اترك عندَ الناسِ أطيبَ الأثر.. الأوقاف تُحدد موضوع خطبة الجمعة 12 سبتمبر
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة غداً 12 سبتمبر 2025، الموافق 20 ربيع الأول 1447هـ، وهي بعنوان «وكن رجلًا إن أتوا بعده يقولون: مَـرّ وهذا الأثر».
وأوضحت وزارة الأوقاف أن الهدف من موضوع خطبة الجمعة، هو التوعية بالمسئولية المشتركة للفرد والأسرة، وأثر ذلك في بناء الإنسان.
ويكون موضوع الخطبة الثانية بعنوان «حق الطريق»، والهدف منه التوعية بآداب الطريق، والتحذير من مظاهر عدم الانضباط في الشوارع والطرق.
الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، وجعل التعاون على البر والتقوى أساس العمران، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي إلى مكارم الأخلاق، والمرشد إلى كل ما فيه صلاح العباد والبلاد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم المعاد، أما بعد:
فإن من أعظم ما تحتاجه مجتمعاتنا اليوم هو إدراك معنى المسئولية المشتركة، تلك التي تبدأ من الفرد نفسه، وتمتد إلى أسرته، ثم إلى المجتمع بأسره، فالفرد لا يعيش منعزلًا عن غيره، بل هو جزء من أسرة، والأسرة لبنة في بناء المجتمع، وبرعاية هذه المسئولية والقيام بها يستطيع الإنسان أن يترك أعظم الأثر في حياته ومجتعه ووطنه.
لقد أكد الإسلام هذا المعنى العظيم، في قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [متفق عليه].
فالفرد مسئول عن نفسه، والوالد مسئول عن أسرته، والحاكم مسئول عن رعيته، وكلنا مسئول أمام الله تعالى يوم القيامة.
قال أحمد شوقي رحمه الله:
فلا تَحتَقِرْ عالَمًا أَنتَ فيه ولا تجْحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر
وخذْ لكَ زادينِ: من سيرة ومن عملٍ صالحٍ يدخر
وكن في الطريقِ عفيفَ الخُطا شريفَ السَماعِ، كريمَ النظر
ولا تخْلُ من عملٍ فوقَه تَعشْ غيرَ عَبْدٍ، ولا مُحتَقر
وكن رجلًا إن أتوا بعده يقولون: مرَّ وهذا الأثرْ
يعني: مروهم بالخير، وانهوهم عن الشر، وعلموهم وأدبوهم، تقوهم بذلك نارا {وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة} يعني خزنة النار {غلاظ} فظاظ على أهل النار {شداد} أقوياء [تفسير البغوي].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [متفق عليه].
قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، ففيه أنَّ كل من كان تحت نظره شيءٌ فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته. [شرح النووي على صحيح مسلم].
عن أنس بن مالك وضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ؟!» [رواه ابن حبان].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» [رواه الحاكم].
إن قيام الإنسان بواجب المسئولية بجميع أنواعها، فردية كانت أو أسرية أو مجتمعية، لا تضيع ولا تنتهي بموته، بل يبقى أثرها خالدًا، وملهمًا غيره، ومؤثرًا في الأجيال بعده، وكذلك حينما يتخلى الإنسان عن مسئوليته، أو يقوم بإلحاق الضرر والأذى بغيره، يظل نقطة سوداء في تاريخه، ويلحقه إثمها بعد موته.
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: ١٢].
أي: "وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَآثارَهُمْ، أَيْ مَا سَنُّوا مِنْ سُنَّةٍ حَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ" [تفسير البغوي].
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: " خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ» [رواه مسلم].
معناه: الزموا دياركم، فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد.[شرح النووي على صحيح مسلم].
وقال تعالى على لسان الخليل عليه السلام: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: ٨٤].
والمعنى: واجعل لي ذكرًا جميلا بعدي أُذكر به، ويُقتدى بي في الخير، كما قال تعالى: {وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم * كذلك نجزي المحسنين} [الصافات:١٠٨-١١٠]. [تفسير ابن كثير٦/١٤٦].
وهذا شأن جميع الأنبياء عليهم السلام يرحلون ويتركون عقولا منيرة، وعلما نافعا، وأثرا عظيما، كما تكرر هذا في سورة الصافات في سياق الحديث عن الأنبياء، ومنهم نبي الله نوح عليه السلام، قال تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: ٧٨ - ٨٠].
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: ٢٤ - ٢٥].
يقول مصطفى صادق الرافعي رحمه الله: "فإن لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائدًا على الدنيا، وإن لم تدعها أحسن مما وجدتها فقد وجدتها وما وجدتك" [وحي القلم].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَوْ مُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» [رواه ابن ماجه].
وعن جَرِيرٍ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» [رواه مسلم].
وعَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ» [رواه مسلم].
فَهُوَ مَتْبُوعٌ فِي هَذَا الْفِعْلِ، وَلِلْمَتْبُوعِ نَصِيبٌ مِنْ فِعْلِ تَابِعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ التَّابِعُ اتِّبَاعَهُ فِي الْفِعْلِ [حاشية السندي].
اقرأ أيضاً«وكن رجلًا إن أتوا بعده يقولون: مَـرَّ وهذا الأثر».. موضوع خطبة الجمعة القادمة
مولد الهادي البشير.. موضوع خطبة الجمعة مكتوبة احتفالا بذكرى المولد النبوي
«سماحة الإسلام».. الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأوقاف موضوع خطبة الجمعة موضوع خطبة الجمعة القادمة نص موضوع خطبة الجمعة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة حق الطريق موضوع خطبة الجمعة رضی الله عنه قال تعالى م س ئ ول ى الله
إقرأ أيضاً:
ما حكم من نسى الاغتسال قبل دخول مكة المكرمة؟.. علي جمعة يجيب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن من تعظيم العلماء لمكة المكرمة قالوا باستحباب الاغتسال قبل دخولها، حيث ذهب الفقهاء إلى أنه يستحب الغسل لدخول مكة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم من نسي الاغتسال قبل دخول مكة المكرمةجاء عن «ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله» [رواه البيهقي في سننه الكبرى وأصله في صحيح البخاري]. وصرح الشافعية بأنه يسن الغسل لدخول مكة ولو حلالا للاتباع.
وأوضح علي جمعة أنهم يعلمون أن من تعظيم الله لبيته الحرام أنه سبحانه حرم على المشركين أن يقربوه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة :28].
وتابع: لذا تراه يعظم الكعبة ولا يتحدث عنها إلا بكل قداسة، ولا يعتبرها كأي بناء مكون من أحجار متراكمة، ويعتبر أن من أسقط حرمتها وتكلم عنها على أنها مجموعة أحجار أو أن في زيارتها وتقديسها وثنية يعتقدون أنه جاهل بأصول الدين يخشى عليه من الكفر بعد علمه والإصرار على قوله، ويعتقدون أنه من الفجر الاستهانة بما عظم الله سبحانه وتعالى.
وبين، أن المسلم يعتقد وجوب تعظيم مكة كلها لأنها تحوي الكعبة المشرفة المسجد الحرام، قال النبي ﷺ : «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس, فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة, فإن أحد ترخص لقتال رسول الله ﷺ فقولوا له : إن الله أذن لرسوله ﷺ ولم يأذن لكم, وإنما أذن لي ساعة من نهار, وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس , وليبلغ الشاهد الغائب» [رواه البخاري ومسلم].
كما يعظم المؤمن من الليالي ليلة القدر، قال تعالى : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ القَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ * لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ﴾ ، وقال سبحانه : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ ، كما أنه يعظم الليالي العشر من بداية ذي الحجة، قال سبحانه وتعالى : ﴿وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾.
وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يعظم المسلم ذكرى مولده الشريف كما درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم ﷺ بإحياء ليلة المولد بأنواع شتى من القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله ﷺ ، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين : ابن الجوزي، وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وأوضح علي جمعة أنه ألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في [المدخل] في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه المدخل في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي.
وأشار إلى أن من إجلاله للأماكن التي اختارها الله بالبركة والقداسة، تقديسه للكعبة المشرفة بمكة المكرمة، ويعلم أن من شدة حرمتها وعظمتها أن الله جعل أحد أركان الإسلام زيارتها والطواف حولها وهو ركن الحج، قال تعالى : ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران :96]. وقال تعالى : ﴿جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المائدة :97].