غزة- لم يكن أحمد المفتي، قائد منتخب فلسطين للكرة الطائرة الذي شارك في العديد من البطولات العربية، يعلم أن رصاصة قناص إسرائيلي تتأهب لقتله، وهو في طريقه إلى رحلة بحث قسرية عن طعام لأطفاله، في مركز ما يسمّى "المساعدات الإنسانية" التابعة لمؤسسة غزة الأميركية، قرب محور نيتساريم، وسط قطاع غزة.

كانت تلك المرة الثالثة التي يذهب فيها أحمد (36 عاما)، الذي نزح من مخيم جباليا شمال القطاع، إلى ذلك المكان، برفقة العشرات من المدنيين الباحثين عن لقمة تسد جوعهم، في ظل حصار محكم أطبق على أنفاس سكان غزة واشتد مطلع مارس/آذار 2025.

هناك، تلقّى رصاصة أصابت قلبه وأنهت حياته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. صائب جندية قائد منتخب فلسطين التاريخي يروي معاناته وسط مجاعة غزةlist 2 of 2شاهد.. ماذا يقول الشارع الأردني في حرب التجويع على غزة؟end of listبائع وسائق أجرة

يقول أحمد ناصر المفتي، ابن أخ الشهيد وأقرب الناس إليه، وهو لاعب كرة قدم في النادي ذاته "ثابر أحمد كثيرا حتى لا يضطر للذهاب إلى مركز الموت في نتساريم، فبعد انقطاع راتبه من النادي بسبب ظروف الحرب القاسية، لجأ إلى بيع وشراء المواد التموينية على بسطة صغيرة حين كان نازحا في رفح جنوبا. وواصل العمل بعد انتقاله إلى بلدة الزوايدة وسط القطاع".

لم تتوقف آمال أحمد في حياة كريمة. عادت إليه عزيمته بعد إعلان وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني 2025، فاشترى سيارة متواضعة ليعمل عليها سائقا، على أن يسدد ثمنها أقساطا شهرية مما يجنيه من الأجرة، لكن استشهاده قطع عليه حتى طريق سداد الدين.

عاد أحمد إلى شمال القطاع بعد وقف إطلاق النار، آملا في الرجوع إلى منزله في مخيم جباليا، لكنه وجده مدمّرا، فنصب خيمته فوق الركام، وسكن فيها مع زوجته وأطفاله الأربعة، أكبرهم في الثانية عشرة، وأصغرهم في الثالثة من عمره.

لكن معاناته لم تتوقف هنا، إذ اضطر إلى الانتقال مجددا بعد أن أصدر جيش الاحتلال أوامر بإخلاء شمال القطاع إثر عودة الحرب في مارس/آذار 2025، فانتقل إلى مدينة غزة، حيث استأجر منزلا صغيرا جمع فيه عائلته إلى جانب عائلتَي أخيه وأخته.

إعلان

ومع اشتداد المجاعة، نتيجة إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، لم يجد لاعب الكرة الطائرة بدّا من التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات، عله يجد ما يسد به رمق أطفاله وعائلته، لكن رصاص الاحتلال أنهى حياته.

رحلة الموت

وتبعثرت آمال أطفاله الصغار بعده، فلم يجدوا من يعود إليهم بالقليل من الطعام، بعدما ضحّى بحياته في سبيل رضاهم وابتسامتهم، وحتى شعورهم الصغير بالشبع.

يقول ابن أخيه "نظرا لبُعد مركز الموت ذاك، كان أحمد يقطع عشرات الكيلومترات مشيا، في ظل انعدام وسائل النقل بسبب انقطاع الوقود، وانتشار جيش الاحتلال في المنطقة. لم يكن يستطيع حمل أكثر من القليل، للسبب نفسه، لكنه كان يعود به إلى عائلته. كانت فرحة أطفاله القليلة كافية لأن يخاطر بحياته".

رغم ذلك، كان أحمد يشعر بالقهر في أعماقه، وتدهورت صحته البدنية. كان مهموما، حزينا، ومصدوما معظم الوقت، ويرى أن القبر ربما يكون أوسع من حياة بات فيها إطعام الأطفال عبئا ثقيلا إلى هذا الحد.

