البلاد (إسطنبول)
في تحرك لافت على صعيد الملف الكردي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس (السبت)، تشكيل لجنة برلمانية مختصة لبحث المتطلبات القانونية لعملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، في ما وصفه بـ”المرحلة الأخيرة من 47 عاماً من الإرهاب”.
وأكد أردوغان خلال كلمة ألقاها في أنقرة أن التطورات الإقليمية، خاصة في سوريا والعراق، أسهمت في تقليص خطر الإرهاب بشكل كبير، ومهدت الأرضية لإجراءات جديدة تركز على الحل السياسي ونزع السلاح، قائلاً:” لقد قاتلنا الإرهاب، لكننا أيضاً اقتربنا من إخوتنا الأكراد، وأثبتنا أننا نبحث عن مصلحة تركيا ومصلحتهم على حد سواء”.


وفي سياق حديثه، استعرض الرئيس التركي الكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة التي تحملتها بلاده نتيجة الصراع المسلح مع” العمال الكردستاني”، مشيراً إلى أن “الإرهاب كلّف تركيا تريليوني دولار على مدار السنوات الماضية، وأودى بحياة 10 آلاف من رجال الأمن و50 ألف مدني”. وأضاف: “هذه التضحيات لن تذهب سدى، وها نحن نصل إلى نهاية طريق طويل من المعاناة”.
وجاء تصريح الرئيس التركي بعد يوم من خطوة رمزية قام بها 30 مقاتلاً من حزب العمال الكردستاني، حيث أحرقوا أسلحتهم أمام أحد الكهوف القريبة من مدينة السليمانية شمال العراق، في مشهد وصف بأنه “مراسم وداع” لصراع امتد لأكثر من أربعة عقود.
تأتي هذه الخطوة في إطار مبادرة أطلقها الحزب في مايو الماضي، أعلن خلالها حل نفسه وإنهاء العمل العسكري ضد الدولة التركية، وذلك بعد دعوة علنية من زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في تركيا منذ عام 1999.
ويُنظر إلى هذا التطور باعتباره تحولاً إستراتيجياً في العلاقة بين أنقرة والحركة الكردية المسلحة، خصوصاً أن حزب العمال الكردستاني كان مصنفاً من قبل تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.
ويرى مراقبون أن تشكيل لجنة برلمانية رسمية يعكس رغبة الحكومة التركية في الانتقال من المعالجة الأمنية إلى المعالجة التشريعية والسياسية للقضية الكردية، وهو ما قد يفتح الباب أمام مفاوضات أكثر شمولاً في المستقبل.
ولم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية من الأطراف الدولية أو الإقليمية حيال إعلان الحزب نزع سلاحه، غير أن مراقبين يتوقعون أن تسهم هذه الخطوة في تهدئة الأوضاع الأمنية جنوب تركيا وعلى حدودها مع العراق وسوريا، إضافة إلى أنها قد تعيد رسم أولويات التعامل مع الملف الكردي في ضوء التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: العمال الکردستانی

إقرأ أيضاً:

اليونسكو تختار مديرا عاما يقودها في مرحلة بالغة الصعوبة

يكتسب التصويت الحاسم الذي يجريه المجلس التنفيذي لليونسكو، اليوم الاثنين، لاختيار المدير العام المقبل أهمية فائقة، إذ سيتولى الفائز قيادة المنظمة 4 سنوات وسط اتهامها بأنها "مُسيَّسة" والصدمة التي أحدثها إعلان الولايات المتحدة خروجها منها.

فمنذ انسحاب المكسيكية غابرييلا راموس من السباق إلى المنصب، لم يبق في المنافسة لخلافة الفرنسية أودري أزولاي في قيادة المنظمة الأممية المعنية بالتربية والعلم والثقافة سوى اثنين. الأول، الذي يبدو أنه الأوفر حظا للفوز، هو المصري خالد العناني، وهو عالم مصريات يبلغ من العمر 54 عاما ووزير سابق للآثار والسياحة في مصر (بين 2016 و2022)، والمرشح الثاني هو الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، البالغ من العمر 69 عاما، والذي أمضى 35 عاما منها في المنظمة، ويشغل حاليا منصب نائب المدير العام المكلف بالعلاقات الخارجية.

وإن كانت الانتخابات ستُجرى رسميا في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني خلال جمعية عامة تُعقد في سمرقند بأوزبكستان، فإن الأنظار تتجه إلى تصويت المجلس التنفيذي، اليوم الاثنين، بمقر المنظمة في باريس لإصدار توصية بأحد الاسمين. ويُعد هذا التصويت بالغ الأهمية وأشبه بانتخاب مبكر، إذ لا يُذكر أن الجمعية العامة سبق لها أن خالفت توصيات المجلس التنفيذي بهذا الشأن.

أجرى المرشحان في الأشهر الأخيرة زيارات لعدد كبير من الدول سعيا لكسب تأييد 57 منها مدعوة للمشاركة في التصويت، علما أن الولايات المتحدة، التي ستنسحب بنهاية عام 2026، أعلنت أنها لن تشارك.

