سلطت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية الضوء على  توتر العلاقات الأمريكية الهندية بسبب الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب على نيودلهي للتخلي عن استيراد النفط الروسي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الهند تسعى إلى تحقيق توازن دقيق في سياستها الخارجية من خلال توثيق علاقاتها مع كل من موسكو وبكين دون التفريط بشراكتها الاستراتيجية مع واشنطن.



وذكرت الصحيفة أن مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع في أوكرانيا أسفرت عن تداعيات سلبية على الهند، بعدما لوّحت واشنطن - وهي الشريك التجاري الأكبر لنيودلهي - بفرض رسوم جمركية باهظة على وارداتها في حال لم توقف مشترياتها من النفط الروسي. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من ضغوط أمريكية تهدف إلى دفع موسكو لتقديم تنازلات في الملف الأوكراني في سياق سياسة التصعيد الاقتصادي التي تعتمدها الإدارة الأمريكية.

مع ذلك، رفضت الهند تلك التهديدات ووصفتها بأنها غير عادلة مؤكدة تمسكها بمصالحها الاستراتيجية. كما اتخذت خطوات نحو توثيق علاقاتها مع كل من روسيا والصين في مؤشر على تغيّر محتمل في خارطة التحالفات الإقليمية. وفي هذا الإطار، قرر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستضيفها العاصمة الصينية بكين في 31 آب/ أغسطس.

حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، راهن ترامب على سمعته السياسية عندما أعلن قدرته على إنهاء النزاع الدموي في أوكرانيا. ففي البداية، تعهّد بتحقيق ذلك خلال 24 ساعة قبل أن يمدد المدة لاحقًا. لكن الخطوة الأكثر إثارة للجدل تمثلت في قراره فرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على واردات الهند، عقابًا لها على استمرارها في شراء النفط الروسي.

يأتي هذا التهديد في وقت تُعد فيه الهند شريكًا استراتيجيًا متزايد الأهمية للولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأكثر سكانًا في العالم، وتحافظ على علاقات ودية مع واشنطن. لكن هذه العلاقة لا تقوم على العواطف بل على المصالح المشتركة.



ورغم الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات بين الولايات المتحدة والهند بدا أن ترامب على استعداد للتضحية بهذه الشراكة بعد أن قرر مضاعفة الرسوم الجمركية على السلع الهندية، مع أن تلك الرسوم كانت مرتفعة أساسًا. من جهته، برّر ترامب هذه الخطوة بأن استمرار الهند في استيراد النفط من روسيا يُسهم في دعم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. أما الحكومة الهندية فأكدت أن واردات النفط الروسي ضرورية لتلبية احتياجات اقتصادها الوطني سريع النمو، مشيرة إلى أن دولًا أخرى، من بينها الصين وتركيا، تواصل شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة دون أن تواجه إجراءات عقابية مماثلة.

وتُعد الصين أكبر مستورد للنفط الروسي، فيما تعتمد تركيا على روسيا لتأمين جزء كبير من احتياجاتها من الطاقة، ما يثير تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها واشنطن في فرض عقوباتها. وقد حذّر محللون أمريكيون من أن سياسات ترامب قد تُلحق ضررًا بالعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والهند. في هذا الصدد، قال أتول كيشاب، الدبلوماسي الأمريكي السابق والرئيس الحالي لمجلس الأعمال الأمريكي–الهندي، إن على البلدين أن يحرصا على البقاء معًا بدلًا من التباعد، مؤكدًا أن تحقق سيناريو معاكس يهدد بتقويض علاقة استراتيجية بنَتها قيادات منتخبة في كلا البلدين على مدى 25 عامًا.

من الصعب تقدير حجم الخسائر التي قد تتكبدها الولايات المتحدة في حال تدهورت علاقاتها مع الهند، خاصة أن نيودلهي تمثل شريكًا استراتيجيًا هامًا يشكل توازنًا ضروريًا في مواجهة النفوذ الصيني. وتشهد الهند اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات الأمريكية الكبرى، حيث بدأت شركات مثل "آبل" نقل جزء من إنتاجها من الصين إلى الهند، ما يعكس أهمية الهند المتنامية في سلاسل التوريد العالمية.

وأوردت الصحيفة أن الهند تشارك إلى جانب الولايات المتحدة واليابان وأستراليا في تحالف دبلوماسي يُعرف باسم "كواد" أُنشئ لمنع توسع نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وكانت الهند تعتزم استضافة قمة التحالف في وقت لاحق من هذا العام، وكان من المتوقع حضور ترامب، إلا أن مشاركته في القمة لا تزال غير مؤكدة.

من المرجح أن تكون تداعيات  تدهور علاقات الهند مع الولايات المتحدة أشد تأثيرا على نيودلهي مقارنة بواشنطن، حيث تعتمد الهند على روسيا لتلبية 45 بالمئة من احتياجاتها من النفط، ويقيد قرار ترامب قدرة رئيس الوزراء ناريندرا مودي على اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الملف. وفي حال استجابت الهند لمطالب ترامب وقلصت وارداتها من النفط الروسي، ستشهد أسعار الوقود ارتفاعًا يؤثر سلبًا على المستهلكين والصناعيين، ما قد يضعف شعبية مودي.

