فيتنام تعود إلى عبد الناصر.. وذاكرة الثوار لا تموت!
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
الثائر والثوار.. حين يعود الوفاء من آخر الأرض..
في زحام العالم المتغير، وفي زمن خفتت فيه أصوات المبدأ، يطل علينا مشهد إنساني يعيد الاعتبار للذاكرة الجماعية للشعوب الحرة. مشهد لا تصنعه عدسات الكاميرات، بل تصوغه الأخلاق الثورية، ويخطه الوفاء الصامت.
في زيارة رمزية تحمل أكثر مما تعبر عنه الكلمات، وصل الرئيس الفيتنامي "لوونج كوونج" إلى القاهرة، وتوجه مباشرة إلى بيت الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر"، الذي أصبح اليوم متحفًا لتاريخ لم يغادر ضمير الأحرار.
لم تكن الزيارة بروتوكولية عابرة، بل كانت رسالة محبة وامتنان باسم شعب انتصر قبل خمسين عامًا، ولم ينسَ من وقف إلى جانبه حين كان العالم يصمّ أذنيه عن المظلومية.
ناصر وفيتنام.. التحالف الأخلاقيتعود بنا الذاكرة إلى ستينيات القرن الماضي، حين كانت فيتنام تحترق تحت نيران العدوان الأمريكي.. كانت آلة الحرب الأمريكية تفتك بشعب فقير، لا يملك إلا إرادته وسلاحه البسيط، في مواجهة واحدة من أعتى القوى العالمية.
وسط هذا المشهد، لم يتردد عبد الناصر في إعلان موقفه الصريح: دعم مقاومة الشعب الفيتنامي. رفض كل الضغوط الأمريكية للتوسط أو التراجع، واختار أن يكون صوته مع "هوشي منه"، مع الثورة، مع الإنسان.
جاءت الرسائل من قادة آسيا الثورية، من "شوان لاي" و"ماو تسي تونج"، تطلب من ناصر الاستمرار في الدعم، بوصفه أحد أعمدة حركة عدم الانحياز، إلى جانب "تيتو" و"نهرو". لم يكن ناصر مجرد زعيم مصري أو عربي، بل كان أحد الأصوات المؤسسة لضمير العالم الثالث.
الانتصار والوفاءفي أبريل 1975، وبعد حرب دامت نحو خمسة عشر عامًا، سقطت سايغون، وحققت فيتنام انتصارها التاريخي. لم يُهزم الجيش الأمريكي عسكريًا فقط، بل انقسم المجتمع الأمريكي على ذاته، وتعرضت واشنطن لأحد أكبر الإخفاقات في تاريخها الحديث.
لكن الأهم من مشهد الانتصار، كان مشهد الذاكرة. لم تنسَ فيتنام أن صوتًا عربيًا ناصرها، حين كانت وحدها في مواجهة الطغيان. واليوم، بعد مرور نصف قرن، يزور رئيسها متحف عبد الناصر، ليقول ببساطة شديدة: "شكرًا لمن كان معنا".
عبرة الثوار.. ورسالة الزمنهذه الزيارة، بما تحمله من رمزية إنسانية، تذكير صارخ لنا جميعًا بأن التاريخ لا يُكتَب فقط بالقوة والسلاح، بل يُكتب بالموقف، والثبات على المبادئ.
أن يقف قائد عربي في الخمسينيات والستينيات إلى جانب شعب في أقصى آسيا، دون حسابات المصالح الضيقة، هو فعل نادر، لكنه خالد.
زار منزل ناصر من قبل "مانديلا"، و"جيفارا"، و"نكروما"، و"أحمد بن بيلا"، و"نيريري"، و"چومو كينياتا"، وها هو التاريخ يضيف اسماً جديدًا إلى قائمة الوفاء. تلك القائمة التي لا تُكتب في كتب السياسة، بل تُروى في كتب الشعوب.
التحليل الجيوسياسي: ما وراء المشهدفي عمق هذه الزيارة، يتجلى سؤال محوري: هل الشعوب وحدها من تحفظ الذاكرة، أم أن الدولة كذلك عليها أن تفعل؟
فيتنام التي نهضت من رماد الحرب، وأصبحت اليوم قوة اقتصادية وسياسية صاعدة في جنوب شرق آسيا، لم تُهمل تاريخها ولا شركاء مواقفها.
أما نحن، في عالم عربي يعاني من التراجع والانقسام وفقدان البوصلة، فهل لا نزال نملك الجرأة لنستحضر تجربة عبد الناصر، ليس فقط كرمز، بل كمنهج؟
هل يمكن لسياسات اليوم أن تعود لتضع الإنسان، والحرية، والكرامة، في قلب القرار؟
إن زيارة الرئيس الفيتنامي اليوم لا تذكّرنا بعبد الناصر وحده، بل تذكّرنا بما كنا قادرين على أن نكونه، حين كنّا في الصف الصحيح من التاريخ.!!
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجيش الأمريكي فيتنام جمال عبد الناصر مانديلا جيفارا عبد الناصر
إقرأ أيضاً:
وفيات الثلاثاء .. 5 / 8 / 2025
#سواليف
#وفيات الثلاثاء .. 5 / 8 / 2025
الحاجة خولة محمد العبدالله الصمادي
محبوبة محمد مسعود السلوادي
الشابة تمارا نضال الزعبي
فاطمة موسى علي الطيب
مقالات ذات صلةماهر محمد الأحمد الناصر
كندة محمود رفيق الصلاح
تمارا نضال الزعبي
حازم ابراهيم عبدالفتاح الشدفان
علي فايز أحمد عواد زيد النبالي
خالد محمد عيسى محسن
سهام عطية محمد الأطرش
خلود فؤاد محمد برهومة
إيلانة مراد حسن طه