قال عاصف حميدي مدير الأخبار في قناة الجزيرة إن تصرفات إسرائيل تشكل اعتداءً ليس فقط على الصحفيين الأفراد، بل على حق الجمهور العالمي بأكمله في معرفة الحقيقة.

 

وأضاف عاصف في مقال نشرته صحيفة الجارديان وترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه بينما يشهد العالم الأهوال التي تتكشف في غزة، تستمر مأساة ذات صلة بانتظام مرعب: الاستهداف والقتل المنهجي للصحفيين.

 

وتابع "كما ظن المجتمع الصحفي في غزة أن الأمور لا يمكن أن تزداد سوءًا، نفذت قوات الاحتلال الوحشية التابعة لبنيامين نتنياهو جريمة قتل أخرى بدم بارد يوم الأحد، هذه المرة بحق صحفيي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، إلى جانب مصوري الفيديو إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل وزملائهما. كانوا يحتمون في خيمة إعلامية بالقرب من مستشفى الشفاء، وقُتلوا بضربة مباشرة".

 

وأكد أن آلة الحرب الإسرائيلية، التي سرّعت هدفها المعلن المتمثل في احتلال غزة، لم تُظهر أي ضبط للنفس في استهداف الصحفيين، في انتهاك للاتفاقيات الدولية. مشيرا إلى أن إسرائيل في هذه الحرب قتلت حتى الآن 238 منا.

 

وأردف حميدي "أصبحت الحرب على غزة أعنف صراع للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في الذاكرة الحية، حيث سجل عام 2024 أكبر عدد من الصحفيين القتلى، الغالبية العظمى منهم على أيدي القوات الإسرائيلية".

 

وزاد إن "الاستهداف والقتل المنهجي للصحفيين ليس مجرد مأساة محلية أو إقليمية؛ وهذا يشكل انتهاكا كارثيا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية الصحفيين في مناطق الصراع، ويشير إلى انهيار عالمي للمسؤولية الأخلاقية في حماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء لإلقاء الضوء على حقائق الحرب".

 

وقال مدير الاخبار في قناة الجزيرة إن غزة ليست المكان الوحيد الذي يُحاصر فيه الصحفيون. فالتهديدات والترهيب والعنف القاتل ضدهم آخذة في الازدياد. إلا أن ما يُميز الجرائم الإسرائيلية هو إفلات قوات الاحتلال من العقاب من قتل الصحفيين، واللامبالاة التي يُبديها قادة ما يُسمى بالعالم الحر. وما يُثير الصدمة بشكل خاص هو تكرار بعض المؤسسات الإعلامية مزاعم النظام الإسرائيلي الكاذبة ضد الصحفيين المستهدفين دون التحقق منها.

 

بكل المقاييس، يُعد هذا العصر -حسب حميدي- أخطر وقت على مهنة الصحافة في التاريخ الحديث. يتعرض الصحفيون للتهديد والمضايقة والقتل لمجرد قيامهم بواجبهم العام في الشهادة ونقل الحقيقة. وفي جميع أنحاء العالم، ازدادت المخاطر التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع.

 

واستدرك "في عام 2023، قُتل صحفي أو عامل إعلامي، بمعدل كل أربعة أيام. وفي عام 2024، تفاقمت هذه الإحصائية المروعة إلى مرة واحدة كل ثلاثة أيام، معظمها على يد القوات الإسرائيلية. الصحفيون في غزة ليسوا مراسلين دوليين تم إنزالهم بالمظلات، بل صحفيون محليون - أولئك الذين يعرفون الأرض والشعب والقصص أفضل معرفة. هؤلاء الصحفيون لا يكتفون بتغطية مأساة غزة؛ بل يعيشونها".

 

ويرى أن هذا التصاعد في العنف ضد الصحفيين ليس عرضيًا ولا معزولًا. إنه جزء من اتجاه أوسع نطاقًا ومقلق للغاية: إسكات الإعلام بشكل منهجي، غالبًا ما يُدبّره مستبدون وأنظمة تسعى إلى إخفاء جرائمها في الظلام. هذا ينبغي أن يُرعبنا جميعًا. إنه اعتداء ليس فقط على الصحفيين الأفراد، بل على حق الجمهور العالمي بأسره في المعرفة، وفهم عمق المعاناة الإنسانية، ومحاسبة أصحاب النفوذ.

 

استطرد "إلى جانب مقتل أكثر من 230 صحفيًا، تستخدم إسرائيل الآن التجويع كأداة، مما يدفع الصحفيين إلى حافة الهاوية، وينهارون جوعًا أثناء تغطيتهم للأحداث. وقال "في قناة الجزيرة، فقدنا زملاءً وأفرادًا من عائلاتهم في غزة، ومع مقتل أنس الشريف وزملائه، ارتفع إجمالي عدد صحفيي الشبكة القتلى إلى تسعة. أُجبر زملاؤنا على تغطية الفظائع التي تُرتكب بحق المدنيين، ليس فقط، بل أيضًا الهجمات المباشرة على من لا يملكون سوى الميكروفون أو الكاميرا".

