نظم المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور أشرف العزازي، مائدة مستديرة بعنوان "النيل وتشكيل الهوية المصرية" ضمن فعاليات الاحتفاء بمناسبة وفاء النيل، التي تشهد تنظيم عدد من الفعاليات في قطاعات وزارة الثقافة.

استهل اللقاء الدكتور أسامة طلعت، رئيس دار الكتب والوثائق القومية وأستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة القاهرة، حديثه عن التأثير الوجداني العميق لنهر النيل في نفوس المصريين، مؤكّدًا أن النيل هو "هبة المصريين" وليس العكس.

وأوضح أن وجوده كان سببًا في نشأة حضارة عظيمة على ضفتيه، ودفع القدماء المصريين لدراسته جغرافيًّا ومعرفة أسراره، ما أسهم في استقرار الزراعة وتحويل مسار البشرية آنذاك. 

وتطرق إلى أسطورة دموع إيزيس، وتقنيات الحفر، وورق البردي، ومقاييس النيل التي كانت تحدد ارتفاع منسوب المياه، مثل مقياس الروضة الذي كان المنسوب المثالي فيه 16 ونصف ذراع، ومنها جاءت عبارة "وفّى وكفى". 

كما أشار إلى مشروعات محمد علي باشا للتحكم في فيضان النيل، ثم السد العالي الذي وصفه بأنه أهم مشروع مائي في القرن العشرين.

أما الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي وخبير المخطوطات، فقد استعرض بعض الطقوس القديمة مثل إلقاء "عروسة النيل" في العصر البيزنطي، وذكر كتابات المؤرخين والرحالة عن النيل، ودوره في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى حضوره في السينما المصرية من خلال مهن مثل "ناظر الزراعة". 

كما عرض بعض الكواليس التاريخية لاحتفالات وفاء النيل، وأبرز الدراسات والمذكرات التي كتبها مستشرقون عن الدلتا والنهر.

وقدمت الدكتورة إيمان عامر، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، التحية لوزارة الثقافة لاهتمامها بهذه المناسبة، مؤكدة أن النيل شكّل سمات الشخصية المصرية عبر السماحة والكرم، وحرص المصريين قديمًا على طهارته، بل واعتقادهم أن تلويثه يجلب اللعنات. 

وأشارت إلى تأثير النيل في اللغة المصرية، حيث اكتسبت نعومة ورومانسية قربه، بينما أصبحت أكثر جفافًا في بيئات الصحراء. كما تناولت حضوره في الشعر والأفلام التي تغنت بجماله وسماره.

من جانبه، أوضح الدكتور خلف الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أن الشخصية المصرية نتاج بيئة زراعية مستقرة نشأت على ضفاف النيل، وأن الحضارات العريقة دائمًا ما قامت حول الأنهار. 

وأكد أن المصري القديم استغل النهر في الزراعة والنقل، ما أرسى دعائم دولة مركزية قوية منذ توحيد القطرين، وتطور استخدامه للنقل حتى إنشاء هيئة عامة للنقل النهري بعد ثورة يوليو.

كما تحدث الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، عن تأثير النيل في الاقتصاد والزراعة منذ عهد محمد علي والخديوي إسماعيل، وصولًا إلى مشروعات الدلتا الجديدة لمواجهة تآكل الأراضي الزراعية. 

وأوضح أن النهر أسهم في تكوين عقل جمعي تعاوني لدى المصريين، خاصة في مواجهة مواسم الفيضان، وكان سببًا في تآكل الصحراء عبر مشروعات توصيل المياه، كما أسهم في تشكيل وجدان المصريين وهويتهم السياسية منذ أقدم العصور.

