ثلاثة سيناريوهات: مستقبل حكومة نتنياهو بعد انسحاب أحزاب الحريديم
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
تواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، حالياً، حلقة جديدة من الأزمة التاريخية المتجددة لتجنيد المتدينين؛ لكنها تبدو الحلقة الأكثر اضطراباً منذ وصول هذه الحكومة إلى السلطة في ديسمبر 2022؛ حيث قرر حزبا “يهدوت هتوراه” (7 مقاعد في الكنيست) و”نوعام” (مقعد واحد)، منذ منتصف يوليو 2025، الانسحاب من الحكومة والائتلاف، بينما فضّل حزب “شاس” (11 مقعداً) الانسحاب من الحكومة فقط، مع البقاء في الائتلاف، وذلك لمنع الحكومة من الانهيار؛ وهو ما قلّص أغلبية نتنياهو في الكنيست من 68 مقعداً إلى 60 مقعداً فقط.
ومع ذلك، لا يبدو نتنياهو مستعداً حالياً للتخلي عن شركائه الحريديم في الائتلاف الحاكم؛ ومن ثم إسقاط الحكومة والتوجه إلى انتخابات مُبكرة. كذلك لا يبدو أن أحزاب الحريديم تميل إلى إسقاط الحكومة حالياً، خاصةً أن وصول المعارضة إلى الحكم سيحول دون تنفيذ مطالبهم. ومن المُرجح أن الحكومة ستشهد هدوءاً لبعض الوقت، في فترة العطلة الصيفية للكنيست، والممتدة حتى 19 أكتوبر 2025. وقد تدفع هذه الفترة مختلف الأطراف إلى مراجعة حساباتها؛ مما يجعل مستقبل الحكومة مفتوحاً على أكثر من احتمال.
جذور الأزمة:
تعود جذور أزمة تجنيد المتدينين في إسرائيل إلى سنوات التأسيس الأولى، حينما منح أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، طلاب المدارس الدينية (اليشيفات)، إعفاءً من الخدمة العسكرية، وتم وضع بند في قانون الخدمة العسكرية يُجيز لوزير الدفاع إعفاء الأفراد من الخدمة الإلزامية.
وعلى الرغم من تعدد الحروب التي خاضتها إسرائيل في تلك الفترات؛ فإن مسألة إعفاء طلاب المدارس الدينية لم تكن بالأمر الجلل؛ لأن أعداد منْ شملهم الإعفاء لم يكن يتعدى بضع مئات، إلا أن الوضع اختلف مع وصول مناحم بيغن إلى الحكم عام 1977، وقيامه برفع الحد الأقصى لعدد طلاب المدارس الدينية المؤهلين للإعفاء، ليصبح عدة آلاف.
لاحقاً، في عام 1998، جرّدت المحكمة العليا في إسرائيل، منصب وزير الدفاع، من الصلاحية التي اكتسبها عام 1948، وصار غير قادر على إصدار إعفاء شامل لجميع طلاب المدارس الدينية. ولكن تم التحايل على هذا الحكم، من خلال إصدار “قانون تال” عام 2002، والذي سمح للطلاب المتدينين بتأجيل التجنيد العسكري إلى عمر 23 سنة، وبعد ذلك يمكنهم اختيار أداء خدمة عسكرية قصيرة، أو خدمة وطنية مدنية، أو مواصلة الدراسة الدينية. ولكن قضت المحكمة العليا، مُجدداً، بإلغاء هذا القانون عام 2012.
في عام 2014، تم تعديل قانون الخدمة العسكرية، بما يسمح بزيادة سنوية تدريجية في أعداد المتدينين الملتحقين بالجيش الإسرائيلي. لكن في عام 2015، وتحت ضغوط الأحزاب الحريدية، ألغت حكومة نتنياهو آنذاك هذه التعديلات، بما يسمح باستمرار إعفاء المتدينين من التجنيد. لتأتي المحكمة العليا من جديد عام 2017، وتقوم بإلغاء قانون الإعفاء الأخير، بدعوى عدم دستوريته.
واستمر الشد والجذب بين حكومات نتنياهو المتعاقبة من جهة، والمحكمة العليا من جهة أخرى، دون التوصل إلى تسوية أو قانون جديد، وصولاً إلى 30 يونيو 2023، حينما انتهت صلاحية القانون القاضي بتأجيل الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية.
