محمد خلف، وإعادة اكتشاف الطيب صالح
تاريخ النشر: 25th, August 2025 GMT
عبدالله رزق أبو سيمازة
يلفت النظر، ابتداء، ما يمكن وصفه بافتقار مؤلف ” المتن الروائي المفتوح، فن القص السردي عند الطيب صالح ” للاستاذ محمد خلف، لحد ما إلى إحكام تقعيد ما صكه من مصطلحات مفتاحية ، من قبيل ” المتن المفتوح ” و ” النص المغلق” و ” و القصة الطويلة “، ومقتضى ادراج نصوص الطيب صالح السردية في إطار ” المتن المفتوح ” المقترح .
وهو ما سيفسح المجال لإعادة تعريف وتوصيف المصطلحات الخاصة بالسرد، ومعاييره، إذا كان عدد الصفحات، أو حتى الكلمات، لا الوزن، ولا الوحدة القياسية للمعلومات بت /بايت، المعمول بها في مجال الحاسوب، هي المعيار . مع أن الأستاذ محمد خلف، يقبل، في أحد هوامش كتابه (ص ٥٠)، بتوصيف رائعة خورخي أمادو ” كان كان العوام، الذي مات مرتين “، كرواية . وفي حين أن رائعة الطيب صالح ” موسم الهجرة للشمال “، قد لا تحوز اكثر من تصنيف ” قصة طويلة ” ، مقابل انجاز ديستويفسكي، بالغ الروعة : ” الإخوة كارامازوف “، ذي الثمانمائة صفحة !
قد لا يتوفر، بين ظهرانينا، في المدى المنظور، كاتب طويل البال، مثل دوستويفسكي، وقارئ صبور . فالراجح، أن تواطؤ ذائقتي القاريء والمؤلف المعاصرين ، قد يعزز خيار “القصة الطويلة ” أو ما يمكن تسميته، بعبارة أخرى: “الرواية القصيرة “، على ما عداه .
يضم كتاب ” المتن الروائي المفتوح “عديدا من المقالات، الا أن بعضها لا ينسلك بصورة واضحة، في إطار العنوان الذي يحمله الكتاب . بعض المقالات، والتي يمكن عدها جوهر الكتاب ، والتي تمت ترجمتها إلى الإنجليزية، قد تستجيب لذلك الشرط، وتستوفيه.
إن الاحتفاء بالطيب صالح وإبداعه، والذي ظل متصلا ومتواترا، وبما لم يحزه اي روائي أو قاص سوداني آخر، منذ أن اكتشف، صديق حسن ابراهيم، قبل مايزيد على ستة عقود من الزمان، موهبة، خلال قراءته، لقصة ” نخلة على الجدول “، ونوه بها، وفق ما أورده محمد سيد احمد، في مذكراته ” في سياق الأحداث “. يعزز ذلك ما كتبته، في روزنامة الراحل الاستاذ كمال الجزولي، قبل ما يقارب ربع القرن، بأن الطيب صالح، ليس امتدادا للقصة أو الرواية السودانية، واقترحت، تأسيسا على واقع السرد السوداني، قبل وبعد الطيب صالح، فرضية اندراجه في سياق آخر، ماوراء الحدود . وتؤكد وقائع التناص، ودراسة محمد خلف لمصادر إبداعه، اتصاله بقمم الابداع العالمي في هذا المجال : خورخي امادو، البير كامي، ديستويفسكي …الخ . بل إن المؤلف، يقرر في غير مواربة، إسهام الطيب صالح مع آخرين، في “خلق الرواية العربية مما يشبه العدم ” ص (٤١).
ويؤشر الاحتفال، بتدشين كتاب الاستاذ خلف، مطلع هذا الأسبوع، بمركز التسامح، وبمشاركة البروفسور محمد المهدي بشرى، والأساتذة نادر السماني وصلاح النعمان ومنى الرشيد نايل، وجمع من المثقفين والمهتمين، الحيوية التي لازال يتسم بها ابداع الطيب صالح، بجانب قدرته على الإلهام..
ينصب الجهد الرئيس للمؤلف، محمد خلف، على إعادة اكتشاف الطيب صالح، من خلال كتاباته السردية وغير السردية – وعلى خلاف نحو القراءات التي تنزع لتغييب المؤلف , لأجل تكريس النظر كليا، على أعماله – لتعميق معرفتنا بالصالح الطيب، وهو ما يتسق مع دعوته لنا للالتفاف حول رمزيته .
وتشمل عملية الكشف والتقصي النقدي، بجانب مصادر إبداعه، ميوله السياسية . غير أنها لم تصل لخلاصة نهائية، حول ما إذا كان الطيب صالح سياسيا تقليديا ام ليبراليا . وتوقف الاستاذ خلف، مليا، في جانب المسكوت عنه، أو ما لم يقله الطيب صالح، عند ما أسماه “استبعاد الرموز التاريخية ” (ص ٣١)، وهي الآثار العائدة للحضارات سابقة للإسلام، التي تنتشر في قرية ود حامد وفي محيطها، مسرح احداث قصص وروايات الطيب صالح. واذا كانت الإشارة لهذه الآثار أو تضمينها في النص، تمثل ضرورة فنية لتطويره، فإن ذلك يسهل طرح التساؤل حول ما إذا كان الطيب صالح، قد تأثر، بشكل أو آخر، بايديولوجيا الإخوان المسلمين .