وقال المرشح الكونغولي: "في وقت نمر فيه باضطرابات بالغة الصعوبة، ونشهد إعادة نظر في نظام تعددية الأطراف وتراجعا لفاعلية منظمات الأمم المتحدة، نحتاج إلى قيادة تفهم آلية عمل هذه المنظمة، وتعرّف العقبات التي ينبغي تجنبها، ولديها معرفة بما يمكن وما لا يمكن فعله".

إعلان

أما خالد العناني، فأكّد عزمه على أن يحمل إلى المنظمة "منظورا جديدا"، وأن يستثمر فيها الخبرة التي اكتسبها من مسيرة مهنية كان دائم التعاون خلالها مع اليونسكو "ميدانيا"؛ باحثا في علم المصريات، ومديرَ متحف، ثم وزيرا، سعيا لتعزيز حضور المنظمة وجعل "تأثيرها أكبر".

تمويل من القطاع الخاص

تشهد اليونسكو منذ أشهر مرحلة تشكيك في دورها، فبعد خروج إسرائيل من المنظمة عام 2017 شهدت السنة الجارية انسحابين؛ أحدهما أعلنته نيكاراغوا في مايو/أيار بعد منح جائزة لصحيفة معارضة فيها، والآخر، وهو الأبرز، أعلنته الولايات المتحدة رسميا في يوليو/تموز، إذ اتهمت إدارة ترامب المنظمة بالتحيز ضد إسرائيل، والترويج "لقضايا اجتماعية وثقافية مثيرة للانقسام"، وتأييد "خريطة طريق أيديولوجية تؤمن بالعالمية" تتعارض مع سياستها القائمة على مفهوم "أميركا أولا".

واعتبرت الولايات المتحدة أن موقف المنظمة مناهض لإسرائيل عبر الاعتراف بدولة فلسطينية، قائلة إن "قرار اليونسكو الاعتراف بفلسطين كدولة عضو يمثل مشكلة كبيرة ويعارض سياسة الولايات المتحدة وأسهم في انتشار خطاب معاد لإسرائيل داخل المنظمة".

يذكر أن ترامب اتخذ خطوات مماثلة خلال رئاسته الأولى، إذ انسحب من اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واتفاق باريس المناخي والاتفاق النووي الإيراني.

لكن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ألغى هذه القرارات بعد تولّيه المنصب في 2021 لتعود الولايات المتحدة إلى اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية واتفاق المناخ.

ويحرم انسحاب الولايات المتحدة اليونسكو جزءا كبيرا من مواردها المالية، إذ توفّر واشنطن 8% من إجمالي موازنة المنظمة، لكن هذه الخطوة تؤثر سلبا كذلك على مكانتها. ورأى فيرمين إدوار ماتوكو ضرورة "أن يكون الجميع موجودين، وإلا فلن تعود منظمة عالمية".

ووعد كلا المرشحيْن بالعمل على إعادة الولايات المتحدة إلى المنظمة، وهو ما نجحت أودري أزولاي في تحقيقه عام 2023، بعد 6 سنوات من قرار ترامب الأول سحب بلده منها.

وفي ظل غياب التمويل الأميركي وتراجع التمويل من الدول الأوروبية التي تعطي الأولوية لإنفاقها على الأسلحة والدفاع، يعتزم خالد العناني تعزيز القاعدة المالية لليونسكو من خلال طريقتين؛ أولاهما جذب المزيد من الإسهامات الطوعية من الحكومات بطرق أبرزها نظام "مبادلة الديون"، والثانية من خلال الاستفادة من موارد القطاع الخاص (المؤسسات، والجهات الراعية، والشركات، وغيرها).

ولاحظ أن "موارد هذا القطاع كانت تشكّل 8% من الموازنة في عام 2024، وثمة مجال لزيادته". وأضاف: "أريد أن أبيّن أن لليونسكو تأثيرا ملموسا على حياة الناس. فاليونسكو لا تُعنى فقط بالتراث الثقافي، بل تعنى أيضا بالتعليم في مناطق الطوارئ، وحماية الصحافيين وحريتهم، ومكانة المرأة في العلوم…".

وبينما سيكون العناني، إن فاز، أول عربي يترأس المنظمة، فإن الأمين العام المقبل سيكون في كل الأحوال ثاني أفريقي يتبوأ هذا المنصب بعد السنغالي أمادو مختار مبو (1974-1987).

مقالات مشابهة

  • سمير جعجع: ليس أمام حزب الله إلا تسليم سلاحه
  • رئيس مجلس الشورى يجتمع مع رئيس البرلمان التركي في إسطنبول
  • تركيا.. اعتقال برلماني عن الحزب الحاكم بتهمة “إهانة أردوغان”
  • هل ستتدخل تركيا في الصراع بين القوات الكردية والحكومة السورية؟
  • أردوغان: تركيا ستبدأ قريبا جدا توليد الكهرباء من محطة “أكويو” النووية
  • برلمانية: تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص يمهد الطريق لتطوير الصناعة الوطنية
  • محللون: نزع سلاح حزب الله بالقوة قرار غير عقلاني في ظل تغول إسرائيل
  • أردوغان: تركيا في مقدمة الدول المستثمرة بالطاقة الخضراء
  • اليونسكو تختار مديرا عاما يقودها في مرحلة بالغة الصعوبة
  • هل تحقق صورة أردوغان مع أحزاب المعارضة التطبيع السياسي في تركيا؟