 

رغم ذلك، وفق حميدي نُصرّ على مواصلة واجبنا المهني. نبقى ملتزمين بتغطية الإبادة الجماعية المُتفشّية، رغم الجهود الإسرائيلية لتعمية أعيننا والعالم. سنعمل بلا كلل على تعزيز فرقنا والوفاء لجمهورنا العالمي، الذي يحقّ له الحصول على المعلومات. لكن هذا يتطلب تضامنًا دوليًا، وممارسة ضغط كامل على إسرائيل لوقف استهداف وقتل الصحفيين، والسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى قطاع غزة وحرية عملها.

 

ودعا مدير الأخبار في قناة الجزيرة المجتمع الدولي إلى التحرّك، بشكل عاجل وحازم، لحماية الصحفيين، وحماية أولئك الذين يُخاطرون بكل شيء لإعلام العالم بالكارثة الإنسانية المُستمرة والإبادة الجماعية في غزة.

 

وقال "يجب السماح للصحفيين بأداء واجباتهم دون خوف من العنف، أيّ شيء أقلّ من ذلك هو خيانة لأهمّ مبادئ حرية التعبير".

 

وأتبع "نحن مدينون للصحفيين الشجعان في غزة بإيصال أصواتهم. عملهم ليس مُجرّد توثيق؛ إنها المسودة الأولى للتاريخ، حيث سيدرس مؤرخو المستقبل أهوال الإبادة الجماعية الأكثر بثًا على شاشات التلفزيون في القرن الحادي والعشرين".

 

وأشار إلى إن الوصول إلى معلومات موثوقة عن الحروب والصراعات ليس ترفًا؛ بل هو ضروري لرفاهية سكان العالم، وحماية حقوق الإنسان، والجهود العالمية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب. عندما يُسكت الصحفيون، نصبح جميعًا أكثر عرضة للتضليل والدعاية وإساءة استخدام السلطة بلا رادع.

 

وقال عاصف حميدي "نحن على مفترق طرق. إذا استمر العالم في التسامح مع قتل الصحفيين وتجويعهم واضطهادهم، فلن تعاني الصحافة فحسب، بل ستعاني أيضًا المساءلة والديمقراطية وإمكانية مستقبل أكثر عدلًا. يجب تعزيز الإطار القانوني الدولي لحماية الصحفيين في الحرب وتطبيقه بشكل عاجل، ويجب محاسبة الحكومات على الانتهاكات.

 

وحمل مدير الأخبار في قناة الجزيرة المجتمع الصحفي الدولي، بل والعالم أجمع، مسؤولية جسيمة. مؤكداً أن شجاعة والتزام وتضحيات الصحفيين في غزة تتطلب ما لا يقل عن دعمنا الكامل ومناصرتنا المتواصلة.

 

وختم حميدي مقاله بالقول "سوف يسجل التاريخ تقاعسنا باعتباره فشلاً ذريعاً في حماية أولئك الذين وقفوا في الخطوط الأمامية للحقيقة".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فلسطين غزة اسرائيل قناة الجزيرة الصحفيون فی قناة الجزیرة أولئک الذین فی غزة

إقرأ أيضاً:

غضب دولي ومطالب بتحقيق مستقل عقب اغتيال إسرائيل طاقم الجزيرة في غزة

توالت ردود الفعل الدولية على اغتيال صحفيي ومصوري الجزيرة في غزة وسط مطالب بتحقيق مستقل يضمن عدم إفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب.

وفجر اليوم الاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن "الزملاء الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلية هم: أنس الشريف، ومحمد قريقع، والمصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعدهم محمد نوفل".

ففي تركيا، نشر رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، اليوم الاثنين، رسالة تعزية في مقتل مراسل الجزيرة أنس الشريف في قصف إسرائيلي، استهدف خيمة للصحفيين بغزة، واصفا إياه بـ"صوت غزة الذي استشهد ببسالة".

وقال قورتولموش في منشور عبر منصة إكس، إن "الصحفي الشجاع أنس الشريف، صوت غزة وضميرها ورمز مقاومتها، استشهد ببسالة جراء العدوان الإسرائيلي الغادر".

وأضاف "أستذكر بالرحمة رمز التضحية والشجاعة أنس، وأتقدم بأحر التعازي إلى عائلته وأهالي غزة وجميع أفراد الأسرة الإعلامية. أسأل الله أن يجعل مثواه الجنة ويرفع درجته في عليين".

وذكر أن الشريف، بجهوده الشجاعة في نقل الحقيقة إلى العالم، أصبح ضميرا ليس لغزة فحسب، بل للإنسانية جمعاء، وأخذ مكانه في الصفوف الأمامية لجبهة الإنسانية.

وتابع "إن هذا الاعتداء الغادر على الإنسانية لن يُنسى أبدا، ونضالنا سيزداد قوة. وسيكون النصر حتما حليف الكرامة الإنسانية يوما ما".

وفي قطر، شدد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أن الاستهداف المتعمد للصحفيين لا يحجب الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

وأضاف أن الاستهداف يثبت أن الجرائم في غزة تفوق التصور، وسط عجز دولي عن وقف المأساة.