وجاء التحرك التالي من قِبل المحكمة العليا، وتحديداً في 26 يونيو 2024؛ حيث قضت بأنه لم يعد بإمكان الحكومة إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، ولا الاستمرار في تمويل المدارس الدينية التي لم يُمنح طلابها إعفاءات رسمية. ومنذ ذلك التاريخ، صار الجيش الإسرائيلي مُلزماً بإصدار إشعارات تجنيد لطلاب المدارس الدينية.
موقف الجيش:
يرى الجيش الإسرائيلي ضرورة تجنيد جميع طلاب المدارس الدينية، خاصةً في ظل الحروب التي يخوضها حالياً؛ حيث أشار قادة الجيش إلى حاجتهم الماسة إلى نحو 10 آلاف جندي مقاتل إضافي، ونحو 3 آلاف جندي لمهام أخرى. ومنذ منتصف عام 2024، أرسل الجيش بالفعل أكثر من 20 ألف “إشعار تجنيد” لطلاب المدارس الدينية، مستهدفاً رفع عدد المجندين الحريديم لديه سنوياً من 1800 حالياً إلى نحو 4800 مجند. لكن خلال عام كامل (من يونيو 2024 حتى يونيو 2025)، لم يستطع الجيش تجنيد سوى 2700 شخص فقط من الحريديم.
وتشير الإحصاءات إلى أن هناك نحو 80 ألف رجل من اليهود المتشددين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة، مؤهلون حالياً للخدمة في الجيش الإسرائيلي؛ لكنهم لم يلتحقوا به. وقال إسحاق جولدنوبف، رئيس حزب “يهدوت هتوراه”، في معرض حديثه عن تلك الأزمة، إنه إذا تم تطبيق أوامر التجنيد على 54 ألف طالب في المدرسة الدينية، “فلن يكون هناك سلام”.
وتصاعدت الأزمة بشكل كبير منذ يونيو 2024، ومع إرسال الجيش إشعارات التجنيد؛ تم تصنيف الآلاف من طلاب المدارس الدينية على أنهم هاربون من الخدمة العسكرية؛ مما يعرضهم لخطر الاعتقال كلما واجهوا الشرطة، ويمنعهم من مغادرة إسرائيل، ويحرمهم من عدة مزايا مالية، على رأسها الحرمان من إعانات رعاية الأطفال؛ وهو ما يضع أسر الحريديم في ضغوط مالية كبيرة. فوفقاً لبيانات وزارة المالية الإسرائيلية، تلقّى نحو 10 آلاف طفل صغير، يُصنف آباؤهم وأمهاتهم كطلاب في المدارس الدينية، إعانات رعاية أطفال خلال العام الدراسي الماضي، بتكلفة إجمالية بلغت نحو 200 مليون شيكل.
وتفاقم الوضع أكثر مع محاولات يولي إدلشتاين، عضو الكنيست عن حزب “الليكود”، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست؛ إقرار تشريعات تُشدِّد الخناق على الطلاب المتدينين الفارين من الخدمة العسكرية، وتفرض عليهم المزيد من العقوبات، خاصةً في ضوء عجز الجيش والشرطة عن التعامل مع هذا العدد الكبير من الأشخاص الفارين من الخدمة العسكرية.
وتصاعد غضب الأحزاب الحريدية (يهدوت هتوراه، وشاس)، ورأت أن العقوبات التي اقترحها إدلشتاين “قاسية”، واعترضت تحديداً على فكرة تطبيقها تلقائياً، دون منح وزير الدفاع صلاحية تقييم الحالات الفردية. وطالب قادة هذه الأحزاب، نتنياهو، بحسم هذا الملف، وإقرار تشريع يُقنن رسمياً إعفاء طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية.
ووجّهت الأحزاب الحريدية إنذارين إلى نتنياهو؛ الأول كان في يناير 2025، حين صرّح أرييه درعي، رئيس حزب “شاس”، بأنه “إذا لم يتم حسم قانون الإعفاء من التجنيد خلال شهرين، سنذهب إلى الانتخابات”. والإنذار الثاني كان في مارس الماضي؛ حيث حدّدت هذه الأحزاب “عيد الشفوعوت” (1 إلى 3 يونيو 2025)، كموعد نهائي جديد لإقرار قانون الإعفاء.
