موسكو تحذر من جهود جبارة لعرقلة لقاء بوتين وترامب
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
عواصم " وكالات": قال المبعوث الروسي لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف اليوم السبت إن بعض الدول ستبذل "جهودا جبارة" لعرقلة الاجتماع الذي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم أنه سيعقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتصف الشهر الجاري.
وقال ترامب في وقت سابق إن روسيا وأوكرانيا على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يمكن أن ينهي الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
ولم يُكشف عن مضمون الاتفاق بعد لكنه ربما يطالب أوكرانيا بالتخلي عن مساحات شاسعة من أراضيها، وهو أمر يعارضه عدد من الدول الأوروبية. واتهم دميترييف دولا لم يحددها بالاسم بالسعي إلى إطالة أمد الحرب.
وقال في منشور على تيليجرام "مما لا شك فيه أن عددا من الدول الراغبة في استمرار الصراع ستبذل جهودا جبارة لعرقلة الاجتماع المقرر بين الرئيس بوتين والرئيس ترامب"، موضحا أنه يقصد بالجهود "الاستفزازات والتضليل".
ولم يحدد دميترييف الدول التي يقصدها أو نوع "الاستفزازات" التي ربما تقدم عليها.
وأكد الكرملين أيضا خطط عقد القمة.
وقال يوري أوشاكوف مساعد بوتين إن الزعيمين "سيركزان على مناقشة خيارات التوصل إلى حل سلمي طويل الأمد للأزمة الأوكرانية".
وأضاف "بالتأكيد هذه العملية ستكون صعبة، لكننا سنشارك فيها بإيجابية وحماس".
رد زيلينسكي على الإعلان عن قمة مقبلة
من جهته، رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحزم اليوم السبت على الإعلان عن قمّة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين الأسبوع المقبل في ألاسكا، فأكد على ضرورة إشراك بلاده في أي تسوية للنزاع رافضا "التخلي عن أراض للمحتلّ".
وحذّر زيلينسكي في منشور على شبكات التواصل الاجتماعي من أن "أيّ قرار ضدّنا، أيّ قرار من دون أوكرانيا هو أيضا قرار ضدّ السلام. ولن يحقّق شيئا"، مشيرا إلى أن الحرب "لا يمكن أن تنهى من دوننا، من دون أوكرانيا".
وأكّد أن "الأوكرانيين لن يتخلّوا عن أرضهم "، بعدما أعلن ترامب امس أنه سيلتقي بوتين في 15 أغسطس في ولاية ألاسكا في مسعى لإيجاد حلّ للنزاع في أوكرانيا.
كما دعا زيلينسكي في اتصال هاتفي اليوم مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأوروبيين إلى اتخاذ "خطوات واضحة" لتحديد نهج مشترك قبل القمة المرتقبة الجمعة. وقال على تلجرام بعد المحادثة "من الضروري اتخاذ تدابير واضحة، والتنسيق على أعلى مستوى بيننا وبين شركائنا".
بعد الاتصال، أعلنت لندن أن وزير الخارجية ديفيد لامي ونائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس سينظمان اجتماعا لمستشاري الأمن القومي الأوروبيين والأمريكيين اليوم. وأشار مكتب رئيس الوزراء إلى أن الاجتماع سيكون "فرصة حاسمة لمناقشة التقدم الذي يتعين تحقيقه لارساء سلام عادل ودائم" في أوكرانيا.
وبدلا من أن يعقد اللقاء الوجاهي في بلد ثالث، وقع الخيار على ولاية ألاسكا الشاسعة في أقصى الشمال الغربي للقارة الأمريكية والقريبة من روسيا، وهو إقليم منحته روسيا للولايات المتحدة في نهاية القرن التاسع عشر.
وهو سيجري من دون الرئيس الأوكراني الذي ما انفكّ يطالب بإشراكه في محادثات من هذا المستوى.
وتشتمل التسوية بحسب الرئيس الأميرسكي على تنازل عن أراضٍ.
وقال ترامب في تصريحات أدلى بها في هذا الخصوص قبل الإعلان عن اجتماعه المرتقب ببوتين إنه سيكون هناك "بعض من تبادل الأراضي لصالح الطرفين" الروسي والأوكراني، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وهو صرّح في البيت الأبيض خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس الأذربيجاني ورئيس الوزراء الأرميني للتوقيع على اتفاق سلام بين بلديهما "نتكلّم عن أراضٍ تستعر فيها المعارك منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة... والأمر معقّد".
وأجرى ترامب الذي تعهّد في أكثر من مناسبة بوضع حدّ للنزاع في أوكرانيا عدّة مكالمات هاتفية مع بوتين لكنه لم يجتمع به بعد منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير.
وقمة ألاسكا ستكون الأولى بين رئيسين أمريكي وروسي منذ لقاء جو بايدن وبوتين في جنيف في يونيو عام 2021.
وآخر لقاء جمع ترامب وبوتين كان عام 2019 خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان إبان ولاية ترامب الأولى.
ولم يزر بوتين الولايات المتحدة منذ العام 2015 عندما كان باراك أوباما في الرئاسة.
وأعلن الكرملين اليوم السبت أنه وجه دعوة لترامب لزيارة روسيا بعد قمة الجمعة المقبلة.
المطالبات الروسية ورد كييف عليها
من جهة اخرى، تطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسميا عن أربع مناطق يسيطر عليها الجيش الروسي جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّها الكرملين إلى أراضيه بقرار أحادي سنة 2014.
وبالإضافة إلى ذلك، تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتعتبر كييف هذه الشروط غير مقبولة وتطالب من جهتها بسحب القوّات الروسية وبضمانات أمنية غربية، من بينها مواصلة تسلّم أسلحة ونشر كتيبة أوروبية على أراضيها.
