مع اقتراب الذكرى السنوية الثلاثين لتوقيع اتفاق أوسلو في 1993، والاجتماع التاريخي لحكومة الاحتلال للموافقة عليه، بدأ الوزراء المشاركون حينها بالحديث، واتهامهم للرؤساء الذين أتوا بعد اسحاق رابين وشمعون بيريس، عرّابي الاتفاق، بالانحراف عن طريقهما، مما أدى لاندلاع انتفاضة الأقصى، وهو ما كشفه بروتوكول الجلسة الحكومية التاريخية، باستثناء الأجزاء الخاضعة للرقابة، وأظهر موافقة 16 وزيرا على الاتفاق، وامتناع اثنين، وما شهدته من خلافات أحاطت بالاتفاق، وغيّرت الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.



إيتمار آيخنر وسيفون هيلاي مراسلا صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أجريا سلسلة حوارات مع الوزراء المشاركين في تلك الجلسة، لاسيما "حاييم رامون وزير الصحة آنذاك، وتجادل مع رابين حول المظاهرات التي سيؤدي إليها الاتفاق، مؤكدا أنه حان الوقت لنشر هذه البروتوكولات بعد ثلاثين عاما، بهدف إعادة كتابة اتفاق أوسلو، الذي لم يؤد لاندلاع الانتفاضة، بل إنها وقعت على يد إيهود باراك وبنيامين نتنياهو، فالأول حين كان رئيسا للأركان كره أوسلو منذ اللحظة الأولى، ولم يرغب بتنفيذه، ونلاحظ في المحضر أنه حذر من مخاطر أمنية محتملة نتيجة للاتفاق، واتفق رابين معه في بعض النقاط".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "رئيس الأركان لا يتخذ قرارات سياسية، ولا ينبغي له أن يتخذ قرارات بشأن هذا، لكن المستوى السياسي يحتاج لإعطاء أهمية أمنية لقراراته السياسية، وهذا هو الانقسام بين المستويين العسكري والسياسي، ولذلك جاءت الرحلة إلى مفاوضات كامب ديفيد كارثية حين كان باراك رئيساً للوزراء، وحين صوّت باراك ضد اتفاق "أوسلو ب"، فقد غضب رابين منه، واندلعت الانتفاضة الثانية لأننا غادرنا طريق أوسلو، كاشفا أنه كان سيصوّت اليوم مرة أخرى لصالح الاتفاق، لأننا لو واصلنا العملية، ولم ينحرف باراك عنها وعن طريق رابين، لما كانت هناك انتفاضة ثانية".


أبراهام بايغا شوحاط وزير المالية إبان اتفاق أوسلو ذكر أنه "لا زال يتذكر التفاصيل والأجواء، وفي المحضر، يمكن ملاحظة أنه وصف الاتفاقية بأنها "لحظة تاريخية"، لكنها كانت دائمًا مصحوبة بمشاعر الخوف وعدم اليقين بشأن الكيفية التي ستنتهي بها الأمور، حتى أنه مع إعلان الدولة 1948، وصدور قرار التقسيم 29 نوفمبر 1947، كان هناك فرح وخوف، وهذا بالضبط ما شعرت به عند توقيع اتفاق أوسلو، كاشفا أن علاقة رابين وبيريس كانت معقدة للغاية، والتوتر ساد بينهما، ولكن عندما وصل اتفاق أوسلو لاجتماعات الحكومة تعاونا، لأننا جميعا لمسنا الحاجة لإنجاز حلّ للمضي قدماً في عمليات التسوية".

ميخا حريش وزير الصناعة والتجارة أكد أنه "لا يمكن أن أنسى الجلسة الحكومية، وما جرى بعدها، كنا آنذاك مستعدين لهذه الخطوة ضد الفلسطينيين، فالاتفاق شمل جانبا اقتصاديا معهم، والعلاقات الاقتصادية لها أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتهما، وخلق لهما مصلحة حقيقية، علمنا جميعا أنها مقامرة، لكننا لم نأخذ في الاعتبار حقيقة أنه ستكون موجة عمليات مسلحة لاحقاً، شعرت في يوم الموافقة على الاتفاق، أن هذا أهم ما حدث بعد السلام مع مصر والسادات، وفي تقديري والكثيرين، كان ياسر عرفات معجبا برابين، وتشاور معه في شؤون السلطة الفلسطينية، ولو لم يتم اغتياله، فربما استمرت المحادثات، رغم الهجمات التي عرفت طريقها للتنفيذ".