تحركات نتنياهو:
بعد استنفاد حكومة نتنياهو للمهل الزمنية التي حددتها الأحزاب الحريدية، دون تقديم نسخة جديدة من مشروع قانون الإعفاء؛ أعلن حزب “يهدوت هتوراه”، في 14 يوليو الجاري، انسحابه من الحكومة والائتلاف. وبعد يومين، في 16 يوليو الجاري، قرر حزب “شاس” أيضاً الانسحاب من الحكومة، لكن مع بقائه في الائتلاف، ودون أن يدعم اقتراح حجب الثقة عن الحكومة. وبالنظر إلى انسحاب آفي ماعوز، العضو الوحيد في الكنيست الذي يمثل حزب “نوعام”، فقد صار ائتلاف نتنياهو مدعوماً بـ60 عضواً فقط في الكنيست، بعد أن كان يمتلك 68 عضواً.
صحيح أن أي من الحزبين (يهدوت هتوراه، وشاس)، لم يعلن نيته التوجه إلى انتخابات مُبكرة؛ لكن ستظل أعمال سن القوانين في الكنيست معطلة، فالحزبان إمّا سيمتنعان عن التصويت لصالح القوانين التي تطرحها الحكومة، أو سيقومان بالتصويت ضدها، وذلك لتعطيل أعمال التشريع.
ولا يبدو، وفق حسابات اللحظة الراهنة، أن الأحزاب الحريدية تنوي إسقاط الحكومة الحالية؛ بالنظر إلى أن الحكومة القادمة، وخاصةً إذا جاءت من المعارضة، لن تخضع لمطالب المتدينين، وتحديداً في ملف التجنيد وتمويل مؤسساتهم المختلفة.
في المقابل، يبدو نتنياهو غير قادر على حسم هذا الملف، أو ربما يرى أن إدارته دون حله هي الخيار الأنسب، فهو لا يرغب في خسارة شركائه من الأحزاب الحريدية، وفي الوقت نفسه لا يبدو عازماً على سن تشريع يدينه أمام الرأي العام، ويضعه في معركة جديدة أمام المحكمة العليا.
لذلك، اتجه نتنياهو إلى كسب المزيد من الوقت، عن طريق إقصاء إدلشتاين من رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست، والذي تم تصويره خلال الأشهر الأخيرة على أنه الخصم الأساسي للأحزاب الحريدية في ملف التجنيد، على أن يكون خلفه أكثر استعداداً لتقديم تنازلات لم يكن إدلشتاين مستعداً لتقديمها؛ مما يسمح بالمُضي قدماً في مشروع قانون التجنيد.
وخطوة نتنياهو هذه قد تُهدئ الشارع الحريدي، وتمنحه المزيد من الوقت، لكن بالتأكيد لن تحل الأزمة. والدليل على ذلك هو رد فعل حزب “شاس” على تلك الخطوة، والتي رآها “قليلة جداً ومتأخرة للغاية”، وأصر على إحراز تقدم فوري في مشروع قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية.
سيناريوهات الحكومة:
وفقاً لمعطيات اللحظة الراهنة، وبالنظر إلى احتمالية تغير حسابات مختلف الأطراف السياسية في إسرائيل؛ يمكن القول إن هناك ثلاثة سيناريوهات مُحتملة قد ترسم مستقبل حكومة نتنياهو في ظل أزمة التجنيد، هي كالآتي:
1- اتجاه الأحزاب الحريدية إلى حلّ الكنيست: هو سيناريو مُرجّح حال فشل نتنياهو في التوصل إلى تسوية مع الأحزاب الحريدية في فترة العطلة الصيفية للكنيست، وهذا الفشل ربما يؤثر في مصداقية هذه الأحزاب أمام قواعدها الانتخابية. ووفقاً لهذا السيناريو، قد تدعو تلك الأحزاب، مع عودة الجلسات في 19 أكتوبر المقبل، إلى حلّ الكنيست. وينص القانون على إجراء الانتخابات بعد ثلاثة أشهر فقط، كحد أدنى من حلّ الكنيست؛ مما يعني – طبقاً لهذا السيناريو- أن الحكومة ستظل في منصبها على الأقل حتى يناير 2026.
