تراجع الريال الإيراني -اليوم الخميس- إلى مستويات تقارب أدنى مستوى له على الإطلاق، في ظلوقع التهديدات الغربية بتفعيل آلية الزناد والتي تعني البدء بعملية إعادة فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، مما سيضغط بصورة أكبر على الاقتصاد المتعثر.

وهذه الخطوة، التي أطلق عليها الدبلوماسيون الذين تفاوضوا عليها لإدراجها في الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية اسم "آلية تفعيل الزناد"، من المرجح أن تدخل حيز التنفيذ بعد 30 يوما، وفي حال تنفيذها، ستؤدي هذه الإجراءات إلى:

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار يرتفع بمستهل تعاملات الأسبوعlist 2 of 2استقرار الدينار العراقي مقابل الدولار مع بدء التعاملات الأسبوعيةend of list تجميد الأصول الإيرانية في الخارج مرة أخرى.

وقف صفقات الأسلحة مع طهران. معاقبة أي تطوير لبرنامج إيران الصاروخي الباليستي.

وبلغ الريال الإيراني في تعاملات اليوم الخميس في طهران أكثر من مليون مقابل الدولار، أي ما يقارب أدنى مستوياته المسجّلة في أبريل/نيسان الماضي عندما سجل مليون و43 ألفا أمام الدولار.

جدير بالذكر أن أنه في أثناء التوصل للاتفاق النووي عام 2015، بلغت قيمة الريال 32 ألفا أمام الدولار، وهو ما يظهر الانهيار الحاد للعملة منذ ذلك الحين.

الريال الإيراني شهد تراجعا مقابل الدولار الأميركي وسط تهديدات بإعادة فرض عقوبات أممية (رويترز)

كانت كل من  فرنسا وألمانيا وبريطانيا حذرت في الثامن من أغسطس/آب الجاري من أن إيران يمكن أن تدفعهم لإعادة فرض العقوبات، وذلك عندما علقت طهران عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الهجمات الإسرائيلية في بداية الحرب التي استمرت 12 يوما في يونيو/حزيران الماضي.

من المرجح أن يؤدي السعي إلى استخدام "آلية الإعادة السريعة" إلى زيادة التوترات بين إيران والغرب في منطقة الشرق الأوسط، التي لا تزال مشتعلة بسبب عدوان إسرائيل على قطاع غزة.

وذكر مركز سوفان للأبحاث، الذي مقره نيويورك، اليوم الخميس، أن "الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين يرون أن اللجوء إلى ’آلية الإعادة السريعة‘ وسيلة لإبقاء إيران ضعيفة إستراتيجيا وغير قادرة على إعادة بناء برنامجها النووي الذي تضرر من الغارات الأميركية والإسرائيلية".

إيران تبدو مستسلمة

قللت إيران في البداية من شأن خطر تجديد العقوبات، ولم تبذل جهودا دبلوماسية تُذكر لأسابيع بعد تحذير أوروبا، لكنها انخرطت في جهد دبلوماسي قصير خلال الأيام الأخيرة.

إعلان

وأشار وزير خارجية إيران عباس عراقجي، في حديثه الأسبوع الماضي، إلى النظرة التشاؤمية لإيران تجاه دبلوماسيتها مع الغرب، لا سيما أن الإسرائيليين بدؤوا الحرب في الوقت الذي كان من المقرر فيه عقد الجولة السادسة من المفاوضات مع الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية الإيرانية عن عراقجي قوله: "ألم نكن مشاركين في المحادثات عندما اندلعت الحرب؟ لذا، لا يمكن للتفاوض وحده منع الحرب.. أحيانا تكون الحرب حتمية، والدبلوماسية وحدها لا تستطيع منعها".

والمسألة المطروحة هي تخصيب اليورانيوم الإيراني، وقبل حرب يونيو/حزيران، كانت إيران تُخصّب اليورانيوم حتى درجة نقاء 60%، وهي خطوة تقنية قصيرة تفصلها عن مستويات 90% اللازمة لصنع الأسلحة، كما بنت مخزونا يحتوي على ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع قنابل ذرية متعددة، إذا ما اختارت ذلك، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

وتصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي، على الرغم من أن الدول الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تُقيّم أن طهران كان لديها برنامج أسلحة نووية نشط حتى عام 2003.

ولا يزال من غير الواضح مدى تأثير الضربات الإسرائيلية والأميركية على المواقع النووية خلال الحرب الـ12 يوما في يونيو/حزيران الماضي.

