عيسى بيومي يكتب: الذكاء الاصطناعي الفائق.. طموح أو وهم
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
بعد أن ترك ليوبولد أشينبرنر - أحد باحثي شركة "أوبن أيه آي" الأمريكية الرائدة في الذكاء الاصطناعي - وظيفته وأسس شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي العام، نشر مقالًا مثيرًا من ١٦٥ صفحة في يونيو ٢٠٢٤، تحت عنوان "للتوعية بما يحدث: العقد القادم" يفصّل فيه رؤيته لتطور الذكاء الاصطناعي من الآن حتى عام ٢٠٣٤. يقول في مقاله: "إن السباق للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام قد بدأ، نحن نبني ماكينات يمكنها أن تعقل وتفكر، وبحلول عام ٢٠٢٥/٢٠٢٦ ستتفوق هذه الماكينات على كثيرين من خريجي الجامعات، وبنهاية العقد ستكون أكثر ذكاء منك ومني؛ سوف تصل للذكاء الفائق القدرة بالمعنى الحرفي للكلمة.
وعلى الرغم من أن أشينبرنر وبعض الباحثين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي العام هو نتيجة حتمية لتطور الذكاء الاصطناعي التوليدي المستخدم اليوم في النماذج اللغوية والتصويرية، لا تُجمع غالبية الخبراء على إمكانية حدوث ذلك، أو على الأقل ليس في هذا الزمن المنظور؛ فما هي حجتهم ولماذا الخوف من الوصول لهذا المستوى الذي يطلقون عليه الذكاء الاصطناعي العام؛ وما سوف يتبعه من مستوى الذكاء الفائق لحدود وقدرات الذكاء البشري في كافة المجالات؟
هل هو ممكن؟
هناك من الفلاسفة وعلماء المعرفة – مثل الأسترالي ديفيد تشالمرز - من يتصور أن عمليات التطور العشوائي التي أنتجت مستوى الذكاء الإنساني، يمكن بالقصد تكرارها للوصول إلى نفس النتيجة أو أفضل إذا قام مبرمج ذكي بتصميم وتوجيه برامج جينية، بل ويقدّر تشالمرز حدوث ذلك خلال القرن الحالي، مستدلًا على ذلك بالتفوق الهائل للهندسة البشرية في بعض المجالات مقارنة بإمكانات التطور العشوائي البطئ. ألم يتمكن الإنسان من الطيران محققًا في زمن جد قصير ما أنجزه التطور في ملايين السنين، وإن فعل ذلك بطرق مختلفة؟ كما يمكن الوصول لمستوى الذكاء الاصطناعي المرغوب بهذا المفهوم إذا استطعنا تشغيل لوغاريتمات البرامج الجينية تلك على حواسب ذات سرعات كافية.
لكن اقتفاء أثر عمليات التطور الطبيعي لإنجاز مستوى مصطنع من الذكاء لا يبدو ممكن التحقيق عمليًا؛ لأن القدرة الحسابية المطلوبة لمحاكاة عمليات التطور التي أفرزت الذكاء البشري هائلة وليست في متناولنا، مع الأخذ في الاعتبار سمات عمليات الانتخاب الطبيعي مثل تأثير المصادفة واحتمالات الإخفاق في التكيف مع البيئة وحدوث تحورات جينية عفوية غير مفيدة أو لا علاقة لها بالذكاء.
مسار ثانٍ لإمكانية تطور الذكاء الاصطناعي وذكاء الآلة يمكن تحقيقه بمحاكاة عمل الدماغ البشري؛ إما بمضاهاة الوظائف البيولوجية للمخ بشكل كامل أو اتخاذها نموذجًا للاحتذاء به.
المضاهاة الكاملة للمخ أو ما يعرف بتحميل العقل (Mind uploading) تعني إجراء مسح شامل للمخ ليتم تحويل وظائفه البيولوجية إلى نموذج مرقمن في الكومبيوتر فينتج عنه برنامجًا ذكيًا يماثل المخ البيولوجي في وظائفه. إنجاز هذا التماثل الكامل يتم على ثلاث مراحل؛ الأولى المسح المفصل لشرائح دقيقة لمخ إنسان بعد الوفاة بالميكروسكوب الإلكتروني، ثانيًا إدخال البيانات الناتجة من عمليات المسح في كومبيوتر لإعادة بناء الشبكات العصبية الثلاثية الأبعاد للمخ الأصلي ثم دمج الخريطة الناتجة بمجموعة من النماذج الحسابية العصبية، ثالثًا تطبيق البناء الحسابي العصبي الناتج على كومبيوتر قوي لتكون المحصلة في النهاية بناء مرقمن للمخ الأصلي بذاكرته وشخصية صاحبه، أي يتواجد عقل بشري محاكًا كبرنامج كومبيوتر يمكن استئثار صفاته الوظيفية المحاسبية لأداء أعمال عقلانية.
أين نحن الآن من تنفيذ هذه المحاكاة الكاملة للمخ البشري؟ أحد التقديرات الحديثة التي ذكرها الفيلسوف السويدي نيك بوستروم في كتابه الذكاء الفائق، تتوقع الوصول للإماكانات التقنية المطلوبة لإنجاز تلك المحاكاة بمنتصف القرن الحالي.
في محاولة قام بها حديثًا باحثون من جامعة هارفارد وخبراء في الذكاء الاصطناعي من جوجول؛ لرسم خريطة كاملة لملليمتر مكعب واحد من المخ، غاصوا فيها لأعمق ما أمكن الوصول إليه في الرسم العصبي مستخدمين أحدث تقنيات موجودة، قسموا هذه العينة لخمسة آلاف شريحة، وصوروا كل شريحة بالمجهر الإلكتروني، ثم أعادوا تجميع هذه الصور فبلغ عدد الخلايا فيها خمسين ألف خلية ومائة وخمسين مليونًا من التشابكات العصبية، مما كشف للباحثين طلاسم وألغازًا لا ذكر لها في أحدث مدونات العلوم ولم يمكنهم تفسيرها؛ مما يثبت وجود فجوة بين ما هو معلوم وما يجب التوصل له على حد قول جيف ليستمان أحد أساتذة هارفارد لصحيفة الجارديان. وبحساب تكلفة إجراء هذه التجربة على كل المخ تبين ضخامتها لحد المستحيل، فقد وصلت لخمسين مليارًا من الدولارات وإجراء مسح إلكتروني لما يوازي مائة وأربعين فدانًا مما يخلق منها أكبر مركز للبيانات على سطح الأرض، وهذا لإجراء مرحلة المسح فقط، فما بالك بإنفاذ كل المراحل؟
وفي نفس السياق أعلنت جامعتا جونز هوبكنز الأمريكية وكامبريدج البريطانية عام ٢٠٢٣ نجاح فريق عالمي من الباحثين في رسم خريطة كاملة لمخ ذبابة الفاكهة يقتفي كل وصلة عصبية فيه، مما يقرب العلماء من فهم آلية التفكير ويعزز مستقبل أبحاث المخ ويلهم لبناء أنظمة جديدة لتعليم الآلة. وهذا يبين أن الحديث عن مسار محاكاة المخ البشري رقميًا ليس من قبيل الخيال وإنما تُبذل الجهود وتُنفق الأموال والسنون في محاولة الاقتراب منه. هذا على الرغم من الصعوبات التكنولوجية الهائلة التي تواجه تنفيذ أول محاكاة كاملة للمخ البشري خاصة تطوير تكنولوجيا المسح وتكنولوجيا قراءة الصور للمستوى الضروري لنجاح المحاكاة المنشودة، إذا قارنّا مخ ذبابة الفاكهة الذي يتكون من حوالي ثلاثة آلاف خلية عصبية ونصف مليون تشابكًا، بالمخ البشري الذي يتكون من ستة وثمانين بليون خلية عصبية ومائة تريلليون تشابكًا!
