مصريون لمدبولي: الحديث عن تحسن الاقتصاد أكذوبة
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
استهجن مصريون إعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بأن الأزمة الاقتصادية، التي واجهتها الدولة الفترة الماضية، تم تجاوزها، وأن مؤشرات أداء الاقتصاد كلها جيدة، وأنه نتيجة لهذا التحسن يجب أن تنخفض الأسعار الآن.
وتنفيذا للتوجهات الحكومية بتقليل الأسعار، أعلنت الغرفة التجارية بالقاهرة عن بدء تخفيض الأسعار، وخفض شركات الحديد الأسعار لأقل ربحية ممكنة، وسط إشادة من الإعلام الحكومي بتحسن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية، من نحو 50 جنيها إلى معدل 48 جنيه الأيام الماضية.
حديث غير مقنع.. ومطالبات برحيل مدبولي
إلا أن حديث مدبولي، الذي يأتي في توقيت تتصاعد فيه وقائع الغضب الشعبي بفعل الأزمة الاقتصادية، ويتزامن مع انتخابات "مجلس الشيوخ" المقررة الاثنين والثلاثاء، لم يُقنع المصريين، واعتبروه مجرد دعاية لامتصاص غضب الشارع من الأسعار ومن تكلفة انتخابات بلا جدوى.
مراقبون ردوا على حديث مدبولي، بمطالبة الحكومة بوقف الصرف على الانتخابات البرلمانية، ووقف المشروعات الترفية، ووقف توسع الدولة المصرية في الاقتراض المحلي والخارجي.
وألمحوا إلى تعليمات السيسي، الاثنين الماضي، للحكومة بضرورة الانتهاء من المشروعات الكبرى، إلى جانب رصد هيئة المجتمعات العمرانية مبلغ 12.3 مليار جنيه (251 مليون دولار) لإقامة 11 بحيرة صناعية في العلمين الجديدة.
وعبر مقاطع مصورة وتدوينات وتغريدات رصد أكاديميون وشخصيات مصرية وازنة واقع حياتهم اليومي، مؤكدين أنه بالورقة والقلم حديث رئيس الوزراء يخالف واقعهم الحياتي، مطالبين برحيله وحكومته.
الخبير التربوي كمال مغيث، ذهب حد وصف ما يقوله رئيس الوزراء بأنه "مجرد أكاذيب"، موضحا أن "وجبة فول وطعمية وبدنجان وسلطة لرجل وزوجته وطفليه تتكلف 100 جنيه"، ملمحا إلى أن ثمن وجبة بها لحوم أو دواجن تتكلف 1000 جنيه، من معاش لا يصل 6 آلاف جنيه.
وأشار إلى ارتفاع أسعار "الطماطم والبصل والبطاطس والخيار والفلفل"، ووصول سعر أنبوبة الغاز إلى 250 جنيها، وتضاعف أسعار الوقود مرات عديدة.
وفي تعليقها على منشور مغيث، أكدت المصرية رانيا بكر، أن "100 جنيه لا تكفي لإفطار 4 أفراد فول وطعمية وباذنجان وسلطة على اعتبار كل فرد 2 ساندويتش بـ12 جنيه تتكلف 96 جنيها إلى جانب سلاطه وباذنجان ما يعني 120 جنيه تقريبا، دون بيض وجبنة وبطاطس".
وردا على حديث رئيس الوزراء، لفت البعض إلى أن أغلب المواطنيين لا يمكنهم تحمل مصاريف العلاج، ويضطرون لتقليل الأكل والشرب، وإلغاء اللحمة والدجاج والسمك من قوائم الطعام، خاصة مع تدهور قيمة معاشاتهم ومرتباتهم ومدخراتهم بسبب سياسات الحكومة.
ويؤكد متابعون أن فاتورة العلاج الشهرية كانت تدور حول الألف جنيه قبل عامين فقط، ولكنها الآن تتجاوز 4 آلاف جنيه، بما يزيد عن المعاش الحكومي، موضحين أنه في المقابل هناك انهيار كامل لمنظومة العلاج، ولا يجد أصحاب الأمراض المزمنة العلاج ولا الأكل والشرب المناسب لأمراضهم مع الارتفاع الرهيب في الأسعار، وفق قولهم.