وأضاف أنني "اليوم بعد مرور ثلاثين عاما على التوقيع على الاتفاق فإنني سأعاود التصويت لصالحه، هناك إمكانات لدى الفلسطينيين تتعلق بالريادة الاقتصادية، لكن اليوم نحن أمام قيادة مختلفة على كلا الجانبين، حيث نتنياهو وأبو مازن، مما قد يعيدنا لاتفاقيات أوسلو في نسخة محدثة، مع أن النسخة الأول أدخلت رابين في حالة تردد في البداية، حيث لم تكن المفاوضات مع الفلسطينيين على رأس أولوياته، ولكن عندما بدأت في أوسلو بين يوسي بيلين وقيادة منظمة التحرير، طلب بيريس موافقة رابين، رغم وجود معارضين له من داخل الحكومة".

عوزي برعام وزير السياحة زعم أننا "أدركنا حين تم توقيع اتفاق أوسلو أنه لن يكون هناك حلّ نهائي لدولة يهودية دون التوصل لتسوية مع الفلسطينيين، كاشفا أن الحاخام أرييه درعي زعيم حزب شاس أيد الاتفاق مع الفلسطينيين، بل أحضر الحاخام عوفاديا يوسف الذي أعرب عن دعمه له، بزعم أن حياة البشر أهم من الأراضي، رغم أنه في محضر الاجتماع قدّر درعي بوجود صعوبة شخصية بدعم الاتفاق، لأن الجمهور الذي يدعمه هو في الغالب يميني، مما جعله في النهاية يمتنع عن التصويت، وعدم التصويت لصالحه".

وأوضح أنه "في النهاية، وجدت حكومة تواجه منظمة التحرير، ووجد أشخاص رفضوا اتفاق أوسلو رفضاً كاملاً، لكن الخطأ الأكبر للطرفين أن الفلسطينيين ظنوا أنه سيكون اتفاق سلام على أساس حدود 1967، وفي إسرائيل أرادوا حل المشاكل الأمنية الناجمة عن الهجمات الكبرى لحماس، وعندما صوّتنا لصالح الاتفاق توفر لدينا شعور بأننا سنحقق انفراجة، مع أننا واجهنا معركة صعبة من أجل الرأي العام في إسرائيل، واليوم عندما أنظر للماضي، أعتقد أننا فعلنا الشيء الصحيح، رغم المحاولة الفاشلة بسبب مقتل رابين، وهجمات حماس، وتغير الحكومة، لكنني لست نادما، وسأفعل ذلك مرة أخرى بالتصويت لصالح الاتفاق".

من المتوقع أن تطغى الذكرى السنوية الثلاثين لتوقيع اتفاق أوسلو على وسائل الإعلام الإسرائيلية، وخروج مزيد من الآراء المؤيدة والمعارضة له، بين من رآه حلّا جدّيا للصراع مع الفلسطينيين، وخطوة مطلوبة في الاتجاه الصحيح، ومن يربطه بأصل الشرّ، ويتهمه بكل المشاكل التي ترافق الصراع منذ توقيعه، واعتباره إسفيناً جديدا في السياسة الإسرائيلية، وسبباً في المواجهة الدائرة مع الفلسطينيين، وسط تناسي أن هناك مستوطنات يتم إقامتها بين حين وآخر، ومصادرة أراضي، أو إخلاء فلسطينيين من بيوتهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة أوسلو الاحتلال الفلسطينية فلسطين الاحتلال أوسلو صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع الفلسطینیین

إقرأ أيضاً:

أوروبا تقترب من صفر الانبعاثات.. اتفاق تاريخي لخفض التلوث 90% بحلول 2040

في خطوة تُعد من أهم التحركات المناخية العالمية خلال العقد الحالي، أعلن البرلمان الأوروبي عن موافقة مبدئية بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 1990. 

هذا الهدف الطَموح، الذي يتجاوز التزامات معظم الاقتصادات الكبرى—including الصين—يمثل علامة فارقة في مسار القارة نحو تحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول 2050.

