13 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تأتي تصريحات الخارجية الأمريكية لتكشف عن تصاعد التوتر الخفي بين واشنطن وبغداد على خلفية الخلافات حول العلاقة مع ايران، حيث تحاول الولايات المتحدة منذ سنوات تثبيت شراكتها العسكرية مع العراق في إطار ما تعتبره حماية لسيادته، بينما ترى في أي اتفاق أمني مع طهران اختراقاً لهذه السيادة وإعادة تشكيل لمعادلة الأمن الإقليمي.

ويظهر أن مذكرة التفاهم الأخيرة، التي جرى توقيعها برعاية مباشرة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لم تكن مجرد اتفاق فني بين الأجهزة الأمنية، بل تحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية تضع العراق في قلب التوازنات بين محور واشنطن وحلفائها من جهة، ومحور طهران وشبكتها الإقليمية من جهة أخرى، وهو ما يفسر لغة التحذير التي استخدمتها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، حين تحدثت عن رفض أي تشريع يحوّل العراق إلى “دولة تابعة لإيران”.

ويشير هذا الموقف إلى أن واشنطن تنظر للاتفاقية ليس فقط من زاوية بنودها الأمنية، بل من منظور أوسع يتعلق بخريطة النفوذ في المنطقة، خاصة وأن إيران تعتبر العراق امتداداً طبيعياً لعمقها الاستراتيجي، وتستخدم الاتفاقات الأمنية لتعزيز التنسيق الاستخباري والتدريبي وربما الدفاعي في مواجهة الضغوط الدولية.

وتبرز هنا إشكالية السيادة التي باتت مفهوماً متنازعاً عليه في الحالة العراقية، فبينما تؤكد الحكومة العراقية أن الاتفاق يأتي في إطار المصالح الوطنية، ترى واشنطن أن هذه المصالح تُصاغ عملياً في ظل ميزان قوى يميل لمصلحة إيران، ما يجعل أي تفاهم معها محكوماً بتوجهات إقليمية تتعارض مع “الأهداف الأمريكية” في العراق.

ويذهب عدد من المراقبين إلى أن الموقف الأمريكي الأخير لا ينفصل عن سياق التدخلات الخارجية في الشأن العراقي، إذ يرون أن اعتراض واشنطن العلني على مذكرة تفاهم موقعة بين بغداد وطهران يمثل تجاوزاً لحق العراق في صياغة سياساته الأمنية وفق أولوياته الوطنية. ويرى هؤلاء أن السيادة لا تتحقق فقط برفض الإملاءات الإقليمية، بل أيضاً بممانعة الضغوط الدولية، وأن تعليق الولايات المتحدة على اتفاق لم تُستشر فيه قد يعكس استمرار عقلية الوصاية السياسية التي وسمت العلاقة بين الطرفين منذ 2003.

وتكشف اللهجة الأمريكية عن استعداد لتصعيد سياسي وربما دبلوماسي إذا ما تحوّل هذا التفاهم إلى خطوات تشريعية أو عمليات ميدانية تمس بنية التعاون الأمني القائم بين بغداد وواشنطن، وهو ما قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من التجاذبات التي تعيد العراق إلى دائرة الضغط المتبادل بين حليفين يتنازعان التأثير عليه.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الخارجية العراقية تهاجم سفير بريطانيا بعد تصريحاته بشأن “الحشد الشعبي”

10 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: استدعت وزارة الخارجية العراقية، اليوم الأحد، سفير المملكة المتحدة لدى بغداد عرفان صديق، احتجاجا على تصريحات أدلى بها في 8 أغسطس/ آب الجاري، معتبرة أنها تمثل تدخلا في الشؤون الداخلية للعراق، ومخالفة للأعراف الدبلوماسية.

وخلال الاجتماع الذي عُقد في مقر الوزارة اليوم، أعرب وكيل الوزارة للشؤون الثنائية السفير محمد حسين بحر العلوم، عن قلق الحكومة العراقية العميق من هذه التصريحات، مؤكدًا تعارضها مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

وشدد بحر العلوم على ضرورة التزام الممثلين الدبلوماسيين باحترام قوانين الدولة المضيفة والامتناع عن أي تدخل في شؤونها الداخلية، وفقا لبيان من وزارة الخارجية العراقية.

وحثّت الحكومة العراقية، السفير البريطاني على “تجنب الإدلاء بمثل هذه التصريحات أو القيام بأنشطة مماثلة مستقبلًا، والعمل على تعزيز العلاقات الودية بين البلدين”.

وأكدت وزارة الخارجية العراقية، في ختام بيانها، أهمية التمسك بمبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع تعزيز التواصل الدبلوماسي البنّاء.

يشار إلى أنه في 8 أغسطس الجاري، صرح السفير البريطاني لدى العراق عرفان صديق، أن بلاده لا تعارض وجود “الحشد الشعبي” ضمن المنظومة الأمنية العراقية، لكنها “تبدي تحفظا إزاء بعض الفصائل التي تعمل خارج إطار سلطة الدولة”، معتبرًا أن ذلك يشكل “تهديدا لأمن العراق واستقراره”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية عن الاتفاقية الأمنية العراقية الإيرانية: نرفض أي تشريع يتعارض مع أهدافنا
  • اتفاق ترامب مع أوروبا.. هدنة جمركية بثمن السيادة
  • متحدث الحكومة يكشف مضامين مذكرة التفاهم الأمنية بين العراق وإيران
  • العراق وإيران يوقعان مذكرة تفاهم أمنية بشأن الحدود
  • إسرائيل تفجر بلدة الخيام فجرًا وتواصل خرق اتفاق وقف الأعمال العدائية
  • الخارجية الإيرانية: من حق لبنان الدفاع عن نفسه ضد إسرائيل
  • كيهان الإيرانية تدعو لإغلاق مضيق هرمز ردا على ممر ترامب
  • الخارجية العراقية تهاجم سفير بريطانيا بعد تصريحاته بشأن “الحشد الشعبي”
  • تركيا تؤكد مضي اتفاق إطلاق الدفعات المائية إلى العراق