رغم إقرار الحكومة اللبنانية في جلستها أمس لخطة الجيش بحصر السلاح في يد الدولة، فإنها حرصت على تهدئة التوتر مع حزب الله، من خلال تمسكها بحصر السلاح دون سقف زمني محدد، وربطها تنفيذ لبنان لمقتضيات الورقة الأميركية بالتزام إسرائيل هي الأخرى بها.

وأجّلت صيغة البيان الصادر عن جلسة مجلس الوزراء أمس الجمعة جوهر الخلاف، مما جعل وزراء " الثنائي الشيعي"، حزب الله وحركة أمل، يقرون بإيجابية البيان، لا سيما في إشارته لمسؤوليات الجانب الإسرائيلي.

وجاء ذلك رغم أن 5 وزراء شيعة من حزب الله وحليفته بالإضافة إلى وزير مستقل انسحبوا من جلسة الحكومة أثناء عرض قائد الجيش خطته.

وأثار بيان مجلس الوزراء اختلافا في وجهات نظر من يؤيدون الحكومة، حيث تراوحت المواقف بين الإشادة والتحفظ، ويقول الأكاديمي والناشط السياسي، علي مراد في حديثه لبرنامج "ّما وراء الخبر"، إن مخرجات مجلس الوزراء لا تعكس تراخيه مع مسألة حصر السلاح، وإن الحكومة متمسكة بالمسار ولم تتراجع عن الثوابت المتعلقة بضرورة استعادة الدولة لسيادتها.

وبينما تؤيد الحكومة خطة الجيش، يرفضها حزب الله وحليفته حركة أمل، لكنهما يؤكدان استعدادهما لمناقشة الأمور لتجنب انزلاق الأوضاع، ويرجع علي حيدر الكاتب والمحلل السياسي، أهمية ما جرى في جلسة مجلس الوزراء إلى أنه "جمّد تفجير الصاعق الذي كان يمكن أن يودي بالحكومة وينعكس في الشارع ويهدد السلم الأهلي"، لكنه حذر من أن "هذا الصاعق لا يزال موجودا وموصولا باللغم الذي زرعته الحكومة في المعادلة اللبنانية".

وبينما أشار إلى إيجابية البيان، لا سيما ربطه بين التزام لبنان والتزام الجانب الإسرائيلي أولًا بالانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف الاعتداءات، يرى حيدر أن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء يشكّل "ظرفا مؤقتا في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع".

رفض حزب الله

ويقول حزب الله إنه يرفض نزع سلاحه تحت أي ظرف من الظروف، لأن المسألة تتعلق بوجود ومستقبل لبنان، كما يوضح حيدر، الذي يقول أيضا إنه في حال تم تجريد لبنان من المقاومة، فإن إسرائيل يمكن أن تنفذ الاعتداءات تحت أي متغير سياسي لاحقا، فضلا عن أن الرهان على الشرعية الدولية بات نكتة في ظل ما يحدث في قطاع غزة.

إعلان

وكان مجلس الوزراء قد أقر مطلع أغسطس/آب الماضي خطة تكليف الجيش بوضع آلية تنفيذية لحصر السلاح تنجَز قبل نهاية 2025، إلا أن وزراء حزب الله وأمل انسحبوا من الجلسة احتجاجا.

وتصر الولايات المتحدة الأميركية على نزع سلاح حزب الله وقدمت ورقة للسلطات اللبنانية في هذا السياق، ويقر الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي، كينيث كاتزمان في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن واشنطن تدفع باتجاه تحديد سقف زمني لنزع سلاح حزب الله ومنعه من استجماع قوته، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عازم على إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- بالانسحاب من جنوب لبنان.

ووفق الضيف الأميركي، فإن لبنان سينضم لاحقا إلى ما تسمى اتفاقيات أبراهام، بعد نزع سلاح حزب الله وحصر السلاح بيد الدولة، زاعما أن إسرائيل لا تشكل تهديدا للبنان، وقال إن فريق ترامب ناقش مع اللبنانيين مسألة التحاق بلادهم بالدول الموقعة على ما تسمى اتفاقيات أبراهام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات مجلس الوزراء حزب الله

إقرأ أيضاً:

الجيش اللبناني يرفع تقريره الأول حول حصرية السلاح.. والحكومة تبقي المداولات سرّية

عقد مجلس الوزراء اللبناني جلسة، بعد ظهر اليوم الاثنين في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء. اعلان

الجلسة التي بدأت عند الثالثة بعد الظهر خصصت لبحث عدة بنود أبرزها التقرير الأول الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول تنفيذ الخطة الهادفة إلى حصر السلاح بيد الدولة.

اطّلع مجلس الوزراء على التقرير الذي أعدّه الجيش، والذي تضمن عرضاً لمراحل تنفيذ الخطة الأمنية التي وُضعت قبل نحو شهر، وأكد المجلس الإبقاء على مضمون الخطة من دون تعديل، مع الحفاظ على سرّية المداولات.

وأوضح وزير الإعلام المحامي بول مرقص، عقب الجلسة، أنّ الجيش سيواصل رفع تقاريره الشهرية إلى الحكومة حول مجريات تنفيذ الخطة، مشيراً إلى أنّها تحظى بإجماع رسمي باعتبارها خطوة أساسية لترسيخ سلطة الدولة على كامل أراضيها.

ورغم التكتّم الرسمي، اكتفى وزير الخارجية يوسف رجي بالتعليق على التقرير بوصفه "ممتازاً"، فيما فضّل مجلس الوزراء إبقاء النقاشات في هذا الملف الحسّاس طيّ السرّية.

"حزب الله" يهاجم خطة حصرية السلاح

وجّه النائب حسن فضل الله انتقادات حادّة للحكومة، معتبراً أنّ الحديث عن "حصرية السلاح" محاولة لزجّ الجيش في مواجهة مع المواطنين. وقال فضل الله إنّ "بعد من في السلطة حاولوا بالأمس القريب أن يدفعوا الجيش إلى صدام مع الناس، وعندما تصرّف الجيش بمسؤوليته الوطنية غضب هؤلاء وبدأوا بالتحريض عليه".

وأضاف أنّ الحكومة لم تُقدِم على تسليح الجيش "لأنّها لا تريد أن يصبح قادراً على التصدي للعدوان الإسرائيلي" وفق قوله، مشيراً إلى أنّ "المندوب الأمريكي أوضح صراحة أنّ تسليح الجيش يهدف لمواجهة فئة من اللبنانيين لا لمواجهة إسرائيل".

ورأى فضل الله أنّ "مبدأ حصرية السلاح وحلّ الميليشيات تحقق منذ 35 عاماً، والمقاومة بقيت مقاومة لأنها موضوعة تحت بند تحرير الأرض من الاحتلال كما نصّ اتفاق الطائف".

جمعية "رسالات" تحت المجهر

في موازاة النقاش الأمني، قرّر مجلس الوزراء تعليق العمل بـ"العلم والخبر" الممنوح لجمعية "رسالات" التابعة لـ"حزب الله"، بعد أن خالفت، بحسب ما أوضح وزير الإعلام، قرارات الحكومة وتجاوزت شروط الترخيص الممنوح لها. وأشار مرقص إلى أنّ قرار التعليق سيبقى ساري المفعول إلى حين انتهاء التحقيقات القضائية والإدارية الجارية.

ويأتي القرار في أعقاب الجدل الذي أثارته حادثة "إضاءة صخرة الروشة" الأسبوع الماضي، حيث ظهرت صورتا الأمين العام السابق لـ"حزب الله" حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، في خطوة اعتُبرت استفزازية في بعض الأوساط السياسية.

صورتان للأمينين العامين السابقين لـ"حزب الله" حسن نصر الله (يمينًا) وهاشم صفي الدين، على صخرة الروشة في بيروت خلال فعالية إحياء ذكرى اغتيالهما في 25 سبتمبر 2025. Hussein Malla/ AP

من جهتها، ردّت جمعية "رسالات" خلال فعالية تضامنية في الغبيري، مؤكدة أنها ستتابع المسار القانوني حتى نهايته، ومعوّلة على وزارة الثقافة لحماية "حق التعبير". وشددت الجمعية على أنّ نشاطها مستمر، وأنها بصدد الإعلان عن سلسلة فعاليات جديدة قريباً، مؤكدة أنها "لا تسعى إلى استفزاز أي طرف، وأن فعالية الروشة لم تُقحم في أي منحى سياسي".

عون وسلام: لا تأجيل للانتخابات

في ما يتعلق بالاستحقاق النيابي، أكد الرئيس جوزيف عون خلال الجلسة أنه "لا نية لتأجيل الانتخابات النيابية"، موضحاً أنّ "اختيار القانون الانتخابي يعود لمجلس النواب، فيما تقع على عاتق الحكومة مسؤولية تأمين إجراء الاستحقاق في موعده".

وشدد كل من عون وسلام على أنّ كل ما يُشاع عن تأجيل الانتخابات "غير صحيح"، مؤكدين التمسك بإجرائها ضمن المهل الدستورية.

Related خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح تشعل جلسة الحكومة.. انسحاب الوزراء الشيعة بانتظار ما ستسفر عنه الجلسةنبيه بري ينتقد الورقة الأمريكية لحصر السلاح: من غير الجائز رمي كرة النار في حضن الجيش اللبنانيبري يرد على واشنطن: الجيش اللبناني لن يكون حرس حدود لإسرائيل إشادات بالأداء الحكومي والمساعدات الأمريكية

تطرّق رئيس الجمهورية إلى أداء الحكومة خلال الصيف الماضي، مشيداً بالعدد الكبير من الزوار الذين قصدوا لبنان، "وهو رقم غير مسبوق منذ عام 2018". وأشار إلى دراسة أظهرت أنّ الحكومة الحالية حققت أرقاماً لم تصل إليها أي حكومة خلال العقدين الماضيين، "ما يناقض التشويش الإعلامي حول فشلها".

كما لفت إلى أنّ المساعدات الأمريكية التي أُقرّت مؤخراً للجيش وقوى الأمن «هي الأكبر من نوعها»، وتُعدّ «دليلاً على ثقة واشنطن بالمؤسسة العسكرية اللبنانية".

مبادرة ترامب وغزّة

رحّب رئيس الحكومة نواف سلام خلال الجلسة بـ"مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، خصوصاً ما تتضمّنه من "وقف فوري لإطلاق النار في غزة ومنع ترحيل سكان القطاع".

وسبق الجلسة لقاء ثنائي بين الرئيسين عون وسلام تناول الأوضاع العامة والبحث في البنود المدرجة على جدول الأعمال، قبل أن تنعقد الجلسة الحكومية التي شكّلت محوراً سياسياً بارزاً في المشهد اللبناني اليوم.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • حزب الله يرفض إعطاء الجيش معلومات عن الأنفاق والمنشآت
  • صندوق النقد يرفع تحذيراته: السلطات اللبنانية لم تُنجز الإصلاحات المطلوبة
  • أبرز قرارت الحكومة في اجتماعها الأسبوعي
  • للمرة الأولى منذ «اتفاق الطائف».. لبنان يفتح ملف «حصر السلاح بيد الدولة»
  • بعد لقائه الرئيس عون... ماذا قال جنبلاط من قصر بعبدا؟
  • الحكومة تبحث خطة الجيش لحصر السلاح في لبنان
  • عن سلاح حزب الله.. هذا ما أقرّ به تقريرٌ إسرائيلي
  • الجيش اللبناني يرفع تقريره الأول حول حصرية السلاح.. والحكومة تبقي المداولات سرّية
  • فضل الله: لسنا معنيين بمناقشة حصرية السلاح
  • التقرير الاول للجيش امام مجلس الوزراء: احتلال المواقع الحدودية يعرقل تنفيذ القرار الحكومي