مياه الأمطار تغرق شوارع عدن وتفجر مطالبات بمحاسبة مقاولين فاسدين
تاريخ النشر: 25th, August 2025 GMT
شهدت العاصمة عدن، السبت، أمطارًا غزيرة ضمن تأثيرات المنخفض الجوي، ما أدى إلى غرق عشرات الشوارع والأحياء السكنية وتحويل الطرق الرئيسية إلى برك مائية عطلت حركة السير لساعات.
المشهد المتكرر مع كل موسم مطر كشف مجددًا هشاشة مشاريع البنية التحتية التي صُرفت عليها أموال ضخمة خلال السنوات الماضية دون أن توفر حلولًا عملية لتصريف المياه، الأمر الذي فجّر موجة غضب شعبي ومطالبات واسعة بمحاسبة المقاولين والجهات الرسمية المتورطة في الفساد.
وغمرت سيول الأمطار شوارع رئيسية أبرزها الخط البحري الرابط بين عدد من المديريات، حيث تحوّل إلى مستنقع مائي واسع غير صالح لعبور المركبات، ما تسبب في ازدحام خانق وشلل شبه كامل للحركة المرورية. كما طالت الأضرار عددًا من المنازل والمحلات التجارية الواقعة في المناطق المنخفضة.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات توثّق حجم المعاناة وغرق العديد من الشوارع الرئيسية بمياه الأمطار. مرفقة بانتقادات حادة للمشاريع التي نفذت في قطاع الطرق خلال السنوات الماضية، معتبرين أن ما حدث دليل على "غش وفساد" واضح، وأن الأموال التي صُرفت لم تكن سوى "حبر على ورق" دون وجود شبكات تصريف حقيقية لمياه الأمطار.
المواطنون بدورهم طالبوا السلطة المحلية والحكومة والمجلس الرئاسي بسرعة التدخل لإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة المزمنة، وتعويض المتضررين، ومحاسبة كل من تورط في تنفيذ مشاريع رصف مخالفة للمعايير الهندسية. واعتبروا أن الأمطار لم تكشف فقط عن ضعف البنية التحتية، بل عن منظومة فساد أوسع التهمت موازنات كبيرة كان يفترض أن تقي المدينة من الغرق مع أول اختبار طبيعي.
ويرى مراقبون أن عدن تحولت إلى "مدينة منكوبة موسميًا" بفعل غياب التخطيط العمراني وترك الشوارع دون مصارف، فضلًا عن البناء العشوائي على مجاري السيول، ما جعل كل هطول للأمطار يتحول إلى كارثة إنسانية وصحية. ويؤكد هؤلاء أن الحل لن يكون بترقيع الطرقات فقط، بل بإنشاء شبكة متكاملة لتصريف مياه الأمطار، وإخضاع مشاريع البنية التحتية لرقابة حقيقية ومحاسبة جادة.
وفي مواجهة هذه الأوضاع، أصدر محافظ عدن أحمد حامد لملس توجيهات عاجلة لأجهزة الدفاع المدني وصندوقي النظافة والصرف الصحي للتحرك الفوري ومساندة المواطنين في التعامل مع تداعيات الأمطار، مشددًا على رفع مستوى الجاهزية وتعزيز جهود فرق الطوارئ لتصريف المياه وفتح الشوارع. لكن بالنسبة لأهالي المدينة، فإن هذه التوجيهات لم تعد تكفي، إذ يطالبون بخطوات عملية وجادة توقف مسلسل الفساد وتضمن لهم بنية تحتية تليق بعاصمة، بدلًا من أن تبقى عدن رهينة لغضب السماء مع كل سحابة ماطرة.
الأمطار التي أغرقت شوارع عدن انعكست على منصات التواصل الاجتماعي في شكل موجة غضب واسعة، حيث اتهم ناشطون السلطات والمقاولين بالفساد والتلاعب بمشاريع البنية التحتية.
الناشط معتز سعيد محمد كتب: "أمطار عدن تكشف لنا يوم بعد يوم العمل العشوائي للطرقات والبنى التحتية التي كلفت مبالغ ضخمة دون فائدة. سنة كاملة من الوعود على مشروع كبير لتصريف مياه الأمطار للخط البحري، وفي النهاية النتيجة مؤسفة: لا طرقات ولا مصارف ولا بنية تحتية." فيما علّقت الناشطة رجاء علي إسماعيل بالقول: "#كارثة_ونهب_وفساد.. كل موسم مطر يتحول إلى كابوس: طرق تغلق، منازل تغرق، وأموال المشاريع تضيع بلا أثر. السؤال لم يعد: متى سنبني؟ بل: أين ذهبت الإيرادات ومن يحاسب؟"
وقال الناشط المجتمعي هشام عبده الصوفي وصف عدن بأنها "مدينة منكوبة بالأمطار والفساد معًا"، مضيفًا أن غياب الرقابة على المشاريع والسماح بالبناء العشوائي فوق مجاري السيول جعل المدينة تدفع ثمنًا باهظًا مع كل هطول مطر. أما الناشط فضل الجونة فكتب: "الأمطار تكشف عورة مشاريع الطرق بعدن. أمطار غزيرة تكشف أن الأموال صرفت بلا معايير هندسية، والنتيجة شوارع تتحول إلى بحيرات. متى تصحو الضمائر؟"
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: البنیة التحتیة
إقرأ أيضاً:
غزة تغرق بين أنقاضها.. هكذا دمر الاحتلال القطاع على مدار عامين كاملين (خريطة)
أغرق الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة بالأنقاض والركام والتدمير، محيلا مناطق واسعة وأحياء كاملة إلى أثر بعد عين، في إطار سياسة ممنهجة للتدمير والتخريب منذ بدء الحرب قبل عامين كاملين.
