كشف تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست وجود مسودة خطة داخلية مطروحة للنقاش داخل الإدارة الأمريكية، تحمل اسم: "صندوق إعادة تشكيل غزة وتسريع وتحويل اقتصادها"، وتقترح الخطة وضع قطاع غزة تحت إدارة وصاية دولية مؤقتة لمدة 10 سنوات. ولن تكون هذه الوصاية -حسب التقرير- تحت سيطرة حماس أو إسرائيل أو السلطة الفلسطينية في رام الله بالشكل الحالي، بل ستتم إدارة القطاع خلال هذه الفترة من قبل مجموعة من الخبراء الدوليين والإقليميين، مع وجود دور لجهات فلسطينية، ولكن تحت الإشراف الدولي.
ويتمثل الهدف المعلن للخطة في إعادة إعمار القطاع وتحويلها إلى مركز اقتصادي يرتكز على السياحة والصناعات التكنولوجية المتطورة، على أن يتم تمويل هذا المشروع من خلال مساهمات دولية بقيادة الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة. أما مصير السكان فقد اقترحت الخطة "إعادة توطين" سكان غزة من خلال ما أسمته "انتقالا طوعيا" إلى خارج القطاع. وفي سبيل تحقيق ذلك سيتم دفع 5 آلاف دولار لكل شخص يغادر، مع دعم للإيجار لمدة 4 سنوات، وسنة طعام، أما بالنسبة لمن يرفضون أو لا يرغبون في المغادرة، تقترح الخطة إنشاء "مناطق آمنة" داخل قطاع غزة نفسها يتم بناؤها وإدارتها ضمن مشروع إعادة الإعمار.
وبذلك تعيد خطة ترامب وعد بلفور من جديد على ما تبقى من أرض فلسطين خدمة للصهاينة ، ولئن كان ترامب سعى من قبل لتحقيق صفقة القرن، وتسكين الفلسطينيين في جزء من سيناء بتمويل عربي، فإنه اليوم يريد الشتات لأهل غزة في بقاع الأرض، خدمة للمشروع الصهيوني بأيد عربية تمول وتنفذ، منها ما هو في العلن ومنها ما هو في الخفاء، وإن كان الواقع المر للخيانة العربية لا يخفى على أحد، حتى أن العديد من وسائل الإعلام الغربية أجمعت على أن الخطة قُدمت بوصفها تهجيرا ممنهجا أو محاكاة للتطهير العرقي المقنّع، وأطلقت تحذيرات قانونية بأن إعادة التوطين القسري يعارض القانون الدولي.
لقد خرج الفلسطينيون في العام 1948م من أرضهم وكان الوعد لهم بالهجرة والعودة بعد فترات قصيرة، ولكن بقيت الهجرة وضاعت العودة، بأيدي الخيانة التي ألمت بتلك القضية وحوّلتها إلى قضية عربية ثم فلسطينية، ونزعت عنها البعد الإسلامي، مع أن أرض فلسطين هي أرض إسلامية مقدسة، وهي وقف إسلامي ولا يجوز التفريط في شبر منها، فهي أرض الإسراء والمعراج لنبينا علىه صلوات الله، وأمانة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله- للأجيال من بعده.
إن تعمير غزة وحماية أهلها فرض عين على كل المسلمين في بقاع الأرض، وباتت الحاجة ملحة لتعميرها، وهذا التعمير يجب ألا يتوقف رغم همجية العدوان، فهم يهدمون ونحن يجب أن لا نيأس من إعادة العمران، بدءا بإعمار الإنسان في غزة بتوفير سبل العيش له، وإذا كانت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بأنه فتح أبواب الجحيم على غزة، فإن غزة ستكون هي الجحيم له ولعصابته، وسيرتد تصريحه عليه.
