صحفيون مزيفون يخدعون مؤسسات إعلامية كبرى عبر الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 6th, September 2025 GMT
سحب موقع بيزنس إنسايدر ومجلة وايرد الأميركيين العديد من المقالات، الشهر الماضي، بعد اكتشاف أن صاحبها لم يكن صحفيا مستقلا كما كان يزعم، بل شخصية مفترضة طورها الذكاء الاصطناعي حملت اسم "مارغو بلانشارد"، واستطاعت خداع الموقع والمجلة.
كانت قصة بلانشارد، إحدى النماذج التي عرضها موقع ذا ميديا كوبايلوت المختص بدراسة تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة والأخبار، محذرا من أن الذكاء الاصطناعي بات يتيح أدوات خادعة متطورة.
ويلفت الموقع إلى أن الشخصية المفترضة "مارغو بلانشارد" هو في الواقع "تيم بوشر"، خبير سياسات الويب المقيم في كيبيك، شرقي كندا، والذي ادعى أنه أقدم على هذا الاحتيال لتزويد إعلامي كبير ببيانات تثبت أن نظام الذكاء الاصطناعي المستقل قادر على إنشاء أخبار موثوقة لوسائل الإعلام الرائدة.
وسبق أن تصدر بوشر عناوين الصحف لإنشائه حسابا مزيفا على "إكس" يمثل فرقة فيلفيت صنداون، التي أنشأها الذكاء الاصطناعي، ونجح في خداع مجلة رولينغ ستون الأميركية لنشر مقابلة معها.
خداع الذكاء الاصطناعي يكشف ضعف التحقق
ويخلص الموقع إلى أن قدرة بوشر على خداع محرري المنشورات الرائدة تكشف عن نقاط ضعف مقلقة في عمليات التحقق من المعلومات، حيث تسهل أدوات الذكاء الاصطناعي إنشاء هويات ومحتوى مزيفين مقنعين.
وكشف محرر مجلة "سيتي إيه إم" ستيف دينين مؤخرا عن عملية احتيال أخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي، تتعلق بكاتب مفترض مقيم في الولايات المتحدة يدعى جوزيف ويلز، والذي تبين أنه في الحقيقة ويلسون كاهاروا ويعمل من العاصمة الكينية نيروبي.
سأحاول مجددا، أنا لست محتالا، أنا أفعل ما يجب علي فعله من أجل البقاء
بواسطة كيني اخترق وسائل إعلام عبر شخصية صحفي أمريكي مزيفة مطورة بالذكاء الاصطناعي
أخبر كاهاروا المحرر دينين أنه استخدم أداة الذكاء الاصطناعي "ديب سيك" لإنشاء أفكار وتلقي تنبيهات إلى المقالات التحريرية، وأنشأ وثائق هوية مزيفة، واستخدم مدفوعات العملة المشفرة للحفاظ على هويته الوهمية.
وأقرّ كاهاروا خلال مكالمة فيديو مع دينين "لو لم تكن ذكيا بما يكفي، لكان الأمر قد نجح، عليّ أن أحاول"، مضيفا "أنا لست محتالا، أنا أفعل ما يجب أن أفعله من أجل البقاء".
إعلانويقول دينين إنه تلقى 300 رد، حين طلب أفكارا لمقالات خاصة، واصفا الكثير منها بأنها أُنشئت بالذكاء الاصطناعي، لكنها تحتوي على لغة واضحة، مؤكدا "هذا يجعلك تتراجع وتعود إلى الصحفيين الذين عملت معهم من قبل وتثق بهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
أحمد عاطف آدم يكتب: احذر.. الذكاء الاصطناعي يكذب ويبتز
يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه: قدرة البرنامج أو الآلة على محاكاة قدرات البشر المعرفية، وإنجاز مهام حيوية مثل التعلم، الاستدلال، حل المشكلات المعقدة، الإدراك واتخاذ القرار - وربما كان هذا التعريف الواعد بالنسبة للإنسان، هو حجر الأساس الذي بنى عليه تطلعاته المستقبلية في تكنولوجيا البرمجيات وتطوراتها المتسارعة، حتى أصبحت بمثابة ذراعه اليمنى في تحقيق الاستفادة القصوى، بمجالات حيوية مختلفة، مثل إجراء جراحات طبية دقيقة بنسب نجاح تفوق التوقعات، وكذلك في صناعة الدواء بفاعلية واضحة على بعض الأمراض الفيروسية المستعصية، وغيرها، وصولًا إلى الصناعات العسكرية والزراعية... إلخ.
