1500 فلسطيني فقدوا أبصارهم جراء حرب الإبادة في غزة
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
الثورة نت /..
أعلن مدير مستشفى العيون التخصصي في غزة، الطبيب عبد السلام صباح، أنّ ما يزيد على 1500 مصاب فقدوا البصر خلال حرب الإبادة المستمرة منذ 21 شهراً.
وأفاد صباح، في حديثٍ إلى موقع «الأخبار»، بأنّ الاحتلال الإسرائيلي اقتحم مستشفى العيون المركزي في الشهر الأول من حرب الإبادة، ودمّر عدداً من معداته الطبية والتشخيصية والبنية التحتية، ما أدّى إلى تحييده عن العمل لمدة 13 شهراً، ليفقد إثر ذلك المئات من المصابين البصر.
وأوضح الطبيب أنّ عدم توافر غرف عمليات جراحية متخصصة بأمراض العيون والتي تُعنى بالجراحات الدقيقة المجهرية فضلاً عن النزوح القسري لعدد كبير من الأطباء «فاقم من إصابتهم حتى فقدوا البصر بشكل جزئي أو بشكل كامل، نتيجة لتأخر التدخل الجراحي الخاص بهم أو حتى منعهم من السفر لاستكمال العلاج».
كما حذر من فقدان ما لا يقل عن 4000 إلى 5000 مريض للبصر سواء بشكل جزئي أو كلي «لعدم توافر الأجهزة الطبية التشخيصية والدقيقة وكذلك الأدوية العلاجية والمستلزمات الطبية التي تحتاجها العمليات الجراحية».
وأشار مدير مستشفى العيون المركزي إلى أنّه ولضعف الإمكانات المادية والبشرية، ما يزال 1400 مريض ينتظرون دورهم لإجراء عمليات جراحية في عيونهم «علّهم ينقذونها من الفقد».
وقال إنّ «القدرة التشغيلية للمستشفى حالياً «7 حالات في اليوم الواحد بعدما كانت تصل إلى 20 حالة قبل الإبادة، وذلك لعدم توافر طاقم كافٍ ولا مستهلكات كافية لتغطية الاحتياج».
وطالب صباح المؤسسات الدولية والأممية بالعمل الحثيث والجاد لتعزيز الخدمات الصحية وتوفير المستهلكات الطبية والعلاجية والأجهزة الضرورية لخدمات العيون في قطاع غزة.
الشعور بالعجز
من جهتها، أكدت الاختصاصية النفسية أنهار فرج الله أنّ لفقدان البصر «تأثير عميق في نفسية المصاب والتي تشعره بالعجز والاعتماد على الآخرين بعدما كان يعتمد على نفسه ويساند أهله ومن حوله من النازحين».
وأضافت أنّ المصاب بفقدان البصر «خصوصاً الكلي، تصبح الحياة أمامه وكأنها كالحة سوداء مظلمة، وهو ما يؤدي لإصابته بالقلق والتوتر، ويمكن أن يدخله في حالة نفسية صعبة كالعزلة والاكتئاب».
وشددت على أهمية الدور الذي يقع على عاتق العائلة في تلك الحالة «فلا بد من أن تقف إلى جانب المصاب ودعمه نفسياً وجسدياً كي يتخطى مرحلة الصدمة التي تصيبه»، داعيةً إياهم إلى الاستعانة بالدعم النفسي من الجهات المختصة كي يستطيع المريض تجاوز المرحلة والتعايش مع الواقع الجديد.
«أهوال يوم القيامة»
وعلى سرير العلاج في مستشفى العيون التخصصي تستلقي شابة جميلة في مقتبل العمر، تنتظر دورها من أجل إزالة شظية اخترقت عينها اليمنى، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة التي تقطن فيها بحزام ناري.
