أغلقت السفارة البريطانية في القاهرة أبوابها مؤقتاً، الأحد، عقب قيام السلطات المصرية برفع الحواجز الخرسانية والإجراءات الأمنية المشددة التي كانت تحيط بمقرها التاريخي في حي جاردن سيتي الراقي بوسط العاصمة، حيث تدير لندن أعمالها الدبلوماسية منذ ما يقارب تسعة عقود.

وأكدت السفارة، في بيان رسمي عبر صفحتها على منصة "إكس"، أن الإغلاق يأتي "لحين مراجعة تأثير التغييرات الأمنية الأخيرة حول المبنى"، مشيرة إلى أن الخدمات القنصلية الطارئة لا تزال متاحة عبر أرقام تواصل خصصتها لذلك، بينما طُلب من أصحاب المواعيد المسبقة التواصل للاستعلام عن كيفية الدخول إلى المجمع الدبلوماسي.



UPDATE: The main building of the British Embassy in Cairo will be closed today 31 August. For emergency consular assistance and pre-booked consular appointments at the Embassy, please call 0020 2 2791 6000. Please check our travel advice for more updates: https://t.co/STDu7BnRH2 pic.twitter.com/GFpJNDjKwD — UK in Egypt (@UKinEgypt) August 31, 2025
القاهرة ترفع الحواجز
أظهرت عدسات الصحف المحلية مشاهد إزالة الحواجز أمام السفارة البريطانية٬ وقد فقدت أسوارها الخرسانية العالية وبواباتها الأمنية الضخمة التي لطالما أعاقت المرور وأغلقت شوارع بأكملها في محيط نهر النيل.

وضعت هذه الإجراءات الأمنية بداية الألفية الثانية، تحديداً بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، في ظل مخاوف من احتجاجات واسعة كانت تُنظم آنذاك ضد السياسات البريطانية والأمريكية.

لكن قرار السلطات المصرية، الصادر السبت الماضي، برفع تلك الحواجز من أمام المقر الرئيسي للسفارة البريطانية، جاء في سياق أوسع يتصل بما وصفته القاهرة بـ"المعاملة بالمثل"، بعد تصاعد احتجاجات ضد البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج، ولا سيما في أوروبا والولايات المتحدة.

خلال الأسابيع الماضية، شهدت عدة عواصم أوروبية مظاهرات غاضبة أمام السفارات المصرية، اتهم فيها المحتجون القاهرة بالمشاركة في حصار غزة وإغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات. 

ووصل الأمر إلى حد قيام نشطاء بإغلاق مقار دبلوماسية مصرية بأقفال حديدية، وهو ما أدى لوقوع اشتباكات بين معارضين للنظام ومؤيدين له من أعضاء ما يُعرف بـ"اتحاد شباب مصر في الخارج".

ردّت وزارة الخارجية المصرية بلهجة حادة على لسان الوزير بدر عبد العاطي، مؤكدة أن القاهرة ستطبق "المعاملة بالمثل" على الدول التي قالت إنها لا تلتزم بتوفير الحماية للسفارات المصرية فوق أراضيها.

خلفية دبلوماسية متوترة
وجاء رفع الحواجز الأمنية من أمام السفارة البريطانية بعد سلسلة مخاطبات رسمية بين الجانبين، حيث طالبت القاهرة لندن بالحد مما وصفته بـ"نشاط معارضين محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين" داخل الأراضي البريطانية، معتبرة أنهم "يسيئون للدولة المصرية ويهاجمون مقارها الرسمية"، على حد زعمها.

وتفاقم التوتر بعد قيام السلطات البريطانية باعتقال الناشط المصري أحمد عبد القادر الشهير ميدو، وهو أحد قادة ما يسمى "اتحاد شباب المصريين بالخارج"، الذي ظهر مؤخراً في مظاهرات أمام سفارة القاهرة في لندن، قبل أن يُطلق سراحه لاحقاً.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
مواقف سياسية متباينة
على الصعيد الداخلي دعا حزب "الجبهة الوطنية"، المؤيد للنظام المصري وزارة الخارجية إلى اتخاذ خطوات "حاسمة" ضد السفارة البريطانية بالقاهرة، معتبراً أن الحواجز الخرسانية حوّلت منطقة جاردن سيتي إلى "منطقة مغلقة شوهت وسط العاصمة وعرقلت حياة المواطنين".

وطالب الحزب بإزالة تلك الحواجز وإلزام السفارة البريطانية بقواعد مماثلة لتلك المطبقة على باقي البعثات الأجنبية العاملة في مصر، في إطار "المعاملة بالمثل". اللافت أن السلطات لم تمس الحواجز الأمنية المحيطة بالسفارة الأمريكية المجاورة، رغم أن مقار دبلوماسية مصرية في الولايات المتحدة تعرضت لاحتجاجات مشابهة.

من جانبه قلل وزير الخارجية الأسبق،  السفير محمد العرابي٬ من خطورة القرار المصري، واعتبره "إجراءً إدارياً بحتاً لا يمس جوهر العلاقات بين القاهرة ولندن"، مؤكداً أن مصر ملتزمة بحماية البعثات الدبلوماسية وفق الأعراف الدولية. 

وأضاف العرابي في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب المقرب من النظام: "لا يجب التعامل مع هذه الخطوة بحساسية زائدة، فالوضع الأمني في مصر مستقر، ولا يوجد أي تعنت بريطاني تجاه سفارتنا هناك".

أما الإعلامي أحمد موسى، المقرب من النظام، فذهب إلى زاوية مختلفة، إذ رحّب بإزالة الحواجز معتبراً أنها تسببت في "شلل مروري متواصل لعقود" في أحد أهم شوارع العاصمة.

وقال خلال برنامجه على قناة "صدى البلد": "لا يوجد بلد في العالم يغلق محيط سفارة بالكامل بهذا الشكل.. الوضع الأمني في مصر الآن آمن ومستقر ولا مبرر لاستمرار تلك الحواجز".





خلفية تاريخية للأزمة
وُضعت الحواجز الأمنية التي أزيلت الأحد في فترة شديدة الاضطراب بداية الألفية الثانية، مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية واحتلال العراق، حيث كانت بريطانيا شريكاً أساسياً للولايات المتحدة. آنذاك شهدت القاهرة احتجاجات صاخبة قرب السفارات الغربية، ما دفع السلطات لفرض طوق أمني دائم حول السفارة البريطانية.

لكن انتهاء تلك المرحلة، واستقرار الوضع الداخلي خلال السنوات الأخيرة، جعل وجود تلك الحواجز مثار تساؤلات متكررة، سواء من سكان المنطقة أو من قوى سياسية مصرية رأت فيها "رمزاً للوصاية الأجنبية على قلب العاصمة".

أخذت الأزمة الحالية بعداً إضافياً مع اعتقال السلطات البريطانية الشاب المصري يوسف حواس الأسبوع الماضي، على خلفية مشاركته في مواجهة محتجين حاولوا التظاهر أمام مبنى السفارة المصرية في لندن. جاء ذلك بعد توقيف أحمد عبد القادر ونائبه أحمد ناصر في واقعة مشابهة، قبل أن يُفرج عنهما لاحقاً بضغط من الخارجية المصرية.

أجرى وزير الخارجية بدر عبد العاطي اتصالاً عاجلاً بمستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، مطالباً بالإفراج عن عبد القادر، في خطوة اعتبرتها وسائل إعلام مصرية تعبيراً عن "حدة التوتر" بين البلدين.

تصاعدت الحملة الإعلامية والسياسية داخل مصر، بقيادة أحزاب وقوى موالية للنظام، للضغط باتجاه تطبيق "المعاملة بالمثل"، وصولاً إلى حد التلويح بإجراءات قد تمس وضع البعثات الأجنبية الأخرى في القاهرة، وربما إزالة الحواجز الأمنية المحيطة بها.

هذا الخطاب التصعيدي، عكس محاولة القاهرة الضغط على لندن لتشديد رقابتها على نشاطات المعارضين المصريين المقيمين في بريطانيا.

القانون الدولي وحدود الأزمة
وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، فإن على الدول المضيفة توفير الحماية الكاملة للبعثات الدبلوماسية وضمان أمنها، مقابل التزام المبعوثين بعدم التدخل في الشؤون الداخلية. هذه الاتفاقية تشكّل الإطار القانوني الذي يحكم العلاقات بين السفارات والدول المضيفة، وتمنع اتخاذ خطوات قد تُفسر كإجراءات انتقامية.

لكن القاهرة تقول إن ما جرى لا يمثل خرقاً للاتفاقية، بل يدخل في إطار "تدابير تنظيمية داخلية"، وهو ما يفسر إعلانها الاستمرار في توفير الحماية للمبنى رغم إزالة التحصينات.
حصريا لـ #حملة_300

الجزء الأول من تسريب بدر عبدالعاطي، الذي يثبت فيه رعب النظام المصري من حصار الشباب في الخارج للسفارات، ويهدد فيه سفارات الدول الأوروبية

* وصل إلينا التسريب من أحد شرفاء وزارة الخارجية#حملة_300#بدر_عبد_العاطي_بلطجي#السفارة_المصرية#احنا_الشعب pic.twitter.com/yiuypyWVpd — صدى مصر (@sadamisr25) August 13, 2025
العلاقات المصرية البريطانية.. شراكة معقدة
وتعد العلاقات بين القاهرة ولندن تاريخياً شائكة ومعقدة، فقد كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني بين عامي 1882 و1952، قبل أن تنسحب لندن تدريجياً بعد ثورة تموز/يوليو. لكن العلاقات شهدت تقارباً نسبياً عقب توقيع مصر معاهدة السلام مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979، حيث باتت بريطانيا شريكاً دبلوماسياً مهماً لمصر.

اقتصادياً، تُعد بريطانيا أحد أبرز شركاء القاهرة في أوروبا، وتستثمر شركاتها في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات المالية. كما يشكل السياح البريطانيون شريحة واسعة من زوار مصر سنوياً.

على الصعيد الأمني، يتعاون الجيشان المصري والبريطاني في مجالات التدريب وتبادل الخبرات، إلى جانب تبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب. أما ثقافياً، فيلعب "المجلس الثقافي البريطاني" دوراً نشطاً في تعليم اللغة الإنجليزية وتعزيز التبادل الأكاديمي.

يكشف إغلاق السفارة البريطانية في القاهرة بعد رفع حواجزها الأمنية هشاشة التوازن القائم بين "حماية البعثات" و"حساسية السيادة". وبينما تؤكد مصر أن الخطوة "إدارية وتنظيمية"، فإنها تفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول مستقبل العلاقات المصرية البريطانية، وكيف ستدار معادلة "المعاملة بالمثل" في ظل بيئة إقليمية مشحونة وصراع محتدم على غزة يعيد خلط الأوراق بين الشرق الأوسط والعواصم الغربية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السفارة البريطانية القاهرة المصرية غزة عبدالعاطي مصر غزة القاهرة السفارة البريطانية عبدالعاطي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السفارة البریطانیة المعاملة بالمثل الحواجز الأمنیة تلک الحواجز فی القاهرة بدر عبد

إقرأ أيضاً:

إثارة في بطولة عمان ماسترز لقفز الحواجز الأولى

عمان: اختتمت بطولة عمان ماسترز لقفز الحواجز الأولى لهذا الموسم 2025 /2026م التي نظمتها شركة الفروسية المتحدة، بإشراف الاتحاد العُماني للفروسية والسباق وذلك على مضمار موجو للفروسية بولاية بركاء، وأقيمت البطولة برعاية السيد منذر بن سيف بن حمد البوسعيدي رئيس الاتحاد العُماني للفروسية والسباق، بحضور محبوب بن حسن هاشماني رئيس مجلس إدارة شركة الفروسية المتحدة والشيخ أحمد بن عوض الشنفري عضو مجلس إدارة شركة الفروسية المتحدة وحسن بن محبوب هاشماني عضو مجلس إدارة شركة الفروسية المتحدة، حيث شهدت البطولة تنوعا في الأداء من قبل الفرسان وكذلك تنوعا في الفعاليات المختلفة بمشاركة نادي عمان للدرجات وأصحاب المشاريع المنزلية.

وجاءت نتائج المشاركين على النحو التالي: في فئة (B) على ارتفاع 130 سم شاركت في هذه الفئة (4) خيول، وتوج بالمركز الأول الفارس خالد بن درويش الصبحي على كونسيرتو من إسطبلات الريان، وفي المركز الثاني حل الفارس سلطان بن حمود الطوقي على ودود من مركز تدريب الفروسية الأولمبي، وفي المركز الثالث جاء الفارس مدين بن سعيد اليوسفي على ودود من الخيالة السلطانية.

وفي فئة (C) على ارتفاع 120 سم، حققت المركز الأول الفارسة بابرا مارتا على كاستار من إسطبلات آل سعيد، بينما حل في المركز الثاني الفارس سلطان بن حمود الطوقي على إكستريم من مركز تدريب الفروسية الأولمبي، وجاء في المركز الثالث الفارس سلطان بن حمود الطوقي على فنايكا من مركز تدريب الفروسية الأولمبي.

بينما في فئة (D) على ارتفاع 110 سم، أحرز المركز الأول الفارس محمد بن زكريا على كولساندرو من مركز موجو للفروسية، وفي المركز الثاني حل الفارس سلطان بن سيف الفوري على بسام من الخيالة السلطانية، وحل في المركز الثالث الفارس محمد بن حمود الطوقي على نور عمان من مركز تدريب الفروسية الأولمبي.

أما في فئة (E) على ارتفاع الحواجز 100 سم، فقد توج بالمركز الأول الفارس طارق بن زياد البلوشي على صحوة من مدرسة السيب للفروسية، وفي المركز الثاني حل الفارس ناصر بن فهمي الحراصي على هانجوڤر من مركز تدريب الفروسية الأولمبي، وجاء في المركز الثالث الفارس مازن بن سعيد اليوسفي على انبرت من مدرسة السيب للفروسية.

وفي ارتفاع الحواجز 90 سم، توج بالمركز الأول الفارس أصيل بن مال الله المعمري على فجر من الحرس السلطاني العُماني، وفي المركز الثاني حل الفارس القاسم محمد على كولونيل من مركز المكارم للفروسية، وحل ثالثا الفارس معاذ عجرود على راميس.

بينما على ارتفاع الحواجز 70 سم، توج بالمركز الأول الفارس عبدالرحمن بن خالد على صهيل الأصايل، وحل ثانيا الفارس أيمن بن عيسى الحراصي على ويواندركا من مركز هورسيرا، وجاء في المركز الثالث الفارس أنس بن وليد الوهيبي على جحفل. وفي نهاية البطولة تم تتويج الفائزين بالمراكز الأولى في مختلف الفئات .

مقالات مشابهة

  • إثارة في بطولة عمان ماسترز لقفز الحواجز الأولى
  • السفارة المصرية في نيودلهي تحتفل بتسجيل الكشري على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي
  • السفارة المصرية في نيودلهي تحتفل بتسجيل الكشري على قائمة "اليونسكو"
  • ملك بريطانيا يتطلع لزيارة المتحف المصري الكبير: «تجسيد معاصر للحضارة المصرية»
  • جمعية نهوض وتنمية المرأة بالشراكة مع السفارة البريطانية تختتم فعاليات المشروع التنموي «لها ومعها»
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • "منهم أبو لولو".. بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • تصعيد فنزويلي–أمريكي بعد احتجاز ناقلة نفط… وكولومبيا تدخل على الخط وتلوّح بخيارات دبلوماسية
  • وزارة الصحة تصدر إعلانا مهما لطلبة الطب المقيمين في مصر
  • وصفت بالتاريخية.. الاحتلال ومصر على بعد أسابيع من ابرام صفقة الغاز الكبرى