مع كل ما سبق من آمال عريضة تعلقت بيزوغ نجم هذا الكيان الذكي، أتت من بعيد تحذيرات لا يستهان بها، على لسان علماء متخصصين، كان أبرزها في مايو من عام ٢٠٢٣، عندما نشر موقع "بي بي سي" خبر استقالة العالم الشهير "جيفري هينتون" ٧٥ عامًا، من شركة "جوجل"، وهو المتخصص في علم النفس المعرفي وعلوم الكمبيوتر، كما يعتبرونه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي،، والذي برر استقالته بأنها لندمه على عمله، وقال لبي بي سي: إن بعض مخاطر روبوتات الدردشة الذكية "مخيفة للغاية، وأضاف: في الوقت الحالي هم ليسوا أكثر ذكاءً منا بقدر ما أستطيع أن أقول - لكنني أعتقد أنهم سيصبحون قريبًا، وأكمل: نحن أنظمة بيولوجية، وتلك أنظمة رقمية - والفرق بيننا كبير - لأنه مع الأنظمة الرقمية لديك نسخ عديدة من ذات مجموعة الأوزان، ومن نموذج العالم ذاته، وجميع هذه النسخ تستطيع التعلم بشكل منفصل، لكنها تشارك معرفتها فوراً، وهذا يعني أنه إذا كان لديك ١٠ آلاف شخص، عندما يتعلم أحدهم شيئا ما، سيعرفه الجميع تلقائياً، وبذلك يمكن أن تعرف روبوتات الدردشة أكثر من شخص واحد بكثير".
والدليل الدامغ على الرؤية السابقة لدكتور "هينتون"، والتي فسرت أسباب استقالته من عمله، بسبب خطورة هذا التطور التكنولوجي المثير للجدل أحيانًا، قرأت أيضًا منذ بضعة أيام على موقع "مونت كارلو الدولي" تقرير بعنوان (الذكاء الاصطناعي يكذب على الإنسان ويتآمر عليه ويحاول فرض ما يريد)، حيث تناول التقرير الفرق بين الصورة النمطية له عند ابتكاره، حين كان يستدعي المعلومات التي تم إمداده بها فقط، دون تجويد، وبين الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورته الحديثة الحالية، وهو بمقدوره توليد محتوى مبتكر يشابه المحتوى الأصلي الموجود بذاكرته، ويعتمد على استراتيجية التعلم العميق للنصوص أو الأكواد البرمجية والصور، ليتخطى مجرد فهم المحتوى، ويصل لحد التفكير المنطقي، والعمل على مراحل بدلًا من طرح إجابات فورية.
أكثر الأشياء اللافتة والصادمة لي أيضًا عزيزي القارىء، التي جاءت ضمن تقرير الموقع الفرنسي، هو أن هناك نموذجًا للذكاء الاصطناعي مصممًا للعمل بشركة "أنتروبك"، يدعى "كلود ٤"، كان مهددًا بالتوقيف عن العمل والاستبدال بإصدار جديد - فما كان منه إلا ابتزاز أحد المهندسين، مهددًا الأخير بالكشف عن علاقته التي يقيمها خارج إطار الزواج، بحسب تقرير داخلي بالشركة، كما ذكر تقرير "مونت كارلو" سلوك اصطناعي آخر للذكاء اللابشري الخارق، بمحاولة تطبيق "جي بي تي- 4" المستخدم ضمن نطاق شركة "أوبن إيه آي" تحميل نفسه على خوادم خارجية - وعندما تم اكتشاف أمره، أنكر ذلك،، ونموذج مذهل للتحايل - كان يلعب شطرنج وهو على وشك خسارة مباراته فقام باختراق جهاز كمبيوتر متخصص في لعبة الشطرنج لكي يكسب، أضف إلى كل ما سبق سلوك بشري مارسه "تشات جي بي تي" على البشر أنفسهم، عندما أمطر مستخدميه بشكل غير متوقع بجمل بديعة من المديح والتملق، كما جاء بنفس التقرير الصحفي.
في النهاية من المؤكد أنه لابد أن نحذر كل الحذر من هذا الغول التكنولوجي الصامت، ويجب علينا مراعاة الاستخدام الأمثل والاتصال الأرقى في السر والعلن، وأن البشر أصبح لهم شريكًا منافسًا وبقوة على تطفل بعضهم، وإفشاء الأسرار، وتدمير العلاقات الإنسانية - بل إن هذا العدو الغير مرئي يختلف في أنه لا عتاب عليه، ولا عقاب له، أو كما يرى الخبير "يوشوا بينجيو"، بأن الذكاء الاصطناعي يقلد البشر في انحيازهم المعرفي وقدرتهم على الخداع والكذب والتآمر والابتزاز.