ورغم أن الهدف الجديد أقل حدة من التوصيات الأولية التي قدمها مستشارو الاتحاد الأوروبي في علوم المناخ، إلا أنه جاء نتيجة تفاوض سياسي معقد استغرق شهورًا، واضطر الأطراف إلى البحث عن صيغة توفق بين الطموح المناخي والواقع الاقتصادي. وزير الخارجية الدنماركي لارس آجارد، أحد المشاركين الرئيسيين في صياغة الاتفاق، وصفه بأنه يوازن بين ضرورة التحرك العاجل لحماية المناخ وبين الحفاظ على قدرة الصناعة الأوروبية على المنافسة في سوق عالمي شديد الارتباك.

الاتفاق لم يأتِ بسهولة، دول مثل بولندا والمجر حذرت من أن خفض الانبعاثات بدرجة أكبر سيشكل عبئًا قد لا تقدر صناعاتها الثقيلة على تحمله، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة في المنطقة. 

في المقابل، ضغطت دول أخرى، بينها إسبانيا والسويد، لرفع سقف الطموح، مشددة على أن القارة تواجه بالفعل تصاعدًا في الكوارث المناخية والظواهر الجوية المتطرفة، ما يستدعي إجراءات أكثر صرامة.

النتيجة كانت تسوية وسط: هدف كبير لكنه لا يصل إلى مستوى المقترحات العلمية الأكثر تشددًا.

 

وفق الاتفاق، ستُجبر الصناعات الأوروبية على خفض انبعاثاتها بنسبة 85%، وهو رقم ضخم يتطلب استثمارات غير مسبوقة في التحول للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. لتعويض نسبة الانبعاثات المتبقية، سيلجأ الاتحاد الأوروبي إلى بيع أرصدة كربونية للدول النامية، بالإضافة إلى السماح للشركات باستخدام أرصدة كربون دولية إضافية تصل إلى 5% لتخفيف الضغط.

كما قرر الاتحاد تأجيل ضريبة الكربون على الوقود لعام واحد لتبدأ في 2028 بدلًا من 2027، في محاولة لتهدئة مخاوف قطاع النقل والصناعة الثقيلة.

ورغم الخلافات الداخلية، تبقى أوروبا أكثر القارات الكبرى تقدمًا في مسار الحد من الانبعاثات. فقد نجح الاتحاد بالفعل في خفض انبعاثاته بنسبة 37% مقارنة بعام 1990، وهو إنجاز لا يزال بعيد المنال بالنسبة لاقتصادات ضخمة أخرى.

الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم تحقق سوى 7% فقط خلال الفترة نفسها، وفق بيانات Statista. ويعود جزء كبير من التباطؤ الأميركي إلى سياسات إدارة ترامب التي انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ، وأعادت تعزيز صناعات الطاقة الملوثة مثل الفحم والغاز، بل وحتى أزالت الإشارات المرتبطة بالمناخ من المواقع الحكومية.

رغم الإعلان، لا يزال الاتفاق بحاجة إلى تصديق رسمي من البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء ليصبح قانونًا ملزمًا. إلا أن هذا الإجراء يُعتبر عادةً شكليًا في مثل هذه الاتفاقات التي يتم التوافق عليها مسبقًا داخل المؤسسات الأوروبية.

بهذا الاتفاق، يرسل الاتحاد الأوروبي رسالة واضحة: المعركة ضد تغير المناخ تتطلب إجراءات جريئة، حتى لو كانت مكلفة وصعبة سياسيًا.

 ومع اقتراب موعد 2050، تبدو القارة الأوروبية مصممة على البقاء في مقدمة الدول التي تسعى إلى بناء اقتصاد أخضر قادر على المنافسة عالميًا، وبيئة أكثر استقرارًا للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • “حشد”: تصعيد “إسرائيلي” غير مسبوق للاستيطان والضم والانتهاكات بحق الفلسطينيين في الضفة والقدس
  • "الشعبية": الاحتلال يرتكب جريمة حرب جديدة في غزة ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار
  • بدء سريان اتفاق إلغاء التأشيرات بين الأردن وروسيا
  • اتفاق أميركي–مكسيكي لإنهاء أزمة تقاسم المياه
  • سريان اتفاق إلغاء التأشيرات بين الأردن وروسيا
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • باراك يتحدث عن علاقة إسرائيل بجيرانها ويرجح قرب الاتفاق مع سوريا
  • أوروبا تقترب من صفر الانبعاثات.. اتفاق تاريخي لخفض التلوث 90% بحلول 2040
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • قافلة زاد العزة الـ92 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة