أطفالنا ليسوا مشاهير: خطر تحويل الطفولة إلى أداء تمثيلي على وسائل التواصل
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
د. مارغو حداد
أستاذة صناعة الأفلام في الجامعة الأمريكية – مادبا، الأردن
باحثة في قضايا التواصل البصري والثقافة الرقمية
⸻
مقدمة
بات من المألوف اليوم أن نرى أطفالًا في سن العاشرة أو أقل يظهرون على منصات مثل إنستغرام أو فيسبوك، ويُقدَّمون بأوصاف من قبيل: “نجمة صغيرة”، “ممثلة واعدة”، “مشهور المستقبل”.
ما يبدو في الظاهر احتفالًا بريئًا بالطفولة، يخفي في العمق بنية ثقافية تُخضِع الطفل لآليات الظهور والتقييم، وتُنتج آثارًا نفسية وتربوية معقدة لا يُستهان بها.
لا يجوز وصف الطفل بـ”نجم” أو “ممثلة” لأن هذه ألقاب مهنية تُمنح لمن يختار المهنة بوعي كامل. الصحيح أن يُقال: “أداء تمثيلي” دون منحه لقبًا لا يعكس وعيه ولا مرحلة نموه النفسية والعقلية.
⸻
من اللعب إلى الأداء العلني
وسائل التواصل لا تتيح فقط مشاركة الصور، بل تعيد صياغة علاقة الإنسان بنفسه، خاصة في سن مبكرة.
حين يظهر الطفل بشكل متكرر بوصفه “مؤديًا”، يُعاد تشكيل صورته الذاتية من خلال عيون الآخرين، لا من خلال تجربته الخاصة.
هذا التحول من الذات إلى “التمثيل”، ومن اللعب العفوي إلى الأداء الرقمي، يشكل خرقًا للنمو الطبيعي.
دراسة منشورة في Journal of Adolescence عام 2022 تؤكد أن الأطفال الذين يظهرون باستمرار على وسائل التواصل يعانون لاحقًا من اضطرابات في احترام الذات، وزيادة القلق، وميل مفرط إلى المقارنة.
Journal of Adolescence, 2022
⸻
إنستغرام وفيسبوك: منصات غير محايدة
خلافًا للاعتقاد السائد، فإن منصات مثل فيسبوك وإنستغرام ليست فضاءات حيادية للتواصل، بل أدوات منظمة لجمع البيانات وتوجيه السلوك الاستهلاكي.الأطفال الذين يدخلون هذه المنصات يُخضَعون تلقائيًا لهذا النظام، دون أن يملكوا أدوات الحماية أو الفهم الكافي له.
وفق قانون COPPA الأمريكي، يُمنع قانونيًا تسجيل الأطفال دون 13 عامًا في هذه المنصات، لكن ملايين الحسابات تُفتَح باستخدام أعمار مزيفة، غالبًا بإشراف أو بموافقة الأهل.
COPPA – Federal Trade Commission
⸻
صورة الطفل بين الحب والتسليع
تتحول علاقة الأهل بأبنائهم، في بعض السياقات الرقمية، إلى علاقة إنتاجية.
الطفل لا يُصوَّر فقط، بل يُسوَّق، ويُتابَع، ويُقيَّم.وهنا يتداخل الحب مع الرغبة في الظهور، ويتحول العرض اليومي للطفل إلى مشروع تمثيلي لا يملك فيه الطفل من أمره شيئًا.
دراسة من جامعة ميشيغان (2021) أظهرت أن الأطفال الذين يُدفَعون إلى الظهور الإعلامي المبكر يعانون من إشكالات في الهوية لاحقًا، ويواجهون صعوبة في بناء علاقة مستقرة مع ذواتهم.
University of Michigan Study, 2021
⸻
سؤال الثقافة: من يملك صورة الطفل؟
هذا السؤال يستدعي مقاربة نقدية.
هل الطفل يملك صورته؟
أم أن الصورة تُبنى، وتُنتَج، وتُعاد مشاركتها ضمن منطق لا يتحكم به؟
كما قال إدوارد سعيد في الاستشراق، فإن التمثيل ليس بريئًا.الذي يصنع الصورة، يصنع معها التصور.وفي حالة الطفل، نحن أمام تمثيل لا صوت له، ولا قدرة له على الرفض.
⸻
نحو وعي بصري جديد الطفولة ليست مادة للعرض،ولا مجالًا لبناء الجمهور،بل هي لحظة هشّة في التكوين، تحتاج إلى الحماية والمسافة.إذا كان على الأهل أن يحبوا أبناءهم، فالحب في هذه المرحلة ليس في مشاركتهم مع الجميع، بل في حفظ خصوصيتهم عن الجميع.الطفل لا يحتاج إلى متابعين، بل إلى رعاية،ولا يحتاج إلى تقييم، بل إلى مساحة لنموه الطبيعي، بعيدًا عن المنصة.
⸻
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
"حمد الطبية" تحذر من ترك الأطفال داخل المركبات خلال الطقس الحار
حذر برنامج حمد للوقاية من الإصابات، التابع لمركز حمد لإصابات الحوادث بمؤسسة حمد الطبية، الذي تم اعتماده كمركز متعاون في مجال الصدمات من قبل منظمة الصحة العالمية، من المخاطر البالغة التي قد تهدد حياة الأطفال نتيجة تركهم داخل المركبات المتوقفة في ظل الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، حتى ولو لفترة وجيزة.
وأوضحت السيدة تسولير سيكايان منسقة البرنامج، أن درجة الحرارة داخل السيارة المتوقفة ترتفع بسرعة كبيرة، لتتجاوز في كثير من الأحيان درجة الحرارة الخارجية، الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل ضربة الشمس، أو الجفاف، أو التشنجات، وقد يصل الأمر إلى الوفاة، خاصة لدى الأطفال الصغار، منوهة إلى أن الأطفال الصغار دون سن الخامسة هم أكثر عرضة للتأثر، حيث تمتص أجسامهم الحرارة بسرعة أكبر من البالغين، لاسيما يتم نسيان الأطفال دون قصد أو عند تركهم نائمين دون انتباه.
وأبرزت أن نسيان الطفل قد يحدث بسهولة في حال تغير الروتين اليومي أو في أوقات الانشغال الذهني والضغط النفسي، كما أن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة قد يواجهون صعوبة في إدراك الخطر أو التعبير عنه، ما يجعلهم أكثر عرضة لهذه المخاطر.
ويقدم برنامج حمد للوقاية من الإصابات مجموعة من التوصيات المهمة لمنع وقوع مثل هذه الحوادث أهمها، التأكد من خروج جميع الأطفال من المركبة عند مغادرتها، وقبل غلق الأبواب، والبحث داخل المركبة فور فقدان طفل بما في ذلك الصندوق الخلفي؛ فقد يدخل الطفل السيارة دون أن يلاحظه أحد ويعلق بداخلها.
كما ينصح البرنامج باستخدام وسائل تذكير واضحة ويمكن رؤيتها لتجنب نسيان الطفل داخل السيارة مثل وضع الهاتف أو المحفظة بجانب مقعده، أو وضع حقيبته على المقعد الأمامي، وإبقاء المركبة مغلقة بإحكام والاحتفاظ بالمفاتيح بعيدا عن متناول الأطفال، وعدم السماح لهم باللعب بالمفاتيح، أو اللعب داخل المركبة أو بقائهم داخلها إلا برفقة شخص بالغ، مع تفعيل أقفال أمان الأطفال وتوعيتهم بقواعد السلامة داخل المركبة. وشددت مؤسسة حمد الطبية على أهمية التصرف الفوري عند ملاحظة أي أعراض مرتبطة بالإجهاد الحراري على الطفل مثل التعرق الشديد، أو الجفاف، أو الارتباك، حيث يجب نقله فورا إلى مكان أكثر برودة والاتصال بالرقم 999 للحصول على الرعاية اللازمة.