أما بالنسبة لاتخاذ الوظائف البيولوجية للمخ كأمثلة للاحتذاء بها؛ فالتقدم المضطرد في علم الأعصاب وعلم النفس المعرفي سيكشف عن المبادئ العامة لعمل المخ مما يساعد على توجيه جهود تطوير الذكاء الاصطناعي، مثل تقنية الشبكات العصبية المطبقة حاليًا في نماذج الذكاء الاصطناعي والمستوحاة من فهم وظائف الخلايا العصبية في المخ الطبيعي، وكذلك فكرة التنظيم الهرمي التي نقلها خبراء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من المخ إلى تقنية تعليم الآلة. ولأن الآليات الأساسية لعمل المخ محدودة العدد يُنتظر الكشف عن أسرارها جميعًا بمرور الوقت واستمرار البحث بما يمكن من ابتكار ماكينة ذكية على غرار المخ البشري، وإن كان يصعب تحديد متى يحدث ذلك.
مسار ثالث للوصول إلى مستوى الذكاء الفائق أو الاقتراب منه؛ عن طريق محاولة تعزيز الوظائف البيولوجية للمخ. فالتقدم الحادث في التكنولوجيا الحيوية سيسمح بالتحكم المباشر في الجينات البشرية، مما يتيح آليات أكثر فاعلية من استخدام العقاقير المنشطة للذاكرة والنشاط العقلي أو التوجيه الوراثي عن طريق برامج تحسين النسل. فربما يؤدي التقدم في التكنولوجيا الجينية لاصطناع جينوم بشري وتصميم جنين حسب المواصفات المطلوبة.
مسار رابع لتطور الذكاء الاصطناعي نحو الذكاء الاصطناعي العام ومنه للذكاء الفائق؛ يُسمى التطور الذاتي المتكرر، وهو كما يدل اسمه يعني تصميم البرنامج المقصود بما يسمح له بتصحيح أدائه لوظيفته فيكتسب من ثم مهارات جديدة، ويتم ذلك بتطبيق لوغاريتمات التعلم التدريجي الذي يحلل البيانات المتاحة له ويكتشف ما خفي فيها من أنماط تؤهله للارتقاء بذكائه، بمعنى تعديل هندسته وطريقة عمله، وكلما أنتج نسخة مطورة من نفسه أصبح أقدر على الوصول لنسخة أرقى من سابقتها، وهكذا يصبح يومًا في مستوى الذكاء الاصطناعي الفائق. لن يصاحب ذلك دوافع الطموح أو الغرور أو الحب أو الكراهية أو غير ذلك من أحاسيس البشر فهذا أعقد في احتمال حدوثه ويتطلب جهدًا هائلًا لمحاولة إضافته إلى ماكينة إذا تُقنا إليه.
مسار خامس نحو الذكاء الفائق يمكن اقتفاؤه بربط المخ بالكومبيوتر عن طريق شرائح إلكترونية وأقطاب كهربية،على سبيل المثال. فقد أثبتت التجارب التي أجراها العلماء على الفئران إمكانية تحسين الذاكرة بهذا الأسلوب. ويتخيل الباحثون في هذا المجال إمكانية تفاعل عقولنا مع المعلومات بسرعة الضوء، حيث تعمل الذاكرة بدون أخطاء، وتتفوق إمكاناتنا المعرفية على ما هي عليه الآن؛ لذلك فمستقبل غرس الرقائق العصبية الدقيقة في المخ – في رأيهم – سيمكن الإنسان من الارتقاء بذكائه إلى مستويات غير مسبوقة، فيفكر ويتعلم ويتفاعل مع عالمه بطريقة مختلفة تمامًا، ويستشهدون على ذلك بنجاح التطبيقات الطبية لهذه التكنولوجيا. وسوف يساعدهم على تحقيق طموحهم التقدم المتواصل في علم المواد وتكنولوجيا الرقائق المتناهية الصغر والهندسة البيولوجية، ولهذا يتصورون مستقبلًا للذكاء الفائق عن طريق التكنولوجيا تكون الرقائق العصبية إحدى دعائمه.