يُذكر أن نادي شباب جباليا يُعد من الأندية الجماهيرية البارزة في قطاع غزة، خاصة في لعبة الكرة الطائرة، وقد تعرّض مقره للتدمير الكامل، كما استُشهد 12 من لاعبيه وطواقمه الفنية والإدارية والإعلامية خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومن بين الشهداء إلى جانب أحمد المفتي: مصطفى شاهين، ومحمد الملفوح، ووهيب عودة، وأحمد منصور، ويوسف حمادة، وجميعهم من لاعبي كرة القدم، بالإضافة إلى خالد أبو زر، الناطق الإعلامي باسم النادي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تجويع غزة

إقرأ أيضاً:

وفيات الجوع ترتفع في غزة.. ومجازر جديدة أمام مراكز توزيع المساعدات

ارتفعت وفيات الجوع في قطاع غزة الاثنين، بالتزامن مع استشهاد وجرح العشرات جراء مجازر ارتكبها الاحتلال أمام مراكز توزيع المساعدات، ومناطق أخرى.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، الاثنين، ارتفاع وفيات سياسة التجويع إلى 180 فلسطينيا بينهم 93 طفلا، وذلك بعد وفاة 5 أشخاص خلال 24 ساعة نتيجة سوء التغذية.



واستشهد 22 فلسطينيا بينهم 10 من منتظري المساعدات وأٌصيب آخرون، منذ فجر الاثنين، في قصف للاحتلال على مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل تواصل حرب الإبادة الجماعية.

واستهدفت طائرات الاحتلال منزلا وتجمعات لمدنيين ولمنتظري المساعدات غربي رفح ووسط القطاع، ما تسبب في سقوط شهداء وجرحى.

وفي أحدث الهجمات، استشهد 6 فلسطينيين وأصيب 50 آخرون من منتظري المساعدات الأمريكية بنيران جيش الاحتلال قرب مركز التوزيع بمحور نتساريم وسط القطاع، ما يرفع حصيلة الضحايا في تلك المنطقة منذ الفجر إلى 8.

كما استشهد 3 فلسطينيين وأُصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين شرقي حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.

وقبل ذلك، استشهد 13 فلسطينيا بهجمات إسرائيلية متفرقة على القطاع.

وفي مدينة غزة، استشهد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين في حي الشجاعية.

وفي محافظة الشمال، استشهد فلسطينيان في قصف لتجمع مدني في بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمال القطاع.


وفي وسط القطاع، استشهد فلسطينيان من منتظري المساعدات الأمريكية برصاص الاحتلال قرب مركز التوزيع في محيط محور نتساريم، وذلك قبل ارتفاع العدد إلى 8.

وأما في جنوب القطاع، فقد استشهد فلسطينيان بينهما سيدة وأُصيب أكثر من 20 آخرين من منتظري المساعدات برصاص جيش الاحتلال قرب مركز التوزيع غربي مدينة رفح.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت دولة الاحتلال  منذ نهاية آيار/  الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قِبل الأمم المتحدة.

وخلفت الإبادة، أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • أبو جزر مدرب منتخب فلسطين للجزيرة نت: عائلتي تعاني الجوع والنزوح في غزة
  • وفيات الجوع ترتفع في غزة.. ومجازر جديدة أمام مراكز توزيع المساعدات
  • 21 شهيدًا وعشرات المصابين بنيران الاحتلال في غزة
  • شاهد.. صائب جندية قائد منتخب فلسطين التاريخي يروي معاناته وسط مجاعة غزة
  • 10 شهداء وعشرات المصابين بنيران الاحتلال في غزة
  • 8 شهداء وعشرات المصابين بنيران الاحتلال في غزة
  • عشرات الشهداء في غزة خلال ساعات.. بينهم عائلة كاملة
  • مخاطر يواجهها غزيون في أقصى شمال القطاع في رحلة البحث عن الطعام
  • عائلة كاملة بين ضحايا الإبادة المتوصلة في غزة.. القصف الوحشي لم يهدأ