نبحث عن حد الكفاف
ويشير "سمير" وهو معلم متقاعد، إلى أن معاشه الشهري 4 آلاف جنيه، ومعاش النقابة 300 جنيه يحصل عليها كل 3 أشهر، بينما مطلوب منه شهريا أكثر من 7 آلاف جنيه ليعيش وزوجته وابنته "حد الكفاف"، و"دون مصروفات التعليم وإيجار السكن"، وفق قوله.
ويضيف لـ"عربي21": "أقف أمام ماكينة الصرف وأفكر، هل ستكفي تكلفة شراء خضار بـ300 جنيه كل أسبوع بنحو 1000 جنيه شهريا، أم خبز بـ120 جنيها شهريا، أم 4 كيلو لحوم في الشهر بـ 1400 جنيها بمعدل كيلو كل أسبوع، أم 8 دجاجات شهريا بنحو 1600 جنيه فرختين كل أسبوع، أم 500 جنيه أنبوبتي غاز، و400 جنيه كهرباء، و250 جنيه إنترنت، و120 جنيه اتصالات، هذا إلى جانب 1800 جنيه علاج شهري من السكر والضغط لي ولزوجتي خارج علاج التامين الصحي؟".
هل تتقاطع تصريحات مدبولي مع القرارات الحكومية؟
ولفت مراقبون، إلى العديد من القرارات الحكومية التي لا تدعم الاتجاه النزولي لأسعار السلع والخدمات، وأشاروا إلى بعض المؤشرات الدولية التي تؤكد صعوبة تعافي الاقتصاد المصري بل وتعقد الأزمة المالية، وليس نهايتها وفق قول رئيس الوزراء المصري.
وبينما من المقرر رفع أسعار الكهرباء في مصر من فاتورة الشهر المقبل، أقرت وزارة البترول مطلع الشهر الجاري، زيادة جديدة بأسعار الغاز الطبيعي المورد للمصانع، بحد أدنى دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية، ما يؤثر على صناعة الأسمدة الآزوتية وغير الأزوتية، والأسمنت، والحديد والصلب، وقمائن الطوب، ما يزيد أسعار الغذاء، وقطاع التشييد والبناء، وغيرها.
كما يعاني سوق الدواء المصري من اضطراب ونقص بأهم الأصناف وارتفاع أسعارها بشكل كبير، وخلق سوق سوداء للدواء، وأقرت الحكومة رفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة بنحو 300 بالمئة والتي تمس أغلبها كبار السن وأصحاب المعاشات والفقراء من المرضى، وجميعم بلا دخل شهري يكفيهم.
وفي قرار حكومي آخر، كشف مركز "الحق في الدواء" الأسبوع الماضي، عن قرار هيئة التأمين الصحي تحميل المرضى نسبة 70 بالمئة من قيمة الدواء المنصرف لهم بعد أن كانت 20 بالمئة فقط، ما تراجعت عنه الحكومة بفعل ضغوط حملة تدوين رافضة للقرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي السياق، قررت الحكومة طرح 40 مستشفى حكومي جديدة أمام المستثمرين للإدارة أو الاستحواذ على غرار عدد سابق تم إسناده للقطاع الخاص، في الوقت الذي كشفت فيه الممارسات عن أزمات طالت مرضى الأمراض المزمنة، وفق شكاوى المرضي من الإدارة الفرنسية الجديدة لمستشفى "هرمل دار السلام للأورام".
من القرارات المثيرة للجدل أيضا، مطالبة "هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة" (حكومية) أصحاب الأراضي والمشروعات الممتدة على جانبي الطريق الصحراوي، والساحل الشمالي، بدفع مبالغ مالية بين 500 و1500 جنيها على المتر الواحد، وتحصيل غرامات التصالح من المواطنين عبر التنازل عن الجزء الأكثر تميزا من الأرض الزراعية لصالح الدولة بدلا من دفع مقابل مالي.
