المقاطعة السياحيّة تتوسع.. مطاعم أوروبية ترفض خدمة إسرائيليين احتجاجا على العدوان
تاريخ النشر: 2nd, September 2025 GMT
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل ما يقارب 23 شهرا، لم تعد تداعياتها مقتصرة على الميدان العسكري أو السياسي فحسب، بل امتدت لتؤثر على حياة الإسرائيليين اليومية، حتى في أبسط تفاصيلها مثل السفر أو السياحة. فقد تحولت المطاعم والفنادق والشوارع في عدد من الدول الأوروبية والمتوسطية إلى مسرح لمواقف متوترة، طُرد أثناءها سياح إسرائيليون أو مُنعوا من دخول أماكن عامة، في مشاهد التقطتها عدسات الهواتف وانتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
يعتبر بعضهم هذه الحوادث "مقاطعة شعبية" لإسرائيل، تعكس حالة الغضب العالمية من صور الدمار والمجازر في غزة، لا سيما مع التنديد الدولي الواضح بالجرائم التي ترتكبها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أصبح مطلوبا لدى محكمة العدل الدولية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد إصابة ركاب بـ"وعكة مفاجئة".. هبوط اضطراري لطائرة بريطانية متجهة إلى شرم الشيخlist 2 of 2اكتشاف مدينة غارقة وبيت فرعوني تحت الأرض في مصر.. ما الحقيقة؟end of listاليونانفي جزيرة ناكسوس اليونانية، وقعت حادثة أثارت جدلا واسعا حين حاول أحد أفراد عائلة بريطانية يهودية إزالة ملصق على جدار مطعم يدعو إلى مقاطعة إسرائيل. رد صاحب المطعم جاء حاسما، إذ طلب منهم مغادرة المكان فورا، ليغادروا وسط تصفيق وسخرية بقية الزبائن.
الفيديو الذي وثّق الحادثة انتشر بسرعة، ورآه بعضهم رسالة على اتساع التضامن الشعبي مع الفلسطينيين في قلب أوروبا.
Greek Restaurant kicks out Israeli tourists after they tried to rip up a pro-Palestine poster. pic.twitter.com/glLkIsTD66
— Antifa_Ultras (@ultras_antifaa) September 1, 2025
إسبانياأما في مدينة فيغو الإسبانية (شمال غربي البلاد)، فقد شهد أحد المطاعم مواجهة أكثر حدة، بعدما طرد مدير المكان مجموعة من السياح الإسرائيليين وعددهم ثمانية. في الفيديو الذي صوّره المدير نفسه، ظهر وهو يصرخ في وجوههم: "أنتم تقتلون فلسطين، اذهبوا لتناول الطعام في غزة"، قبل أن يسحب منهم قائمة الطعام ويضيف: "أنتم تقتلون الناس ثم تذهبون في إجازة. اخرجوا من هنا!" وسط هتافات "فلسطين حرة" و"عاشت فلسطين".
@ajplusfrancaisEn Espagne, un restaurateur a expulsé des touristes israélien·nes en les invitant à aller manger dans la bande de Gaza. #ajplusfrançais #espagne #espagne???????? #vigo #restaurant #israel
♬ Minimal for news / news suspense(1169746) – Hiraoka Kotaro
إيطاليا
أما أشهر الحوادث، فوقع في مدينة نابولي الإيطالية، حيث طُرد زوجان إسرائيليان من أحد المطاعم بعد نقاش مع صاحبة المكان عن الحرب على غزة. صاحبة المطعم قالت لهما صراحة: "الصهاينة غير مرحب بهم"، مؤكدة دعمها لما وصفته بـ"الحملة ضد الإبادة الفلسطينية". الأمر دفع السفارة الإسرائيلية في روما للتدخل، بينما يفكر الطرفان في اللجوء إلى القضاء.
إعلانولم يتوقف الجدل عند حدود نابولي، إذ تناقلت وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية الواقعة على نطاق واسع.
An israeli family boasting about the genocide they’re committing in Gaza was expelled from a restaurant in Naples, by a very savvy owner pic.twitter.com/yqYmR9yA3d
— Sarah Wilkinson (@swilkinsonbc) May 4, 2025
في عرض البحرالحوادث لم تقتصر على البرّ، بل وصلت إلى البحر أيضا. ففي اليونان، اضطرت سفينة سياحية تحمل نحو 1600 راكب إسرائيلي إلى تغيير مسارها إلى قبرص، بعدما رفض مئات المتظاهرين في جزيرة سيروس السماح لها بالرسو، احتجاجا على الحرب على غزة. وقد رفع المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية" إلى جانب الأعلام الفلسطينية.
في جزيرة سيكلاديك، تكرر المشهد عندما اعترض أكثر من 300 متظاهر وصول سفينة "كراون إيريس"، ما حال دون نزول الركاب الإسرائيليين إلى اليابسة وسط مخاوف أمنية.
Syros, July 22, 2025.
???????????????? The Greek people are not allowing the Israeli tourists arriving on the island to disembark, and the ship is forced to leave without letting the passengers off. pic.twitter.com/O8SMaA6IsP
— Antifa_Ultras (@ultras_antifaa) July 23, 2025
وبينما يتعرض السياح الإسرائيليون لهذه المواقف في الخارج، يعيش الفلسطينيون في الداخل كارثة إنسانية متصاعدة. فبحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، خلّفت الحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين نحو 63 ألفا و459 قتيلا وأكثر من 160 ألف مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين. كما تسببت المجاعة في وفاة 339 فلسطينيا منهم 124 طفلا حتى الأحد الماضي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عامان على حرب غزة| مصر قلب العروبة النابض.. جهود متواصلة لوقف العدوان ودعم الحقوق الفلسطينية
«نعمل بكل قوتنا وبكل إخلاص من أجل وقف الحرب.. وعملنا بكل قوتنا وكل إخلاص لإدخال مساعدات للفلسطينيين».. كلمات تختصر حجم الجهد والإصرار، قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته الأخيرة للأكاديمية العسكرية، لتسجّل للتاريخ شهادةً لمصر على ما بذلته طوال عامين من حرب غزة؛ إذ اضطلعت القاهرة، منذ السابع من أكتوبر 2023، بدورٍ إنساني ودبلوماسي محوري في أصعب اللحظات، فكرّست جهودها لوقف العدوان الإسرائيلي، وإجهاض مخطط التهجير، وإنقاذ القضية الفلسطينية من محاولات تصفيتها، وقدّمت كل ما بوسعها لتخفيف معاناة المدنيين تحت القصف والحصار.
ومع اندلاع عملية «طوفان الأقصى» وبداية الحرب الإسرائيلية التي دمّرت غزة وأغرقتها بدماء الأبرياء، وأودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، كانت مصر حاضرة بدورها الإنساني والتاريخي والجغرافي والسياسي، لتظل السند الحقيقي للفلسطينيين، والركيزة الثابتة في الدفاع عن قضيتهم العادلة أمام المجتمع الدولي.
فعلى الصعيد الإنساني، أثبتت البيانات الرسمية أن نحو 70% من حجم المساعدات الإغاثية التي وصلت إلى قطاع غزة قدمتها مصر وحدها، فيما تحوّل مطار العريش الدولي إلى منصة رئيسية لاستقبال المساعدات القادمة من مختلف دول العالم قبل توجيهها إلى أهل القطاع.
ومع سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح — الذي كانت مصر تُدخل منه المساعدات رغم تخصيصه أساسًا لعبور الأفراد — اضطرت القاهرة إلى توجيه الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الخاضع بالكامل لسلطة الاحتلال، ما أتاح لإسرائيل التحكم في تدفق المساعدات عبر إجراءات تفتيش معقدة وعراقيل متعمدة، من احتجاز الشاحنات وتركها عرضة لاعتداءات المستوطنين، إلى استهداف المدنيين المنتظرين للمساعدات بالنيران المباشرة.
ولم تقتصر الجهود المصرية على إدخال المساعدات براً، بل امتدت لتشمل عمليات إسقاط جوي لإيصال الإغاثة إلى المناطق المعزولة التي تعذّر وصول الشاحنات إليها بسبب القصف والحصار.
كما فتحت مصر أبواب مستشفياتها أمام الجرحى والمرضى من أبناء غزة، فاستقبلت الحالات الحرجة لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة، ووفّرت أطقمًا طبية متخصصة ومستلزمات دوائية متكاملة، في مشهد يجسد التزامها الأخلاقي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني الذي يواجه عدواناً همجياً على أرضه.
ومع تفاقم الكارثة الإنسانية داخل القطاع، وعجز المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن عن حماية المدنيين وإرغام إسرائيل على وقف إطلاق النار، انضمت مصر إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، في إطار تمسكها بالشرعية الدولية ورفضها لسياسة الإفلات من العقاب، متهمةً إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
كما يسّرت القاهرة لممثلي المحكمة الجنائية الدولية مهمة رصد الأوضاع الإنسانية عبر معبر رفح، دعمًا لجهود المجتمع الدولي الرامية إلى تقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى العدالة، ووقف تلك الحرب العبثية التي تستهدف المدنيين الأبرياء.
وفي موازاة التحرك القانوني، حرصت القاهرة على أن تكون منصّةً للحقائق أمام العالم، فاستقبلت رؤساء دول وحكومات وكبار المسؤولين الدوليين في أقرب نقطة من حدود غزة، سواء في معبر رفح أو مدينة العريش، ليقفوا بأنفسهم على حقيقة الأوضاع الميدانية، ويروا كيف يُغلق الاحتلال المعبر من الجانب الفلسطيني بينما تصطف مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات في انتظار الإذن بالعبور إلى القطاع، حاملةً معها مقومات الحياة لأهله المحاصرين.
ومنذ اللحظة الأولى، تولّت مصر مسار التهدئة وقيادة جهود التفاوض لوقف الحرب، وحشدت كل ما تملك من إمكانات لإنقاذ أهل غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية.. وانطلقت هذه التحركات من رؤية وطنية تستند إلى خبرة سياسية عميقة وإدراك مبكر لطبيعة هذا العدوان الذي يختلف جذريًا عن سابقيه، ويتسم بطابع انتقامي ويحمل في طياته مخاطر التهجير والإبادة الهادفة إلى تفريغ الأرض من سكانها.
وفي هذا السياق، نظّمت مصر بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب قمة «القاهرة للسلام» بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أمام العالم أن البشرية تقف أمام امتحان إنساني قبل أن يكون سياسيًا، وأن أي تقصير ستكون كلفته باهظة على الضمير الإنساني. كما رسم الرئيس السيسي «خطًا أحمر» حين قال: «أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين، وبروح صادقة تعبّر عن إرادة كل مواطن مصري: لن تُصفّى القضية الفلسطينية دون حل عادل، ولن يكون ذلك على حساب مصر أبدًا».
ومنذ ذلك الحين، لم تُفوّت القاهرة قمةً أو مؤتمرًا دوليًا إلا وكانت القضية الفلسطينية وملف وقف الحرب في صدارة أولوياتها، داعيةً إلى الاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية إنصافًا لشعبٍ حُرم من حقه لأكثر من سبعة عقود.
وقد تُوّجت تلك الجهود والدعوات باعترافات دولية متتالية بالدولة الفلسطينية المستقلة، بدأت بخطوات رمزية وتوجتها فرنسا عقب زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى القاهرة والعريش، والتي أعقبتها دعوة باريس إلى عقد مؤتمر «حل الدولتين» في نيويورك، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي شهد سلسلة من الاعترافات المتتابعة بدولة فلسطين.
وفيما يتعلق بجهود وقف إطلاق النار، عملت مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاقات تهدئة وتأمين الإفراج عن المحتجزين والرهائن، وأسفرت تلك الجهود في أوقات سابقة خلال العامين عن هدنٍ مؤقتة وتبادل جزئي للمحتجزين، إلا أن تلك المساعي تعثرت مع استمرار حكومة الاحتلال في التنصل من أي حلول سلمية، ومضيّها في سياسة الاغتيالات والدمار، حتى بلغ بها الأمر حد استهداف مفاوضين على أرض دولة وسيطة.
وفي مارس 2025، قدّمت مصر خلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة، تبنتها الدول العربية والإسلامية، وشدّدت فيها على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، وأن إعادة الإعمار حق أصيل يرسّخ بقاء الفلسطينيين على أرضهم ويحفظ لهم حقهم في وطنهم.. وتعهدت مصر بالمساهمة الفاعلة في إعادة بناء ما دمّرته آلة الحرب، غير أن استمرار العدوان حال دون انطلاق عملية الإعمار حتى الآن.
ورغم التحديات الكبيرة، لم تتراجع القاهرة عن وساطتها لوقف إطلاق النار، بل واصلت جهودها حتى اللحظة الأخيرة؛ فاليوم، ومع مرور عامين على العدوان، تسعى مصر إلى تفعيل الخطة الأمريكية الجديدة لوقف الحرب في غزة، التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، من خلال استضافة مفاوضين من حكومة تل أبيب وحركة حماس، في محاولة جادة لتقريب وجهات النظر وإنهاء المشهد الدموي في القطاع، وفتح الطريق أمام إحياء مسار السلام العادل والشامل.
ويشهد العالم أجمع أن مصر، على مدار العامين الماضيين، سخّرت ما تملك من إمكانات، وحشدت أقصى الجهود العربية والإسلامية والدولية الممكنة لوقف نزيف الدم في غزة وإنقاذ حل الدولتين، رافعةً شعارًا واضحًا وحاسمًا: رفض التهجير، والدفاع عن القضية الفلسطينية، وصون الأمن القومي.
وقد تحدثت القاهرة بصوتٍ عالٍ وباللغة التي يفهمها الغرب، فنجحت في تغيير موازين الخطاب الدولي لصالح القضية الفلسطينية، وأكدت أن السلام العادل لا يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وهكذا أثبتت مصر أن الإنسانية لا تُقاس بالكلمات بل بالمواقف، بعد أن ظل صوتها عاليًا يوقظ الضمير الإنساني من صمتٍ طال أمام مأساة غزة، دفاعًا عن شعبٍ صامد لم يفقد حقه ولا إيمانه بالحياة.
واليوم، وبعد عامين من حربٍ يترقب العالم إخماد نيرانها في كل لحظة، خاصةً مع انطلاق المفاوضات الجارية بشأن «خطة ترامب»، تبقى مصر — قلب العروبة النابض، بضميرها الإنساني وثقلها الإقليمي ومكانتها الدولية — الطرف الأكثر ثباتًا في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، ماضيةً في حمل راية الأمل بسلامٍ عادلٍ وشاملٍ يعيد الحقوق إلى أصحابها وينهي عقودًا من المأساة والظلم على أرض فلسطين.