خبراء دوليون يحذرون: حصار الفاشر يقود السودان إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة
تاريخ النشر: 28th, August 2025 GMT
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة يوم الثلاثاء 26 أغسطس/آب 2025، تحت عنوان "الحصار والمجاعة في الفاشر وجرائم المرتزقة في السودان"، بهدف تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المستمرة في دارفور، مع التركيز على حصار الفاشر من قبل قوات الدعم السريع وارتكاب جرائم الحرب بحق المدنيين.
جمعت الندوة خبراء ودبلوماسيين دوليين من ذوي الخبرة في الملف السوداني، من بينهم: السفير الأمريكي السابق تيموثي مايكل كارني، والسفير النرويجي السابق لدى السودان إندري ستيانسن، وعائشة البصري الباحثة في المركز العربي للأبحاث، وليني كينزلي من برنامج الأغذية العالمي، وأداما غاي، وباتسون ماليسا، ومارتن بلوت محرر الشؤون الأفريقية السابق في بي بي سي.
الأبعاد الإنسانية للحصار
أكد المتحدثون أن حصار الفاشر أدى إلى فقدان المواد الغذائية والطبية والوقود، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مما تسبب في انتشار الجوع على نطاق واسع، خاصة في مخيمات النازحين مثل مخيم زمزم، حيث يعتمد السكان على قشور الفول السوداني كغذاء بديل. وأشارت كينزلي إلى تعرض قوافل الإغاثة للهجمات المتكررة، ما أدى إلى مقتل العديد من العاملين في المجال الإنساني وتدمير شاحنات محملة بالمساعدات.
ناقشت الندوة الاتهامات الموجهة للحكومة السودانية بدعم الإمارات للمرتزقة الأجانب، بما في ذلك الكولومبيون، للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، ما عزز من قدرة ميليشيات حميدتي على ارتكاب الجرائم ضد المدنيين. وأكد كارني وستيانسن أن هذه التدخلات الخارجية فاقمت الأزمة الإنسانية وجعلت الحل السياسي أكثر تعقيدًا، ودعا المشاركون إلى مساءلة جميع الجهات الفاعلة داخليًا وخارجيًا.
أكدت البصري وماليسا وبلوت أن الأزمة في السودان ليست مجرد نزاع محلي، بل تعكس صراع مصالح إقليمي ودولي، حيث تلقت القوات المسلحة دعمًا من دول مثل مصر وإيران وتركيا، بينما دعمت قوات الدعم السريع الإمارات وليبيا وشبكات في منطقة الساحل، بالإضافة إلى تورط مجموعات مثل فاغنر الروسية في نهب الذهب لتمويل الحروب في الخارج. وأشارت البصري إلى أن محاولات الوساطة مثل محادثات جدة ومؤتمر لندن فشلت في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، نتيجة الانقسامات بين القوى الإقليمية والدولية.
ضرورة التدخل الدولي العاجل
شدّد المتحدثون على أن الحل لا يمكن أن يقتصر على الجهود المحلية أو الإقليمية فقط، بل يتطلب تدخلًا دوليًا فاعلًا، يشمل: رفع الحصار عن الفاشر فورًا وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، تفعيل آليات الأمم المتحدة للتحقيق في الجرائم والمساءلة الدولية، ممارسة ضغط دبلوماسي وسياسي على الجهات الإقليمية والدولية الراعية للصراع، لضمان وقف التدخلات العسكرية والمالية، دعم عملية سياسية شاملة تؤدي إلى انتقال ديمقراطي وسلمي، مع إشراك المجتمع المدني والجهات الأفريقية الفاعلة.
وخلص المشاركون إلى أن السودان يواجه تحديًا مزدوجًا: الأزمة الإنسانية والمجاعة، والصراع السياسي المدعوم إقليميًا ودوليًا. وأكدوا أن حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم، ووقف استخدام الغذاء كسلاح، هما حجر الزاوية لأي حل مستدام. وفي النهاية، شدد المتحدثون على أن الشعب السوداني لم يستسلم، ويجب على المجتمع الدولي أن لا يفقد الأمل في حماية المدنيين وإنقاذ السودان من الانهيار الكامل.
واندلعت الحرب الأخيرة في السودان في 15 أبريل 2023 بعد هجوم قوات الدعم السريع على عدة قواعد عسكرية ومطار الخرطوم الدولي، مما أدى إلى مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني في الخرطوم ومدن أخرى. حاولت الوساطات الإقليمية والدولية، مثل اتفاق جدة لوقف إطلاق النار في مايو 2023، احتواء الصراع، إلا أن القتال توسع خلال يونيو ويوليو ليشمل مناطق مثل الأبيض ودارفور، مع استمرار اتهامات كل طرف للأخر بتلقي دعم خارجي.