ومع ذلك فان عملية الكشف تقصر عن الإجابة على السؤال الذي شغل القراء والنقاد، منذ الصدور الاول لرواية ” موسم الهجرة إلى الشمال”، ويتعلق بما إذا كان مصطفى سعيد هو الطيب صالح، نفسه . ويمكن إضافة سؤال مماثل، بشأن ما إذا كان هو شيخ الحنين.
غير أن أبرز ما تخطته عملية إعادة الكشف والتقصي النقدي، هو الوقوف عند رواية ” الطليعي الاسود ” لمؤلفها ادوارد عطية، وفحص ما تحتشد به من تماثلات مع رواية “موسم الهجرة إلى الشمال”، تتصل بالصراع الحضاري، وميادينه، التي تتوزع بين البندر الإمبريالي والوطن المستعمر، ومآلاته، والشخصيات المحورية، ومصائرها ، أو ما قد تنطوي عليه الأخيرة من تناص . فعلى الرغم مما أكده من انفتاح الطيب صالح على الابداع العالمي، وما أسماه حوار روايته موسم الهجرة الشمال مع قمم سردية، اشتهرت بتمحورها حول ثيمة صراع الشرق والغرب، من قبيل : الحي اللاتيني ويوميات نائب في الارياف، وقنديل ام هاشم والطليعي الاسود ( ص ٤١)، الا أن الأخيرة، كانت تقتضي منه وقفة اطول، لانها بخلاف الروايات سالفة الذكر ، فإن الطليعي الاسود، تتميز بتماثل أجوائها، لحد بعيد مع موسم الهجرة الشمال . فبطلها، أو الشخصية المحورية فيها سوداني، يذهب إلى بريطانيا لتلقي ارقى تعليم في الغرب، وليتشبع بقيمه، مما يدفع به نحو التمرد على ثقافته المحلية، التقليدية، ونحو التمزق لما يصاحب هذا النزوع من صراع نفسي .
الوسومعبدالله رزق أبو سيمازة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: موسم الهجرة الطیب صالح محمد خلف إذا کان
إقرأ أيضاً:
أمل جديد.. اكتشاف علاج لسرطان الثدي المتقدم| تفاصيل
يعتبر شهر أكتوبر شهر التوعية العالمي بسرطان الثدي، الذي تتضافر فيه الجهود حول العالم لدعم السيدات والتأكيد على أهمية الكشف المبكر والعلاج الفعّال، وعلى هذا النحو أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عن اعتماد علاج جديد يُبشّر الأطباء والمرضى بمرحلة جديدة من الأمل، إذ أثبت فعاليته في تقليل خطر تطور سرطان الثدي المتقدم بنسبة تصل إلى 40%، وذلك وفقًا لما نشره موقع تايمز ناو.
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على دواء مبتكر يُعرف باسم Inluriyo، وهو مضاد لمستقبلات الإستروجين يؤخذ عن طريق الفم، ويُستخدم لعلاج البالغين المصابين بأنواع محددة من سرطان الثدي المتقدم، منها:
سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الإستروجين (ER+).سرطان الثدي السلبي لمستقبلات عامل نمو البشرة البشري 2 (HER2-).سرطان الثدي المتقدم أو النقيلي المتحور بجين ESR1.كما يمكن استخدام هذا العلاج للمرضى الذين لاحظوا تطور المرض بعد تلقي علاج هرموني واحد على الأقل.
طريقة عمل دواء Inluriyoفي المرحلة الثالثة من تجارب EMBER-3 السريرية، أظهر الدواء الجديد قدرته على تقليل خطر تطور السرطان أو الوفاة بنسبة 40% مقارنة بالعلاج الهرموني التقليدي، حيث يعمل Inluriyo على الارتباط بمستقبلات الإستروجين وتعطيلها، بل ويساعد على تحللها داخل الجسم، ما يؤدي إلى إبطاء نمو الخلايا السرطانية وانتشارها.
وأشارت نتائج التجارب إلى أن المرضى الذين يعانون من طفرة في جين ESR1 شهدوا تحسنًا ملحوظًا في معدلات البقاء على قيد الحياة دون تقدم المرض، حيث بلغ متوسط البقاء أكثر من خمسة أشهر مقارنة بـ ثلاثة أشهر لدى من تناولوا أدوية أخرى.
تصريحات الخبراء حول فعالية الدواءقالت الدكتورة كومال جهافيري، المدير السريري لتطوير الأدوية المبكرة في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان: "يمثل هذا الدواء تقدمًا مهمًا للمرضى المصابين بسرطان الثدي النقيلي المتحور بجين ESR1، وهي طفرة توجد لدى نحو نصف المرضى الذين خضعوا للعلاج الهرموني مسبقًا، وغالبًا ما تتسبب في مقاومة العلاج".
وأضافت: "إن فعاليته المثبتة وسهولة تناوله عن طريق الفم تجعله خياراً علاجياً بديلاً ومفيداً لفئة كبيرة من المرضى الذين يعانون من هذا النوع من السرطان".
الآثار الجانبية والتحذيراتأوضحت الشركة المنتجة أن بعض المرضى أظهروا خلال التجارب السريرية آثارًا جانبية شائعة، شملت:
آلام في الجسم.الشعور بالتعب والإرهاق.الإسهال أو الإمساك.ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية.انخفاض مستويات الهيموغلوبين والصفائح الدموية.انخفاض مستويات الكالسيوم في الدم.كما حذّرت الشركة من استخدام الدواء أثناء الحمل، لما قد يسببه من أضرار على الجنين، داعية إلى ضرورة استشارة الطبيب قبل تناوله، ومن المتوقع أن يتوفر الدواء في الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة.