تعجز عن دفع رواتبهم.. ماذا بعد تقليص الحكومة الفلسطينية دوام موظفيها؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2025 GMT
رام الله- بعد أن عجزت عن دفع أي جزء من رواتب موظفيها لشهرين متتاليين تتجه الحكومة الفلسطينية إلى تقليص عدد أيام الدوام في المؤسسات الرسمية، في محاولة منها للتخفيف عن نفسها والعبء عن موظفيها.
وجاء قرار الحكومة بعد حراك للنقابات، في ظل استمرار حجب إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية، وهي أموال ضرائب عن الواردات إلى السوق الفلسطيني تجيبها إسرائيل في المنافذ التي تسيطر عليها ويفترض أن تحولها للسلطة الفلسطينية، وتراكمت تدريجيا حتى بلغت نحو 2.
كما جاء بالتزامن مع قرار أصدرته المحكمة الإدارية منتصف الشهر الجاري، ويقضي بالوقف المؤقت لتقليص الدوام، والذي كان أعلنه اتحاد نقابات المهن الصحية الفلسطينية كإجراء نقابي احتجاجي ضد عدم صرف الرواتب.
وبينما حذر نقابي فلسطيني في حديثه للجزيرة نت من تأثر الخدمات المقدمة للمواطنين -خاصة الخدمات الصحية- قال خبير سياسي إن الأزمة المالية تندرج ضمن مخطط لتغيير الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية.
مجلس الوزراء يحذّر من مرحلة قد تعجز فيها المؤسسات الوطنية عن الاستمرار بتقديم خدماتها بسبب استمرار احتجاز أموال المقاصة
القطاعات الحيوية مهددة بالتوقف
قد نلجأ لإيقاف مؤقت لعمل بعض الدوائر الرسمية
تحركات سياسية وقانونية مكثفة لاستعادة الأموال المحتجزة
— جريدة القدس (@alqudsnewspaper) July 18, 2025
تحذير من عجزوفي الوقت الذي حذرت فيه الحكومة من مرحلة قد تعجز فيها المؤسسات الوطنية عن الاستمرار في تقديم خدماتها أعلن مكتب الاتصال الحكومي تقليص دوام الموظفين، وبالفعل أعلنت بعض القطاعات اقتصار دوام الموظفين على يومين، ومنها مديريات التربية والتعليم، وذلك بعد عام كامل اقتصر فيه دوام المعلمين في المدارس على 4 أيام في الأسبوع.
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الفلسطيني أعلنت الأربعاء الماضي عن ترتيبات جديدة لمدة شهر تنظم دوام الموظفين العموميين في المؤسسات الحكومية "مرنة ومؤقتة تضمن استمرارية العمل وتقديم الخدمات، دون الإخلال بحقوق المواطنين أو عمل المؤسسات".
إعلانوتنص التعليمات الجديدة على "منح رؤساء الدوائر الحكومية صلاحية تنظيم الدوام داخل مؤسساتهم، بما يتناسب مع طبيعة عمل كل موظف وظروف كل دائرة".
ووفق الخبير الاقتصادي سمير حليلة في مقال نشرته وسائل إعلام محلية، فإن فاتورة رواتب موظفي السلطة تبلغ 8.8 مليارات شيكل سنويا (نحو 2.6 مليار دولار)، موضحا أن قطاع الأمن يستحوذ على 37% من الرواتب، والتعليم 33%، والصحة 11%، في حين تستمر الأزمة المالية بلا أفق واضح للحل.
وفي رسائل إلى قادة العالم أول أمس الأحد قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن السلطة "تتعرض لحصار مالي واقتصادي غير مسبوق (..)، في محاولة واضحة لتقويض عمل الحكومة الفلسطينية وشل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا".
أسامة النجار رئيس اتحاد تقابات المهن الصحية في فلسطين تعقيبًا على إضراب نقابات المهن الصحية وانعكاسه على الفلسطينيين: أربع سنوات والموظف يتحمل مسؤوليات لا يتحملها أحد، وأنا مع انهيار السلطة حتى وقف الأزمة، والسلطة هي مشروع أمريكي وإسرائيلي وإماراتي. pic.twitter.com/0TBFMl3e6c
— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) July 6, 2025
لا قدرة على الاستمراروفي تعليقة على لجوء الحكومة إلى التقليص، قال أسامة النجار نقيب الطب المخبري رئيس اتحاد نقابات المهن الصحية للجزيرة نت إن الموظفين حاولوا التكيف مع الواقع الموجود بحيث يستمرون في تقديم الخدمة ويحافظون على حياتهم الكريمة على الأقل بالحد الأدنى، وذلك من خلال تقليص أيام العمل والدوام في أيام عمل أخرى مع عدم انقطاع الخدمة عن المواطنين.
لكنه أضاف أن "هذا الأمر لن يستمر طويلا، لأن قدرة الموظفين على الاحتمال وصلت الحد الأقصى، بعد مضي 45 شهرا لم يتلقوا فيها رواتبهم إنما أجزاء من الراتب، في ظل التزامات مالية متراكمة كبيرة جدا".
ولا يرى النجار أفقا لحل الأزمة في المدى المنظور "سواء لدى الحكومة أو لدى العالم بأجمعه في ظل استمرار إسرائيلي في حجز المقاصة وحربها على كل شيء فلسطيني".
وحذر النقابي الفلسطيني من أن استمرار الأزمة "يلقي بظلال سوداء وكبيرة جدا على وزارة الصحة والخدمات الصحية المقدمة للمواطنين أيضا".