وفي طهران، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية بأشد العبارات جريمة الحرب الوحشية المتمثلة في الهجوم على الصحفيين بغزة، معتبرة أن الهجوم على الصحفيين محرّم في أي حال، واستهدافهم جريمة حرب.

تحقيق مستقل

وفي بريطانيا، دعا المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل أنس الشريف وزملائه، وقال على إسرائيل، أن تضمن قدرة الصحفيين على العمل بأمان ودون خوف.

إعلان

وقال المتحدث إن ستارمر يشعر بقلق بالغ إزاء الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للصحفيين في قطاع غزة.

وفي لندن أيضا، وصف الأمين العام المساعد للاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا اغتيال إسرائيل صحفيي الجزيرة بأنه صادم، معتبرا أن اغتيالهم هو استهداف إسرائيلي واضح للجزيرة، يهدف إلى طمس حقيقة ما يحدث في غزة.

وأكد أن استمرار استهداف الصحفيين في غزة يستدعي تدخلا دوليا، واصفا قتل الصحفيين بأنه عمل مروع آخر في الحرب على الصحافة، وشدد على ضرورة أن تسمح إسرائيل فورا بدخول الصحافة الدولية إلى غزة، وألا تفلت من العقاب.

من جهتها، اعتبرت مفوضة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الأوروبي، أن مقتل صحفيي الجزيرة في قطاع غزة -ومنهم أنس الشريف- انتهاك لحرية الصحافة، ودعت إلى حماية المدنيين في غزة، بمن فيهم الصحفيون.

وفي برلين، قالت وزارة الخارجية الألمانية، إن قتل 6 صحفيين عمدا في غزة حادث خطِر ومقلق للغاية، وأعربت عن إدانتها بشدة استهداف الصحفيين في غزة، مؤكدة ضرورة إجراء تحقيق شامل وشفاف في الحادث، ومعاقبة المسؤولين عن استهداف الصحفيين في غزة.

وفي أوسلو، قال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، إن قتل صحفيي الجزيرة في غزة "مثير للغضب وغير مقبول على الإطلاق".

واعتبر الوزير أن مهاجمة الصحفيين عمدا هو اعتداء على حرية التعبير، مشيرا إلى أن اغتيال أكثر من 200 صحفي وإعلامي في غزة يجعلها أخطر مكان للصحفيين في العالم.

جريمة بشعة

في السياق نفسه، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن الجيش الإسرائيلي يكرر في الهجوم المتعمد على خيمة الصحفيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة ما وصفته بأنه "عملية معروفة ومثبتة خصوصا ضد صحفيي الجزيرة".

وأضافت أن المجتمع الدولي بقيادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تجاهل تحذيرات من قرب هذا الهجوم، منددة بذلك، وطالبت العالم باتخاذ إجراءات حازمة لوقف ما سمته عمليات الإعدام الإسرائيلية للصحفيين.

كما دعت المنظمة إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، وأدانت الإستراتيجية التعتيمية لإسرائيل والهادفة إلى طمس جرائمها في غزة منذ أكثر من 21 شهرا.

بدورها، شددت منظمة العفو الدولية على أن الجيش الإسرائيلي أعدم مزيدا من الصحفيين في غزة واعترف باستهدافهم، في إشارة إلى اغتيال مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع.

من جهته، قال رئيس نادي الصحافة الأميركي "نعرب عن حزننا وانزعاجنا إزاء مقتل مراسل الجزيرة أنس الشريف في غزة، وندعو إلى تحقيق شامل وشفاف في ملابسات اغتياله".

ووصف رئيس نادي الصحافة الأميركي أنس الشريف بأنه "كان صحفيا مرموقا وغطى الأحداث على نطاق واسع من غزة طيلة الصراع الحالي.. وكان أحد أشهر مراسلي الجزيرة في غزة منذ بداية الحرب".

ومع اغتيال الصحفيين الستة يرتفع عدد الإعلاميين الذين اغتالتهم إسرائيل إلى 238 منذ بداية الإبادة الجماعية التي ترتكبها بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق المكتب الإعلامي بغزة.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

إعلان

وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و430 شهيدا و153 ألفا و213 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، منهم عشرات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد الصحفيين القتلى بغزة إلى 238 منذ بداية الحرب على القطاع
  • مشهد الوداع الأخير.. صوت شهداء الجزيرة خفت لكن التغطية مستمرة
  • ماذا قال رموز الصحافة عن استشهاد صحفيي الجزيرة في غزة؟
  • مصور الجزيرة بغزة يسرد تغطيته مجريات الحرب مع أنس الشريف
  • نقابتا الصحفيين في مصر وتونس تدينان اغتيال إسرائيل طاقم الجزيرة بغزة
  • غضب دولي ومطالب بتحقيق مستقل عقب اغتيال إسرائيل طاقم الجزيرة في غزة
  • الجزيرة تقف تنديدا باغتيال فريق التغطية بغزة وتدعو إلى محاسبة القتلة
  • إصابة مراسل "الإخبارية" بشظايا قصف إسرائيلي استهدف خيام الصحفيين في غزة
  • اتحاد الصحفيين البريطاني يدين استهداف إسرائيل صحفيي الجزيرة بغزة