لجريدة عمان:
2025-12-13@06:04:09 GMT

نحو سياحة عُمانية فعّالة

تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT

دائما ما ينتابني الشعور بالسرور حين تتخالجني «دوبامينات» الدماغ مع لحظات الوعي بموقعنا الجغرافي المتميّز في سلطنة عُمان؛ إذ أكرم اللهُ عُمانَ بتنوع جغرافي مدهش يجمع بين جمال الجبال واعتدال درجات حرارتها وبين البحار ذات الشواطئ الجميلة والهواء العليل البارد -في بعض المواقع- صيفا وبين البساط الأخضر والصيف البارد جنوبا وبين الصحراء الشاسعة الذهبية التي تأسر النفس وتوقد إلهام العقل المتأمل وبين المعالم التاريخية التي استطاعت أن تتناغم مع لمسات الحاضر فتنقل السائح إلى لحظات «زمكانية» يتوق إلى تجربتها.

شاءت كلُ المزايا الجغرافية -التي حباها الله لعُمان- أن تهيأ كل الأسباب لتجعل من عُمان وجهةً سياحيةً طوال العام، ولتكون من ضمن الدول القليلة التي تتميّز بمواسم سياحية مستمرة طوال العام.

شهدنا -مؤخرا- انطلاقةً أسرعَ في مشروعات السياحة الداخلية وتنميتها؛ فتعكسه التطويرات المستمرة للمرافق السياحية وترويجٌ جاذبٌ للسياحة يعتمد وسائل معاصرة، وتأكيد ذلك ما حدث ويحدث في محافظات وولايات مثل محافظة ظفار والجبل الأخضر من حيثُ تشييد مزيد من المرافق العامة وتفعيل أفضل للفعاليات وزيادة الاستثمارات السياحية مثل الفنادق والمنتجعات، وهذه خطوة إيجابية تعكس الجهود الحكومية عبر تشجيع الاستثمار السياحي ودعمه بجانب الدعم الحكومي المباشر في تطوير المرافق العامة والبنى التحتية بأنواعها. نجدها كذلك -عبر الجهود الأهلية ودفعها بالاستثمار السياحي الداخلي وبوجود الدعم الحكومي- في تطوير السياحة التراثية والتاريخية المتمثلة في ترميم الحارات القديمة وتحويلها إلى قرى تراثية تجمع بين مظاهر الماضي ومستلزمات الحاضر، وتمنح السائح فرصة لخوض تجربة جديدة يمكن أن تمتد إلى عدة أيام تجعله منسجما مع زمن جديد كأنه ولج إليه عبر آلة الزمن.

رغم هذه الانطلاقة المُلفِتة في دعم السياحة العُمانية؛ فإننا ما نزال نرى مظاهر سياحية إما مفقودةً أو تتطلب التحسين والمواءمة، ونجد مواقع عُمانية جغرافية -تصنّف في قائمة المواقع السياحية المهمة- بحاجة إلى مزيد من التفعيل السياحي وتقويته مثل الأشخرة التابعة لولاية جعلان بني بو علي وجزيرة مصيرة في محافظة جنوب الشرقية وشاطئ بر الحكمان في محافظة الوسطى الذي أطلق عليه «مالديف الخليج»؛ فعبر تجربة شخصية كنت أحاول أن أبحث عن مرافق سكنية فندقية في هذه المواقع العُمانية ذات الطابع السياحي؛ فلم أجد -للأسف- الفئة الفندقية المرجوة وأعدادها الكافية؛ فمعظم ما يتبقى من سكنات -لا يصنّف معظمها من الفئات الفندقية- ينفد بسرعة ولا يلبي طلب السائح؛ فيضطر أن يُحدثَ تغييرا في خطته السياحية لهذه المناطق الجميلة التي تستحق الزيارة فترة الصيف نظرا لاعتدال درجات حرارتها. كذلك شدّني النشاط السياحي التراثي عبر استغلال القلاع والحصون العُمانية سياحيا بفتحها أمام الزوار والسُيَّاح، وهذا نشاط سياحي مهم تمارسه كثيرٌ من دول العالم ذات الإرث التاريخي المشابه لعُمان، ولكن من المهم أن نجعل لهذا الانفتاح السياحي بعض الضوابط التي تحفظ لمثل هذه المعالم هيبتها التاريخية، وألا تتجاوز هذه النشاطات -خصوصا تلك التي تدخل في نطاق المواقع ذات الطابع التاريخي أو الديني- حدود القيم العُمانية المرتبطة بدينها الإسلامي وثقافتها العربية المحافظة؛ فينبغي أن تراعى مكانة هذه الحصون والقلاع العُمانية بما يتوافق مع قيمتها التاريخية والدينية -كونها ارتبطت بشخوص وأحداث ساهمت في حفظ مجد عُمان وسيادتها- عن طريق وضع شروط -غير تعجيزيّة- تحدد معايير عامة للباس المحتشم مثل الذي يُفرض لزوار المواقع الدينية أو مراكز التسوّق «المولات»، وهذا أمر نجده في كثير من دول العالم -كثير منها غير عربية- التي تصون حرمة مواقعها الدينية أو التاريخية.