وروت سجى حميد (25 عاماً) ما حدث معها صباح الأربعاء الماضي، وتقول لـ«الأخبار»: «كنت أقف بجوار نافذة المنزل في منطقة التفاح شرق مدينة غزة، وإذا بحزام ناري يفجّر المنطقة وكأنها أهوال يوم القيامة، ليطير جسدي ويرتطم بجدار الغرفة وأفقد الوعي دقائق معدودة».
وأضافت: «استيقظت ووجدت الدماء تغطي وجهي والحجارة فوق ظهري، وآلاماً شديدة في رأسي، وعيني لا أستطيع فتحهما والدماء تنزف منهما، حاولت الوقوف فلم أستطع، وجاء أخي وأخرجني وأمي التي أصيبت أيضاً، وسرنا عشرات الأمتار حتى حضرت سيارة أجرة ونقلتها إلى مستشفى المعمداني ومنه إلى مستشفى العيون».
وأملت الفتاة سجى أن يتمكن الأطباء من إخراج الشظية دون أن تؤثّر في الشبكية أو أي من المراكز البصرية الحساسة لعينها، وتتساءل «ما هو الذنب الذي ارتكبناه كي نصاب في نور عيوننا، ونحرم من رؤية ما حولنا؟».
حكاية وجع أخرى روى تفاصيلها والد الطفل محمد حجازي (7 أعوام) من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، والذي فقد كلتا عينيه بعد أن مزقتهما شظايا مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي في 25 آذار الماضي. وقال والد الطفل محمد في حديث إلى «الأخبار» إن طفله «خرج إلى ساحة منزلنا شبه المدمر كي يلعب مع أصدقائه، وإذا بصوت انفجار يدوّي في المكان خرجت على إثره مسرعاً كي أعرف مصدره، وإذا بي أجد طفلي مضرجاً بالدماء»، واصفاً المشهد بـ«الصعب جداً».
وأوضح أنه انتقل مسرعاً وهو يحمل محمد إلى «المستشفى الإندونيسي» ويقول إنّه وقّع على ورقة باستئصال عينيه الاثنتين بعدما دمّرت شظايا القنبلة مركزه البصري، إلا أنّ الطبيب ارتأى أثناء خضوع محمد للعملية الجراحية، وبعدما استأصل العين اليمنى، أن تبقى اليسرى في محجرها على أمل أن تحدث معجزة تُعيد إليها النظر، أو تسهّل عليهم زراعة العين التجميلية.
ولفت إلى أنه وبعد شهر من المناشدات تم إجلاء محمد برفقة والدته إلى السعودية بعدما تكفّل «مستشفى الملك فيصل التخصصي» بعلاجه، مشيراً إلى أن طفله بدأ بتقبل الواقع الذي أصابه.
ولا تختلف مأساة عائلة أبو حليمة عمن سبقها كثيراً، فقد أدى استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للعائلة إلى فقدان علي (16 عاماً) عينه اليسرى، وإصابة شقيقته الصغرى فاطمة (6 أعوام) في عينها اليمنى، فيما أصيب والدهما بكسور بليغة في أطرافه اليمنى واستشهدت شقيقتهم الكبرى.
وروت والدتهم لـ«الأخبار» ما حلّ بهم في العشرين من شهر آذار الماضي، وقالت: «فجر العشرين من رمضان، كنا نستعد لتناول طعام السحور في خيمتنا على أنقاض منزلنا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وإذا بصاروخ استهدف الخيمة أدى إلى استشهاد ابنتي الكبرى وإصابتي وزوجي وأبنائي، نقلنا على إثرها لتلقي العلاج في المستشفى».
وأوضحت الأم أنّ ابنها علي أصيب بشظايا في عينه اليسرى أدت إلى تفريغها من محجرها ليفقد جزءاً كبيراً من بصره «ونسعى من أجل تحويله للعلاج في الخارج لتركيب عين اصطناعية تجميلية»، وأضافت: «ابني ما يزال شاباً يافعاً في مقتبل العمر، ولا يتقبل أن يكون بعين واحدة».
