أين ينتهي القحاطي ويبدأ الدعامي؟
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
بعد أربعة أشهر من بداية التمرد، وتعليقاً على قوى محمد الفكي سليمان إنهم ــ كقادة للسودان ــ لن يسمحوا بتدمير قوات الدعم السريع، لأنه “سيضعف” القوى الأمنية، ويحرمها من الدور “التكاملي” الذي أُنشئت هذه القوات من أجله كتبت: (من شدة حاجتهما لبعضهما البعض، وتطابق عداواتهما وصداقاتهما في الداخل, وتبعياتهما في الخارج، ومن شدة تلاقي مصالحهما، ومواقفهما، وتكاملها، وتعاضدها، وسدها لثغرات بعضها البعض، ومن كثرة الدفاع المتبادل … باختصار: من وفرة المشتركات بينهما، لم يعد من السهل معرفة أين ينتهي القحاطي ويبدأ الدعامي!).
* قام السؤال، وقتها، ( أين ينتهي القحاطي ويبدأ الدعامي؟) على فرضية أن الدعامي أكثر تطرفاً في الخطاب، والقحاطي أكثر تحوطاً، وأقل تورطاً، الأمر الذي يُفترَض أن يرسم حدوداً خطابية تسهل التمييز بين الدعامي والقحاطي. وجاء السؤال حاملاً فكرة “صعوبة” التمييز للأسباب المذكورة.
* لكن مع مرور الوقت وزيادة جرائم الميليشيا، وزيادة تورط داعمها الأجنبي، ازدادت حاجتهما للتبرير ولمهاجمة أعدائهما، وهما المهمتان اللتان تولتهما قحت، المتحولة إلى “تقدم”، أكثر منهما. الأمر الذي حول “صعوبة” التمييز ــ اعتماداً على الخطاب ــ إلى “استحالة”. فانتهت بذلك مشروعية سؤال نهاية القحاطي وبداية الدعامي، وتعززت مشروعية السؤال المعاكس عن نهاية الدعامي أي توقف دفاعه وتبريره عند حد معين، وبداية القحاطي أي وصول دفاعه وتبريره إلى مستوى لم يصله الدعامي، بمعنى أن “قحت” أصبحت، في بعض القضايا، “أكثر دعاميةً” من الميليشيا نفسها!
* في قضايا مثل احتلال المنازل، والدفاع عن الإمارات، على سبيل المثال، تورطت “تقدم” في تبريرات لم يتورط الدعامة في مثلها، الأمر الذي يلغي، بل ويعكس فرضية تطرف الدعامي خطابياً واعتدال القحاطي، ويشرعن السؤال بصيغته الجديدة: أين ينتهي الدعامي ويبدأ القحاطي!
* أما نصف “تقدم” الذي انضم إلى الميليشيا ــ ومن ضمنه كل حركاتها المسلحة التي نزلت إلى ميدان القتال ــ فقد أغنى الناس عن الخوض في سؤال الحدود الفاصلة، وأثبت أن الدعامي والقحاطي المتحالف معه علناً واحد في الخطاب وفي ميادين المعارك، وأن القحاطي الذي لم يعلن تحالفه ينظر إلى هذا الاندماج كـ”تقدير قد يخطيء وقد يصيب”!
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
"الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
غزة - خاص صفا
"ناجية وحيدة"، لكن صدمة فقد عائلتها قبل نحو شهر، في وقت وضعت فيه حرب غزة أوزارها، جردتها من معاني الكلمة، وتعيش أوضاعًا صعبة، تتمنى فيها "اللحاق بهم.
الفتاة بتول أبو شاويش "20 عاما"، واحدة من آلاف الناجين الوحيدين لأسرة كاملة ارتقت بحرب غزة، لكنها تُسقى أضعافًا من كأس الفقد، لكونها استبعدته يومًا.
"أنا لستُ ناجية، أنا وحيدة وتمنيتُ لو أني ذهبتُ معهم"، تقول بتول لوكالة "صفا".
وتضيف "استشهدت أمي وأبي وإخوتي في قصف بجانب بيتنا في أبراج عين جالوت قبل شهر، وكنت معهم في نفس البيت".
ولكن دقيقة بين مغادرة "بتول" غرفة إخوتها نحو غرفتها، كانت فاصلًا بينها وبينهم، بين حياتها ومماتهم، رغم أن أنقاض البيت وقعت عليها هي أيضًا.
وتصف تلك اللحظات "كنت بجانب محمد وجميعنا بغرفة واحدة، ذهبت لأبدل ملابسي، وفي لحظة وجدت نفسي تحت الأنقاض".
ما بعد الصدمة
وانتشلت طواقم الدفاع المدني "بتول" من تحت جدارين، مصابة بذراعيها، وحينما استفاقت داخل المستشفى، وجدت عمها بجانبها.
سألت بتول عمها عن والديها وإخوتها، وعند كل اسم كان جوابه "إنا لله وإنا إليه راجعون".
لم تتمالك نفسها وهي تروي اللحظة "لم أستوعب ما كان يقوله عمي، لقد فقدتُ أهلي، راحت أمي رغم أنني كنت أدعوا دومًا أمامها أن يكون يومي قبل يومها".
"بتول" تعيش أوضاعًا نفسية صعبة منذ فقدت أسرتها، ويحاول عمها "رفعت"، أن يخفف عنها وطأة الفقد والصدمة.
"لحظات لم تكتمل"
يقول رفعت "40 عاما"، لوكالة "صفا"، إنها "ليست بخير، لا تعيش كأنها نجت، ولا تتوقف عن التساؤل لماذا لم تذهب معهم".
ويضيف "هي تؤمن بالأقدار، لكن أن يفقد الإنسان أهله وفي وقت هدنة، يعني مفروض أنه لا حرب، والقلوب اطمأنّت، فهذا صعب خاصة على فتاة بعمرها".
وسرق الاحتلال لحظات جميلة كثيرة من حياة "بتول"، لم تكتمل، كحفلة نجاح شقيقها "محمد" في الثانوية العامة.
يقول عمها "بتول بكر أهلها، وهي تدرس في جامعة الأزهر، رغم كل الظروف، وقبل استشهاد أخي وعائلته، احتفلوا بنجاح محمد، وكانوا ينوون تسجيله معها في الجامعة".
ومستدركًا بألم "لكن كل شيء راح، وبقيت بتول وحيدة تحاول أن تنهض من جديد، لكن ليس بعد".
ولم تقدر "بتول" على وداع أهلها من شدة صدمتها، وحينما وضعوها بين خمسة جثامين، تحدثت إليهم، سألتهم لما "رحلتم وتركتموني"، وما قبلت إلا جبين شقيقتها الصغيرة، أما أمها "فعجزت عن الاقتراب منها"، تردد بتول وهي تهتز من استحضار المشهد.
ويوجد في غزة 12,917 ناجيًا وحيدًا، تبقوا من أصل 6,020 أسرة أبيدت، خلال حرب الاحتلال على غزة على مدار عامين، فيما مسح الاحتلال 2700 أسرة من السجل المدني بكامل أفرادها، البالغ عددهم 8,574 شهيداً.