لا أتصور أن خطط التطوير السياحي والاستثمار فيه غائبةٌ عن ذوي الشأن، ولست متخصصا في الحقل السياحي لأضع التوصيات التي يمكن للمتخصصين أن يفقهوا مفاصلها وتحدياتها، ولكنني مع طرح عام بطابع الرأي، وأسعى بواسطته أن أرى مزيدا من التحسين في قطاع السياحة العُماني دون أن نبخس جهودا مستمرة تُبذل بكل إتقان وإخلاص مع علمي بأن حمل السياحة وتطويرها لا يمكن أن نضع كل ثقلها على وزارة بعينها مثل وزارة التراث والسياحة التي ينطوي عليها مسؤولية التنظيم والتشجيع والترويج والدعم، ولكن ثمّة تفرعات أخرى تتعلق بتنمية السياحة وتطويرها تتصل مسؤوليتها بجهات حكومية أخرى أو جهات خاصة ومجتمعية، وأذكر في هذا المقام لقاء جمعني بصحبة والدي قبل عدة سنوات مع الوزير المتقاعد أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة السابق وبمعية بعض مستشاري الوزارة ومديري عمومها لبحث سبل التطوير السياحي لـ«حارة العين» في ولاية إزكي؛ فاتضحت لي -عبر تطرّق عام لشأن السياحة العُمانية- صورة أفضل لقطاع السياحة في عُمان وحجم الطموحات والجهود المبذولة بجانب التحديات التي ينتج بعضها من الزاوية المجتمعية وتعقيداتها التي تراعي الحكومةُ حقوقَها -الفردية والعامة- وخصوصياتها وبعضها الآخر يتعلق بالاستثمار السياحي والمستثمر الذي يبحث عن سبل تحقيق مصالحه. لعلّنا نحتاج إلى مراجعة شاملة مع نهاية كل عام نكشف عن طريقها مدى رضانا عن عدد الزائرين -من الخارج ومن الداخل- ونقارنه بأعداد الزائرين لدول أخرى في المنطقة؛ إذ مع استشهادنا بما تُظهره إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغ عدد الزائرين -من الخارج- إلى سلطنة عُمان حتى نهاية ديسمبر عام 2024 3.89 مليون سائح، وبجانب هذا الرقم الذي يمكن أن يراه بعضنا رقما لا بأس به؛ فإننا نحتاج إلى نتجاوز مظاهر القناعة والرضا في بعض الحالات مثل هذه؛ لنقارنها بشكل إقليمي وعالمي، ولنجعل طموحنا أكبر؛ فعُمان أرض حباها الله بتضاريس نادرة تغبطها عليها دولٌ كثيرةٌ بالإضافة إلى نعمة الأمن والأمان والكرم وحسن الخلق عند العمانيين عامة وكفاءة التنظيم الحكومي المواكب للتقدم الرقمي وقوانينه الصارمة التي أكسبَ البلاد سمعة لتكون من ضمن أقل معدلات الجريمة في العالم ومن ضمن أنظف دول العالم. كل ما نحتاجه أن نواصل المسير في تنمية قطاع السياحة ليشمل بقية الولايات والبقع الجغرافية الجميلة التي لم تنل نصيبا كافيا من الازدهار السياحي الجاذب للعنصر البشري التواق للجمال المرتبط بكل سبل الراحة والتيسير، ونحتاج أن تمتد ضوابط اللباس المحتشم والسلوكيات الأخلاقية لتشمل أروقة معالمنا التاريخية مثل القلاع والحصون لإبقاء عنصر الهيبة العُمانية شامخا لا تزعزعه فرضيات «مواكبة العصر» و«الانفتاح السياحي» غير المقنن والمنضبط.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانیة ع مانیة

إقرأ أيضاً:

شيمى: مشروعات كبرى لدعم القطاع السياحي وتعزيز الطاقات الفندقية

ترأس المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، اجتماعًا موسعًا مع الرؤساء التنفيذيين للشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق، وذلك لمراجعة تطور نتائج الأعمال ومستجدات المشروعات الفندقية والسياحية والتجارية وخطط التشغيل والتطوير.