أما في حال تجاهلت نيودلهي التهديد الأمريكي واستمرت بشراء النفط الروسي، فستدفع ثمنًا باهظًا إذ من المتوقع أن تنخفض صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى النصف، علماً بأن قيمة الصادرات الهندية إلى أمريكا تبلغ 86 مليار دولار، وتمثل نحو 20  بالمئة من الاقتصاد الهندي، ما يجعل الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للهند.

وفي الوقت الراهن، تحافظ  الهند على توازنها في مواجهة الضغوط الخارجية. يعتبر قرار رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في بكين خطوة استراتيجية مهمة، حيث تهدف نيودلهي من خلال هذه الزيارة إلى تحسين العلاقات مع الصين، التي توترت منذ عام 2020 إثر اشتباكات بين القوات الهندية والصينية في منطقة جبال الهيمالايا عند خط السيطرة الفعلي، الذي يُعتبر بديلاً للحدود الرسمية بين البلدين.

وبالتوازي مع خطواتها الدبلوماسية تجاه بكين، تعتزم الهند توسيع نطاق تعاونها مع روسيا. ووفقًا لما نقلته وكالة "ريا نوفوستي"، عُقد في نيودلهي اجتماع للجنة الحكومية الروسية الهندية المشتركة، حيث تم التوصل إلى اتفاق يقضي بزيادة حجم التعاون بين الجانبين في مجالات إنتاج الألمنيوم والأسمدة والنقل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الهندية الصينية امريكا الصين الهند صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة النفط الروسی فی حال

إقرأ أيضاً:

ترامب يعاقب الهند برفع الرسوم بسبب "النفط الروسي"

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، أمراً تنفيذياً يقضي بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند، متهماً نيودلهي بشراء النفط الروسي بشكل مباشر أو غير مباشر، في مخالفة للقيود الغربية المفروضة على موسكو منذ غزو أوكرانيا عام 2022. 

وورد في بيان البيت الأبيض الصادر يوم الأربعاء: "إن حكومة الهند تقوم حالياً باستيراد النفط من الاتحاد الروسي بشكل مباشر أو غير مباشر". وأضاف البيان: "وبما يتوافق مع القوانين المعمول بها، ستُفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند إلى الإقليم الجمركي للولايات المتحدة".

جاء القرار في ظل استمرار الهند، ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، في استيراد كميات كبيرة من النفط الخام الروسي، الذي يُباع بسعر مخفض، مما وفر لها مزايا اقتصادية كبيرة. وتستورد الهند حالياً نحو 1.75 مليون برميل يومياً من روسيا، أي نحو 35% من إجمالي وارداتها النفطية، مقارنة بأقل من 2% قبل الحرب في أوكرانيا.

وأشار ترامب إلى أن الرسوم الجديدة ستُطبق على نطاق واسع، محذراً من أن "الدول التي تشتري النفط أو السلع من روسيا قد تواجه تداعيات اقتصادية، بما في ذلك عقوبات مستقبلية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا".

 

وتعتمد الهند على الواردات لتلبية أكثر من 85% من احتياجاتها النفطية. وقد استفادت مصافي التكرير الهندية، الحكومية منها والخاصة، من الانخفاض الكبير في أسعار الخام الروسي، الذي ساهم في خفض التكاليف التشغيلية، خاصة لشركات مثل "ريلاينس إندستريز" و"نايارا إنرجي"، المرتبطتين بعقود توريد طويلة الأجل مع شركة "روسنفت" الروسية.

وعلى الرغم من الضغوط الأميركية، قاومت نيودلهي في السابق الدعوات إلى تقليص تعاونها مع موسكو، مؤكدة على علاقاتها التاريخية مع روسيا وأولوياتها الاقتصادية. لكن تقارير تجارية أفادت بأن شركات التكرير الحكومية الهندية بدأت مؤخرًا في وقف شراء النفط الروسي، في تحول يُنظر إليه على أنه استجابة غير مباشرة للضغوط الدولية.

ويُعد هذا التحرك الأميركي تصعيداً في سياسة ترامب للضعط على مشتري النفط الروسي، مع اقتراب انتهاء المهلة التي منحها لروسيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، والمقررة في 8 أغسطس.

مقالات مشابهة

  • نيودلهي تُجمّد مفاوضات شراء أسلحة أمريكية على خلفية تعريفات ترامب
  • هل عقوبات النفط الروسي ستطال الصين بعد الهند؟.. ترامب يرد
  • هل ترامب مستعد للمواجهة مع الهند بسبب النفط الروسي؟
  • بسبب النفط الروسي.. ترامب يفرض ضرائب إضافية بنسبة 25% على الواردات الهندية
  • ترامب يعاقب الهند برفع الرسوم بسبب "النفط الروسي"
  • ترامب يضغط على الهند والصين للتوقف عن شراء النفط الروسي
  • ترامب يعاقب الهند.. رسوم جمركية بـ25% بسبب النفط الروسي
  • مستشار مودي يزور موسكو بعد تهديد واشنطن بزيادة الرسوم الجمركية
  • تحليل.. سبب رفض الهند إرادة ترامب بوقف شراء النفط الروسي؟