هل أصبحت #العروبة #تهمة؟
د. #أيوب_أبودية
في السنوات الأخيرة، وربما بعد حرب الخليج الأولى تحديدا، لاحظنا أنه بدأت تتصاعد موجة فكرية تشكك في الهوية العربية لشعوب بلاد الشام، وشعوب شمالي أفريقيا وبلاد الرافدين، حتى ليبدو أن الانتماء إلى العروبة بات وكأنه نقيضٌ للتعددية أو حتى خيانة للهويات التاريخية. فتارة يُقال إننا فينيقيون، وطورا آراميون، أو سريان، أو كلدان؛ وكأنما الهوية العربية دخيلة أو طارئة، مع أن الواقع والتاريخ يشهدان بغير ذلك.
فهل يعقل أن تكون العروبة نقيضًا للتنوع الذي تأسست وفقه أكبر الدول وأعظمها؟
أليس من الأجدر فهم العروبة كهوية جامعة لا تلغي ما سبقها، بل تعيد صياغته ضمن أفق لغوي وثقافي وتاريخي مشترك؟
طالما شكّلت الهوية العربية واللغة العربية عامل وحدة لشعوب متعددة الأعراق والديانات، جمعت في إطارها المسلم والمسيحي واليهودي والبهائي والعلماني والملحد، العربي القحطاني والعدناني والدرزي، الأرمني والشركسي والكردي، بل حتى الإيراني والتركماني.
فالعروبة ليست نقاءً عرقيًا، بل انتماء ثقافي متجذر في اللغة والمكان والتاريخ. وعلى رأي ساطع الحصري: كل من تكلم العربية هو عربي. وكما أن الأميركي لا يُسأل عن أصوله الأفريقية أو الأوروبية أو الآسيوية أو اللاتينية كي يُعترف به كمواطن، كذلك لا يحتاج العربي اليوم إلى إثبات نسبه العدناني أو القحطاني ليكون عربيًا؛ يكفي أن يعيش داخل الفضاء العربي، ويتكلم العربية، ويحيا بثقافتها، كما قال الحصري.
العجيب أن العربي في بلاد الغرب يفاخر بأصله العربي، بينما يخجل كثيرون في بلادهم من التصريح بعروبتهم، مفضلين تمييز أنفسهم بهويات ما قبل عربية كالفينيقية أو الأمازيغية أو السريانية أو الكدانية أو الآرامية. لكن، ألم يتوحد الأوروبيون على مجموعة من الهويات القومية الحديثة التي لم تستطع أن تلغِي تعدديتهم القديمة؟
انظر مثلًا إلى الفرنسيين الذين تشكلوا من أعراق الغال والرومان والفرنجة والباسك والنورمان. وانظر كذلك إلى الإسبان الذين انحدروا من أقوام متباينة من القوط والرومان والعرب والبربر واليهود، وانصهروا جميعًا في هوية إسبانية حديثة تتكلم الإسبانية وتعتز بها. وكذلك الإيطاليون الذين لم يتوحدوا سياسيًا أو لغويًا إلا في القرن التاسع عشر، وكان أكثر من نصفهم آنذاك لا يتكلم اللغة “الإيطالية الموحّدة” لغاية بدايات القرن العشرين.
الأمر ذاته ينسحب على الألمان، الذين توحّدوا حديثًا رغم أصولهم العرقية المتنوعة، كالسلافية والجرمانية واللاتينية. ولا أحد في ألمانيا المعاصرة هذه الأيام يطعن في ألمانية من يتحدث بالألمانية ويعيش ثقافتها، حتى لو لم يكن جرمانيا أصيلا.
فلماذا يصبح الانتماء العربي موضع شك في بلداننا إذن؟
ولماذا توصف العروبة بالعرق المهيمن واللغة العربية بأداة للسيطرة الثقافية، بينما تُعدّ اللغات الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الإسبانية أدوات “توحيد قومي” في أوروبا؟
إن تجاهل العروبة لا يخدم التنوع والتعدد والاستقرار والوحدة الوحيدة الممكنة بين الدول العربية، على الأقل في مرحلة انتقالية،، بل يخدم مشاريع تفتيت ما تبقّى من نسيج وطني في بلدان مثل سوريا والعراق ولبنان وليبيا. وهو يفتح الباب أمام نزعات انفصالية تستغلها قوى خارجية سعت دومًا إلى إضعاف وحدة هذه المنطقة وتقسيمها.
العروبة ليست حجابًا يخفي التاريخ، بل إطار يتّسع له ويسمح بتطويره. والعروبة ليست بديلًا عن الفينيقية أو الأمازيغية أو الآرامية أو الكلدانية أو الأمازيغية أو الكردية أو التركية أو الفارسية، بل نتاج لتفاعلها مع الإسلام واللغة العربية والفضاء الجغرافي والتاريخي. وهي ما نكتب بواسطته ونغني ونحلم ونفرح ونثور ونبكي ونتعلم ونصلي.
والعروبة اليوم، في زمن العزلة والتمزق هذا الذي تشهد عليه أحوال غزة المنكوبة اليوم، هي ما بقي من أمل جامع، فلا يكمن الأمل شمالا باتجاه تركيا، أو شرقًا صوب إيران، أو غربًا نحو الكيان الغاصب الذي لا يعترف بنا أصلًا على تنوّعنا.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
سعر الريال مقابل الجنيه المصري والعملات العربية اليوم الثلاثاء 11-2-1447
استقرت أسعار العملات العربية مقابل الريال اليوم الثلاثاء 11-2-1447 في البنك المركزي نسبيًا؛ حيث استقر سعر الريال مقابل الجنيه المصري، وتباينت أسعار بقية العملات العربية بشكل طفيف.
سعر الريال مقابل الجنيه المصريوسجل سعر الريال مقابل الجنيه المصري ، اليوم الثلاثاء 11-2-1447 في البنك المركزي، استقرارًا 0.077 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الدينار الجزائري، اليوم، 0.028 ريال.
فيما سعر الريال مقابل الدينار الليبي، اليوم، 0.69 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الدرهم المغربي، اليوم، 0.4 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الدينار التونسي، اليوم، 1.3 ريال.
سعر الريال مقابل العملات العربيةوجاء سعر الريال مقابل العملات العربية الأخرى، في البنك المركزي مستقرًا، اليوم الثلاثاء، حيث سجل سعر الريال مقابل الدرهم الإماراتي، 1.02 ريال.
كما سجل سعر الريال مقابل الدينار البحريني، اليوم، 9.94 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الريال اليمني، 0.01 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الدينار الكويتي، 12.27 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الريال العماني، 9.74 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الريال القطري، 1.0299 ريال.
وسجل سعر الريال مقابل الدينار الأردني، 5.29 ريال.
أسعار العملاتأسعار العملات العربيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.