ويظل هناك احتمال ضعيف ضمن هذا السيناريو، وهو أن يطلب 61 عضواً في الكنيست، بدعم من الأحزاب الحريدية، عقد جلسة طارئة استثنائية خلال العطلة الصيفية، للتصويت على حلّ الكنيست، لكن لا يبدو أن الأحزاب الحريدية ستتبنّى هذا الخيار؛ لأنها ربما ترغب في منح نتنياهو فرصة العطلة الصيفية، لتسوية الأزمة.
2- تسوية الأزمة واستمرار الحكومة حتى نوفمبر 2026: تعتمد فرص تحقيق هذا السيناريو على نجاح نتنياهو في استغلال فترة العطلة الصيفية للكنيست، لتسوية الأزمة مع الأحزاب الحريدية وترتيب قانون جديد للتجنيد، وربما يكون إقصاء إدلشتاين عاملاً مساعداً في هذا الصدد.
ويبدو أن ثمة قناعة بين أوساط المراقبين في إسرائيل أنه سيكون من الصعب وضع قانون جديد للتجنيد يُرضِي الحاخامات، وفي الوقت نفسه يجتاز تدقيق المحكمة العليا؛ لذلك ربما يُركز نتنياهو جهوده على حزب “شاس”، الذي يمتلك 11 مقعداً في الكنيست، خاصةً أن زعيم الحزب، أرييه درعي، مُقرّب من نتنياهو، ويُعد أكثر براغماتية من نظرائه في حزب “يهدوت هتوراه”.
بجانب ما سبق، ربما يحاول نتنياهو تدعيم حكومته عن طريق ضم أحد الأحزاب من خارج الائتلاف، كما فعل في سبتمبر 2024، حينما ضم حزب “أمل جديد” برئاسة جدعون ساعر، إلى حكومته. وفي تلك الحالة، ربما يكون الطريق أمام نتنياهو ممهّداً لاستكمال ولايته القانونية حتى نوفمبر 2026.
3- ذهاب نتنياهو إلى انتخابات مُبكرة بإرادته الشخصية: قد يصل نتنياهو في مرحلة ما إلى قناعة بصعوبة تسوية أزمة تجنيد الحريديم، ويحاول الفكاك من الضغوط التي تمارسها عليه الأحزاب الحريدية من جهة، وأحزاب اليمين المتطرف من جهة أخرى. وهنا ربما يكون خيار الانتخابات المُبكرة هو الحل المُتاح.
لكن من المؤكد أن نتنياهو لن يذهب إلى هذا الخيار إلا حينما يكون متأكداً من قدرته على تشكيل الحكومة القادمة، أو أنه استنفد كافة الحلول الأخرى؛ ومن ثم إذا قرّر الذهاب إلى الانتخابات المُبكرة، فسيعمل على إدارة ملف أزمة التجنيد لحين الوصول إلى التوقيت المناسب لحلها.
ويبدو أن نتنياهو يستعد بالفعل لهذا الخيار؛ حيث أفادت تقارير صحفية، في يوليو الجاري، بأنه يدرس طرح تشريع لخفض “نسبة الحسم الانتخابي لدخول الكنيست”؛ وهو تشريع يهدف إلى مساعدة حزب “الصهيونية الدينية” بزعامة وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والذي تشير كافة استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنه سيتراجع عن نسبة الـ3.25% اللازمة حالياً لدخول الكنيست؛ ومن ثم فمن مصلحة نتنياهو ألا يخسر مقاعد حزب “الصهيونية الدينية”، أحد أهم حلفائه في الائتلاف الحالي.
وتبدو العقبة التي تواجه نتنياهو في هذا الخيار هي أن أحزاب ائتلافه الحاكم (الليكود، والصهيونية الدينية، وعوتسماه يهوديت، وشاس، ويهودت هتوراه) ما زالت عالقة في مكانها في معظم استطلاعات الرأي الأخيرة. وبالرغم من أن حزب “الليكود” شهد ارتفاعاً طفيفاً في بعض استطلاعات الرأي عقب حرب الـ12 يوماً مع إيران؛ فإن هذا الارتفاع جاء على حساب أحزاب أخرى في الائتلاف. ويتراوح نصيب أحزاب الائتلاف في استطلاعات الرأي بين 48 و53 مقعداً، ولا يزال أقل بكثير من الأغلبية المطلوبة، بل إن استطلاع “القناة 12” الإسرائيلية، الذي أجري في 16 يوليو الجاري، أظهر حصول الائتلاف على نحو 49 مقعداً فقط.