وبينما تعتمد الموازنة العامة للعام المالي 2025/2026، على نسبة ضرائب تصل 85 بالمئة من إجمالي الإيرادات، وأقرت الحكومة تعديلات على قانون ضريبة القيمة المضافة طالت نشاط المقاولات، منح البرلمان المصري، في 16 حزيران/ يونيو الماضي، الصندوق السيادي الإماراتي إعفاءات ضريبية واسعة على استثماراته بمصر.
هل تدعم المؤشرات الحكومية والدولية إعلان مدبولي بتعافي الاقتصاد؟
مؤشرات بيانات وزارة التخطيط، تشير إلى تصاعد حجم الدين الخارجي الذي سجل 156.7 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 155.1 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، بزيادة 1.6 مليار دولار.
وتوقع صندوق النقد الدولي تفاقم أزمة مصر مع الديون الخارجية، ووصولها 202 مليار دولار منتصف 2030، مقارنة بـ162.7 مليار دولار منتصف 2025.
وفي إعلانه عن نتائج المراجعة الرابعة، كشف الصندوق أن خدمة الدين الخارجي للبلاد تسجل 46.6 مليار دولار بالعام المالي الحالي، و45 مليار دولار بالعام المالي المقبل، ملمحا إلى تعهد القاهرة بسداد الإيرادات الدولارية للدولة لأقساط وفوائد الديون الخارجية حتى عام 2047.
وخلص الصندوق إلى أن مصر تحتاج 30.4 مليار دولار بالسنة المالية الحالية، و27.5 مليار دولار بالعام المالي التالي، وسط استنفاذ مصادر التمويل وضعف البدائل أمام الحكومة للحصول على التمويل.
وفي المقابل أجل صندوق النقد الدولي صرف 1.2 مليار دولار لمصر قيمة شريحة المراجعة الخامسة ضمن إجراءات قرض المليارات الثمانية.
أيضا كشفت مؤشرات البنك الدولي عن نصف عام قادم أشد قسوة على المصريين، مع ضرورة أن تسدد 20.3 مليار دولار النصف الثاني من العام الجاري.
وبنسبة بلغت 60 بالمئة تراجعت إيرادات مصر من قناة السويس، في وضع مرشح للاستمرار وكشف عنه تصريح لرئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، مؤخرا، قال فيه: "لا أتوقع تحسن الإيرادات في 2025"، ملمحا لانخفاض حركة المرور بالقناة 50 بالمئة.
وإزاء هذا الوضع تواصل الحكومة المصرية توجهاتها بالاستدانة الخارجية، وفتح أبوابها أمام تدفق الأموال الساخنة بما تحمله من مخاطر، وفق خبراء.
وقبل أيام أعلن وزير المالية عزم مصر إصدار سندات دولية بـ4 مليارات دولار خلال عام لتغطية، حوالي 40 بالمئة من احتياجات مصر من التمويل الخارجي بالسنة المالية الحالية.
ويتوقع خبراء وضعا اقتصاديا أكثر صعوبة من العام الماضي الذي شهد عقد صفقة "رأس الحكمة" بـ35 مليار دولار مع الإمارات، خاصة مع تراجع وتيرة الاستحواذات الخليجية على الطروحات المصرية، مشيرين إلى أن كل تلك الأرقام قد تدفع إلى اتخاذ الحكومة قرارات تقشف جديدة ورفع لأسعار الوقود والكهرباء وغيرها.
تخالف الواقع.. وهذا هو الحل
وفي رؤيته لمدى حقيقة إعلان مدبولي عن تعافي الاقتصاد، قال السياسي المصري سمير عليش، لـ"عربي21"، إنه "تصريح يعتمد على بعض تحسن ببعض المؤشرات الاقتصادية، ولكنه لا يشير إلى اعتماد الحكومة مرة أخرى على الأموال الساخنة".
وأضاف: "ولم يشر كذلك لعدم تنازل الجيش عن استثماراته ما يعوق الاستثمارات الخاصة المحلية، ولا إلى عدم التزام الجهاز التنفيذي بتطبيق القانون والعدالة الناجزة ما يعيق الاستثمارات الأجنبية، ولا إلى عدم ثقة التجار بمستقبل سعر الدولار مما لا يساعد على تخفيض الأسعار حاليا".