ومن الواضح التأثير الهائل الذي سيحدثه الإنسان ذو الذكاء الفائق وقتئذ على ابتكار ماكينات ذات ذكاء خارق تمكنه من السيطرة على الكون والحياة ومصيره، أو ربما تسيطر هي عليه. فالماكينات الذكية اصطناعيًا بهذا القدر ستمتلك من الميزات ما تتفوق به على المخ البيولوجي، مثل السرعة المحاسبية الهائلة، وسرعة الاتصال الداخلي بين أجزائها بشكل يفوق التصور، والحجم الضخم الممكن الوصول إليه مما يعزز قدراتها الخارقة، وسعة الذاكرة التي لا حدود لها، كما أن قدراتها لا يصيبها الإجهاد والوهن ولا تتدهور بالهرم أو يتحتم عليها الموت، ويمكن تطوير أدائها كلما تقدمت تكنولوجيا بناء الكومبيوتر وبرامج تشغيله التي يمكن نسخها بلا نهاية.
يطمح العلماء للوصول للذكاء الفائق بسبب قدراته المذهلة الواعدة التي ستعين على إيجاد حلول لتحديات مضنية مثل تغير المناخ والأمراض المستعصية والفقر والجهل، لكنهم في نفس الوقت يتغافلون عن تداعياته الغامضة على الحضارة الإنسانية والوجود البشري؛ حين يصل الذكاء الاصطناعي بالتكنولوجيا أو تصل هي به إلى مرحلة اللاعودة، حين تخرج التكنولوجيا عن سيطرة الإنسان تمامًا، ما يسمونه نقطة التفرد التكنولوجي.
القوى المعرفية الخارقة والإرادة
في فهمنا للذكاء الاصطناعي بكل أنواعه ودرجاته لا يجب أن ننسى أو نتغافل عن طبيعته ومن ثم نخطئ في إسقاط صفات إنسانية على كيفية عمله وأدائه لوظائفه التي صُمم من أجلها؛ ولو تجاوزت قدراته حدود ما خطط له مصمموه نتيجة لما يستوعبه من بيانات ومعلومات وما يستنبطه من أنماط عجز العقل البشري عن اكتشافها وربما تمنحه فرصة تطوير قدراته، فهذا بالضبط ما تحتويه معادلات إنشائه وما يُنتظر منه بلوغه وإن كنا لا نقدّر مداه.
الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيدًا عن تكافؤ أي من خصاله المعرفية مع العقل البشري، لكن تطور تكنولوجيا التعليم العميق وابتكار برامج اللغات القادرة على جعل الحواسب تخاطب البشر بلغاتهم مثل (GPT-4)، تحت مسمى الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ دنا بالذكاء الاصطناعي قليلًا من خواص الذكاء الطبيعي.
وإذا تواصلت الخطوات نحو الوصول إلى كامل قدرات ذكاء البشر وتفوقت الماكينة على المخ البيولوجي؛ فالوصول إلى مستوى الذكاء الاصطناعي الفائق أو الخارق مسألة ترتبط بالوقت وتخطي المصاعب التكنولوجية وتذليل المقاومة الاجتماعية والسياسية المتوقعة بوسائل قانونية.
وبسبب تشابك وتعقد العناصر المؤثرة على انتفاضة الذكاء الاصطناعي إلى تلك الآفاق الخفية لا يمكن تخمين زمن الوصول هل هو عقود أم قرن من الزمان أم غير ممكن على الإطلاق، ولهذا يعتقد البعض أن الهلع الشائع من تطور الذكاء الاصطناعي لأفق الذكاء الخارق هو من قبيل الخيال والخوف من مجهول لا نفهم طبيعته أو نعرف صفاته، والبعض الآخر يجد ضرورة في ضبط الأبحاث ومراقبة شركات التكنولوجيا حتى لا تنحرف إلى مسار يؤدي إلى نتيجة تسبق وضع المحاذير ويفوت الأوان؛ فتواجه البشرية حينئذ ماكينات ذات ذكاء خارق لا تفهم مقاصدها أو كيف تنفذ إرادتها.