أما عن صغيرتها فاطمة، فقالت إنّها «أصيبت في عينها اليمنى بشظايا أدت إلى استبدال عدسة العين بعد خضوعها لعملية جراحية بعدسة اصطناعية»، وأشارت إلى أنّ الحالة النفسية لطفلتها صعبة جداً «لا تتوقف عن البكاء خاصةً في حال حدوث أي صوت مرتفع في المكان».
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی مستشفى العیون إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي أمام اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أدلة متزايدة ورفض رسمي
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحفي إيشان ثارور قال فيه إنّ: "منظمتان إسرائيليتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان (بتسيلم وأطباء من أجل حقوق الإنسان)، أصدرتا هذا الأسبوع، تقريرين منفصلين يشرحان أن أفعال إسرائيل في قطاع غزة ترقى إلى مستوى إبادة جماعية".
وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "تقييماتهما قد توافقت مع الاستنتاجات التي سبق أن توصل إليها عدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية الرائدة، والحكومات الأجنبية، والباحثون في دراسات الإبادة الجماعية خلال 21 شهرا".
وتابع: "منذ ذلك الحين، ألحق الجيش الإسرائيلي أضرارا أو دمّر معظم مباني غزة، وسوى معظم أحيائها بالأرض، وشرّد السكان الفلسطينيين في القطاع مرارا وتكرارا من خلال أوامر الإخلاء والقصف المتواصل. قُتل أكثر من 60 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية المحلية، وتنتشر المجاعة بين السكان الناجين، وفقا لمراقبي الأمم المتحدة، حيث يعانون من: مجاعة واسعة النطاق وسوء تغذية وأمراض".
وقالت المنظمتان الحقوقيتان الإسرائيليتان، وفقا للمقال نفسه، إنّ: "سلوك إسرائيل خلال الحرب وخطاب العديد من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يُظهران "نية متعمدة من صناع القرار الإسرائيليين لاستهداف جميع سكان غزة بدلا من استهداف المقاتلين فقط، وتدمير حياة الشعب الفلسطيني"، كما أفاد مراسلو واشنطن بوست. ودعا هؤلاء القادة الإسرائيليون، من بين أمور أخرى، إلى حرمان المدنيين في غزة من الغذاء والماء والتطهير العرقي للقطاع".
إلى ذلك، قالت مديرة منظمة بتسيلم، يولي نوفاك: "لكل إبادة جماعية في التاريخ مبرراتها، على الأقل في نظر مرتكبيها: الدفاع عن النفس في وجه خطر وجودي، وحرب لا خيار فيها، وضحايا 'جلبوها على أنفسهم'".
وأوضح المصدر أنّ: "تهمة "الإبادة الجماعية" تُعتبر تهمة مُثقلة ومُحفوفة بالمخاطر، خاصة عند استخدامها ضد دولة نتجت عن تجربة الهولوكوست. صاغ هذا المصطلح المحامي البولندي رافائيل ليمكين عام 1944 لتفصيل مشروع النازيين المنهجي لقتل اليهود، وتم تعريفها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية كجريمة تحمل "نية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
وأردف: "تعتقد الحكومات التي اتهمت إسرائيل في محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية، أن هناك أدلة كافية تُظهر أن إسرائيل تنوي جعل حياة الفلسطينيين في غزة مستحيلة. وفي هذا الرأي، يدعمهم عددٌ متزايد من علماء الإبادة الجماعية. في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أصدر معهد منع الإبادة الجماعية، الذي يحمل اسم ليمكين، بيانا حذّر فيه من "استخدام لغة الإبادة الجماعية الواضحة على جميع مستويات المجتمع الإسرائيلي تقريبا".
في السياق نفسه، كتب الخبير الاجتماعي الرائد في مجال الإبادة الجماعية ومؤلف كتاب "ما هي الإبادة الجماعية؟" الصادر عام 2007، مارتن شو، الأسبوع الماضي، أنّ: "العديد من القادة والصحفيين الغربيين عازمون على "تجنب استخدام كلمة 'إبادة جماعية' بأي ثمن عند تقييم أفعال إسرائيل"، ويرجع ذلك جزئيا إلى حساسية هذه الكلمة".