وبحسب معايشاته اليومية، أكد أن المصريين لا يشعرون بتحسن أحوالهم المعيشية، وأوضح عضو مجلس أمناء "الحركة المدنية الديمقراطية"، أن "تصريحات رئيس الوزراء لا تنعكس مع واقع الأسعار".
وحول كيفية الخروج من الأزمة وتحسين أوضاع المصريين، قال عليش:، "الأمر يتطلب الالتزام بتوصيات مؤتمر السكان والتنمية (ICPD)، وصندوق النقد الدولي، وتغيير السياسات الاقتصادية، وأوليات المشروعات، واستبدال مجلس الوزراء بشخصيات يمكنها نيل ثقة المجتمع، ما يعزز رأس المال الاجتماعي الذي تحتاجه عملية التنمية، فضلا على الاهتمام بتعزيز رأس المال البشري".
وفي نهاية حديثه شدد على ضرورة "إعطاء المواطنين الأمل في المشاركة بإدارة الوطن عبر انتخابات محلية وقومية سليمة، والعمل على اجتذاب الكفاءات المصرية في الدول الغربية للرجوع إلى مصر، والاستفادة بها في إحداث التنمية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصريون الاقتصادية مصر اقتصاد فقر بطالة المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الوزراء ملیار دولار آلاف جنیه إلى أن
إقرأ أيضاً:
مدبولي يدعو جموع الناخبين للمشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025
دعا الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، جموع الناخبين من أبناء الشعب المصري، للمُشاركة الفاعلة والجادة في هذا الاستحقاق الوطني المهم، باعتباره حقاً دستورياً وواجباً وطنياً، للإسهام بصورة إيجابية في صياغة مستقبل وطنهم العظيم.
رئيس الوزراء يدعو للمشاركة في انتخابات الشيوخ 2025وأكد رئيس الوزراء، أن الدولة حرصت على اتخاذ مختلف التدابير والإجراءات التي تضمن سير العملية الانتخابية في مناخ آمن ومنضبط، بمختلف لجان الاقتراع بالمحافظات، بتناغم كامل بين أجهزة ومؤسسات الدولة لإنجاح هذا الحدث الوطني، مثمناً جهود الهيئة الوطنية للانتخابات، في توفير بيئة انتخابية حضارية تتيح للمواطنين ممارسة حقهم الدستوري بكل سهولة ويسر وشفافية
وأدلى صباح اليوم، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، بلجنته الانتخابية في المدرسة المصرية اليابانية، بمدينة الشيخ زايد، بمحافظة الجيزة.
انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ 2025وبدأت عملية التصويت داخل مصر من اليوم الإثنين 4 أغسطس 2025، وتستمر حتى يوم الثلاثاء 5 أغسطس، بعد إتمام الاقتراع الخارجي للمصريين في الخارج يومي 1 و2 أغسطس، ويُسمح بالاقتراع في انتخابات مجلس الشيوخ لأكثر من 68 مليون ناخب في 8.286 لجنة انتخابية موزعة على مستوى الجمهورية.
وتبدأ اللجان في استقبال الناخبين من تمام الساعة 9 صباحًا حتى الساعة 9 مساءً، وتشرف على العملية أكثر من 9.500 قاضٍ من جهتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، بينهم 2.500 قاضية، لضمان النزاهة والشفافية.
تُعقد انتخابات الشيوخ لاختيار 200 من أعضاء مجلس الشيوخ «100 بنظام الفردي و100 بنظام القوائم»، بينما تُعيّن رئاسة الجمهورية الثلث المتبقي، مع تخصيص حد أدنى بنسبة 10% للنساء في المجلس البالغ عدد أعضائه 300 عضو
اقرأ أيضاًمحافظ القاهرة: متابعة لحظية على مدار الساعة لانتظام التصويت في انتخابات الشيوخ 2025
انتخابات الشيوخ 2025.. وزيرة التنمية المحلية تُشارك في أول أيام التصويت بمدينتي
انتخابات الشيوخ 2025.. إقبال كثيف على لجان التصويت في المقطم