صنعاء- أعلن المتحدث العسكري لقوات جماعة أنصار الله اليمنية، العميد يحيى سريع، عن تنفيذ عملية عسكرية بصاروخ باليستي استهدفت سفينة "سكارليت راي" النفطية الإسرائيلية شمال البحر الأحمر، وما لفت الانتباه أن الاستهداف جرى على بعد أكثر من ألف كيلومتر، وليس قبالة السواحل اليمنية.

وأكد سريع تحقيق إصابة دقيقة في السفينة، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتبعيتها لرجل الأعمال عيدان عوفر المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

ورأى خبراء عسكريون -في مقابلات مع الجزيرة نت- أن عملية يوم الاثنين الماضي تؤكد قدرة الحوثيين على الرصد والمتابعة والاستهداف بالصواريخ الباليستية، وتعكس تطويرا لهذه الصواريخ لضرب أهداف بحرية متحركة وليس أهدافا برية ثابتة.

عملية نوعية

من جانبه، قال الخبير العسكري اللواء خالد غراب -للجزيرة نت- إن السفينة حاولت التمويه من خلال إخفاء وتشويه إشارتها الملاحية المتعارف عليها دوليا خشية التقاط القوات اليمنية لإشارتها وضربها، لعلمهم أن استهدافها وغيرها يشمل منطقة عمليات القوات اليمنية التي أعلنت حظرا للسفن الإسرائيلية في أقاصي البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط أو بحر العرب والمحيط الهندي.

وأضاف أن هذه السفينة كانت قد نفذت خلال ذلك الأسبوع وما قبله عمليات نقل، وهو ما جعل الاستخبارات اليمنية ترصدها وتتابع تحركاتها وحمولاتها، ومن ثم جرت عملية استهدافها لانتهاكها قرار حظر سفن الاحتلال.

وأوضح اللواء غراب أن هذه العملية نوعية وغير مسبوقة، وأن السفينة الإسرائيلية كانت تبحر على بعد 600 ميل بحري، أي ما يعادل 1111 كيلومترا، وهي مسافة لم يسبق للقوات المسلحة اليمنية أن نفذتها على ذلك البعد، وإن كانت قد سبق وهاجمت سفنا في بحر العرب وبداية المحيط الهندي على مسافة أقل تصل إلى 600 كيلومتر، حسب كلامه.

إعلان

والمفاجأة في العملية -وفقا له- أن الاستهداف جرى بصاروخ باليستي له طريقة ملاحة مختلفة عن بقية الصواريخ، فهو أرضي ينطلق خارج الغلاف الجوي ومصمم لضرب الأهداف الأرضية، وأكد أن هناك نقلة نوعية كبيرة في القدرات العسكرية اليمنية وخاصة ما تم من تطوير لتقنيات عمل هذه الصواريخ التي تستخدم لأول مرة في الحروب لاستهداف السفن الحربية أو التجارية أو ناقلات النفط.

ورأى اللواء أن استهداف السفينة الإسرائيلية "سكارليت راي" على مسافة بعيدة تتجاوز ألف كيلومتر باستخدام الصواريخ الباليستية يؤكد أن "لدى قواتنا المسلحة اليمنية القدرة على استهداف أي سفينة وفي أي نقطة في البحر الأحمر وبحر العرب وحتى البحر الأبيض المتوسط".

خشية إسرائيلية

ومن وجهة نظره، فإن هناك "خشية لدى العدوين الصهيوني والأميركي أن تضاف هذه التقنيات إلى الصواريخ الفرط صوتية لاستهداف السفن الحربية وناقلات النفط"، وأوضح أن "لدى الولايات المتحدة تجربة سابقة في مواجهتها مع القوات اليمنية وقد انسحبت مع حاملات الطائرات وأساطيلها الحربية ولم تكن هذه القدرات الصاروخية تصل إلى هذه المسافات البعيدة".

وبشأن من يقول ببعد البحر المتوسط عن هجمات الصواريخ اليمنية، أضاف اللواء غراب "ما يهمنا في اليمن هو الموانئ في الشرق الأوسط والمطلة على البحر الأبيض المتوسط خاصة في الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، أو بعض الدول التي تحاول الالتفاف على قرار الحظر اليمني على السفن والموانئ الإسرائيلية".

