مصر تطلق حضانات مساجد.. جدل بين أزمة التعليم وشكوك في الأجندة السياسية
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
فجّر توقيع وزارتي الأوقاف والتعليم المصريتين، الأربعاء، وبتوجيه من رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، بروتوكول تعاون لإطلاق "حضانات تعليمية" صباحية داخل المساجد، جدلا واسعا، خاصة وأن المشروع المقرر نشره بكل قرى وربوع مصر، يأتي بهدف تعليم الأطفال قبل سن التعليم الإلزامي.
وزير الأوقاف أسامة الأزهري والمستشار الديني السابق للسيسي، قال إنّ: "المشروع يهدف، إلى: بناء شخصية متوازنة ومتصلة بتراثها الثقافي والحضاري".
أزمات التعليم المصري المزمنة والمركبة، وأوضاع مصر الاقتصادية في ظل ديون خارجية توقع صندوق النقد الدولي أن تصل 200 مليار دولار بالسنوات الخمس المقبلة، وموازنة عامة (2025- 2026) تعاني عجزا يبلغ 1.5 تريليون جنيه (30 مليار دولار)؛ جميعها دفعت مصريون للتساؤل عن مصدر الاعتمادات المالية وتكلفة التجهيزات.
إلا أن حضور وزارة الأوقاف التي تقدر حجم محفظتها المالية بتريليون و37 مليارا و370 مليونا، دفع للتكهن حول دورها التمويلي؛ والذي يقابله عدم كفاية مخصصات وزارة التعليم للعملية التعليمية، والبالغة 224.393 مليار جنيه، 68 بالمئة منها للأجور.
وكان وزير التعليم، محمد عبد اللطيف، قد لفت إلى أنه سيجري تكليف معلمي الوزارة باستقبال الأطفال في الفترة الصباحية بالمساجد، وتجهيزها بالوسائل التعليمية المناسبة، وتدعيم باحاتها بالألعاب.
وتشير تصريحات الوزيران إلى تعاون الوزارتين لفرش مسجد بكل قرية لهذه الغاية وتجهيزها، وبما يتيح سرعة طي الفرش قبل أذان صلاة الظهر، ما دفع منتقدون للمشروع لتوقع حدوث تعقيدات إدارية ولوجستية، خاصة في ظل التراجع الكبير بأعداد الفراشين بالمدارس الذي بلغ 60 بالمئة عام 2023، ونقص عمال خدمات المساجد بما يقارب 30 ألف عامل، وفق طلب إحاطة بالبرلمان عام 2024.
ويلفت البعض إلى عدم قدرة وزارة التعليم على تحقيق التوجه الحكومي، الذي يصاحبه أزمات نقص معلمين يصل 400 ألفا، وإدارات تعليمية لا يمكنها توفير تعليم جيد مع كثافة فصول (60 إلى 100 طالب)، وسط حاجة -لا تتحقق- لبناء 60 ألف فصل جديد سنويا.
وتساءلوا: كيف للوزارة أن تستوعب نحو 40 مليون تلميذ من سن الحضانة وحتى 18 عاما بالتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي العام والفني، مخصوما منهم نحو 3.750 مليونا هم عدد طلاب الأزهر الشريف بالتعليم قبل الجامعي.
ويبلغ إجمالي عدد الأطفال في مصر (أقل من 18 سنة) حوالي 39.5 مليون نسمة في عام 2024، فيما يُقدر عدد الأطفال بالفئة العمرية حتى 4 سنوات (رياض الأطفال) بحوالي 14.5 مليون طفل تقريبا.
وتخوف مراقبون من نوعية المناهج المعتمدة والكتب الدراسية المقررة والوسائل التعليمية المستخدمة والجهة التي ستقوم عليها، واحتمالات تدخل السلطات وتوجييها، متوقعين تدريب المعلمين والقائمين على أمر الحضانات وفقا لبرامج "الأكاديمية العسكرية المصرية"، كما يجري بحق المعلمين وخطباء الأوقاف الجدد.
ويأتي القرار في توقيت يتعرض فيه وزير التعليم محمد عبد اللطيف –عُين في 3 تموز/ يوليو 2024- لاتهامات بتزوير مؤهلات العلمية، في وقائع وصلت القضاء أيار/ مايو الماضي، ومطالب بعزله، رفضتها محكمة "القضاء الإداري" 29 حزيران/ يونيو الماضي، بسبب "عدم الاختصاص"، ما اعتبره المدعون "ليس حكما بصحة المؤهلات".
"السيسي والمساجد والتعليم"
ذهب معارضون للتشكك في المشروع خاصة مع ما أثارته عناوين الصحف المصرية بأنه يأتي بدعم مباشر من السيسي، ملمحين إلى أن تصريحاته طالما كانت سلبية بحق المساجد واتهام بعض مرتاديها بالإرهاب، مشيرين أيضا إلى تصريحه الشهير بحق التعليم في كانون الأول/ ديسمبر 2016: "ويعمل إيه التعليم في وطن ضائع".
وفي قرارات السيسي وتصريحاته بحق المساجد دعا لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف، وغلق بعض الزوايا، ومنع خطباء، وأمر بتوحيد خطبة الجمعة، وتخريج أئمة وزارة الأوقاف في الأكاديمية العسكرية، ليقترح في نيسان/ أبريل الماضي، استخدام بعض المساجد كمقار لتعليم الطلاب لمدة 10 دقائق بعد كل صلاة.
وعن التعليم دأب السيسي، على تحميل الزيادة السكانية مسؤولية تراجع مستوى التعليم، وفي مقابل تصنيف مصر المتأخر في جودة التعليم دوليا وحلوله بالمرتبة 79 عالميا وفقا لمؤشر المعرفة العالمي لعام 2023، ذكر السيسي، أن الطالب يحتاج إلى 10 آلاف دولار سنويا ليتعلم تعليما جيدا.
●حضانات الكنائس ممولة من فلوس المسيحيين مش من ميزانية الدولة..
●يعني فلوس وزارة التعليم ووزارة الاوقاف من الدولة..
●فهل هيكون في بروتوكول تعاون بين وزارة التربية والتعليم وبين الكنيسة لانشاء حضانات بنفس مواصفات حضانات المساجد..؟ — زي انچيلا ميركل (@rogina91) July 24, 2025
"لا بأس به.. ولكن"
في رؤيته، حول مشروع "حضانات المساجد"، نوه السياسي المصري، والمتحدث باسم "الجبهة السلفية"، خالد سعيد، إلى أن "المناخ العام تسوده الفوضى والتوتر وسوء الظن، وتحميل الأمور فوق ما تحتمل"، مؤكدا لـ"عربي21"، أن "سبب سيادة أجواء التشكك وعدم الثقة؛ هي نوايا النظام الحاكم ونتائج ممارساته".
ويرى سعيد أن "الموضوع يأتي في سياق القرارات العشوائية التي تتمخض عنها عبقرية القيادة الملهمة التي تظن أنها أوتيت حكمة سليمان"، ملمحا إلى أن "القرار نفسه لا بأس به فهو إعادة لتصور موضوع الكتاتيب بشكل مصغر ومختلف قليلا عن الماضي".
وقال: "لا بأس به هذه؛ أشترط لها أن يكون مثل هذا القرار في سياق وأجواء عامة صحية لتعليم الناس دينهم وتصحيح أمور واقعهم؛ فالمشكلة في الواقع كله وليست في القرار، إذ نشهد تجريفا لكل حقائق الدين والأخلاق الإنسانية السوية، وتسود الواقع العبثية والفراغ وأجواء الترف والرقص والمهرجانات و(المهرجون الدينيون) الرسميون منهم وغير الرسميين".
"لهذا المخاوف والانتقادات طبيعية"
من جانبه قال الأكاديمي الأزهري، محمد أحمد عزب، لـ"عربي21": "كان من الطبيعي أن يواجه بمخاوف وانتقادات إعلان إنشاء حضانات برعاية مشتركة بين الأوقاف ووزارة التعليم".
وأضاف: "ربما يمكن القول: إن المخاوف والتشككات ترجع في مجملها إلى حالة فقدان الثقة في الخطوات التي تقوم بها الدولة عموما في كافة المجالات، خاصة في السنوات الفائتة، عزز ذلك حالة العجز التي تضرب كل قطاعات الدولة، فضلا عن غياب الشفافية والإفصاح، وإعلان المسؤولين أنهم لا يؤمنون بدراسات الجدوى، الذي أنتج بدوره مشروعات لا قيمة لها، ولا نفع من ورائها".
"يضاف لذلك حالة الفشل الملحوظ لمشروعات تم تسويقها دعائيا تنويها بجدواها وضخامتها، فإذا الحال يتبين أنها كانت دعايات فارغة سرعان ما تهاوت نتائجها"، وفق قول، عزب.
وأكد أن "مشروع الحضانات المقترح يأتي في ذات المساق، فلا وزير التعليم متخصص في التعليم، ولا وزير الأوقاف ذا خبرة أو دراية تؤهله لعقد اتفاقية بهذا الشكل، ولا هما أعلنا عن وجود لجان متخصصة درست الموضوع وخرجت باقتراحات علمية لتنفيذه لتجني من خلفه ثمار".