‎وأكد الوزير، خلال الاجتماع، أن الشركة القابضة للسياحة والفنادق وشركاتها التابعة تمتلك قدرات كبيرة وإمكانات متميزة وأصولًا قيمة تشكل قاعدة قوية للتوسع والنمو وتعزيز دورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني. وأوضح أن الوزارة تعمل وفق رؤية طموحة تستهدف زيادة الطاقات الفندقية على مستوى الجمهورية، سواء عبر تطوير المنشآت القائمة أو من خلال إنشاء فنادق جديدة وتوسعات لرفع القدرة الاستيعابية وتعزيز جاذبية المقصد السياحي المصري ومكانته على الخريطة السياحية العالمية، مشيرًا إلى أن الدولة تشهد حاليا تنفيذ خطة واسعة لإعادة إحياء وتحديث الأصول الفندقية والسياحية التاريخية.
 
‎وشدد المهندس محمد شيمي على أن تحسين مستوى الخدمات والمنتجات السياحية يأتي على رأس أولويات الوزارة، بما يضمن تقديم تجربة سياحية متكاملة ترتقي للمعايير العالمية وتعكس الهوية المصرية الأصيلة. ولفت إلى أهمية حسن استغلال وإدارة الأصول المملوكة للشركة القابضة وشركاتها التابعة، مؤكداً أن تعظيم العوائد منها يمثل ركناً أساسياً في استراتيجية الوزارة، وأن الشراكة مع القطاع الخاص تظل أحد المسارات الرئيسية لتعزيز الاستثمارات ورفع كفاءة الإدارة وتحقيق أعلى مستويات التشغيل والعائد. كما أشار إلى أهمية المضي قدمًا في خطط التحول الرقمي وتطوير نظم الإدارة والحوكمة والمراجعة الداخلية لتعزيز الشفافية ورفع كفاءة الأداء المؤسسي.
 
‎تم خلال الاجتماع استعراض مؤشرات الأداء الشهرية للشركة القابضة وشركاتها التابعة، والتي أظهرت تحقيق نمو ملحوظ في إجمالي الإيرادات بنسبة 23% خلال الأربعة أشهر الأولى من العام المالي 2025-2026 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، بحضور المحاسب عمرو عطيه العضو المنتدب للشركة القابضة للسياحة والفنادق. كما تمت متابعة الموقف التنفيذي للعديد من المشروعات الفندقية، ومن أبرزها مشروعات الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق "إيجوث"، التقدم في تطوير فندق شبرد التاريخي وإضافة ملحق جديد (5 نجوم)، وكذلك مشروع إحياء فندق الكونتيننتال التاريخي بوسط القاهرة (5 نجوم)، مع قرب استكمال إجراءات التعاقد مع شركة إدارة فندقية عالمية، بالإضافة إلى التوسعات الجارية في فندقي أورا بالساحل الشمالي وريتاك كوناي دهب، ومشروع فندق فورسيزونز الأقصر، وتطوير فندق جيت بيتش بالعين السخنة مع رفع تصنيفه إلى أربع نجوم، إلى جانب عدد من المشروعات متعددة الاستخدامات (فندقية – سكنية – تجارية – إدارية) في المحلة الكبرى وبورسعيد والعباسية، بالإضافة إلى مشروع فندقي إداري بميدان المنشية في الإسكندرية وآخر بالقناطر الخيرية.
 
‎كما تم استعراض أعمال تطوير فندق النيل ريتز كارلتون - المملوك لشركة مصر للفنادق - المطل على نهر النيل وميدان التحرير مع استمرارية التشغيل دون توقف، إلى جانب مشروعات الشركة القابضة الأخرى مثل تشغيل فندق أراكان رأس البر (3 نجوم)، وملحق فندق شتيجنبرجر اللسان بدمياط (5 نجوم)، وتطوير مطعم خان الخليلي بإدارة عالمية. ومشروعات شركة ميجو تاك، بما في ذلك تطوير وتشغيل فندق نفرتاري أبو سمبل بأسوان، وإدارة فندقي ريتاك دهب والعريش، ومشروعات الشقق الفندقية الجديدة في وسط القاهرة، إلى جانب متابعة تطوير منتجع جاز آسيلا بمرسى علم (4 نجوم) التابع لشركة هوتاك للتنمية السياحية، بالإضافة إلى مركز عالمي للغطس.
 
