحر الأحمر، شخصية سياسية بارزة في السودان، سيما في عهد حكومة الإنقاذ التي أسقطتها ثورة ديسمبر 2018م، وارتبطت مسيرته بالعمل في هيئة الموانئ البحرية ووزارة النقل والطرق والجسور ووزارتي الاتصالات والتجارة، ووالي ولاية البحر الأحمر ثم والي ولاية الجزيرة.
وفي فبراير من العام 2019م ومع تنامي الثورة والاحتجاجات الشعبية ضد سلطة الإنقاذ عينه الرئيس المعزول عمر البشير رئيساً لمجلس الوزراء لكنه لم يلبث سوى شهرين حيث أسقطت حكومته بأمر الثورة في ابريل 2019م ليكون آخر رئيس وزراء في العهد البائد.
وفي السياق، تداولت مواقع إخبارية أنباء عن توجيه من رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بنقل جثمان ايلا من القاهرة إلى بورتسودان بطائرة خاصة.
الوسومالإنقاذ الحركة الإسلامية السودان القاهرة المؤتمر الوطني ثورة ديسمبر عمر البشير محمد طاهر ايلا مصر ولاية البحر الأحمر ولاية الجزيرة