وتجاهلت موسكو دعوات كييف والعواصم الأوروبية الحليفة المتكرّرة إلى وقف لإطلاق النار مدّته 30 يوما.
أودت الحرب بين روسيا واكرانيا بحياة عشرات الآلاف على أقل تقدير في كلا الجانبين، وتسّببت بدمار كبير.
لكن بعد أكثر من ثلاث سنوات من المعارك، ما زال التباين سيّد الموقف بين المطالب الأوكرانية وتلك الروسية. وتُتّهم روسيا بعرقلة المفاوضات من خلال الإبقاء على سقف مطالبها العالي، فيما تتقدّم قوّاتها ميدانيا.
وفي مسعى إلى تحريك عجلة الأمور، توجّه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف الأربعاء إلى الكرملين حيث استقبله الرئيس الروسي، ما سمح بتسريع الجهود الدبلوماسية.
لكن ما زالت مواقف كييف وموسكو شديدة التباين.
ولم تفضِ الجولة الأخيرة من المباحثات المباشرة بين الطرفين في يوليو في إسطنبول سوى إلى صفقة جديدة لتبادل أسرى الحرب ورفات الجنود.
ويواصل الجيش الروسي قصفه الجويّ الكثيف وهجماته البرّية على خطوط القتال حيث يتفوّق على القوّات الأوكرانية عديدا وعدة.
يذكر بأن المرشح دونالد ترامب وعد بإقامة علاقات جيدة مع روسيا، لكن ولايته شابتها اتهامات لموسكو بالتدخل في الانتخابات الأميركية التي فاز فيها.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين في يوليو 2018، قال ترامب "لديّ الرئيس بوتين الذي قال للتو إنها ليست روسيا (...) ولا أفهم لماذا ستكون روسيا"، متجاهلا نتائج تحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي.
وبعد موجة غضب حتى داخل معسكره الجمهوري، اعترف لاحقا بأنه أخطأ في التعبير.
وفي سبتمبر 2020، قال خلال خطاب انتخابي "أنا أحب بوتين، وهو يحبني. نحن متفاهمان"، ما دفع منافسه الديموقراطي جو بايدن إلى أن يصفه بأنه "كلب بوتين".
كما توترت العلاقة بين جو بايدن وفلاديمير بوتين منذ البداية. حتى قبل تولي بايدن منصبه، وصف بوتين إدارته المرتقبة بأنها "تبغض روسيا".
وشكّلت الحرب ما بين روسيا واكرانيا نقطة تحول حاسمة، إذ قطع بايدن الاتصالات مع موسكو فورا، وانحاز إلى كييف التي قدم لها مساعدات عسكرية تجاوزت 70 مليار دولار.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يدعو واشنطن لزيادة الضغط على موسكو.. روسيا تدرس هدنة جوية مع أوكرانيا
البلاد (كييف، موسكو)
في تصعيد جديد يعكس خطورة الوضع الميداني والدبلوماسي في الحرب المستمرة منذ 2022، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة والدول الغربية إلى تكثيف الضغوط على روسيا، بالتزامن مع تنفيذ موسكو هجوماً صاروخياً استهدف منشآت طاقة حيوية في منطقة أوديسا جنوب البلاد، وهو ما وصفه زيلينسكي بـ”الضربة الخبيثة” التي تهدف إلى حرمان الأوكرانيين من التدفئة مع اقتراب الشتاء.
وقال زيلينسكي، في رسالة عبر تطبيق “تيليغرام”: إن الهجوم الروسي طال منشأة غاز إستراتيجية في قرية نوفوسيلسكي، قرب الحدود الرومانية، حيث يقع خط الربط “أورلوفكا” المتصل بأنابيب “ترانس بلقان”، مشيرًا إلى أن هذه المنشآت تُعد من الأعمدة الأساسية لإمدادات الغاز إلى بلاده. وأضاف أن الضربة تأتي ضمن”نهج ممنهج” يستهدف البنية التحتية الحيوية، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص حاد في الطاقة بفعل الهجمات الروسية المتكررة.
من جانبه، أكد حاكم منطقة أوديسا وقوع الهجوم، مشيرًا إلى أن فرق الطوارئ تعمل على احتواء تداعياته، وسط غياب معلومات رسمية حول حجم الضرر أو تأثيره على عمليات ضخ الغاز.
وفيما أعلن ترامب عزمه فرض عقوبات على الدول التي تواصل استيراد النفط والغاز من روسيا، كشفت تقارير أميركية عن نية البيت الأبيض رفع الرسوم الجمركية على الهند بسبب استمرارها في التعاون التجاري مع موسكو، ضمن حملة لتضييق الخناق على الاقتصاد الروسي وتمويله للحرب.
وعلى الجانب الروسي، أنهى الرئيس فلاديمير بوتين جلسة مفاوضات استمرت ثلاث ساعات مع المبعوث الأمريكي ويتكوف أمس في موسكو، وسط تكتم حول نتائجها المباشرة. ونقلت وكالة”بلومبيرغ” عن مصادر مطلعة أن الكرملين ناقش خلال اللقاء احتمالية تقديم تنازلات محدودة تشمل “هدنة جوية” مع أوكرانيا، كجزء من مقترحات أولية لوقف التصعيد العسكري، دون أن يشمل ذلك إنهاء الحرب بالكامل.
التقرير أشار إلى أن موسكو، رغم تمسكها بأهدافها الاستراتيجية، بدأت تدرك أهمية تخفيف الضغط الدولي، لا سيما مع تلويح ترامب بإجراءات قد تؤثر على حلفاء روسيا الاقتصاديين.
وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قد صرّح قبيل اللقاء بأن”تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة سيستغرق وقتاً طويلاً”، في إشارة إلى عمق الأزمة السياسية بين الطرفين.