ويعتقد أن التقنية التي أظهرها الصاروخ الباليستي اليمني سيكون لها ما بعدها، سواء في قواعد الاشتباك أو حماية ممرات الملاحة الدولية خاصة مضيق باب المندب.

اللواء غراب وصف العملية بالنوعية وغير المسبوقة (الجزيرة))

من جهته، قال الخبير العسكري في قوات أنصار الله اليمنية العميد مجيب شمسان إنها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها القوات المسلحة اليمنية صاروخا باليستيا لاستهداف هدف بحري متحرك.

وأشار العميد شمسان إلى أن خبراء أميركيين ذكروا لوسائل إعلام أميركية، خلال المواجهات في البحر الأحمر مع ما سُمي تحالف "حارس الازدهار" إبان حكم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أو خلال حملة الرئيس الحالي دونالد ترامب، أن اليمن هو الدولة الأولى التي تستخدم صواريخ باليستية لضرب أهداف بحرية متحركة.

قدرات متنامية

وأكد شمسان للجزيرة نت أن هناك العديد من أجيال الصواريخ التي من خلالها يمكن ضرب أي هدف بحري متحرك من أي محافظة يمنية، وكان خير نموذج لهذه القدرات اليمنية المتنامية هو صاروخ "حاطم 2" الذي استُخدم لاستهداف إحدى السفن اللوجستية التابعة لحاملة الطائرات الأميركية "أبراهام لينكولن" شمال شرق بحر العرب.

واعتبر أن الاستهداف الدقيق للسفينة الإسرائيلية أعطى رسالة ردع قوية "للكيان الصهيوني ومن يتواطأ معه"، وقال إن "هناك تقارير كثيرة داخل الكيان الإسرائيلي بدأت تتحدث عن قدرات الصاروخ الباليستي اليمني على مستوى الدقة والقدرة والمدى البعيد، وإن رسالة اليمن كانت واضحة بأننا حاضرون على كافة المستويات".

العميد شمسان قال إن الاستهداف الدقيق للسفينة الإسرائيلية أعطى رسالة ردع قوية لكيان الاحتلال (الجزيرة)

وفي ما يتعلق بالحصار البحري المفروض على إسرائيل، أوضح العميد شمسان أن "عملياتنا ضد سفن الاحتلال لن تتراجع بل ستزداد وفقا لمعطيات المرحلة الرابعة التي أعلنت عنها القوات اليمنية، وكل عملياتنا سواء في البحار أو في عمق الكيان الصهيوني مرتبطة بالواقع الميداني والإنساني في قطاع غزة، وكلما صعّد العدو ضد الشعب الفلسطيني في غزة صعّدت القوات المسلحة اليمنية من عملياتها نوعا وكمّا".

إعلان

وبشأن الرد اليمني على اغتيال رئيس حكومة صنعاء وعدد من الوزراء الخميس الماضي، قال إن الرد آت وحتمي، وذلك وفقا لما صرح به رئيس الأركان اللواء محمد عبد الكريم الغماري بأن "العدو الإسرائيلي فتح على نفسه أبواب الجحيم"، ومن ثم لن يكون الرد عشوائيا ولا انفعاليا، بل "إستراتيجيا ومدروسا يحقق ويلبي الغاية التي نريدها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات المسلحة الیمنیة القوات الیمنیة البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

“اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”

يمانيون|تقرير|محسن علي
عندما انطلقت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، لم يكن أحد يتوقع أن تمتد ساحة المواجهة المباشرة آلاف الكيلومترات جنوباً لتصل إلى باب المندب, لكن بعد 24 يوماً فقط، في 31 أكتوبر 2023، أعلنت القوات المسلحة اليمنية في صنعاء دخولها رسمياً في المعركة “إسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة”, كان هذا الإعلان بمثابة نقطة تحول استراتيجية، حوّلت الصراع من مواجهة محصورة في غزة إلى طوفان جديد امتد حتى أحد أهم ممرات التجارة الدولية,وعلى مدى عامين، أثبتت الجبهة اليمنية أنها الأكثر تأثيراً واستدامة في نصرة غزة، فارضةً معادلات جديدة على الكيان الصهيوني المجرم وحلفائه، ومقدمةً تضحيات جسيمة في سبيل هذا الموقف.