لكن شو جادل بأنّ: "تراكم البؤس والمعاناة في غزة على مدى 21 شهرا الماضية، والجهود الفوضوية التي تبذلها مبادرة مدعومة من إسرائيل لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار قصير الأمد في آذار/ مارس، تعني أنّ: سد إنكار الإبادة الجماعية التفسيري قد انهار تماما".
وتصدر المؤرخ البارز للهولوكوست في جامعة براون، عمر بارتوف، عناوين الصحف، قبل أسبوعين، بمقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" جادل فيه بأن إبادة جماعية تحدث في غزة. في مقابلة لاحقة مع شبكة سي إن إن أوضح بارتوف أنه "اعتقد في البداية أن إسرائيل ربما ترتكب جرائم حرب، وليس إبادة جماعية".
واستدرك: "لكن تطبيق سياسات معاقبة جميع سكان غزة "تفاقم بشكل كبير" في الأشهر التالية، على حد قوله، كما أن تدمير إسرائيل للبنية التحتية المدنية والمستشفيات والمتاحف والجامعات، وأي شيء من شأنه أن يُمكّن السكان بعد الحرب من إعادة بناء أنفسهم، في غزة، يعزز أيضا تهمة الإبادة الجماعية".
بارتوف ليس الوحيد. ففي حزيران/ يونيو، قالت رئيسة الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، ميلاني أوبراين، وهي رابطة تضم أكثر من 700 باحث، في مقابلة إن "ما يحدث في غزة يُمثل إبادة جماعية" ويندرج ضمن التعريفات القانونية للجريمة التي حددتها اتفاقية الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
أيضا، كتب تانر أكام وماريان هيرش ومايكل روثبرغ، الأكاديميون الذين ساعدوا في تأسيس شبكة أزمة دراسات الإبادة الجماعية والمحرقة، التي انضم إليها أكثر من 400 باحث بعد إطلاقها في نيسان/ أبريل، في مقال رأي بصحيفة الغارديان هذا الأسبوع أنّ: "المسؤولين الإسرائيليين وحلفاءهم برروا العنف الإبادي ضد الفلسطينيين بمساواتهم بين حماس والنازية، مستغلين ذكرى المحرقة لتعزيز العنف الجماعي بدلا من منعه".
في أيار/ مايو، أجرت صحيفة NRC الهولندية استطلاعا لآراء سبعة باحثين بارزين في مجال الإبادة الجماعية، والذين أجمعوا على أن إبادة جماعية تحدث في غزة. كان المؤرخ الإسرائيلي ومدير برنامج دراسات المحرقة والإبادة الجماعية في جامعة ستوكتون في نيوجيرسي، راز سيغال، من أوائل الباحثين في هذا المجال الذين أشاروا إلى الإبادة الجماعية، محذّرا بعد أسبوع واحد فقط من عملية 7 أكتوبر من أن "حالة إبادة جماعية نموذجية" تتكشف في غزة.
وختم المقال بالقول: "جادل دانيال بلاتمان وآموس غولدبرغ، مؤرخا دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في الجامعة العبرية في القدس، في وقت سابق من هذا العام، بأن المحاسبة بالنسبة لإسرائيل ستتجاوز بكثير حدود الأكاديميا".
وكتبا في صحيفة "هآرتس" العبرية، في كانون الثاني/ يناير: "بمجرد انتهاء الحرب، سيتعين علينا نحن الإسرائيليين أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، حيث سنرى انعكاس مجتمع لم يكتفِ بفشله في حماية مواطنيه من هجوم حماس القاتل، وإهمال أبنائه وبناته الأسرى، بل ارتكب أيضا هذا الفعل في غزة، هذه الإبادة الجماعية التي ستلطخ التاريخ اليهودي من الآن فصاعدا وإلى الأبد. علينا أن نواجه الواقع ونفهم عمق الرعب الذي ألحقناه".