إيران تعاني ضغوطا اقتصادية بسبب العقوبات والحرب وتداعياتها (غيتي)موعد نهائي

في رسالتها بتاريخ الثامن من أغسطس/آب الجاري، حذرت الدول الأوروبية الثلاث "الترويكا" إيران من أنها ستمضي قدما في "إعادة فرض العقوبات" بحلول نهاية أغسطس/آب، إذا لم تتوصل طهران إلى "حل مرضٍ" للقضايا النووية، الأمر الذي لا يترك لإيران سوى قليل من الوقت للتوصل إلى اتفاق مع الأوروبيين، الذين أصبحوا متشككين بشكل متزايد في إيران على مدى سنوات من المفاوضات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الریال الإیرانی مقابل الدولار

إقرأ أيضاً:

حرب الظلال بين إيران والكيان “الإسرائيلي”

 

بينما كانت طهران تأمل أن تفضي جولات التفاوض مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى تخفيف الضغط الاقتصادي، بدا المشهد مختلفًا تمامًا. انكشاف الاعتداءات «الإسرائيلية»، بمشاركة أمريكية واضحة، رسّخ القناعة لدى القيادة الإيرانية بأن واشنطن لا تسعى إلى تسوية عادلة، بل إلى فرض استسلام كامل. من هنا بدأت تتبلور ملامح مرحلة جديدة: مرحلة مواجهة مفتوحة، قد تتحول إلى حرب واسعة النطاق تتجاوز حدود إيران والكيان «الإسرائيلي» لتشمل الإقليم بأسره.

محاولات الولايات المتحدة الأمريكية إجبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقبول بمفاوضات بحسب شروطها وضعت هذه الرغبة في مأزق بسبب وهم التفاهم الخادع وسيف العقوبات الذي دفعت به الدول الأوروبية الثلاث فرنسا وبريطانيا وألمانيا مدفوعة من الأمريكي.

إيران مرت بتجربتين تركتا أثرًا بالغًا على موقفها وأفقدتاها الثقة بالطرف الآخر:

الأولى مع توقيع الاتفاق النووي ثمّ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه، ما أفقد طهران الثقة بالضمانات الغربية.

الثانية خلال جولات التفاوض الأخيرة، حيث ترافقت التطمينات الأمريكية مع عمليات عسكرية «إسرائيلية» ضدّ إيران، في ما اعتبرته طهران «طعنة في ظهر الدبلوماسية».

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي صرّح علنًا بأن أمريكا لا تريد مفاوضات بل تسعى إلى إخضاع إيران لشروطها، وهي شروط ترتبط بالمصالح الأمريكية وشروط الكيان «الإسرائيلي» حصرًا، فيما الأوروبيون اكتفوا بتكرار الضغوط وتفعيل «السناب باك» لإعادة العقوبات.

أبرز ما أثار غضب طهران ودفعها للتشدد في مواقفها هو إعادة طرح مطلبين تعتبرهما «خطوطًا حمراء»:

1. التفتيش المشدد من قبل وكالة الطاقة الذرية، بما يتجاوز المعايير المعمول بها.

2. البرنامج الصاروخي الإيراني، الذي يُنظر إليه في الغرب بوصفه تهديدًا مباشرًا للكيان «الإسرائيلي».

وما وصف الرئيس الإيراني مسعود بازشكيان هذه المطالب بـ»السخيفة»، إلا تأكيد على إن بلاده لن تساوم على أمنها ولا على برنامجها الدفاعي، موضحًا أن البقاء تحت العقوبات القاسية أهون من تقديم تنازل إستراتيجي يجعل الجمهورية الإسلامية أسيرة الإرادة الأمريكية – «الإسرائيلية».

مدفوعة بالحذر من خبث الغرب فعلت إيران عقيدة الاستعداد والردع تحسبًا للحرب، فمع انسداد أفق التفاوض، انتقل النقاش في طهران إلى المستوى العسكري. رئيس أركان الجيش دعا علنًا إلى الاستعداد والتعبئة، مؤكدًا أن الوضع دخل مرحلة خطيرة تتطلب حماية السماء عبر تعزيز الدفاعات الجوية.

التنسيق مع روسيا والصين ازداد زخمًا، خصوصًا في مجالات الدفاع الجوي وتطوير الترسانة الصاروخية. وبات الحديث في الدوائر الإيرانية عن «حرب وجودية» لا مجال فيها للتراجع. الجنرال محمد رضائي أعلن بوضوح أن «لا خطوط حمراء بعد اليوم»، وأن أي حرب مقبلة قد تشهد استخدام ما يصل إلى 30% من الصواريخ الباليستية الإيرانية وهذا دليل ثقة مؤكدة بإمكانيات إيران، ما يعني تهديدًا مباشرًا لمئات الأهداف داخل الكيان «الإسرائيلي».

أما من ناحية الكيان «الإسرائيلي» فمسؤولوه دخلوا في دائرة القلق لناحية محاولة تعزيز التفوق الجوي واستخلاص الدروس من الفشل الاستخباراتي الذي مني به في المرة السابقة بعدم قدرته على تحسب قدرات القوات الإيرانية وردات الفعل بالرغم مما أصاب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أول ثماني عشرة ساعة.

يشعر الكيان «الإسرائيلي» بقلق متزايد. الحرب السابقة، التي استمرت 12 يومًا، أثبتت محدودية قدراته الدفاعية رغم كلّ الدعم الأمريكي والغربي. فالصواريخ الإيرانية نجحت في اختراق منظومات «القبة الحديدية» و»مقلاع داود»، ومنظومة ثاد الأمريكية محدثين دمارًا داخليًا أجبر «تل أبيب» على المسارعة واللجوء للأمريكي لطلب وقف إطلاق النار.

اليوم، يستعد جيش الاحتلال «الإسرائيلي» للحرب القادمة عبر تخزين المزيد من الصواريخ الاعتراضية وتجربة أنظمة جديدة كسلاح الليزر المضاد للطائرات المسيّرة، لكنّه يواجه مأزقًا أكبر: الفشل الاستخباراتي. فقد تمكّنت إيران من القبض على معظم عملاء الكيان «الإسرائيلي» داخل أراضيها وإعدامهم، ما شكّل ضربة قاسية لقدرة «تل أبيب» على جمع المعلومات.

صحيفة «يسرائيل هيوم» نفسها أقرت بأن قدرة إيران على الصمود كانت أكبر من المتوقع، رغم خسارتها عددًا من علمائها وقادتها العسكريين في الضربات الأولى.

أما في إيران فالوحدة الداخلية بانت بأقوى أشكالها، فللمفارقة أن الضغوط الغربية والاعتداءات العسكرية دفعت حتّى المعارضة الإيرانية إلى الاصطفاف خلف النظام، في مشهد غير مألوف. هذا التماسك الداخلي جعل القيادة الإيرانية أكثر جرأة في إعلان مواقفها، واعتبار أن أي مواجهة مع الكيان «الإسرائيلي» وأمريكا باتت معركة بقاء، لا مجرد معركة سياسية وأنها إذا تعرضت لأي اعتداء فلا خطوط حمراء وسيتم تدمير الكيان في حرب لن تدوم طويلًا.

سيناريوهات المواجهة المقبلة

1. حرب صاروخية مفتوحة: إيران قادرة على إطلاق آلاف الصواريخ يوميًا نحو «إسرائيل»، ما يجعل القدرة على الاعتراض محدودة ويهدّد البنى التحتية الحيوية بكلّ أشكالها مما سيضع الكيان في خطر وجودي خصوصًا أنه تبين أن إيران لديها بنك أهداف متنوع ودقيق أضيف إليه الخرق الاستخباري الأخير حتّى لمفاعل ديمونا النووي مما يضع الكيان على حافة الاندثار.

2. توسيع الجبهات: حزب الله في لبنان، الفصائل في غزّة، والمجموعات المتحالفة في العراق وأنصار الله في اليمن، قد يفتحون جبهات متزامنة تُربك «إسرائيل» وتضعها أمام استنزاف طويل الأمد بل حتّى سيساهمون في إنهاء الحرب بأقصر مما يتوقع الغرب والعدو «الإسرائيلي».

3. حرب استخباراتية وإلكترونية: وهذه أساسًا لم تتوقف منذ عقود لكن لوحظ أخيرًا كثرة الاختراقات السيبرانية المتبادلة التي تسعى لشلّ المصارف والبنى الحيوية وهي بلا شك ستشكّل جبهة أساسية في الحرب القادمة.

4. تدخّل دولي: أي مواجهة طويلة ستستدعي ضغوطًا دولية عاجلة، خوفًا من انفلات الصراع نحو حرب إقليمية لن تبقي ولن تذر بل إنها وبشكل مؤكد سيكون لها الأثر الكبير على الاقتصاد العالمي.

ختامًا المشهد الراهن يشي بأن الباب الدبلوماسي أغلق، وأن الحرب باتت احتمالًا مرجحًا وليس مجرد تهويل سياسي.

إيران مقتنعة أن واشنطن لا تريد تسوية بل استسلامًا، و»إسرائيل» ترى أن تأجيل المواجهة يمنح طهران وقتًا إضافيًا لتعزيز قوتها.

بين هذين الإدراكين، يبقى الشرق الأوسط على فوهة بركان، حيث إن أي شرارة قد تُطلق حربًا لا تقتصر على طهران وتل أبيب بل تمتد إلى المنطقة بأسرها، وربما أبعد.

خبير عسكري واستراتيجي لبناني

 

 

مقالات مشابهة

  • هل يلجأ ترامب لاستهداف نووي إيران مجددا؟
  • صراع طهران وتل أبيب يتصاعد.. النووي الإيراني يعود لصدارة المشهد الإقليمي
  • حرب الظلال بين إيران والكيان “الإسرائيلي”
  • أحمد فؤاد أنور: الحديث عن إحياء النووي الإيراني يكشف فشل الضربات الأمريكية والإسرائيلية
  • إيران تستبعد قرب التفاوض مع الترويكا الأوروبية
  • طهران عن آلية الزناد: أموالنا في بغداد آمنة
  • طهران: تفعيل آلية الزناد من قبل الترويكا الأوروبية "أمر غير مبرر"
  • إيران تعلن وضع خطة داخلية لمواجهة "آلية الزناد"
  • إيران تشدد على الحل التفاوضي لملفها النووي.. وتحذف أربعة أصفار من عملتها تحت وطأة العقوبات
  • إيران تنسحب من اتفاق القاهرة النووي: لا اتفاق نووي ولا تفتيش دولي