استراتيجية “اليد الطويلة”.. مراحل التصعيد اليمني
لم تكن العمليات اليمنية عشوائية، بل اتبعت استراتيجية تصعيدية مدروسة يمكن تقسيمها إلى أربع مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى (أكتوبر – نوفمبر 2023): الضربات المباشرة
بدأت باستهداف مباشر لجنوب إسرائيل (إيلات) بالصواريخ والطائرات المسيرة، بهدف إعلان الموقف وإشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية وتركيعها في ظل تنامي القدرات العسكرية اليمنية بشكل أذهل العالم بأسره.

المرحلة الثانية (نوفمبر 2023 – فبراير 2024): حصار السفن الإسرائيلية
انتقلت صنعاء إلى مرحلة أكثر إيلاماً بالاستيلاء على سفينة “غالاكسي ليدر” وفرض حصار بحري على السفن المرتبطة بالكيان، مما شل حركة ميناء (أم الرشراش) ما يسميه العدو بـ إيلات بشكل شبه كامل.
المرحلة الثالثة (فبراير 2024 – حتى الآن): توسيع دائرة الاستهداف
رداً على العدوان الأمريكي-البريطاني، أعلنت صنعاء توسيع عملياتها لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية، محولة البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مباشرة.
المرحلة الرابعة (مايو 2024 – حتى الآن): نحو المحيط الهندي والمتوسط
أعلنت صنعاء عن استهداف أي سفينة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية في أي مكان تطاله الأيدي اليمنية، بهدف إطباق الحصار

أبرز العمليات النوعية التي شكلت فارقاً
على مدى عامين، نفذت القوات اليمنية مئات العمليات، لكن بعضها كان له أثر استراتيجي بارز:
الاستيلاء على “غالاكسي ليدر” (19 نوفمبر 2023)
كانت هذه العملية بمثابة الصدمة الأولى التي أظهرت جدية التهديد اليمني وقدرته على تنفيذ عمليات معقدة وتحولت السفينة إلى “مزار سياحي” ورمز لقدرة اليمن على فرض سيادته البحرية.

إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” (فبراير 2024)
شكل إغراق سفينة تجارية بريطانية بصواريخ بحرية تصعيداً خطيراً، وأثبت أن التحذيرات اليمنية ليست مجرد تهديدات، وأن تكلفة العدوان على اليمن ستكون باهظة.

استهداف حاملة الطائرات “أيزنهاور” (مايو ويونيو 2024)
لم يكن استهداف “أيزنهاور” مجرد عملية عسكرية، بل كان حدثاً استراتيجياً أعاد تعريف موازين القوى في المنطقة، وكشف حدود القوة العسكرية الأمريكية التقليدية في مواجهة التكتيكات الحديثة مع الفارق الكبير بين الطرفين, ورغم نفي واشنطن، أعلنت صنعاء استهداف حاملة الطائرات “دوايت أيزنهاور” بالعديد من العمليات المشتركة ، مما أجبرها في النهاية على الانسحاب من البحر الأحمر,و مثلت هذه العملية تحدياً غير مسبوق لهيبة البحرية الأمريكية ونجاح المعادلة التي فرضتها صنعاء: “لا أمن في البحر الأحمر بدون أمن في غزة”.

عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية
أعلنت صنعاء عن تنفيذ العديد من العمليات المشتركة مع فصائل المقاومة في العراق لاستهداف موانئ حيفا وأهداف حيوية أخرى، مما يدل على مستوى عالٍ من التنسيق داخل محور المقاومة.

الكشف عن صواريخ فرط صوتية (فلسطين 2) وطائرات (يافا) المسيرة
في يوليو 2025، أعلنت صنعاء عن استهداف مطار بن غوريون بصاروخ “فلسطين 2” الباليستي الفرط صوتي، وهدف حساس في يافا المحتلة بواسطة طائرة (يافا) المسرة وهو ما يمثل قفزة نوعية في القدرات الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير وقدرتهما على تجاوز أحدث منظومات الدفاعات الإسرائيلية والأمريكية على مستوى العالم.