تكنولوجيا تتحرر من صانعها
يجزم جانب من الخبراء وعلماء الذكاء الاصطناعي ومن ورائهم المستثمرون بأموالهم ومستقبل البشرية؛ أن الوصول لمستوى الذكاء الاصطناعي الفائق ممكن، والسعي إليه مبرر ومرغوب، لأنه أمل الجنس البشري في إيجاد حلول للمشاكل الطبيعية المستعصية التي تحاصر وجوده وتهدد مستقبله مثل الأوبئة والبراكين وتغير المناخ وارتطام الكويكبات والشهب بكوكب الأرض، بل ويمكنه أيضًا وضع حد لأخطار من صنع الإنسان نفسه مثل التدمير العشوائي لحضارته بما تسببه التكنولوجيا ذاتها بأشكالها المتعددة من العبث بتوازن موارد الحياة على كوكب الأرض والإخلال بنواميس الطبيعة والتنافس المدمر بين الدول. لكنهم لم يذكروا جوانب أشد خطرًا على المكنون الإنساني مثل فساد الذمم واضمحلال الضمائر وانتشار الظلم والعنصرية وعدم المساواة وغيرها من مساوئ الأخلاق التي هي في الحقيقة الخطر الأعظم المهدد لوجود الإنسان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أوبن أيه آي الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي التوليدي ذكاء الآلة الميكروسكوب الإلكتروني الجارديان جونز هوبكنز كامبريدج الأوبئة البراكين الذکاء الاصطناعی الفائق الذکاء الاصطناعی العام مستوى الذکاء الاصطناعی الذکاء الفائق المخ البشری عن طریق
إقرأ أيضاً:
غوتيريش يحذّر من استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، محذرا من مخاطره على السلم والأمن الدوليين.
وأكد غوتيريش، في تقرير موجّه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الموقف الثابت للأمم المتحدة الرافض لأي أنظمة تمتلك السلطة التقديرية لإزهاق الأرواح البشرية، واصفا إياها بأنها "بغيضة أخلاقيا".
وشدد على ضرورة توجيه الذكاء الاصطناعي نحو الاستخدامات السلمية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، محذرا في الوقت نفسه من تصاعد استخدام هذه التكنولوجيا في النزاعات المسلحة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي قد يُسهم في تحسين دقة العمليات العسكرية وتقليل الأخطاء البشرية، لكنه يطرح تحديات خطيرة، لا سيما ما يتعلق بالمساءلة البشرية في النزاعات، خصوصا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار غوتيريش إلى ضرورة أن تظل قرارات استخدام القوة، خاصة ما يتعلق بالأسلحة النووية، في يد البشر فقط، مؤكدا أهمية التزام الدول بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، خلال كامل دورة استخدام الذكاء الاصطناعي.
وحذر من أن هذه التكنولوجيا قد تسهّل على الجهات غير الحكومية تطوير أو حيازة أسلحة بيولوجية وكيميائية، داعيا الدول إلى تقييم منهجي لمخاطرها، والاستعداد الكامل لمواجهتها، والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجالات نزع السلاح وعدم الانتشار.
كما عبر عن قلقه من الاستخدام المتزايد للتطبيقات المدنية للذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، نظرا لطبيعتها القابلة لإعادة التوظيف، مما يزيد من صعوبة الرقابة ويقوض الشفافية والمساءلة.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الدول إلى دراسة أوجه التداخل بين الاستخدامات المدنية والعسكرية لهذه التكنولوجيا، وتعزيز التعاون المشترك، ولا سيما في مجالات الشفافية، وبناء الثقة، واتخاذ تدابير إقليمية لمواجهة التحديات المرتبطة بها.
وأوصى غوتيريش بإطلاق آلية دولية شاملة لمعالجة الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري وآثاره على الأمن والسلم الدوليين، على أن يُنظر في هذا المقترح خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر المقبل.