"إحياء معالم اندثرت"
لفت إلى أنه "يأتي في ذات المساق أن الدولة أصبحت تفكر في إحياء معالم اندثرت، وترى أن الأثر الذي كان قبل مئتي سنة يمكن أن يكون هو هو اليوم، فمن مشروع التكية، إلى مشروع الكتاتيب إلى مشروع البكالوريا، وكلها يثق المواطن أنها مسكنات كلامية لحالة مرضية، لا يمكن أن تشفي علل المرض الذي سرح في جسم المجتمع سرحان السرطان في الجسد العليل".
ويرى الأكاديمي المصري أنه "إزاء هذا كان لابد لكل من يتضرر من تلك الأفكار أن يظهر انزعاجه، ويعبر عن تخوفه- بداية من القائمين على حضانات الكنائس، مرورا بالعلمانيين الذي يرون خلف حضور كلمة مسجد خطيئة اجتماعية وسياسية، يضاف لذلك المنافسة المتخيلة للحضانات القائمة التي تمثل مشروعا استثماريا لأصحابها، يمكن أن يقضي على مكاسبهم".
في نهاية حديثه، وجّه عزب، "صيحة للوزيرين أن يفكرا في وسائل تناسب تطورات العصر، وتتوافق مع قيمنا وأخلاقنا، لا أن يفكرا في إحياء المندثر، تحت أماني فارغة، فلا يمكن لأحد الوزيرين أن يترك قصره المشيد، وسيارته الفخيمة، وهاتفه النقال ليعود إلى قرية يسكن البيوت الطينية، ويتنقل بالبغال والحمير، ويطلب من يريد من أعلى سطح البيت، فكما لا يمكن هذا، فكذا ما يتخيلاها، والدعاية الصاخبة لا تؤسس للنجاح قط".
كيف رأى مصريون مشروع حضانات المساجد؟
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واجه المشروع الحكومي انتقادات، من علمانيين مصريين رأوا فيه نشرا للتدين، ومن أصحاب التوجه الديني ومعارضين تشككوا في نوايا النظام وأهدافه، معربين عن مخاوفهم من أن يكون الأمر بداية لتمرير مشروع يمس النشء الجديد.
وأشار البعض إلى أن استثناء الأزهر الشريف من مشروع حضانات المساجد، رغم إمكانيات الأزهر، وأدواره التعليمية، والدينية، يثير المخاوف من توجيه المشروع، الذي لم يتم طرحه للنقاش العام ولم يجر الإعلان عن دراسته وكيفية تنفيذه، ملمحين إلى أن المشروع يسعى للحصول على كعكة أموال الحضانات الأهلية.
وفي سياق الانتقادات، طالب بعض المسيحيين بدعم مالي حكومي لحضاناتهم التابعة للكنائس، أسوة بمشروع "حضانات المساجد"، وذلك إلى جانب مخاوف قطاع عريض من أصحاب الحضانات الأهلية المنتشرة في كل ربوع مصر، والتي تقوم خريجات الجامعات المصرية على العمل بها وإدارتها والتكسب منها كمشروعات صغيرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري الأزهر الشريف المشروع الحكومي مصر الأزهر الشريف المشروع الحكومي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حضانات المساجد وزارة التعلیم لا یمکن إلى أن
إقرأ أيضاً:
إنهاء أزمة الصرف الصحي بعمارات الأوقاف بحي غرب كفر الشيخ.. صور
تابع المهندس أحمد عيسى، رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، جهود الوحدة المحلية بكفر الشيخ المكثفة لتحسين مستوى الخدمات والمرافق العامة بحي غرب كفر الشيخ، وجرى تنفيذ أعمال صيانة شاملة لعدد من غرف الصرف الصحي، شملت تركيب أغطية جديدة بديلة عن التالفة، ورفع كفاءة الشبكات.
في إطار تنفيذ تكليفات اللواء الدكتور علاء عبد المعطي محافظ كفر الشيخ، بشأن رفع كفاءة البنية التحتية والخدمات العامة، والصيانة الدورية لمشاريع الصرف الصحي، والاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين.
كما تمت الاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين بعمارات الأوقاف، وجرى حل مشكلة انسداد خطوط الصرف التي كانت تسبب معاناة للأهالي، وتم الانتهاء من أعمال التطهير والتسليك بشكل كامل.
وأكد رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ أن الحملات مستمرة للوقوف على جميع المشكلات والعمل على حلها فوراً، بما يضمن بيئة صحية وآمنة للمواطنين وتحسين جودة الحياة داخل نطاق الحي.
جاء ذلك بإشراف إبراهيم خليفة، رئيس حي غرب كفر الشيخ، وعبد الخالق أبو عيدة، مساعد رئيس حي غرب لشئون النظافة والتجميل، وفريق العمل بجهاز النظافة، وشركة المياه والصرف بكفر الشيخ.