وربما يكون مخرج نتنياهو الوحيد لضمان نجاح سيناريو الانتخابات المُبكرة، هو إقناع خصمه نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الأسبق، وزعيم الحزب الجديد “بينيت 2026″، والذي بات يلاحق حزب “الليكود” بشراسة مؤخراً؛ بتشكيل حكومة وحدة وطنية. وهذا أمر نجح فيه نتنياهو سابقاً، بعد انتخابات الكنيست في مارس 2020، حينما شكّل “حكومة وحدة” مع خصمه السياسي آنذاك، بيني غانتس، رئيس تحالف “كاحول لافان” سابقاً ورئيس حزب “المعسكر الوطني” حالياً.
إجمالاً، وفقاً للسيناريوهات السابقة، قد تستمر حكومة نتنياهو حتى يناير 2026، وربما تستمر أبعد من ذلك حتى موعد الانتخابات المقبلة في نوفمبر 2026، وقد يعود نتنياهو مرة أخرى إلى مقعد رئيس الوزراء في الانتخابات القادمة؛ فالأزمة الحالية تجعل مصير هذه الحكومة مفتوحاً على كل الاحتمالات. كذلك قد تكون مسارات الحرب على قطاع غزة، أو عودة التصعيد العسكري مع إيران مُجدداً؛ عوامل مؤثرة؛ فإما أن تُطيل أمد الحكومة الحالية، أو تُعجّل برحيلها.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
القضاء الإسرائيلي يجمّد قرار حكومة نتنياهو بعزل المدعية العامة
شهدت مدن إسرائيلية، على رأسها تل أبيب ، موجة احتجاجات واسعة يومي الأحد والاثنين، دعماً للمستشارة باهراف-ميارا، ورفضًا لما وصفه المتظاهرون بـ"الانقلاب على استقلالية القضاء". اعلان
في تصعيد جديد للصراع بين السلطتين القضائية والتنفيذية في إسرائيل، أصدرت المحكمة العليا، يوم الاثنين، أمرًا قضائيًا بوقف تنفيذ قرار الحكومة القاضي بعزل المستشارة القانونية للحكومة غالي باهراف-ميارا، وذلك بعد أن وافق مجلس الوزراء بالإجماع على اقتراح وزير العدل ياريف ليفين بعزلها من منصبها.
وقالت المحكمة، وفق ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن "أي تعديل في وضع المستشارة القانونية سيُجمّد إلى حين صدور قرار نهائي"، مشددة على أن الحكومة لا يمكنها تعيين بديل عنها في الوقت الراهن. كما منحت المحكمة كلًّا من الحكومة ومكتب المستشارة مهلة حتى يوم الخميس لتقديم ردودهم، على أن تُعقد جلسة استماع خلال 30 يومًا، أو قبل 4 سبتمبر كحد أقصى.
Related القضاء الإسرائيلي يأمر الحكومة بأن تعيد لصياد من غزة قاربهالقضاء الإسرائيلي يبرئ جنديًا قتل فلسطينيًا مصابًا بالتوحّدالقضاء الإسرائيلي يمنع عضوين في اليمين من الترشح للانتخابات بسبب "التحريض على العنصرية" صراع سياسي - قضائي محتدموكان نائب رئيس المحكمة العليا القاضي نوآم سوهلبيرغ قد أكّد في قرار سابق، صدر في يوليو الماضي، أن أي إجراء لعزل المستشارة لا يُعدّ قانونيًا إلا بعد خضوعه لمراجعة قضائية كاملة.
ورغم أن قرار العزل لم يدخل حيز التنفيذ، أعلن وزراء في الحكومة أنهم لن يوجّهوا بعد الآن دعوات إلى باهراف-ميارا لحضور جلسات الحكومة أو اللجان الوزارية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها سابقة خطيرة تهدد الفصل بين السلطات.