طباعة شارك المجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازي النيل وتشكيل الهوية المصرية وفاء النيل قطاعات وزارة الثقافة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازي وفاء النيل قطاعات وزارة الثقافة أستاذ التاریخ

إقرأ أيضاً:

مكتبة الإسكندرية تناقش دور القوى الناعمة في تشكيل الهوية المصرية

نظمت مكتبة الإسكندرية، ندوة بعنوان "معركة الوعي ودور القوى الناعمة في تشكيل الهوية المصرية في الجمهورية الجديدة"، بحضور نخبة من المفكرين والمثقفين، بينهم الدكتور أسامة البدرشيني أستاذ القانون العام والمحاضر بجامعة الإسكندرية، والإعلامي مصطفى بكري، والفنان أحمد ماهر، وخالد هنو موثق الإسكندرية، وقدمتها سارة سرور، إلى جانب عدد من الأكاديميين والمهتمين بالشأن العام.

الندوة تناولت أهمية مواجهة حروب الشائعات والأكاذيب التي تستهدف زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة، ودور الفنون والآداب والإعلام في تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الوعي المجتمعي.

وخلال كلمته، وصف الموثق السكندري خالد هنو "معركة الوعي" بأنها أشد قسوة من الحروب التقليدية، نظرًا لاعتمادها على أسلحة الكلمة واللحن واللوحة والمسرح والسينما، محذرًا من محاولات التأثير على الأجيال الجديدة عبر "استعمار ثقافي" يفرض أنماط حياة وفنون ولغات دخيلة. وانتقد هنو إغلاق عدد من قصور الثقافة في الإسكندرية، ومنها قصر ثقافة التذوق المغلق منذ أكثر من عقد، داعيًا إلى إعادة فتح المراكز الثقافية ودعم المواهب الشابة لحماية الهوية المصرية من التآكل.

من جانبه، أكد الدكتور أسامة البدرشيني أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية عالمية، مشيرًا إلى الموقف المصري الثابت في مواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وداعيًا إلى توعية الرأي العام بالمحددات الوطنية للموقف المصري. وأوضح أن مبادرة "بداية" التي أطلقتها القيادة السياسية تهدف لإعادة بناء الإنسان المصري، معتبرًا الوعي والهوية الوطنية خطوط الدفاع الأولى في مواجهة التأثيرات الثقافية والإعلامية الدخيلة.

أما الإعلامي مصطفى بكري، فحذر من أن مصر تواجه ما سماه "حرب الجيل الرابع" التي تستهدف ضرب الهوية الوطنية ونشر الشائعات، مشيرًا إلى أن البلاد محاصرة بتحديات إقليمية وأمنية خطيرة، بينها محاولات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ضمن مخطط أوسع لضرب استقرار الدولة المصرية. وشدد بكري على أن المرحلة الحالية هي الأخطر في تاريخ المنطقة، داعيًا إلى الاصطفاف الوطني والمشاركة الشعبية خلف القيادة السياسية لمواجهة هذه المخاطر.

طباعة شارك الاسكندرية مكتبة الاسكندرية الهوية المصرية الجمهورية الجديدة القوى الناعمة الوعي

مقالات مشابهة

  • دكتوراة في علم النفس التربوي للباحثة ليلى فايد بجامعة كفر الشيخ
  • مكتبة الإسكندرية تناقش دور القوى الناعمة في تشكيل الهوية المصرية
  • الفنان أحمد ماهر: القوى الناعمة أحد ركائز بناء وتشكيل الهوية المصرية
  • «الأعلى للثقافة» ينظم ندوة احتفاء بـ عيد وفاء النيل
  • أكبر صفقة في التاريخ بين مصر وإسرائيل تخيف المصريين.. الإعلام العبري يرصد تفاصيل هامة
  • أستاذ الموارد المائية: ربط إثيوبيا بين التنمية والمياه ذريعة للسيطرة على النيل
  • رئيس حزب المصريين ناعيًا الدكتور علي المصيلحي: تميزت مسيرته بالعطاء المتواصل
  • افتتاح معرض «بصمة» للأعمال الفنية تحت رعاية رئيس دار الأوبرا المصرية
  • اللافي: استحداث المناصب داخل الجيش اختصاص تشريعي وندعو لاجتماع عاجل للمجلس الرئاسي