وبدأت قوات الاحتلال حملة التدمير الممنهج منذ بدء عداونها على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لكن التدمير تصاعد بشكل لافت مع إنطلاق الهجوم البري في الـ27 من الشهر نفسه، والذي بدأ من مناطق شمال وشرق مدينة غزة.
ولم تدخر قوات الاحتلال جهدا في نشر الخراب في القطاع، مستخدمة أساليب وأدوات عدة لهدم البيوت والأحياء والبنى التحتية والمرافق العامة والخاصة، سواء بالتدمير عبر القصف الجوي والمدفعي، أو بعمليات النسف بالعبوات أو العربات المفخخة شديدة الانفجار، أو باستخدام الجرافات العسكرية.
ومع بدء العدوان البري، هدمت قوات الاحتلال أجزاء واسعة من مدينة بيت حانون، وبيت لاهيا، شمال القطاع، إضافة إلى أجزاء واسعة من حي الشجاعية خصوصا المنطقة الشرقية منه، إضافة إلى الاجزاء الجنوبية من حي الزيتون جنوب غزة، خصوصا في محيط "محور نتساريم"، وعلى الطرف الآخر من المحور، أي شمال منطقة النصيرات، دمر الاحتلال بلدة المغراقة بالكامل، إضافة إلى أجزاء واسعة من حي الزهراء.
"تدمير رفح"
مع دخول عام 2024 واستمرار العدوان الوحشي، استمرت حملة التدمير الواسعة، لكنها كانت أكثر وضوحا في رفح أقصى جنوب القطاع، فبعد أن احتُلت المدينة في آيار/ مايو من العام، عملت قوات الاحتلال على تدمير الأحياء السكنية فيها بشكل ممنهج، بدء من معبر رفح ومحور فيلادلفيا الحدودي مع، وشمالا بعمق لا يقل عن 5 كيلومترات، ولتسريع عمليات الهدم استعانت قوات الاحتلال بشركات مقاولات إسرائيلية خاصة، لتحيل المدينة إلى أكوام من الركام، وتُبقى على احتلالها حتى يومنا هذا.
لم تسلم في هذا العام أجزاء واسعة من القطاع من التدمير أيضا، خصوصا المناطق الجنوبية الشرقية لخانيونس، والأجزاء الشرقية من مخيمي البريج والمغازي وسط القطاع.
لكن في عام 2025 بلغ التدمير ذروته، بعد أن دمرت قوات الاحتلال أجزاء واسعة من شرق ووسط وشمال خانيونس على إثر عملية برية طويلة، طالت أجزاء واسعة من المدينة. ووصل التدمير في هذا العام إلى أجزاء إضافية من مخيمي البريج والمغازي، والمخيم الجديد شمال النصيرات وسط القطاع.
دمار واسع في غزة
وفي غزة وشمالها كان المشهد أكثر فظاعة، فقد تم تدمير مخيم وبلدة جباليا بالكامل، وبيت حانون وبيت لاهيا بالكامل، والجزء الأكبر من حيي الشجاعية والزيتون بالكامل، وأجزاء واسعة من حي الصبرة، وأجزاء واسعة من حي تل الهوى، وأجزاء واسعة من حي الشيخ رضوان، وأجزاء واسعة من التفاح، وأجزاء واسعة من مناطق شمال مدينة غزة خصوصا أحياء الكرامة، التوام، ومنطقة السودانية، والمناطق الوسطى والشمالية من مخيم الشاطئ، ومنطقة الصفطاوي وبئر النعجة.
وفي إحصائية حديثة، قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إن عدد المباني المتضررة نتيجة عدوان الاحتلال منذ بدء الحرب وحتى حزيران/ يونيو الماضي بلغ نحو 190,115 مبنى، منها 102,067 مبنى مدمراً بشكل كامل، وهو الضِّعف مقارنة بما كانت عليه في العام الأول من العدوان.
وكشف الجهاز في بيان أصدره الاثنين، أن عدد المباني المتضررة بشكل متوسط، جراء عدوان الاحتلال، بلغ في الفترة ذاتها، نحو 41,895 مبنى، فيما بلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة نحو 330,500 وحدة سكنية. ومعرفة تفاصيل أوفى حول حجم الدمار في غزة (اضغط هنا)