#أجيال || لماذا تمتنع الدول العربية عن تقديم مساعدات مالية مع استمرار القرصنة الإسرائيلية لأموال المقاصة؟ pic.twitter.com/4LuXEsX5Ew
— شبكة أجيال الإذاعية (@Ajyal_FM) July 22, 2025
مأساة حقيقيةوقال النجار "نحن مقبلون خلال فترة قريبة على مأساة حقيقة في القطاع الصحي إذا لم يتدخل العالم لحل هذه الأزمة وإعادة الأموال للشعب الفلسطيني، وعودة الخدمات الصحية بشكل منتظم ومستمر لشعبنا".
ولفت إلى أن الضائقة المالية جعلت موظفين في القطاع الصحي لا يجدون أجرة المواصلات إلى أماكن العمل أو ثمن علبة حليب لأطفالهم، مضيفا "حتى الطبيب في عيادته الخاصة لم يعد يزوره مرضى لعدم على دفع الكشفية لانعدام السيولة بين أيدي الناس".
وأشار النجار إلى أن فكرة تقليص الدوام بدأت في عهد حكومة محمد اشتية قبل سنوات، ولجأت إليه مختلف النقابات بحيث أصبح الدوام بواقع 3 أيام بدل 5 حتى لا تنقطع الخدمة عن المواطنين، وبالتالي التقليص أصبح واقعا موجودا، وتطالب الحكومة اليوم رؤساء الدوائر الحكومية بتنظيم الأمر بما يضمن استمرار تقديم الخدمات.
إعلانوفي الخلاصة، قال النقابي الفلسطيني "نحن لا نعرف إلى متى سنستمر، وما الأفق الذي يمكن أن يستمر الصمود فيه إذا لم يجد تدخلا كبيرا جدا لحل هذا الموضوع بشكل إيجابي".
في قراءته للمشهد الفلسطيني في ظل هذه التقليصات والحد الأدنى من الدوام، يرجح المحلل السياسي سليمان بشارات أن تطول الأزمة الاقتصادية ومعها أزمة الرواتب، معتبرا أنها تتعلق بمستقبل السلطة الفلسطينية.
وأضاف بشارات أن افتعال الأزمة بحجب المقاصة "مرتبط برؤية إسرائيلية لشكل العلاقة المستقبلية مع القضية الفلسطينية ومع الفلسطينيين، والدور الوظيفي المستقبلي المطلوب من السلطة الفلسطينية القيام به".
ويوضح أن التوجه هو أن يكون دور السلطة في المستقبل المنظور "خاليا من أي مظلة سياسية أو مسمى سياسي، ويقتصر على دور خدماتي إداري بحت، ولهذا السبب ستعاني السلطة بشكل كبير جدا، وربما سترضخ تحت الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية وتحت عنوان الإصلاح وتلجأ إلى إعادة هيكلة الكثير من المؤسسات السياسية حتى تكون ضمن المطلب الذي يرغب فيه الإسرائيليون والغربيون والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية".
وقال إن "السلطة الفلسطينية بمفهومها السياسي على حافة التغيير، وإعادة بناء مسمى جديد للسلطة الفلسطينية خال من المظلة السياسية".
ولا يستبعد بشارات أن يكون غرض تقليص الدوام رسالة من الحكومة الفلسطينية للدول الأوروبية والداعمة للسلطة كي تفي بالتزاماتها والتدخل لسد العجز المالي.
وفي الوقت ذاته، يستبعد أن تؤدي إدارة الحكومة للأزمة إلى نتائج مرضية "لأنه حتى الموظف نفسه فقد الثقة بطبيعة ورؤية الحكومة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الحکومة الفلسطینیة المهن الصحیة
إقرأ أيضاً:
عبد الغني: استمرار المساعدات المصرية يؤكد الدعم اللامحدود للقضية الفلسطينية
أشاد الدكتور محمد عبد الغني، مقرر لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي بالحوار الوطني، بنجاح مصر في إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة والذي يُعد دليلًا واضحًا على الدعم اللامحدود الذي تقدمه الدولة المصرية للقضية الفلسطينية ولأشقائنا في غزة، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية في مصر تدرك جيدًا أن قضية غزة هي قضية أمن قومي، ولا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف من الظروف.
وأوضح عبد الغني، أن مصر عليها العمل دوليًا مع الأمم المتحدة على تفعيل آلية مستدامة لإدخال المساعدات بمشاركة دول غربية داعمة مثل إسبانيا والنرويج والدنمارك والسويد، وذلك في إطار مواصلة الجهود المصرية الرامية لضمان استمرار تدفق المساعدات، مشيرًا إلى أن ذلك لا بد أن يتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الغربية الداعمة للقضية الفلسطينية.
ولفت عبد الغني، في تصريحات صحفية، إلى أن تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة إلى هذا الحد الكارثي ستكون له تداعيات بالغة الخطورة على استقرار الشرق الأوسط، مشددًا في الوقت ذاته على أن استغلال الاحتياجات الإنسانية لأهالي غزة واللعب بورقة التجويع؛ يمثل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي.
واعتبر عبد الغني أن الحرب على غزة، بكل ما تحمله من تداعيات وامتدادات، خلقت لدى إسرائيل وهمًا بامتلاكها للقوة المطلقة وقدرتها على فرض إرادتها على الجميع، سواء برضاهم أو رغمًا عنهم.
واستطرد: “أعتقد أن هذا الوهم هو ما دفع إسرائيل لاتخاذ قرارات مثل موافقة الكنيست على بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وهو ما ينسف تمامًا أي حديث عن نية حقيقية لتحقيق السلام مع جيرانها”.