‎تمت مناقشة نشاطات ومشروعات شركة مصر للسياحة، بما يشمل تعظيم العوائد الاستثمارية والسياحية لمشروع قرية مجاويش بالغردقة بالشراكة مع القطاع الخاص، ومشروع متعدد الاستخدامات لبرج مصر للسياحة بالعباسية لتحقيق أقصى استفادة وأفضل استغلال، إلى جانب تطوير المطاعم العائمة "نايل كريستال" وتوسعات لفندق رومانس بالإسكندرية، وتحديث أسطول النقل السياحي والليموزين، وتوسيع خدمات الحج والعمرة والحجز الإلكتروني، بالإضافة إلى تعزيز سياحة المؤتمرات والفعاليات وافتتاح فروع جديدة مطورة في مواقع حيوية.
 
‎تناول الاجتماع مشروعات شركة مصر للصوت والضوء، بما في ذلك تطوير عرض الصوت والضوء بمعبد الكرنك بالأقصر، واستكمال المرحلة الثانية من تجارب الواقع الافتراضي، ومشروع "القبة الغامرة" بالأقصر، بالإضافة إلى تطوير عرض الصوت والضوء بالأهرامات بالشراكة مع القطاع الخاص. كما تم متابعة أعمال التطوير في منطقة المعمورة بالإسكندرية، حيث تنفذ شركة المعمورة للتنمية السياحية مشروعًا شاملًا لإعادة تأهيل المنطقة كمقصد سياحي واستثماري على البحر المتوسط، يشمل تحديث البنية الأساسية والرقمية، وتحسين جودة الخدمات والهوية البصرية، وإضافة خدمات فندقية وترفيهية، وتطوير الشواطئ والبوابات والميادين، مع إدارة فندقية للشاليهات، إلى جانب مشروعات استثمارية متعددة تشمل مجمع "راقية" سكني تجاري إداري في منطقة الإبراهيمية، ومشروع "رابيه باي" بالساحل الشمالي، ومنطقة خدمات متعددة الاستخدامات بكمبوند "أبهى حياة" بمدينة السادس من أكتوبر.
 
‎استعرض الاجتماع نشاطات مجموعة شركات التجارة التابعة، ومنها الشركة التجارية للأخشاب التي تنفذ إنشاء مصنع للخشب البلاستيكي بالعاشر من رمضان، ومشروعات للمشغولات الخشبية ومخازن بالإسكندرية، إضافة إلى مشروع تقديم خدمات لوجستية ومخازن متخصصة في طنطا ودمنهور ودمياط وسوهاج. كما تم عرض توسعات معرض بونتريمولي للأثاث الراقي التابع لشركة بيوت الأزياء الراقية "هانو/بنزايون" من خلال تجهيز فرع جديد بالإسكندرية وتطوير المصنع بالقاهرة، ومشروع مول هانو التجاري بشارع قصر النيل وتطوير فرع المنشية بالإسكندرية، إلى جانب مشروعات شركة عمر أفندي متعددة الأغراض في الدقهلية والمنوفية، وتطوير فروع شركة صيدناوي وبيع المصنوعات في مصر الجديدة والمنيا والوادي الجديد، بالإضافة إلى خطط لاستغلال بعض الأصول التابعة لشركات التجارة في النشاط الفندقي.

مقالات مشابهة

  • «الديربي 14» بين الوحدة والجزيرة يجدد «المنافسة التاريخية»
  • مختص: عام 2025 يمثل مرحلة ترسيخ التحول السياحي في المملكة
  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • افتتاح مركز المعلومات السياحي ببوابة محافظة البريمي
  • بتمويل بريطاني… تأهيل قلعة طرابلس التاريخية بعد أشهر من الترميم
  • بالأرقام.. تعرف على مقرات بعثة الحج السياحي في مكة والمدينة
  • أسوان: تطوير المسار السياحي بكورنيش النيل بمدينة إدفو
  • شيمى: مشروعات كبرى لدعم القطاع السياحي وتعزيز الطاقات الفندقية
  • زراعة الشيوخ: القفزة التاريخية للصادرات تعزز الاقتصاد وتفتح أسواقا جديدة
  • رئيس سياحة النواب: جذب 30 مليون سائح سنويا استراتيجية دولة بكامل مؤسساتها