المالكي بين خطاب حماية الدولة ورسائل الردع المبطنة للخصوم
تاريخ النشر: 5th, September 2025 GMT
5 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يدخل تصريح رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن حتمية إجراء الانتخابات في موعدها في قلب السجال السياسي الدائر حول مستقبل العملية الديمقراطية في العراق، إذ يكشف عن رسائل متعددة موجهة للداخل والخارج في آن واحد، ويعيد ترتيب أولويات الخطاب السياسي في لحظة تبدو حساسة ومشحونة بالقلق الشعبي من عودة سيناريوهات التأجيل والفوضى.
ويحاول المالكي من خلال تشديده على أن “تأجيل الانتخابات يعني سقوط الديمقراطية”، أن يعيد تثبيت سردية الشرعية الانتخابية بوصفها الضمانة الأخيرة لبقاء النظام السياسي القائم، في مواجهة أصوات تصف التجربة بأنها مثقلة بالأزمات وفاقدة للثقة الشعبية.
وبهذا يضع خصومه أمام معادلة صعبة: إما المضي بالانتخابات وفق التوقيت المحدد، أو فتح الباب أمام فراغ دستوري قد يُستخدم لتقويض كامل البنية المؤسسية.
ويكشف حديثه عن “المؤسسات فوق الصراعات” عن إدراك عميق لأزمة تسييس الدولة، حيث تحولت الوزارات والهيئات إلى ميادين تنافس حزبي، وهو بذلك يحاول إظهار نفسه بمظهر الحامي لفكرة الدولة مقابل من يلهثون وراء الغنيمة.
غير أن خطابه يعكس أيضاً قلقاً مضمراً من احتمالية تفاقم الانقسامات إذا ما استمرت الشكوك بشأن نزاهة الانتخابات، خاصة مع تصاعد حملات التشكيك المسبق من قوى معارضة للسلطة.
ويؤكد المالكي على ضرورة الالتزام بالدستور والقانون في مواجهة ما وصفه بـ”المخالفات”، في رسالة يمكن قراءتها كتحذير مبطن لخصومه داخل مؤسسات الدولة ممن يسعون لتعطيل المسار الانتخابي أو إعادة هندسته.
وبهذا يوظف الخطاب القانوني ليربط بين الحفاظ على النظام العام واستمرار العملية الديمقراطية، في مشهد يزاوج بين لغة الردع السياسي ولغة الضمان الدستوري.
ويفتح كلامه عن “الانفتاح على الدول الصديقة ومنع التدخل الخارجي” باب التأويل الواسع حول اصطفافات العراق الإقليمية والدولية، فبينما يطرح نفسه مدافعاً عن السيادة الوطنية، يلمّح إلى رفض الضغوط التي قد تمارسها قوى إقليمية لإعادة ترتيب مواعيد الانتخابات بما يخدم حساباتها.
وهو بذلك يبعث برسالة مزدوجة: طمأنة الداخل بأن القرار عراقي، وتذكير الخارج بأن ميزان القوى في بغداد لم يخرج بعد من دائرة تأثيره.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
تصريحات علي يوسف تشعل النقاش السياسي
أثارت تصريحات وزير الخارجية الأسبق د. علي يوسف الشريف لقناة الجزيرة مباشر موجة واسعة من الجدل السياسي والإعلامي في السودان، بعدما كشف عن الصعوبات التي واجهها خلال فترة توليه وزارة الخارجية، مؤكداً أنه رفض أن يكون “مجرد صورة”، وطلب إعفاءه من المنصب بعد أن وجد المناخ العام لا يساعد على ممارسة مهامه بحرية كاملة.
تصريحات مثيرة حول السلام والجيش الواحد
تطرق الوزير الأسبق إلى ملف السلام، مشدداً على أن جميع الحروب في السودان انتهت بالتفاوض، وأن الحل السلمي يبدأ بوجود جيش واحد فقط في البلاد، إضافة إلى إبعاد كل من أصدر تعليمات أدت إلى الحرب لفترة يحددها الشعب السوداني. كما أشار إلى أن بيان الرباعية الدولية وضع خريطة طريق يمكن البناء عليها لإنهاء النزاع المسلح.
جدل واسع وردود فعل متباينة
تصريحات علي يوسف أثارت ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أنها تكشف عن صراعات داخل أجهزة الدولة، بينما رأى آخرون أنها محاولة لتبرئة الذات بعد مغادرته المنصب. وقال المحلل السياسي خالد الأمين إن حديث الوزير السابق يعكس إدراكاً متزايداً بضرورة التفاوض لإنهاء الحرب، مشيراً إلى أن “الخوف من تبعات السلام” يعرقل جهود الحل.
اتهامات بفضح الأسرار وتجاوز الأمن القومي
الكاتب والمختص في العلاقات الدولية عامر حسن عباس انتقد تصريحات الوزير الأسبق، واعتبرها تجاوزاً خطيراً على الأمن القومي السوداني، قائلاً إن علي يوسف تحدث بما يشبه “فضح الأسرار” وكشف تفاصيل من داخل الاجتماعات الرسمية بعد مغادرته منصبه.
وأضاف عباس أن الوزير شكك في إمكانية الحسم العسكري ودعا إلى اعتماد خطة الرباعية، واصفاً حديثه بأنه يخدم “أجندة خارجية” تستهدف تضعيف موقف الدولة.
مطالبات بالتحقيق والمساءلة
دعا عباس إلى استدعاء السفير علي يوسف ومساءلته ومحاسبته على “التجاوز المؤلم لجسم الأمن القومي السوداني”، متسائلاً عن معايير تعيينه في منصب وزير الخارجية سابقاً، ومعتبراً أن مثل هذه التصريحات تُحدث ضرراً في مؤسسات الدولة.
تحليلات تصفها بـ«مناورة سياسية»
من جانبها، وصفت الناشطة السياسية وفاء قمر بوبا حديث الوزير السابق بأنه “مناورة سياسية محسوبة لإعادة رسم موقعه داخل هرم السلطة”، مشيرة إلى أنه “يتحدث بلغة العقل البارد” وكأنه يوجه رسالة للمجتمع الدولي بأنه الرجل القادر على التوسط بين الأطراف العسكرية والمدنية. وأضافت أن علي يوسف يسعى لإعادة نفسه إلى المشهد السياسي عبر تبني خطاب “السلام المشروط”، الذي قد يأتي – بحسب قولها – على حساب السيادة الوطنية.
انتقادات حادة من محللين
وفي تعليق لاذع، كتب الصحفي بابكر يحيى أن علي يوسف “تحدث في أمور لا يعرف عنها شيئاً”، واصفاً حديثه عن السياسة والعسكرية والتاريخ بأنه “سطحي ومربك”، وشبهه بخطابات “جعفر سفارات” من حيث الارتباك وقلة الوضوح.
وأضاف: “من يشاهد اللقاء سيدرك حجم التوهان والارتباك الذي تعيشه مؤسسات الدولة منذ أبريل 2019 وحتى الآن.”
خلاصة المشهد
ما بين من يرى في تصريحات علي يوسف جرأة سياسية تستحق النقاش، ومن يعتبرها تجاوزاً خطيراً لمقتضيات الأمن القومي، تبقى القضية مفتوحة على مزيد من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية في السودان، في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة حرجة من تاريخها.
سودافاكس
إنضم لقناة النيلين على واتساب