طوال الفترة بين أغسطس 2023 ومارس 2024 تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير، مع فشل محاولات وقف إطلاق النار التي قادتها جهات دولية في إبريل 2024. منذ ذلك الحين وحتى أغسطس 2025، استمرت المعارك، وتفاقمت أزمة النزوح واللاجئين، ما أظهر تعقيدات الصراع وتعدد الأطراف المتورطة داخليًا وخارجيًا، ما يجعل الحل النهائي للأزمة رهينًا بتعاون دولي وإقليمي مكثف.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السودان خبراء مواجهات السودان امن خبراء مواجهات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
منظمات أممية وإغاثية لـ«الاتحاد»: تحديات إنسانية غير مسبوقة تواجه السودان
أحمد مراد (القاهرة)
أخبار ذات صلةشدد مسؤولون في منظمات أممية وإغاثية على ضرورة تعزيز العمل الإنساني في السودان بشكل حقيقي، بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية في الوقت المناسب وبشكل فعال وآمن ومستدام، مؤكدين أن كل يوم يمر من دون وصول آمن ومستدام للمساعدات يفاقم معاناة ملايين المدنيين.
وأشار هؤلاء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إلى وجود عراقيل وقيود تحول من دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من النزاع، مما يتسبب في حرمان بعض المناطق من المساعدات، داعين إلى فتح ممرات آمنة تضمن وصولاً إنسانياً إلى المحتاجين من دون أي عقبات أو عراقيل، إضافة إلى زيادة حجم التمويل الإنساني.
وأوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عدنان حزام، أن تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان يُشكل تحدياً كبيراً أمام فرق الإغاثة الأممية والدولية، لا سيما مع اشتداد القتال وتدهور الواقع المعيشي لملايين المدنيين، داعياً إلى تعزيز العمل الإنساني في البلاد بشكل حقيقي، بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية في الوقت المناسب وبشكل فعال وآمن ومستدام.
وذكر حزام، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن مبادئ القانون الدولي الإنساني تُلزم الأطراف المتحاربة بإتاحة مناخ عمل آمن للعاملين الإنسانيين وفرق الإغاثة لضمان إيصال المساعدات إلى المتضررين من النزاع، مؤكداً أن حماية المدنيين وضمان حصولهم على الغذاء والمياه والرعاية الصحية تُعد واجباً أخلاقياً والتزاماً قانونياً.
وأشار إلى أن تدهور الأوضاع المعيشية في السودان يتطلب تحركات إنسانية عاجلة لا تقتصر على الاستجابة الفورية للاحتياجات الأساسية للمدنيين، بل تضمن وصول المساعدات إلى المحتاجين في مختلف مناطق البلاد من دون أي عقبات إدارية أو عراقيل سياسية.
وشدد المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي على ضرورة إنهاء العراقيل والقيود التي تواجه فرق الإغاثة والعاملين الإنسانيين وضمان حمايتهم، باعتباره التزاماً قانونياً وواجباً جماعياً لتخفيف معاناة المدنيين ومواجهة التداعيات الخطيرة الناجمة عن النزاع المسلح.
وأفاد بأن السودان يواجه تحديات إنسانية غير مسبوقة بسبب القيود المفروضة على حركة الوصول إلى بعض المناطق، إضافة إلى القيود المفروضة على طرق توريد المواد الغذائية، مما أدى إلى حرمان ملايين المدنيين من الإمدادات الحيوية، وأجبر أعداداً متزايدة من السكان على النزوح بحثاً عن المأوى والغذاء، موضحاً أن تضرر طرق الإمداد أدى إلى عزل بعض المناطق وحرمانها من الوصول إلى الخدمات الأساسية.
من جهته، قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سليم عويس، إن هناك العديد من العراقيل والقيود التي تحول من دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب الأهلية في السودان، مما يتسبب في حرمان العديد من المناطق والولايات السودانية من المساعدات.
وأضاف عويس، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن كل يوم يمر من دون وصول آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية والإغاثية يفاقم معاناة ملايين المدنيين، لا سيما الأطفال المحاصرين في مناطق النزاع، مشدداً على ضرورة فتح ممرات آمنة تضمن وصولاً إنسانياً إلى المحتاجين من دون عقبات أو عراقيل، إضافة إلى زيادة حجم التمويل الإنساني.