تضحيات يمنية وفشل استراتيجي للخصوم
لم يأتِ الموقف اليمني بلا ثمن, فقد شنت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية على الأراضي اليمنية، مما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء وسقوط عدد من الجرحى من العسكريين والمدنيين والإعلاميين والسياسيين والذي كان آخرها استهداف رئيس مجلس حكومة البناء والتغييير وعدد من الوزراء في الجريمة الإرهابية الصهيونية بصنعاء خلال الأشهر الماضية, ورغم هذه التضحيات، لم تتراجع صنعاء عن موقفها، بل زادت من وتيرة عملياتها
في المقابل، يمثل استمرار العمليات اليمنية فشلاً استراتيجياً مدوياً للولايات المتحدة وإسرائيل فعلى الرغم من تشكيل تحالف “حارس الازدهار” وإنفاق مليارات الدولارات، فشلت القوات الأمريكية والبريطانية في تحقيق هدفها المعلن وهو “ضمان حرية الملاحة” للسفن الإسرائيلية, لقد عجزت أعتى القوات البحرية في العالم عن إيقاف الهجمات اليمنية أو اعتراضها بالكامل، مما كشف عن عجزها وأجبرت 5 حوامل الطائرات الأمريكية على الانسحاب من المنطقة بعد استهدافها بشكل متكرر.

خسائر إسرائيلية وأهمية الإسناد اليمني
كانت تداعيات الحصار اليمني كارثية على الاقتصاد الإسرائيلي، وتحديداً على ميناء إيلات الذي أُصيب بشلل تام وتوقفت فيه الحركة الملاحية بنسبة تقارب 100%، وتحول إلى مدينة أشباح اقتصادياً كما تكبدت إسرائيل خسائر غير مباشرة بمليارات الدولارات نتيجة اضطرار سفنها إلى سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
وهنا تبرز الأهمية الاستراتيجية لاستمرار الدعم اليمني؛ ففي ظل الحصار الخانق الذي يعانيه قطاع غزة، يمثل الحصار البحري الذي يفرضه اليمن ورقة الضغط الاقتصادية والعسكرية الوحيدة الفعالة والمستمرة ضد الكيان الإسرائيلي, إن استمرار اليمن في عملياته لا يمثل فقط دعماً لصمود غزة، بل هو عامل حاسم في موازين القوى، يرفع تكلفة العدوان على الكيان والقوات الغربية المساندة له، ويُبقي القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام العالمي.

عامان من الصمود والتأثير
بعد عامين من الانخراط المباشر والتضحيات الجسيمة، نجحت الجبهة اليمنية في تحقيق أهداف استراتيجية لا يمكن إنكارها, على رأسها فرض حصار اقتصادي فعال على الكيان المجرم, وأثبت اليمن أن التضامن الفعلي يتجاوز الكلمات ويتحقق بالأفعال والتضحيات ,وأن أمن البحر الأحمر مرتبط بشكل مباشر بإنهاء العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهي المعادلة التي لا تزال قائمة بفضل صمود اليمن وتضحياته.

مقالات مشابهة

  • اللواء سلطان العرادة يبحث مع السفير الأمريكي دعم الإصلاحات وردع الحوثيين وحماية أمن المنطقة
  • “اليد التي حركت العالم من أجل غزة.. كيف أعاد اليمن كتابة قواعد الحرب البحرية بعد الطوفان؟”
  • بمشاركة 92 سفينة و66 طائرة.. تركيا تطلق مناورات بحرية واسعة النطاق
  • الحوثيون يعلنون استهداف سفينة شحن هولندية في خليج عدن
  • الحكومة اليمنية تؤكد عدم ارتباط هجمات الحوثيين بنصرة غزة وتكشف كيف سيكون وضع مليشيات إيران بعد انتهاء الحرب في القطاع
  • شهيدان وجريح في استهداف مسيّرة إسرائيلية لسيّارة بجنوب لبنان
  • صحيفة بريطانية: مهارات إيران أذهلت خبراء الاستخبارات وكشفت عيوباً قاتلة في الدفاعات الإسرائيلية
  • تقرير أمريكي: تهديدات الحوثيين تعيد الاضطرابات إلى البحر الأحمر وخليج عدن
  • استمرار العدوان الصهيوني الإجرامي على غزة وتداعيات خطة ترامب .. القوات المسلحة اليمنية تستهدف قلب العدو بعملية نوعية (دلالات وأبعاد العملية)
  • هولندا تطالب بتصنيف الحوثيين "إرهابيين" أوروبياً بعد استهداف سفينتها.