إن ترامب المناقض لنفسه اعترف بأن صورة الكيان الصهيوني في دولته باتت في أسفل سافلين، ففي تصريح لـه أكّد أن الرأي العام الأمريكي بات أكثر انتقادا لإسرائيل، وأشار إلى أن التأييد لإسرائيل لم يعد كما كان قبل أحداث 7 أكتوبر، خاصة بين الجمهوريين الشباب. وكشف أن استطلاعا للرأي أظهر أن حوالي 60 في المئة من الأمريكيين يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، وهي نسبة غير مسبوقة بعد الهجوم، وأنه رغم الانتصار العسكري لإسرائيل، فإنها تخسر في الحرب الإعلامية، مما يؤثر عليها سلبا على المستوى الدولي. وعلى إثر ذلك ذكر أنه يرى ضرورة إنهاء الحرب سريعا لتفادي مزيد من الضرر لسمعة إسرائيل داخليا وخارجيا، وهو في الوقت نفسه يدعو إلى الاستيلاء على غزة.
إن الواقع الذي نعيشه يتطلب من الشعوب الإسلامية جميعا أن تتكاتف من خلال مؤسسات المجتمع المدني، فلا أمل في رؤوس ظنت أن سلطتها بيد الصهاينة وسلمت لهم أمرها وتآمرت على بني جلدتها، وباتت أشد خيانة ممن كانوا قبلها منذ النكبة، فلا أمل إلا باجتماع الشعوب الحرة واستخدام وسائل التقنية، كل وسائل التقنية وفي مقدمتها المنصات التمويلية الرقمية، في دعم أهل غزة معنويا وماليا، وعمل مؤتمر شعبي دولي يسهم في توفير التمويل ويفضح ممارسات الصهاينة، والضغط بكل الوسائل حتى تضع هذه الحرب أوزارها، وبعدها سيكون العد التنازلي لنهاية هذه الدولة اللقيطة التي تعرت أمام العالم، ولن يعود أحد ينخدع بأسلوبها في المذلة والمسكنة لكسب التعاطف معها. ويجب أن لا ننسى الدعاء ولا نغفل عنه لأهلنا في غزة، فهو سلاح يأتي نتاجه من السماء للأرض.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء خطة غزة ترامب غزة تهجير خطة ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تشغيل مطار المخا الدولي خلال أيام.. بوابة جديدة للتنمية في الساحل الغربي
في مشهد يُجسّد عودة الحياة والبناء بعد سنوات الحرب، تستعد مدينة المخا الساحلية لإطلاق أولى رحلاتها الجوية من مطارها الدولي خلال الأيام القليلة القادمة، في خطوة تُعد تحولًا استراتيجيًا على المستويين الاقتصادي والإنساني، ومؤشرًا على مرحلة جديدة من مشاريع التعافي في المناطق المحررة.
وأعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية، الأحد، أنها ستُحدد خلال أسبوع موعد بدء تشغيل المطار، تمهيدًا لجدولة الرحلات الداخلية والخارجية، بعد استكمال الترتيبات الفنية والإدارية كافة، مشيرة إلى أن المطار بات جاهزًا للتشغيل الكامل.
ويمثل مطار المخا الدولي أحد أبرز المشاريع الحيوية التي أُنجزت بدعم وإشراف عضو مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، الفريق الركن طارق محمد عبدالله صالح، ليكون منارة جديدة للنقل الجوي والتجارة في الساحل الغربي، ورافدًا للتنمية في محافظة تعز والمحافظات المجاورة.
جاء إعلان "اليمنية" عقب زيارة ميدانية لفريق فني من الشركة يضم مختلف الإدارات التخصصية، برئاسة محسن علي حيدرة نائب المدير العام للشؤون التجارية، الذي أكد أن التجهيزات الفنية والإدارية في المطار "متكاملة وتتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة".
وقال حيدرة، إن الفريق أنهى زيارة استمرت يومين، اطلع خلالها على مرافق المطار المختلفة، مؤكدًا أن التجهيزات الفنية والإدارية في المطار متكاملة وتتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة. وأضاف أن الشركة تخطط لبدء التشغيل خلال الفترة القادمة، وسندشن أولى الرحلات في مناسبة وطنية قريبة، وخلال هذا الأسبوع سنعلن رسميًا عن موعد بدء التشغيل".
وأوضح أن الزيارة الميدانية هدفت إلى اختبار أنظمة المطار ميدانيًا ورفع تقرير تفصيلي إلى إدارة الشركة والهيئة العامة للطيران المدني لتحديد موعد التدشين النهائي، مشيرًا إلى وجود خطة لتوسيع وجهات السفر داخليًا وخارجيًا عبر مختلف المطارات المحررة، وفي مقدمتها مطار المخا.
حيدرة أشار إلى أن مطار المخا يمثل منجزًا وطنيًا مهمًا بما شهده من تجهيزات حديثة وفق معايير الهيئة العامة للطيران المدني، معربًا عن إعجابه بما رآه من تنظيم واحترافية في العمل.
وثمن نائب المدير العام للشؤون التجارية الجهود الكبيرة التي بذلها الفريق الركن طارق صالح في تطوير مدينة المخا ومرافقها الحيوية، مؤكدًا أنه أظهر إخلاصًا وتفانيًا في إنجاز هذا المشروع الوطني.
ويقع مطار المخا الدولي بجوار ميناء المخا التاريخي، ويمتد بعرض يبدأ من شاطئ البحر إلى خط عدن الرابط بين المخا وعدن، بطول يبلغ نحو ستة كيلومترات. وفي مرحلته الحالية، يضم المطار مدرجًا واحدًا بطول 3100 متر وعرض 75 مترًا مع الأكتاف، بينما يتسع المرسى لثلاث طائرات مختلفة الأحجام.
وقد بدأ العمل في بناء المطار نهاية عام 2021، عبر أربع مراحل رئيسية: المرحلة الأولى شملت إنشاء مدرج بطول 2350 مترًا، فيما المرحلة الثانية ضمت بناء مبنى المطار، وصالتي الوصول والمغادرة، وبرج المراقبة، وتضمنت المرحلة الثالثة زيادة طول المدرج إلى 3100 متر، فيما المرحلة الرابعة شملت تركيب التجهيزات الفنية والمعدات الخاصة بسلامة وأمن الطيران.
وخلال المراحل السابقة، استقبل المطار عددًا من الطائرات التابعة لمنظمات دولية وأممية، كانت أولها طائرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر القادمة من جيبوتي في أغسطس 2022، تلتها طائرات برنامج الغذاء العالمي وعدد من الطائرات الخاصة لشخصيات سياسية وتجارية، بينها وفد رئيس مجلس النواب القادم من القاهرة.
ونظرًا لموقع المطار الاستراتيجي، الذي يتوسط المحافظات الأكثر كثافة سكانية في اليمن، فمن المتوقع أن يخدم سكان تعز والحديدة ولحج وإب وريمة والمحويت وأجزاء من ذمار، مما سيُسهم في تخفيف معاناة السفر ويُنعش النشاط التجاري في المنطقة.
كما يُنتظر أن يؤدي المطار دورًا مهمًا في رفع الحصار عن مدينة تعز، وإحداث حراك اقتصادي وتنموي واسع في الساحل الغربي، إلى جانب إعادة الحياة إلى ميناء المخا الذي يُعد من أقدم الموانئ في الجزيرة العربية.
ويرى مراقبون أن تشغيل المطار لا يقتصر على البُعد الخدمي، بل يحمل رمزية وطنية ودلالات سياسية واقتصادية أعمق، باعتباره جزءًا من مشروع وطني يهدف إلى استنهاض معاني الحرية والمواطنة والمساواة، وترسيخ دور المؤسسات ورجال الدولة في مواجهة مشاريع التفتيت والانقسام.
ويُعد المطار – وفق خبراء اقتصاد – خطوة متقدمة على طريق بناء يمن جديد ينهض بالإرادة والعمل لا بالسلاح، ويجسد رؤية تنموية تتبناها قيادة المقاومة الوطنية بدعم من التحالف العربي، لإعادة الأمل والاستقرار إلى المناطق المحررة.