وقال وزير العدل ياريف ليفين، خلال اجتماع الحكومة الذي خُصص لمناقشة إقالتها، إن "الحكومة بلغت الخط الأحمر" في تعاملها مع باهراف-ميارا، مشيرًا إلى أن "القرار جاء بعد عملية طويلة وشاقة من المحاولات الفاشلة للتعاون معها".
كما نفى ليفين بشدة أن يكون القرار مرتبطًا بمحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واصفًا هذه الادعاءات بأنها "تلميحات خطيرة للغاية". ويُشار إلى أن المستشارة القانونية تتولى دور المدعية العامة في محاكمة نتنياهو بتهم الفساد، مما أثار جدلًا واسعًا بشأن تضارب المصالح المحتمل في قرار عزلها.
معركة قضائية مرتقبة وضغوط شعبية متصاعدةوفي أعقاب قرار العزل، أعلنت حركة جودة الحكم في إسرائيل أنها تقدّمت بعريضة عاجلة إلى المحكمة العليا، تحمل توقيع أكثر من 15 ألف شخص، احتجاجًا على القرار، الذي وصفته بـ"غير القانوني والمشوب بتضارب المصالح"، خصوصًا مع تورط رئيس الوزراء في قضايا جنائية.
وقالت الحركة، في بيان رسمي، إن "الحكومة ستُواجهنا في المحكمة"، مشيدة بقرار المحكمة العليا تجميد العزل، لكنها انتقدت "تأخر صدور القرار"، مؤكدة أن "هذا الإجراء غير الدستوري ما كان يجب أن يُسمح له أصلًا".
وشهدت مدن إسرائيلية، على رأسها تل أبيب، موجة احتجاجات واسعة يومي الأحد والاثنين، دعماً للمستشارة باهراف-ميارا، ورفضًا لما وصفه المتظاهرون بـ"الانقلاب على استقلالية القضاء".
وقاد أعضاء الكنيست من حزب الديمقراطيين احتجاجات يوم الاثنين خارج مقر الحكومة، حيث اتهم رئيس الحزب يائير غولان الحكومة بـ"الانشغال بعزل المستشارة بينما لا تزال عشرات العائلات تنتظر إطلاق سراح أبنائها من غزة، والحرب ما زالت مستعرة".
وقال غولان في كلمته: "في هذا الوقت الحرج، الحكومة لا تبحث عن الأمن أو الاقتصاد أو الصحة... بل تُركّز فقط على نفسها".
خلاف دستوري على الإجراءات وآلية التعيينقبيل جلسة التصويت، أرسلت باهراف-ميارا رسالة رسمية إلى الحكومة، أكدت فيها أن الطريقة التي تم بها التعامل مع عزلها "غير قانونية ومغرضة سياسيًا"، كما رفضت حضور الاجتماع، ما أثار انتقادات حادة من ليفين الذي وصف تصرفها بأنه "عدم احترام للسلطة التنفيذية".
وتعود الإجراءات القانونية الخاصة بتعيين أو عزل المستشار القانوني للحكومة إلى عام 2000، بناءً على توصيات لجنة شمغار، وتنصّ على تشكيل لجنة مستقلة مكونة من: قاضٍ متقاعد من المحكمة العليا، ووزير عدل أو مستشار قانوني سابق، إضافة إلى عضو كنيست، ومحامٍ من نقابة المحامين، وأكاديمي قانوني من عمداء كليات الحقوق.
لكن الحكومة فشلت في تشكيل اللجنة بالشكل القانوني، وبررت ذلك في بيان صدر الشهر الماضي، صاغه الوزير ليفين ووزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية أميخاي شيكلي (الليكود)، بأن "جميع الشخصيات المطلوبة رفضت المشاركة بسبب اعتراضها على القرار"، ما دفع الحكومة إلى تشكيل لجنة بديلة من طرفها.
باهراف-ميارا: “تم إسقاط آخر الحواجز أمام هيمنة الحكومة”وفي رسالة سبقت جلسة التصويت، حذّرت باهراف-ميارا من خطورة القرار، وقالت: "ما يحدث اليوم هو إزالة لأحد آخر الضوابط المتبقية على سلطة الحكومة في النظام القانوني الإسرائيلي".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة